Skip to main content

آدم دانيال هومه

Facebook Twitter YouTube Telegram

تل نصري الزنبقة الجريحة

مهداة إلى روح الشهيد ( نينوس منير أوشانا) الذي توفي إثر القصف  الذي شنه السلاح الجوي السوري في الرابع عشر من شهر تشرين الثاني 2012 على قرية تل نصري (ولطو) التي تقع على مبعدة 84 كم من مركز مدينة الحسكة  ما أدى الى  إصابة عدد من الجرحى إضافة إلى تدمير العديد من المنازل وإلحاق أضرار بليغة بكنيسة شفيعة القرية السيدة العذراء.

 

 

تل نصري!...

وردة تنام على فراش الندى

فاتنة الحدائق والكروم والسواقي

الطفلة الوادعة المدللة

أرضعتها الحمائم التي بنت أعشاشها فوق أسوار نينوى

قبل سبعة آلاف عام

وترعرعت في أحضان أمها الرؤوم السيدة العذراء

تركها أهلها بكامل سحرها وزينتها الملوكية

وبكامل أناقتها الآشورية

تمرح بين الحقول والبساتين

تصدح بين يديها معاول ومناجل الكادحين         

تقطف زنابق الصباح لتنثرها في عرس العصافير

تمشّط شعر الفراشات وهي ترتشف الخمر من شفاه العناقيد

وتتقيل في أرجوحة الشمس

تتأمل بحسرة أشجار الصفصاف

وهي تلهث عطشا على ضفاف الخابور

وفجأة...

قدموا على صهوات الريح

مدججين بالحقد المقدس

وهم يرفعون مشاعل الهداية نحو المهاوي السحيقة

يعربدون كالجراد في حقول التاريخ

ويسحقون أزاهير الحضارات

بأقدامهم الملوثة بقاذورات الجاهلية

وأمطروها بوابل من حمم البراكين

فاهتز عرش الله

وانكمشت الملائكة في زاوية من السماء

وانكبت تل نصري على وجهها مضرجة بالدماء

وتعفرت بالتراب كطائر مذبوح

يتخبط في دمه

وتهاوت تحت ركام الأبنية المنهارة

وتناثرت لآلئ قلادتها اللازوردية بين الأنقاض

وصاحت برعب وألم

اغتال الأوغاد حبيب قلبي

وقرّة عيني... نينوس

حبيبي الذي كان يعزف على أوتار السنابل أناشيد المطر

وينظر إلى صورته ناصعة في مرآة المستقبل

ويشد أحلامه فوق صهوة الأرجوحة المعلقة بين شجرتي توت عتيقتين

غرسهما جده المهجّر من أرض أجداده

وأجداد أجداده

ويردف خلفهالأطفال

ليمضي بهم نحو النجوم

ليرشوا على ربوع القرية عطر السماء

وعلى نهرها العطشان أكاليل الغيوم

لتتطهر من عذابات الأنبياء

وتعيد إلى الخابور شبابه

ورونقه

ونضارته.

 

نينوس...

الحمل الذي أرسله الله من السماء

ليكون فداء وقربانا لأهل قريته

لقد اختلط دمه بغبار الشمس

وربط الأرض بالسماء

ورافقت روحه الأنوار المتناثرة من وهج الموت.

 

عندما ودع نينوس حبيبته تل نصري

كان يمسك في يده حفنة من التراب

وفي عينيه انعكاس صليب الكنيسة الجريحة

وعلى جبينه ترفرف قبلات عشتار.

 

شُلّت يمينك أيها الطيار الأرعن

وكل الطغاة إلى الدرك الأسفل من الجحيم.

فجميع االطواغيت عبر العصور

ينتهون إلى مزبلة... أو مهزلة

أو حفرة... أو مقصلة.

 

مكتوب عليك يا تل نصري

أن تكوني حاملة هموم الأمة

وقدرك أن تتلقي الضربة الأولى

لتتوشحي بالقداسة

لتكوني جديرة بتبوء عرش سومر

لترثي أرض القديسين والشهداء

وبهاء ممالك الأرض

ولتستحقي أن تكوني قبلة الثوار والشعراء.

 

سوريا...

الجنة التي آلت إلى مقبرة

هاجرتها الأطيار والأزهار والأنهار

والأنجم والأقمار

وشاخت الزنابق من هول الرعب

وتعششت الأحقاد في القلوب

وصارت وشما على ذاكرة الأطفال

والشعب يواصل الموت

محاصر في ظلمة التابوت

والملك الأسطوري يجترح المعجزات

يعاقر الدم... وهو يترنح

مابين نصل السكين وبين الجدار المرصوص.

 

مابين مطرقة الموالاة وسندان المعارضة

 ضاع نينوس

وأخشى ماأخشاه

أن ينتهي بنا الربيع العربي

إلى زمهرير كردي

يومها لن يبقى لنا داخل الوطن

سوى نينوس وبقايا رفات أمواتنا

وأطلال قرانا ومقدساتنا

يومذاك

سيجلس المناضل الشهم

حامل لواء الثورة

وحيداعلى المقبرة

لايسمع إلا نعيق الغربان

وصوت الآذان.

adamhomeh@hotmail.com

سدني- استراليا

2012/11/15

Opinions

المزيد من هذا الشاعر