ثورة الإمام الحسين عليه السلام
و ما اشد حاجتنا اليوم إليها!
لقد جاءنا الحسين (ع) من أجل ثورة شعلتها أضواء أبدية في نفوس المظلومين كي تخلق منهم ثوار. تلك الثورة المتوارثة لدى البشرية هي بذرة حسينيّة زرعهّا الحسين (ع) في عقول وقلوب المستضعفين الذين لا ينصاعون ولا يهابون أي طاغية مهما كبر لأن الدائم هو الأكبر. أي الله أكبر من كل الطغاة.
وجدتٌ المسيحي القبطي في مصر و لبنان والدرزي والإيزيدي والمسيحي والصابئي في العراق و في رياض الله, يقدسون الحسين (ع)
كانت علاقتهم بالحسين(ع) كعلاقة الطلاب بالأستاذ الثائر. كذلك الشيوعي والليبرالي والديمقراطي والملحّد واليساري يكنون شديد الإحترام والحب للحسين، ويجدون فيه القدوة
الثورية.
ثورة الحسين (ع) لا تخص فقط الدين، وإن قال الحسين انه يستشهد من أجل الله ورفعة الإسلام. لقد جاءت ثورة الحسين (ع) من أجل صيانة كرامة الشعوب والمبادئ الإنسانية من اجل الديمقراطية, لتبقى قوة مطلقة يتوارثها الثوار من كل حدب وصوب إلى الأبد.
بالتأكيد لا يحزن ولا يلطم الشيعي من أجل مظلومية الحسين (ع) , لأن رمز الثورة ليس بحاجة إلى دموع عاشوراء، بل يلطمٌ الشيعي من أجل مظلومية ذاته التي تجد في الحزن الجماعي متنفساً لقهره، وقد أنقهر ولم يقتد بثورة الحسين فيثور ضد قاهره.
السؤال، لو كنا مع الأئمة لحاربنا إلى جانبهم هو قول المذهب السنّي حيث قال أبو حنيفة النعمان: لو كنت موجوداً في معركة الجمل لحاربتٌ إلى جانب علي (ع) ولو كنت في كربلاء لحاربتٌ إلى جانب الحسين (ع) لأنهما الحق.
لكن الديكتاتوريون وعصاباتهم من المجرمين البعثيين والإرهابيين حللّوا على الشعب العراقي المقابر الجماعيّة واستكثروا على الناس الحزن الجماعي, لذلك يقتلون المظلومين وهم يؤدون شعائرهم من خلال حزنهم الجماعي على أعظم ثائر لم يقتدوا به.
حيث خنعوا للظالم دهراً طويلاً لذلك القول لو كنا معكم لفزنا فوزاً عظيماً، أي لو أصبحنا ثواراً مثل الحسين (ع) وأسرته السبعين، لما إستطاع مجرم عار جبان مثل العميل صدام أن يحكمنا زمناً, ولما سيطرّت الديكتاتورية العربية على الشعوب دهراً فيه الذلة والتخلف وسرقة المال العام وتحويله إلى قوة لقمع الشعوب.
علماً أن أي ديكتاتور وأينما حل يجب أن يكون بالضرورة عميل. تصور كيف يستطيع رجل واحد أن يطغى ويغتصب آراء بني جلدته دون أن يكون له من خارج محيط بلده من يمده بالقوة القمعية ضد شعبه.
عندما يحكم الحاكم المنتخب برغبة وإختيار شعبه، فهو قوي بقوة شعبه ولا يحتاج أن يكون عميلاً ذليلاً لسيده الأجنبي الذي همه الوحيد هو سرقة أموال الشعب.
لم يكن عبد الكريم قاسم منتخباً، بل كان أكثر من ذلك. كان محبوباً من كل الشعب العراقي قاطبة، لذلك كان ذو قوة وطنية وعالمية. منذ سقوط صنم الديكتاتورية وحتى الآن ولت عشرة سنوات من خراب وفساد ثم الإرهاب والتشرذم. لكن لو قارنت أربعة سنوات من حكم عبد الكريم قاسم لوجدت إن حكومة ثورة 14 تموز قد طورّت العراق من بلد فقير متخلف
مستعمر إلى أرقى دولة في قارتي آسيا وأفريقيّا. حتى جاء البعث ليحطمها، بينما العراق الديمقراطي مازال منذ 10 سنوات , يعاني من مخلفات المتخلفين، من إرهاب البعث الذي جلبّ الإرهابيين وحيث شبيه الشيء منجذب إليه. لم يتخلص العراق المتحرر من ديكتاتورية البعث الفاشيّة، كما تخلصت ألمانيا من النازية وإيطاليا من الفاشية إبان الحرب العالمية
الثانية، بل لسوء حظ العراق لديه حكومة وحدة وطنية ملغمة بالبعثية. سبق وأن إقترحت قبل ثلاث سنوات حلاً ليس بفاشي ولا يكلف نقطة دم يخلص العراق من الإرهاب، وقد كان في مقالي الموسوم (ردم البعث هو طم الإرهاب) وقلتٌ الحل هو بناء مستشفى الأعصاب البعثية بالرمادي وسط الصحراء تحت إدارة طبيب الأعصاب إياد علاوي البعثي، ولتكن المستشفى على غرار مستشفيات الجرب في الصين.
سبق وان هدد ماوتسي تونغ أميركا بأن يٌرسل لهم مليوني أجرب من مستشفى واحدة للجرب في الصين كقنبلة جرثومية قبل اكتشاف وباء البعث. هنا ممكن حجر جميع البعثيين الإرهابيين في مستشفى الأعصاب البعثية. للبعث حسنة واحدة ( أخفتها المحاصصة) وهي التمييز بين البعثيين المنحرفين وبين الشعب العراقي الطيب المظلوم.
عودة الى الإمام الحسين المظلوم ممن بايعه ومازال مظلوماً لعدم توضيح ثورته والهدف منها. لو كان مجيء الحسين من أجل الحكم لبقى بين الأعراب في بلده حاكماً. لكن في زمن الدولة الراشدية كان الخلفاء منتخبين وليسوا بالوراثة منصبين , ولم يقبل الشعب آنذاك بخليفة غير منتخب وإن كان أبيه منتخب أو خليفة غير منتخب بدليل, رفض الشعب آنذاك توريث الخلافة إلى يزيد. لم يٌنتخب الحسين قائدا للثورة , لأنه إبن الخليفة بل لأنه ثارّ ضد ديكتاتورية الأمويين. لقد جاء الإمامين علي والحسين علليهما السلام , إلى شعب العراق العريق بالثورية. منذ ثورة الحسين الخالدة في ضمائر الثوار والعراق ثورة تغلي وتبرد بعد سحل الطغاة واحداً تلو الآخر. إن شعلة ثورة الحسين كشعلة الولمبيادة في كل زمن مرفوعة ومن يد الى يد, جعلت الثوار يستشهدون وفي قلوبنا يخلدون.الحسين هو ذاته هو الثورة العراقية الإسلاميةالعربية الاولى.الحسين وهج كرامة الانسان الثائرة.
الإمام علي جاء الى عراق الثورة ومن اجل الثورة، جعل العراق يصبح عاصمة ارشد دولة ظهرت على الوجود.قبلهما قرع تموز الناقوس بين رافدينا وحيث كان حمورابي دكتاتور أول من أصدر قانون الدولة.الحزب الشيوعي العراقي كان في سنة 1964أول الثوار على دكتاتورية موسكو وقولبة لجنتها المركزية التي في سنة 1968 حلت القيادة المركزية محلها.
لو عدت الى مدينة الثورة لثاروا. من ليس له كرامة لا يحتاج الى ثورة.
حبنا لعلي والحسين علليهما السلام بدافع عراقي وطني الى جانب الديني هو حب العراقي الى الحرية إي الديمقراطية وصيانة كرامة الانسان.
من صفات الحسين الثورية الموروثة أمد الدهر تجدها في أحفاد جده وأبيه وفي كل زمن في
عالمنا المعاصر:
السادة :
الخميني
محمد باقر الحكيم
حسن نصر الله
عبد المجيد الخوئي
ومن الجنرالات
محمد نجيب أول رئيس لأول جمهورية مصرية
مصدق في إيران
هواري بو مدين في الجزائر
سوار الذهب في السودان
وحبيب الشعب العراقي عبد الكريم قاسم.
ومن الساسة:
سعد زغلول في مصر
فهد مؤسس الحزب الشيوعي العراقي
سلام عادل سكرتير الحزب
عمر المختار في ليبا
جميلة بوحيرد في الجزائر
وحبيب الشعب العراقي عبد الكريم قاسم.
قال مؤسس الحزب الشيوعي فهد المسيحي قبل أن يستشهد لو لم أكن شيوعياً لأصبحت بسبب ثورة الحسين شيعي، ومن المقتدين بثورة الحسين.
سلام عادل ( شيعي) سكرتير الحزب الشيوعي الذي أستشهد في 1963 على أيدي الفاشست البعثيين ومنذ استشهاده انطفأت شعلة الثورة في الحزب الشيوعي العراقي حتى أصبحت بعد 1968 رماد.
بعكس ثورة الحسين تزداد وهجاً ونوراً، وهيهات منّا الذلة مهما ازداد إرهاب البعث لأن ثورة الحسين هي في كل يوم فينا ومنا وإلينا.
إن الحقيقة المطلقة هي الموت لكل حي في الدنيا والحياة الأبدية على الأرض هي لثورة الثوار مهما استشهدوا. يٌعيد الزمن نفسه على أمة محمد (ص) كي تعيش الظلام على يد الديكتاتورية العميلة ويكون نصيب الشعب العراقي حسب قوة ثوريته هو الأكثر من ذلك الظلام والظلم البعثي والاستعمار البريطاني فالأمريكي، وكما كان ظلم معاوية ويزيد، لم يأت الحسين للعراق طالباً المال او الجاه أو السلطة، بل من أجل الثورة العراقية الإسلامية العربية الأولى.
استشهاد الدولة الراشدية الديمقراطية على يد الدولة الأموية الديكتاتورية الوراثية.
الأخيرة تدعّي دين محمد (ص) و ( السنّة النبوية) , لو كان النبي يؤمن بتوريث الخلافة لورثهّا لسبطه الأول الحسن(ع).
كان المسلمين في الدولة الراشديّة ينتخبون الخليفة بالإجماع، وكانت طريقة الانتخابات هي المبايعة ولكل الحق في الترشيح. ومن يحظى بإجماع المبايعة يصبح خليفة حتى وفاته وإن طالت حياته يقتل. تلك هي نشأة الشرعية لحكومة أول دولة إسلامية ديمقراطية.
الدليل على مساواة الناس والديمقراطية في الدولة الراشدية هو أن يقف صعلوك بين القوم ويرد على الخليفة عمر(رض) ويقول" لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومنّاه بسيوفنا". هنا تعدى معاوية عن مجرد قتل الخليفة المنتخب, بل هو قتل الدولة الراشدية وحطّم دستورها على الأرض( السنّة النبوية) تحت سقف القرآن، وفي فترة حكمه تغير الزمن والدستور لنشوء نظام سياسي جديد مخالف للشرعية (الشريعة) .
هنا ظهر فكر المذهب السني وليس ( السنّة النبوية) مع ظهور دستور الدولة الأموية والذين سنوا الدستور الجديد هم السنة ( الحقوقيون)، ذلك هو مصدر مصطلح المذهب السني.
ورغم ذلك سمية الدستور الأموي (الشريعة). وبظهور فلسفة او تشريع ديني أبو حنيفة النعمان ( رض) أصبحت السنة مذهب إسلامي وتابعيه هم أهل السنة.
ومازادّ الطين بلة هو توريث الحكم ليزيد. هذا ما جعل المسلمين يجدون شرعيّة في إختيار الحسن(ع) إذاً الخلافة أصبحت قابلة للتوريث.
قال أعداء الحسن والحسين أنهما زقّا العلم زقاً.
كان الحسن داهية عصره، لذلك رفض إعطاء الشرعيّة لتوريث الخلافة، لأنه لو ظهر الحسن منافساً ليزيد وفازّ يزيد ولو بالتزوير في الإنتخابات لأصبح الحسن هو المسئول عن شرعّية هذا النظام الديكتاتوري الوراثي الأموي، الذي قتلّ الدولة الراشدية الديمقراطية. لذلك رفض الحسن (ع) ، وبهذا أصبح الوضع آنذاك يتطلب ثورة ضد الديكتاتورية الوراثية والمتمثلة في خلافة يزيد بن معاوية. لقد كان الحسين (ع) شعلة ثورية مما جعل المسلمين يطلبوه قائداً للثورة.
هل جاء الحسين(ع) من أجل السلطة؟
رحلّ الحسين (ع) من مكة وما حولها من شبه الجزيرة العربية ورفض أن يعلن خلافته حيث هو، كما رفض أخاه الحسن (ع) ، بعكس يزيد الذي أعلن خلافته من موقعه على الشام، لتمتد سيطرته على باقي أمصار الدولة.
لو أن الحسين (ع) كان للسلطة طالباً لأعلن خلافته في شبه الجزيرة العربية وحصل فوراً على مبايعة الأمصار وأولها العراق ومصر المؤيدتين مسبقاً للخليفة علي بن أبي طالب(ع).
الحسين(ع) لم يأت للعراق طلباً للسلطة وإنما قائداً لثورة المسلمين ضد الديكتاتور يزيد. ذهب الحسين (ع) إلى العراق وهو واثق الخطى من أنه يقود ثورة أبدية تعطي الإنسان والشعوب درساً في صيانة الكرامة وعزّة النفس والإيمان بقوة الله المطلقة والمنتصرة على قوة الطغاة. والدليل على ثقة الحسين (ع) بنجاح ثورته الأبدية هو أنه إصطحب بمعيته جميع أفراد أسرته، كل منهم إستشهد من أجل تلك الثورة العظيمة الخالدة في ضمير الإنسانية، وقد كانت شهادة كل منهم قدح سماوي وكأن الأجرام تتلاطم لتضيء نوراً ساطعاً للفكر المطلق الحر كي يتبدد ظلام الطغاة.
الأخير كالدخان الأسود لا يرى الناس ولا يسمع بعضهم فيه. ذلك الظلام الديكتاتوري أسمه
الخوف، الأخير هو مصدر قوة الطغاة.
الى إمامي وعزيزي السيد السيستاني:
بحق جدك الذي هجرّه الأعراب، وجاء كما جئت كإمامنا الحسين(ع) إلى أرض العراق أرض الشهادة من أجل ثورة الكرامة، قم بواجبك وألجم الطائفية (قبل ان تضيع علينا الديمقراطية) التي تجعل المسلمين يقتلون بعضهم بعضا. إنك أدرى مني وتعرف, وباء البعث الذي تبرقعّ بالطائفية وأثارّ الفوارق لكي يغطي على الفارق الوحيد بين شعبنا المظلوم وبين البعث العميل اللعين.
إن تقديس المسلمين لعلي ابن أبي طالب (ع) هو ليسّ إنتقاص من قدر الخلفاء
( رض) المنتخبين لدى الدولة الراشدية، وإنما لما للإمام علي من إمتيازات،وهنّ كثر ومنها فاعليته العظيمة في ترسيخ إسلام المظلومين وليس إسلام الطغاة. وصلة القربى ,الرحم المقدسة بالنبي وتلمذته على يد النبي محمد(ص) وقد كرم الله وجه علي.
ودمت سالماً في بيتك وبيت جدك علي(ع) العراق.
الخط الاحمر المائل خارج نطاق الموضوع ويرمز للربط بين الماضي الثوري والجمعة الحبلى بالثورة.
الدكتور لطيف الوكيل
29/12/2012
Dr. Latif Al-Wakeel