Skip to main content
تَسمِيةُ الفاسدِ نِصفُ الحَربِ Facebook Twitter YouTube Telegram

تَسمِيةُ الفاسدِ نِصفُ الحَربِ

ذاتَ مرّة سالتُ رئيس مجلس الوزراء السابق في جلسةٍ خاصّة عن سبب كل هذا الفساد المالي والاداري الذي يتحدث عنه العراقيون؟ ولماذا يتم التستّر على الفاسدين؟ فأجابني على الفور:

والله حجّينا اذا عندك ملفّات بهذا الخصوص، ياريت تعطيني إياها.

كان ردّي على الفور:

لو كنتُ موظفاً في النزاهة لأمكنني، ربما، ان أساعدك في ذلك، ولكن، وكما تعلم، فإنني لستُ موظفاً لا في النزاهة ولا في الدولة، حتى، فكيف يتسنّى لي ان احصل على ملفات الفساد؟.

شعرتُ وكأنّه يريد ان يتأكد بانني خالي الوفاض لا املكُ اي ملف من هذا النوع، فكما هو معروف فانه كان يحتفظ بكل مثل هذه الملفات عند الحاجة، فهل يُعقل انه كان بالفعل لا يعرف عن ملفات الفساد شيئا ليطلب مساعدتي، انا الفقير الى الله، في العثور عليها وتقديمها له؟.

على كل حال، أضفت في جوابي؛

ولكن، حجّينا، ليس من المعقول ان يكون كل هذا الحديث عن ملفات الفساد كذب ولا أساس له من الصحة؟ فالكلام منتشر في الشارع العراقي وعلى مواقع الانترنيت بشكل ملفت للنظر؟.

ردّ عليّ قائلاً؛

صدّقني حجينا هذه كلها دعايات لاسقاط العملية السياسية!.

وظلّ يحتفظ بالملفات حتى ترك منصبه من دون ان يقدّمها لا للنزاهة ولا للقضاء ولا حتى عَرفَ كيف يوظّفها في الحصول على (الولاية الثالثة) التي ظلّت غصّة في فيه بعد قولته المشهورة (بعد ما ننطيها) او دعوة ابواقه لخصومه للتفكير في (الرابعة) فـ (الثالثة) محسومة! على حد وصفهم وقتها!.

ما يُثير الدهشة ان بعض السياسيين لم يتعلموا من تلك التجربة المرّة، اذ لا زال بعضهم يطل علينا من على الشاشة الصغيرة حاملاً معه ملفات تزن طنا ًربما يقول انها تخص فساد فلان او علّان، طبعا من دون ذكر الاسماء، وكأنّهم يكررون ذات التجربة التي ثبت فشلها، ولكن بشخوص جديدة.

انا أتصور ان المسؤول او السياسي، خاصة اذا كان نائبا في البرلمان، امامهُ خياران؛

الخيار الاول؛ هو ان يتحدث بالتفصيل عن اي ملف فساد يعثر عليه او يقع بيده بأيّة طريق ممكنة، بالصدفة مثلا، اما ان يشرح لنا التفاصيل من دون ذكر الاسماء فهذا يعني انه هو الاخر متّهم بهذا الملف، اما بتهمة التستر او التشهير.

الخيار الثاني؛ ان يبيع ملفات الفساد اذا حصل عليها ويشتري بها، فان ذلك افضل من ان يهدد بها او يتحدث عنها بلا ذكر الاسماء.

قد يقول قائل؛

انّ عدم ذكر الاسماء في الاعلام سببه رفع الحرج عن المتحدث خوفاً من اتهامه بالتشهير، او التلفيق، ولذلك فهو يتحدّث عنه في الاعلام ثم يقدّمه للقضاء، والأخير سيتثبت من مدى دقته وصحته.

الا انني اجيب بالقول؛

اولا؛ اننا لم نطّلع او حتى نسمع لحد الان عن نتيجة اي ملف من هذا القبيل، منذ ان تعلّم النواب، تحديداً، طريقة الوقوف امام الاعلام للحديث عنها، ولحد هذه اللحظة.

هذا يعني أحد أمرين:

فامّا انهم يكتفون بعرضه في الاعلام للمتاجرة به وتوظيفه في حروبهم السياسية.

او انهم يقدمونه بالفعل للقضاء بعد حديثهم عنه بالإعلام الا ان صاحب الشأن، صاحب الملف، يسارع لتوظيف علاقاته الخاصة في القضاء وغير القضاء لإيقاف الملف عند محطة ليجد طريقه الى اقرب درج او رف.

وبالحالتين فان المتحدث عن الملف بالإعلام يساهم في التستر عليه وعلى صاحبه شاء ام ابى.

لذلك انا اقترح ما يلي:

أولاً؛ على المتحدث بالإعلام عن اي ملف من هذا النوع ان لا يقرر نشره والحديث عنه قبل التأكد منه، والا فسكوته افضل لان الحديث عن مثل هذه الملفات من دون تسمية الأشياء بأسمائها لا يقدم ولا يؤخر، ولو انهم كانوا يستفيدون منها فيما مضى بحروبهم السياسية، فلقد ولّى ذلك الزمن بعد ان انكشفت الامور امام العراقيين، وافتُضحت الاعيبهم.

ثانياً؛ اذا تاكد المتحدث من صحة ودقة الملف الذي ينوي الحديث عنه بالإعلام، فليتكل على الله وليقف امام الاعلام ويكشف للراي العام كل شيء، وان اوّل هذه الأشياء هو اسم المعني بالملف.

ان التسمية هنا عامل مهم من عوامل نجاح الحرب على الفساد، لانها ستغلق الباب امام القضاء من تجاهله، كما انها ستغلق كل الأبواب امام الفاسد اذا ما حاول (لفلفة) التهمة بشكل من الأشكال.

انها تحرّض الاعلام ومنظمات المجتمع المدني والراي العام على متابعة الملف حتى النهاية، وهذا ما يجري عادة في البلاد المتحضرة والديمقراطية، فبينما ينجح الفاسد عندنا في التهرّب من الملفات لانها تبقى مبهمة ومن دون إشارة الى اسمه، لا يقدر الفاسد في البلاد المتحضّرة من الهرب لانه يُحاصر بجريمته منذ اللحظة الاولى للكشف عن ملفه وبالاسم والعنوان الوظيفي وحتى صدور حكم القضاء بحقه، سواءاً أُدينَ بالملف او كان بريئا منه.

ولذلك، فليس عبثاً ان أوصى امير المؤمنين (ع) مالكاً الأشتر عندما ولّاه مصر في عهده المعروف، يقول له:

وَإِنْ ظَنَّتِ الرَّعِيَّةُ بِكَ حَيْفاً، فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِكَ، وَاعْدِلْعَنكَ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِكَ، فَإِنَّ فِي ذلِكَ رِيَاضَةً مِنْكَ لِنَفْسِكَ، وَرِفْقاً بِرَعِيَّتِكَ، وَإِعْذَاراً تَبْلُغُ فِيه حَاجَتَكَ مِنْ تَقْوِيمِهِمْ عَلَى الْحَقِّ. 

هذا اذا كان المسؤول المتهم يتحلّى بالوطنية والشجاعة والجرأة التي تدفعه للحديث عن تهمته للراي العام بنفسه وبكل شفافية ووضوح، وهو المطلوب من كلّ مسؤول، اما اذا لم يكن المسؤول كذلك، وهي القاعدة في بلادنا، لذلك ينبغي على من يدّعي النزاهة ويقدم نفسه للراي العام على انه يقف بالمرصاد للفاسدين، ان يبادر فور حصوله على اي ملف من ملفات الفساد ضد اي مسؤول ان يذكر اسمه حتى قبل ان يصمَّ آذاننا بالتفاصيل المملّة، وكأنه يتحدث عن ديناصور منقرض، طبعاً اذا كان متأكداً من الملف، حتى لا يورّط نفسه فيكون عرضة لتهمة التشهير.

اما الرأي العام، فانّ عليه ان يشكّك بنزاهة كل متحدّث عن ملف فساد لا يسمّي صاحبه، واذا كان قريباً من المنصّة فليلقمهُ حجراً.

٢٥ كانون الاول ٢٠١٤

  للتواصل:

E-mail: nhaidar@hotmail. com

Face Book: Nazar Haidar 

WhatsApp & Viber& Telegram: + 1 (804) 837-3920

 

 

 

 

 

Opinions
المقالات اقرأ المزيد
ما بين البيضة والدجاجة تتراوح تسميتنا ما بين البيضة والدجاجة تتراوح تسميتنا لان البيضة والدجاجة لهما جذور تمتد الى اعماق التاريخ لذا حين نتحاور في شأن اسبقيتها ندخل في حلقة مفرغة ... الا ان تسمياتنا رغم كونها هي الاخرى تمتد لالاف السنين الا ان ذلك لم يكن هو السبب لدخولنا في الحلقة المفرغة بل لان هذه التسميات فرضت علينا من الخارج وحين اردنا التشبث فيها وكأنها (التسمية) اهم من مصير شعبنا المسكين دخلنا هذه الحلقة ... فتاريخ العراق وشعبه وحضارته عريق يمتد لالاف السنين اما الفكر القومي فلم ينشأ الا قبل بضع مئات من السنين ... بموجب الدراسات العلمية سنقول كانت بلاد النهرين مسكونة بالبشر قبل السومريين ولان السومريين انشأوا الحضارة لذا يبتدأ التاريخ من عندهم ، فالسومريون هم سكان العراق الاصليين والذين يقولون انهم جاءوا من مكان اخر كانت لهم غايتهم لان هذه النظرية جاءت بعد فشل النظرية القائلة بان الاكديين رسالة مفتوحة إلى سماحة الفقيه العلاّمة الشيخ عبد اللطيف الهميّم ونحن نحتفل بذكرى ميلاد المسيح الحي الذي به بشّرت الملائكة في الإنجيل كما في القرآن، يسرني أن أرفع إلى مقامكم السامي أجمل التهاني وأطيب الأماني طالباً من الذي كان كلمة إلى مريم:"يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ المرصد النيابي العراقي عمل جاد ومتواصل جاسم الحلفي/ عديدة هي منظمات المجتمع المدني التي حاولت رصد عمل السلطات الثلاث ومراقبتها، وعديدة ايضا المحاولات التي استهدفت متابعة رباعية سوريا: 1- صلافة أميركا وذيولها تجاه القانون وخطرهم على العالم صائب خليل/ لعل أهم ما تتيحه صداقة أميركا هو إمكانية أن تصبح مجرماً وإرهابياً دون أن تخشى العقاب، فيمكنك أن تقتل بلا تحديد وغالباً بلا داع حتى لمحاولة إنكار ذلك
Side Adv2 Side Adv1