تصاعد التوتر في المدينة والعرب والتركمان يدعون إلى وقف «سياسة التكريد» ... الاكراد يتهمون «جيش المهدي» بالتسلل إلى كركوك
28/04/2006كركوك - الحياة : حذر محافظ كركوك (250 كلم شمال شرق بغداد) من «خطر دخول ميليشيا شيعية إلى المدينة على السلام الاهلي»، في حين نفى قيادي في التيار الصدري إرسال اي مقاتل من «جيش المهدي» إلى كركوك، مندداً بـ «سياسة التكريد» التي تتبعها الادارة المحلية، وسط مخاوف من امكان تفجر الاوضاع.
وأكد المحافظ احسان علي (كردي) لـ «الحياة» «دخول قوات شيعية مسلحة الى المدينة وتمركزها في حي الواسطي»، وأضاف: «معلوماتنا تشير الى تعيين موظفين في المديريات التابعة للوزارات الواقعة تحت ادارة عربية مثل وزارتي الدفاع والداخلية، غير مرتبطين من الناحية العملية بالادارة الحكومية بكركوك، بل يرتبطون مباشرة بوزاراتهم في بغداد ومنها يتلقون رواتبهم».
واوضح ان المخاوف حقيقية من نيات دخول القوات العسكرية الشيعية الى المنطقة، خصوصاً أن «الهدف المعلن لمجيئهم هو كركوك والأكراد فيها».
وزاد: «لدينا معلومات تفيد بقدوم حوالي 300 مسلح من جيش المهدي».
واستبعد ان تسوء الأمور في كركوك، نظراً الى «الانسجام الكبير بين مكوناتها العرقية والطائفية»، إلا انه أشار الى «الانعكاسات السلبية» التي يمكن ان يخلفها وجود تلك الميليشيا في المنطقة.
لكن القيادي في التيار الصدري فاضل الشرع نفى ارسال أي مقاتل من «جيش المهدي» الى كركوك، واعتبر هذه الاتهامات «جزءاً من محاولات التصعيد الاميركية ضد التيار»، لافتاً الى «وجــــــود مكتب للشهيد الصدر في كركوك يرعى الآلاف من محبي التيار سنة وشيعة من العرب والتركمان على حد سواء».
وحذر من أن هؤلاء «لن يقفوا مكتوفي الايدي امام أي استفزاز من الطرف الآخر»، ودعا الحزبين الكرديين الى تهدئة الامور في المدينة.
الباحث التاريخي احمد السعدي من كركوك أوضح لـ «الحياة» دوافع المتصارعين، وقال ان المدينة التي يسكنها اكثر من 750 الف عراقي من الاكراد والعرب والــــــتركمان والآشوريين والـــــكلدان والارمن والصــــــابئة المندائيين واتباع الديانة الايزيـــــديـــــة، يعود تاريخها الى آلاف السنين فــــقد تأســـست في زمــــــن «الكوتيين او الكاشيين عام 1600 ق.م» وتعني كلمة كركوك عـــند السومريين «العمل المنظم» ويدعي الاكراد انها كانت عاصمة لإمارتهم «شهرزور» في القرن التاسع عشر ويحملون النظام السابق احلال عشرات الآلاف من عرب الجـــــنوب فيها ضمن اطار سياسة التعريب التي انتـــــهجها للضغط على الزعيم الـــكردي الملا مصطــــفى.
اما التركمان فيدعون ان اجدادهم قدموا الى العراق اثناء الخلافة الاموية في القرن الاول الهجري واثناء دولة بني العباس في القرن الثاني الهجري وانهم استـــــوطنوا كركوك خلال حكم السلاجقة الذين دخلوا العراق سنة 1055 ميلادي بقيادة طغرل بيك وهم من قبائل الاوغوز التركية «وكان لهم شرف حكم العراق 63 عاماً».
ويقول العرب انهم قدموا الى كركوك في القرن السادس عـــــشر ايام حكم السلطان مراد الرابع الذي كافأهم على ولائهم للعثمانيين ومنحهم اراضي في الجنوب الغربي من المدينة وهم عشيرتا التكريتي والعبيد.
وكانت منظمة «هيومن رايتس» المعنية بحقوق الانسان، دعت في تقرير نشرته في 28 اذار (مارس) 2003 الحكومة الاميركية وشركاءها في التحالف الى اتخاذ تدابير للحيلولة دون تفجر العنف الطائفي في كركوك، منها تشكيل لجنة للتعامل مع المسائل المتعلقة بعودة اهالي المدينة وبذل الجهود لتأمين المباني الحكومية التي قد تحتوي على وثائق عراقية تتعلق بسياسة التعريب ووضع خطة للعودة التدريجية والمنظمة للاسر النازحة.
وبعد سقوط النظام السابق في نيسان (ابريل) 2003 عاد آلاف الاكراد والتركمان الى المدينة بعد سنوات طويلة اجبروا خلالها على تركها لأسباب امنية وسياسية.
واثارت هذه العودة خلافات ونزاعات حول ملكية الاراضي والبيوت. وهذه الخلافات لم تدم طويلاً بعد ان غادر عدد كبير من العرب الوافدين لا سيما الاعضاء منهم في حزب البعث المنحل، الا ان عودة الـــــجدل التاريخي حول هوية المدينة جعل العرب، سنة وشيعة والتركمان، جبهة موحدة ضد «موجات التكريد» التي تجتاح المدينة منذ عام 2003 وسيطرة الحزبين الكرديين التابعين لطالباني وبارزاني على ادارة المحافظة.
سياسة «التكريد»
ويتهم وعد الشرع مجلس المحافظة الذي يضم 40 عضواً بينهم 25 من الاكراد بتنفيذ «مخطط مدروس لاستغلال الفراغ الحكومي والسياسي الذي تمر به البلاد لتهيئة المناخات بما يحقق مطامع الاكراد فيها» وخلال اليومين الماضيين صدرت اتهامات اميركية الى «جيش المهدي» بإرسال اكثر من 250 مقاتلاً الى المدينة.
وقال رئيس مجلس العشائر العربية الشيخ وصفي العاصي لـ «الحياة» «ان الفيديرالية التي تتنادى بها بعض الاطراف مرفوضة لانها تدعو الى تقسيم علني وليس الى شيء آخر». ورفض «اقصاء العراقيين عن المشاركة في الاستفتاء المزمع اجراؤه عام 2007 لتقرير مصير كركوك»، مشيراً الى ان «اقصاءهم يعني تمرير مخطط تآمري لتقسيم البلاد».
وكانت الاحزاب الكردية دعت الحكومة الجديدة الى الاعتراف بهوية كركوك الكردستانية والاسراع في رسم خارطة طريق وفق بنود ومواد المادة 58 من الدستور العراقي الدائم.