تصريح للتيار الديمقراطي حول التفجيرات الإرهابية والأزمة السياسية
23/12/2011شبكة اخبار نركال/NNN/
صرح التيار الديمقراطي، حول التفجيرات الارهابية التي وقعت في بغداد يوم أمس 22/12/2011، بما يلي:
في الوقت الذي يمر العراق فيه بظروف حرجة جدا وبأزمة سياسية حادة، بسبب تصعيد حدة الاختلاف بين القوى المتصارعة لاسيما بين طرفي الصراع السياسي الأساسيين دولة القانون والعراقية، يُفاجأ العراقيون بفاجعة صبيحة يوم الخميس 22/12 عبر سلسلة من انفجارات مروعة تجاوز عددها العشرة، وذلك في أنحاء مختلفة من العاصمة، راح ضحيتها أكثر من ستين شهيد وما يقارب المئتي جريح، علاوة على الخسائر المادية في المحالّ التجارية والدور السكنية.
ومن جديد يكون الشعب العراقي، لاسيما الطبقات المحرومة منه هو الضحية. وبقطع النظر عن العلاقة أو عدمها بين هذا العمل الإرهابي الجبان ضد أبناء شعبنا من المواطنين العزل الأبرياء وبين الأزمة السياسية الأخيرة، فإنه من الصعب غض النظر عن هذا التزامن بينهما. صحيح إن التخطيط والإعداد لمثل هذه السلسلة من التفجيرات لا بد أن يكون قد جرى منذ مدة ترجع إلى ما قبل انبعاث الأزمة الأخيرة بفترة غير قصيرة على الأرجح، إلا أن توقيت التنفيذ بجعله متزامنا مع الأزمة المشار إليها من الصعب عده مجرد صدفة، إلا إذا كان قد خطط له أن يُوقَّت مع انسحاب القوات الأمريكية أو بعيدها مباشرة، ثم جاءت الأزمة لتدفع الجهة المسؤولة عن هذه العمليات الإرهابية لاختيار هذا التوقيت.
وهذا لا يعني بالضرورة اتهام أحد طرفي الأزمة بكونه يقف وراء هذه الجريمة، إلا أن الجهة الإرهابية المخططة والمنفذة لها إنما استغلت من غير شك الأجواء المشحونة للتأزم السياسي الحادّ، من أجل تحقيق مآربها، ولعل منها من أجل إعادة العراق إلى حافة هاوية الحرب الأهلية الطائفية، إلا أن العراقيين ولحسن الحظ أصبحوا أكثر وعيا من أن ينجروا إلى أتون مثل هذه الفتنة العفنة مرة أخرى. وإذا كانت الجهة الإرهابية المسؤولة عن هذه الجريمة من خارج العملية السياسية، وهذا ما نحتمله ونتمناه، فإن أطراف الأزمة السياسية لا يُعذرون من مسؤولية منح قوى الإرهاب الأجواء المناسبة لتنفيذ خططهم الدموية.
وعلى ذكر الأزمة الأخيرة، فلا بد من تأكيد أن المسؤولية تقع على الجميع بالإسراع الذي لا يقبل التماهل والتسويف إلى تطويقها، وإلى التهدئة وتهيئة الأرضية لمؤتمر وطني واسع، وترك الفرص للقضاء ليقوم بدوره ويأخذ أقصى مدياته. فالقضايا المتعلقة بجرائم القتل والإرهاب والفساد من الأمور التي لا يجوز تسييسها، بل لا بد من تأكيد كونها حصرا من مهام القضاء، تأكيدا لمبدأ استقلالية القضاء والفصل بينه وبين السلطة التنفيذية، والتزاما بهذه المبدأ، فإنه لا يجوز إخضاع مثل هذه القضايا بأي حال من الأحوال للمساومة، ولا للتسييس، ولا لأي صفقة، أو تسوية سياسية خارج إطار القضاء، كما لا يجوز التكتم على أي من هذه القضايا، وإخفاء ملفات، من أجل استخدامها عندما تنفع الطرف الذي بحوزته تلك الملفات في صراعه ضد خصومه السياسيين.
وإن هذه الأزمة وما تبعها أو تزامن معها من سلسلة التفجيرات الإرهابية ليدعونا لنضع جميع الأطراف المشاركة بالعملية السياسية أمام مسؤوليتها الوطنية، بالكف عن جعل خلافاتها مستندة إلى المصالح الشخصية والحزبية والجهوية، أكثر مما هو من أجل المصالح الوطنية، إذ لا بد من إعادة ترتيب أولويات الاستحقاقات، بتقديم الاستحقاقات الوطنية على الاستحقاقات الجهوية الضيقة من طائفية وحزبية وشخصية وغيرها، كما هو حاصل حتى الآن. فإن العراق يمر اليوم، بل وفي طوال سنوات ما بعد سقوط الديكتاتورية بأزمة حكم حادة، عبر ما اعتُمِد من محاصصة، وصراع على السلطة، وطائفية سياسية، ثم من محاولات يائسة للخروج من المأزق الذي نتج عن الأداء السياسي المشار إليه، فكانت ما سمي بحكومة الشراكة كآلية للحل أثبتت فشلها، بل تحولت نفسها إلى معضلة وأزمة.
وأخيرا نأمل أن يكون الجميع على قدر عال من الشعور بالمسؤولية ووعي أن أي خلل في العملية السياسية، وأي تصعيد في حدة التأزم والتوتر بين أطرافها، وأي عدم استقرار، إنما يخدم أعداء الديمقراطية، كما أكد ذلك يوم الخميس الدامي. وإن الخروج من الأزمة السياسية المتفاعلة لا بد أن يجري عبر آليات يتم تدارسها عبر مؤتمر وطني واسع، تشارك فيه كل الأطراف السياسية المشاركة في العملية، بما في ذلك القوى الوطنية من خارج السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وأخيرا نعزي ونواسي ذوي ضحايا الأعمال الإرهابية الأخيرة، وفي نفس الوقت نوجه نداءنا إلى شعبنا العراقي العزيز، أن يكون على وعي تام بعدم الانجرار إلى أي فتنة يريد أعداء العراق إحداثها، وألا تؤثر حدة الخلافات بين القيادات السياسية على وحدته وتآخيه، وأن يحافظ على لحمة الأخوة الوطنية بجميع أطيافه.
عاش العراق حرا مستقلا وعاش شعبنا آمنا متآخيا، في ظل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والسلام والرفاه.
المكتب التنفيذي
التيار الديمقراطي
22/12/2012