تسونامي وأمي!
كلما حدثت في دولة ما، حالة طوارئ أو عصيان مسلح، أو ثورة، أو إنقلاب سياسي، أو مظاهرات كالتي صرنا نشهدها هذه الأيام في دول الشرق أوسط، أو حرب بين دولتين. أو حدثت كارثة بيئية كإعصار تسونامي الذي يزور دول جنوب شرق آسيا كل عام تقريبا، وها هو اليوم يزور يابان، يابان الصناعة والتطور والتقدم، وكأنه يقول لها: الطبيعة تتحدى الصناعة. يزور دولة في الجهة الجنوبية الشرقية من الكرة الأرضية، لتهب لنجدة رعايا دولة أوربية. فتعلن معظم الدول الاوربية لرعاياها المتواجدين على أراضي الدول التي تشهد حالات غير طبيعية قد تهدد حياتهم الذين هم في زيارة سياحة أو عمل، بوجوب ترك تلك الدولة والرجوع إلى بلدهم الأم. بل لا تقف عند هذا الحد بل تنبه رعاياها بعدم السفر إلى تلك الدولة حفاظا على حياتهم من تلك الكارثة الطبيعية أو من تلك المظاهرة في (مصر أو اليمن أو ليبيا).هل سمعتم أيها الاعزاء عن ولو إمارة شرق أوسطية وهي تحذر رعاياها بوجوب عدم السفر إلى تلك الدولة التي إختلط فيها الحابل بالنابل؟ هنا تجد الفرق يا أخي الإنسان أيا كان دينك أو مذهبك أو قوميتك أو مبدؤك، بين تلك الدولة الأوربية وهذه الدولة الشرق أوسطية. هذه أم وتلك أم. والأوربية منهما، تذكرني بأمي النائمة على رجاء القيامة، أيام كانت على قيد الحياة، بل وهي على فراش الموت! لم تتأخر عن نصحي وتحذيري من التائهات والمخاطر، بينما أخرج من البيت وهي تغمرني بدعواتها، قائلة:
§ كن حذرا يا إبني وأنت تسير على الرصيف.
§ كن حذرا من السيارة.
§ كن حذرا من أصدقاء السوء.
§ لا تتشاجر مع أي أحد.
§ أرجع إلى البيت بسرعة.
§ لا تتأخر عند صديقك، بعد المغرب.
قائمة طويلة من النصائح تقرأها علي أمي كل يوم صباح بينما أهم للخروج من البيت، أو بينما عائدٌ أنا عند المساء. بل وحتى وأنا في البيت، وقبل أن أنام طالبة مني أن أصلي إلى الرب يسوع المسيح"له كل المجد". هنَّ هنَّ كل الأمهات يشتركن في الخوف على أبنائهنَّ، خشية أن يصابوا، لا سمح الله، بأي مكروه. ميزة خوف الأم كـ(إنسان أو حيوان) على وليد رحمها. ميزة الحب والحنان والرحمة والتضحية، التي لا أتصور بأن العلم قد عرف مغزاها. أقدر أن أقول بكل ثقة بأنه إحساس ممنوح من الله لكل أم، تشارك به وليد رحمها. هذا الرحم هو السلة التي فيها ومن خلالها منح ويمنح الله هذا الإحساس المرهف النقي للأم. هي الأم في كل بقاع الأرض، حتى لو لم تعرف من هو الله، لكنها تشترك مع غيرها في ما منحه الله لكل واحدة منهنَّ! ( لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ.)"متى5: 45". والدولة الاوربية قد جعلت من الأم قدوة لها، فتراها تتابع أخبار رعاياها في كل دول العالم، وتحزن اذا أي أحد منهم أصابه مكروه ما، لا سمح الله، عندها تهب لنجدته بكل الوسائل المتاحة وأولها أغلاها هو المال! نعم تفديه بالمال، المهم أن لا يصاب بأذى. هذه دول وتلك دول. هؤلاء رعايا وأولائك رعايا. لتبقى الأم واحدة من حول العالم وإن إختلف جنسها أو عرقها أو قومها أو دينها. فهل تحتذي الدول الشرق أوسطية بالأم؟. لكي تحمي رعاياها من توسامي.
المحامي والقاص
مارتن كورش