Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ثلاث لقطات

اللقطة الأولى: الفيسبوك بندقيتي الجديدة

لو ان "تشي غيفارا" عاش الى اليوم لحمل "لابتوبه" بدلا من بندقيته الأثيرة، وفتح صفحته على الفيسبوك ، وتوغل فيها بدلا من مغارات سيرا مايسترا، ولتحرك في جنبات الانترنيت بدلا من أدغال بوليفيا. وبالتأكيد سيكون " ادمنadmn " لأحدى مجموعات التواصل الاجتماعي، ربما مجموعة "لن تكون قندهار"، او مجموعة "بلا صمت" او اي مجموعة أخرى تعمل من اجل التغيير، بدلا من قيادة احد مفارز الغوار.

جيفارا، كان يسير على خطى معلمه "كارل ماركس" الذي قال: استفيدوا من نتائج كل جديد في العلوم. فاستخدام تقنية الاتصالات الحديثة هو احد أهم الأشكال الجديدة في التنظيم والتحشيد، وأكثرها سرعة واتساعا، حتى انها تمكنت من رص صفوف أعداد كبيرة من الشباب في تونس ومصر الجزائر واليمن والسودان والعراق، بين " مشارك ومروج وادمن admn"، من مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية، حيث بحثوا قضايا اوطانهم وحاجات شعوبهم بجدية وحرص كبيرين، ووضعوا مهمات محددة، وصاغوها بأبسط الكلمات وأكثرها وضوحا. وقد رفعوا بكل جرأة شعار تغيير الأنظمة وليس التغيير في الأنظمة، ومن دون ان تتمكن أجهزة القمع المتخلفة من ملاحقتهم واعتقال اي واحد منهم، وهذا رغم طابع عملهم المكشوف والشفاف جدا. ذلك انها توهمت ان الشباب يسبحون في العالم الافتراضي، وليس لهم تأثير على الواقع بشيء. لكن الشباب اثبتوا ان قدرتهم على التنظيم والمباغتة بأسرع مما تصورته أجهزة القمع مجتمعة، والتي لم تصمد أمام لحظة خروجهم من العالم الافتراضي الى الشوارع في بعض العواصم، وهم يعدون العدة للخروج في عواصم أخرى.



اللقطة الثانية: "رغيف خبز ورأس بصل"

من بين جميع الشعارات التي رفعت في تونس ومصر والأردن والسودان واليمن، كان الشعار الذي حملته عجوز مكللة بالسواد هو الأكثر تعبيرا عن محتوى الحركة الاجتماعية التي انطلقت في تلك البلدا. حيث رفعت رغيف خبز ورأس بصل وهي تتقدم الصفوف في ساحة التحرير بالقاهرة. وقد أرادت ان تقول: ها نحن نحتاج الى الحريات للتعبير عن آرائنا بسلام، وكي نعبر عن حاجاتنا بدقة. فالديمقراطية التي إرادتها هذه العجوز، ليست ورقة انتخاب ترميها في الصندوق لتختار احد المتنفذين وكفى، وإنما هي بحاجة الى الوجه الآخر للديمقراطية، وهو الخبز والكرامة والعمل والضمان الاجتماعي. وكما رفعت الفنانة سميحة أيوب شعار " تغيير .. حرية .. عدالة اجتماعية" وهتفت: "لا نريد ديمقراطية حسب وصفة البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، الوصفة التي لم نجن ِ منها الا البطالة والفقر، وانما نريد الديمقراطية على قاعدة العدالة الاجتماعية".

فهل وصلت الرسالة؟



اللقطة الثالثة: ورقة التوت

أزاحت الحركة الاجتماعية في تونس ورقة التوت التي أريد استخدامها لإخفاء عيوب الأنظمة المستبدة، بدءا بعدم شرعية وصولها الى السلطة، وانتهاءً بجمودها وعدم قدرتها على التعاطي مع متطلبات الحياة العصرية. فهي اما أنظمة حكم وراثية قبلية، او وصلت الى الحكم عبر انقلاب عسكري. لقد تمكنت هذه الأنظمة عبر سياسة "الترهيب والترغيب"، واعتماد عوامل أخرى، من البقاء في السلطة طوال هذه السنوات، وإن بعزلة تامة عن شعوبها. فيما تعصف مشاكل لا قدرة لهذه الأنظمة على التصدي لها، وهي مشاكل الهوية والتنمية والتخلف والفقر والأمية والأمراض والمواطنة.

وفي الوقت الذي تنهار فيه هذه الأنظمة جراء استفحال الإمراض المذكورة، وتحاول لاهثة التبرؤ منها، يستمر الحديث في العراق عن إعادة أنتاج المحاصصة الطائفية والاثنية، وتقلص الحكومة ميزانية البطاقة التموينية، مقابل عدم المساس بتخصيصات الرئاسات وامتيازاتها. وذلك في غياب إستراتيجية تنموية واضحة لمكافحة الفقر والأمية والأمراض وسوء الخدمات وتخلف النظام التعليمي.. الخ. وبدلا من التوقف عند ذلك مليّا، يبقى الصراع بين القوى المتنفذة يدور حول توزيع الحصص فيما بينهم، بدلا من التوزيع العادل للسلطة والثروة!

Opinions