Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

تغير المواقف والخبز الحار و عزيز علي !!

" الذي لا رأي له ، رأسه كمقبض الباب يستطيع أن يديره كل من يشاء "
اولا
قبل واثناء انعقاد مؤتمر القمة العربية في بغداد / ايار 1990 ، خصصت الحكومة العراقية اماكن خاصة لابراز صور لملوك وامراء ورؤساء الاقطار العربية في الشوارع المؤدية الى مطار بغداد والى قاعة المؤتمرات وكان من ضمنها صور لمشيل عون قائد الجيش اللبناني انذاك الذي كلفه الرئيس امين الجميل بتشكيل حكومة عسكرية وشد الرحال الى فرنسا تاركا عون في المواجهة مع حكومة سليم الحص المدنية والنظام السوري الذي كان جيشه متمركزا في لبنان ، واعتبر النظام العراقي ان حكومة عون هي الشرعية لانها ضد النظام السوري الذي كان في نفس الوقت عدوا لدودا للنظام العراقي ، وتم دعم حكومة عون ماديا وعسكريا وزود بمختلف انواع الاسلحة ومنها الصورايخ الذي كان يهدد بها النظام السوري ، ولكن اسلحة الجيش السوري كانت اقوى و اسرع في هروب عون ومستنجدا بالسفارة الفرنسية تاركا زوجته وبناته ، وفي فرنسا كان يصرح بان لا عودة الى لبنان الا بانسحاب الجيش السوري وبعد الانسحاب بقرار من المنظمة الدولية عاد مستقبلا من مناصريه وخصوم النظام السوري .
وبالامس ارسل الرئيس السوري طائرته الخاصة لتقل عون الى سورية وفرشت له السجادة الحمراء وليستقبل استقبال الابطال خرقا لكل البرتوكالات الرسمية ليترك احضان الاخرين ويرتمي في حضن سوريا املا في الوصول الى سدة الرئاسة اللبنانية .
وهكذا اصبح الانتقال من حضن الى اخر وتغير المواقف سمة الكثيرين وكما سماها صالح زكي توفيق مدير السكك الحديدية العام في عهد عبد الكريم قاسم ( تبديل الكير ) عندما اخذ يضايق العمال والموظفون اليساريون بعد احتضانهم وتعيينهم بعد ثورة 14 تموز 1958 ، ولكن انقلب عليهم بعد خطاب الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم في افتتاح كنيسة مار يوسف في -" الخربندة " الكرادة وادان فيه حوادث كركوك ..
وتاريخ العراق المعاصر زاخرا ( ماشاء الله ) باسماء من انتقل من حضن الى حضن واحيانا عدة احضان وغيرت مواقفها وفقا لمصالحها الشخصية تاركة المبادئ " فوق الرفوف العالية " مثل عزيز الحاج وبيتر يوسف ومالك منصور عندما انتقلوا من الشيوعية " القيادة المركزية " الى احضان جريدة " الثورة " واصبحوا من كتاب السلطة في العراق وكتبوا في ذلك كما هائلا من المقالات الصحفية في الصفحة الثالثة من الجريدة والتي كانت مخصصة للمنظرين في النظام السابق وكانت الصفحة التي لابد " اجباري " ان يقراها كل موظفي الدولة العراقية من درجة مدير قسم فما فوق بموجب تعليمات ادارية عليا صارمة في كافة الوزارات العراقية !!
ثانيا
واليوم في " العراق الجديد " ومع الاسف الشديد نلاحظ الكثير من الاسماء قد انتقلت ومازالت تنتقل من حضن الى اخر واحيانا من اقصى اليسار الى اقصى اليمين طمعا في مصلحة صغيرة وقصيرة الامد ، ونسوا او ربما كانوا المزعزعون ومتذبذبي المبادئ والمواقف ، وبعضهم كان يفتخر امام الاخرين بنضاله السياسي في سنوات العمل السري ! والبعض كان يهتف " وطن حر وشعب سعيد " وبعدها لبس " الكاكي " وهتف " امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة " والبعض كان يكتب تقارير بخطوط " مائلة " على " اولاد الخايبة " ويقرع الابواب ويقلب الموائد على رؤوس الاطفال لكي يستصحب " الاب الغلبان " الى معسكرات النهروان في بغداد وباقي المحافظات ليحصل على شكر وتقدير من " الرفيق " واليوم لبس " زي اخر " ليقود المظاهرات في شمال العراق من اجل الحاق سهل نينوى واقتطاعته من الوطن والحاقه بكردستان رافعا شعارا " اللي يتزوج امي يصير عمي " !!
ثالثا
بالامس القريب كان المناضلون يصعدون المشانق وهم يهتفون للشعب والوطن ، كانت صرخاتهم تشق عنان السماء ، وكانت السلطات تساومهم عن العفو عنهم لقاء قصاصة صغيرة يكتبون على متنها برائتهم من تلك المبادئ ، ولكن كانوا يسخرون منهم وبتسابقون من اجل الشهادة من اجل الوطن والعراق ولسان حالهم يقول الوطن اغلى من جميع انواع المساومات ، اين هؤلاء اليوم مما نشاهده ونسمعه في عراقنا الجديد ، وفي مدن الشتات التي يقطن فيها ابناء شعبنا .
ان " تبديل الكير" اصبح شئ معتاد في تغير المبادئ واصبح عندهم بمثابة تغير الملابس حسب الطقس السياسي ! واصبح التذبذب والتردد والنفاق مساله طبيعية مادام الهدف التسلق على اكتاف الاخرين والحصول على المبتغى !!

رابعا
جمعتني جلسة مع احد من هؤلاء في احدى مدن الشتات ، واخذ يحدثني عن نضاله الاممي وايام المعتقل الذي مكث فيه اسابيع وذاق فيها انواع الذل والهوان ، و عن ذكرياته ايام النضال وبعض الاسماء الذين كانوا معه .. قاطعته قائلا :
يا سيدي واليوم !
اجابني بانه احد اعضاء كيان سياسي قومي ! قلت له مندهشا كيف ! كيف الانتقال من الاممية الى القومية الضيقة ! وقبل ان يجيبني اخرج من جيب سترته علبة فضية للسجائر وسحب منها سيجارة واشعلها وأخذ ينفث دخانها ببطء ، ثم اخرج مسبحة واخذ يراقصها بين أصابعه حبة حبة ! ثم قال بكل هدوء :
اولا يا صاحبي هناك احزاب وكيانات سياسية غيرت مواقفها وتخلت عن مبادئها او تستطيع ان تقول باعت مبادئها وابرمت صفقات هنا وهناك ! ثم توقف قليلا وابتسم بخبث وقال : وثانيا ان التغير من متطلبات العصر " ونريد نعيش وناكل خبز حار ومكسب " ! وانت لاتزال " راسك حار" .
قلت له : نعم وعراقي .
وخرجت من تلك الجلسة ولسان حالي يقول كم من هذا في ازقة الزمن الردئ وانا ادندن منلوج الفنان الراحل عزيز علي :
عشنا وشفنا وبعد نشوف
وقرينا الممحي والمكشوف
ما ظل شئ ما معروف

Sabti_kallo@hotmail.com

Opinions