Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ثورة 14 تموز في ذكراها الثانية والخمسين دروس وعبر القسم الثاني والأخير

14 تموز 2010
لماذا تدهورت العلاقة بين عبد الكريم قاسم والحزب الشيوعي ؟
كان الحزب الشيوعي على علم بثورة 14 تموز قبل وقوعها، حيث تم إبلاغه من قبل الزعيم عبد الكريم قاسم عن طريق صديقه الشخصي [ رشيد مطلك]، حيث أصدرت قيادة الحزب في 12 تموز التوجيه التالي لقيادات الحزب:
توجيه عام :
نظراً للظروف السياسية المتأزمة، الداخلية والعربية، ووجود احتمالات تطورها بين آونة وأخرى، وبغية ضمان وحدة النشاط السياسي لمنظماتنا الحزبية في الظروف الطارئة، والمعقدة نرى من الضروري في الوقت الحاضر أن تكون شعاراتنا الأساسية:
الخروج من ميثاق بغداد، وإلغاء الاتفاقية مع بريطانيا والوقوف ضد [مبدأ أيزنهاور] إطلاق الحريات الديمقراطية لجماهير الشعب [حرية التنظيم الحزبي والنقابي، وحرية النشر والاجتماع ...الخ ]،وإعلان العفو العام عن المحكومين السياسيين وإطلاق سراحهم، وإلغاء المراسيم والقوانين غير الدستورية التي تستهدف الحركة الوطنية، واتخاذ التدابير الفعالة لحماية ثروتنا الوطنية واقتصادنا والعمل على حل المشاكل المعيشية لجماهير الشعب، وقيام حكومة تنتهج سياسة وطنية عربية مستقلة، تدعم نضال الشعب اللبناني وسائر الشعوب العربية، وتخدم السلم، وتحول {الاتحاد العربي} إلى اتحاد حقيقي بين الأردن والعراق ليضمن مصالح شعبنا، ويخدم النضال ضد الاستعمار والصهيونية، ومن أجل الوحدة العربية، وإقامة اتحاد فيدرالي مع الجمهورية العربية المتحدة. ونرى التأكيد على ما يلي :
1ـ ضرورة تجنب إبراز شعارات مبهمة أو متطرفة،أو تلك التي تمجد هذا الزعيم أو ذاك من قادة الحركة الوطنية على حساب طمس شعاراتنا الأساسية، والتقليل من شأن نضال الجماهير الشعبية، والجبهة الوطنية.
2ـ ضرورة إبداء اليقظة السياسية العالية تجاه مختلف المناورات والمؤامرات، وتجاه نشاط عملاء الاستعمار، والعمل بحزم وبأمانة تامة لسياسة الحزب، واعتبار أن واجبنا الأساسي في كل الظروف هو تعبئة أوسع الجماهير الشعبية، ولفها حول الشعارات الصائبة في اللحظة المعينة، وحول الشعارات الكبرى لحركتنا الوطنية الديمقراطية.
الحزب الشيوعي العراقي
12 تموز 1958
الحزب يعلن مساندته للثورة وقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم دون قيد أو شرط
سارع الحزب فور وقوع الثورة إلى إعلانه بإسناد الثورة وسلطة عبد الكريم قاسم دون قيد أو شرط في برقيته للزعيم قاسم التالية:
رئيس مجلس الوزراء السيد عبد الكريم قاسم
نهنئكم من صميم قلوبنا على خطواتكم المباركة التي وضعت نهاية حاسمة لعهد طويل من المآسي والمحن التي قاسى منها شعبنا المجاهد النبيل على يد الاستعمار وأعوان الاستعمار.
إننا نعبر عن تفاؤلنا بأن هذه الخطوة الحاسمة ستكون فاتحة عهد جديد، عهد حرية وتطور عراقنا الحبيب، وتبؤ شعبنا البطل مركزه في الموكب الظافر، موكب العروبة المتحررة الناهضة والحبة للسلام، وموكب الإنسانية العاملة من أجل تحررها من نير الاضطهاد والاستعمار.
إن شعبنا العراقي بعربه وأكراده سيسجل لكم بفخر جرأتكم وتفانيكم من أجل تحقيق أهدافه الوطنية الكبرى، وهو يحمي ويصون بدمائه الغالية جمهوريته الوطنية الفتية، وإنه لعلى ثقة كبرى من قدرته على القيام بهذا الواجب المقدس، ومن مساندة القوى التحررية العربية في جميع ديارها، وعلى رأسها الجمهورية العربية المتحدة ، ومن قوى الحرية والسلام في جميع أنحاء العالم، وعلى رأسها الإتحاد السوفيتي .
إن اللجنة المركزية لحزبنا الشيوعي العراقي تضع كافة قوى حزبنا إلى جانب مؤازرتكم، وللدفاع عن جمهوريتنا البطلة.
سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
14 تموز 1958
استبعاد الحزب من التشكيلة الوزارية لثورة 14 تموز
من المعلوم أن الحزب الشيوعي لم يشترك في حكومة الثورة التي شُكلت صبيحة الرابع عشر من تموز 1958، رغم ثقله السياسي الكبير، ورغم مساهمته الفعالة في نجاح الثورة، وإسنادها منذ اللحظة الأولى واستمرت حتى النهاية على الرغم من تغير موقف الزعيم قاسم من الحزب.
لم يطلب الحزب الشيوعي آنذاك إشراكه في السلطة بسبب الظروف الدولية الخطيرة التي كانت تحيط بالثورة، حيث نزلت القوات البريطانية في الأردن، والقوات الأمريكية نزلت في لبنان فور وقوع الثورة.
كما تم حشد القوات التركية والإيرانية على الحدود الشمالية والشرقية، وكان واضحاً أن الإمبرياليين وعملائهم في تركيا وإيران قد صُدموا بقيام الثورة التي هدمت أحد أهم أركان حلف بغداد، وأضاعت أحلامهم في ضم بقية الدول العربية إلى ذلك الحلف، وخاصة سوريا.
ولم يكن الحزب الشيوعي، ولا السلطة الثورية الجديدة يريدان مزيداً من الاستفزاز للإمبرياليين آنذاك، لكي لا يصورا ثورة 14 تموز على أنها ثورة شيوعية قامت في بلد كالعراق له أهمية قصوى في حساباتهم الإستراتيجية في هذه المنطقة الحساسة من العالم.
فالعراق بلد نفطي أولاً، ويقع على رأس الخليج ثانياً، ومعلوم أن الخليج يتسم بأهمية كبرى، بكونه أكبر مورد للنفط في العالم، لذلك كله سكت الحزب الشيوعي عن المطالبة في إشراكه في السلطة، أسوةً ببقية أحزاب جبهة الاتحاد الوطني، ولم يكتف بسكوته هذا، بل بادر منذُ الساعات الأولى لانبثاق الثورة إلى إرسال برقية إلى الزعيم عبد الكريم قاسم يبلغه بوضع كافة إمكانيات الحزب في خدمة الثورة وحمايتها دون قيدٍ أو شرط.
لقد أدركت قيادة الحزب الشيوعي تماماً أن المهمة الأولى بالنسبة للحزب هي صيانة الثورة، وحمايتها من تدخل الإمبرياليين، وشل نشاط الرجعيين الرامي إلى إجهاضها، وإعادت العراق الجامح إلى سيطرتهم من جديد.
لم يكتفِ الحزب الشيوعي ببرقيته المرسلة إلى عبد الكريم قاسم صبيحة الرابع عشر من تموز 1958، بل أتبعها بمذكرة إيضاحية حول السياسة التي يرى أهمية الأخذ بها لقيادة مسيرة الثورة، وهي مذكرة تعبر عن سياسة الحزب تجاه الأحداث الجارية، والمستقبلية للثورة.
ركزت المذكرة على ضرورة انتهاج سياسة وطنية واضحة، وذلك عن طريق الإعلان الرسمي لانسحاب العراق الفوري من حلف بغداد، وإلغاء كافة الاتفاقات المعقودة مع بريطانيا، والولايات المتحدة، والتي تخل بسيادة العراق واستقلاله، وتتعارض مع سياسة الحياد الإيجابي، والتعاون مع جميع الدول على قدم المساواة، من أجل مصلحة الشعب والوطن.
كما دعت المذكرة إلى إعلان الاتحاد الفدرالي مع الجمهورية العربية المتحدة، وإلى تبادل التمثيل الدبلوماسي مع البلدان الاشتراكية، وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي، وقيام علاقات اقتصادية، وثقافية وغيرها، مما يعزز موقف العراق، ويحمي مصالحه.
كما دعت المذكرة إلى فرض رقابة حازمة على مؤسسات شركات النفط، والبنوك، وكافة المؤسسات الاقتصادية الكبرى ذات العلاقة الكبيرة بحياة الشعب، وحماية اقتصاد البلاد من مؤامرات الإمبريالية وعملائها في الداخل، والهادفة إلى تخريب الاقتصاد الوطني، ومنعه بشتى الوسائل والسبل من التطور والنمو لخدمة طموحات الشعب والثورة.
كما دعت المذكرة إلى انتهاج سياسة وطنية أساسها الثقة بالشعب، وإطلاق الحريات الديمقراطية، والسماح للشعب بممارسة حقوقه السياسية، بتأليف الأحزاب، والجمعيات، والمنظمات الجماهيرية، وحرية الصحافة، والعمل على إطلاق سراح كافة السجناء السياسيين، بأسرع وقت ممكن، وتكوين فصائل المقاومة الشعبية وتسليحها لتكون درعاً واقياً للثورة، جنباً إلى جنب مع جيشنا المقدام، وتطهير جهاز الدولة، والأمن، والشرطة، من العناصر الفاسدة، والمعادية للثورة.
كما دعا الحزب الشيوعي إلى الاهتمام بالأعلام، ووضعه في أيدي أمينة على مصالح الشعب والوطن، نظراً للدور الهام الذي يلعبه الإعلام في الدفاع عن مصالح الشعب وحماية الثورة، وفضح ألاعيب المستعمرين، وأذنابهم في الداخل.
لقد كانت العلاقات بين الحزب الشيوعي وعبد الكريم قاسم على ما يرام، فقد التفّ الحزب حول قيادته، وسانده منذُ اللحظات الأولى للثورة، ووقف ضد كل المحاولات التآمرية التي جرت ضد قيادته، وضد مسيرة الثورة، وخاصة عندما قاد عبد السلام عارف في أوائل أيام الثورة ذلك الانشقاق بين الفصائل الوطنية محاولاً فرض الوحدة الفورية مع الجمهورية العربية المتحدة، ودعم الأحزاب القومية له في تلك المحاولات التي انتهت بالتآمر المسلح.
لقد وقف الحزب الشيوعي موقفاً حازماً من أولئك الذين حاولوا قلب السلطة وسيّر المظاهرات المؤيدة لقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم، والتي ضمت الآلاف المؤلفة من جماهير الشعب التي كانت تهتف بالشعار الذي رفعه الحزب، والذي يدعو إلى إقامة الاتحاد الفدرالي مع العربية المتحدة، ونبذ شعار أسلوب الإلحاق القسري الذي رفعته القوى القومية وحزب البعث العربي الاشتراكي، وكان عبد الكريم قاسم بحاجة ماسة لدعم الحزب، ومساندته آنذاك في صراعه مع القوى القومية والبعثية.

الحزب الشيوعي يطلب إشراكه في السلطة :
في الخامس من تشرين الثاني 1958، رفع الحزب الشيوعي إلى عبد الكريم قاسم مذكرة هامة دعاه فيها إلى الاعتماد على الحزب الشيوعي، والحزب الوطني الديمقراطي، مذكراً إياه بإشراك كافة أحزاب جبهة الاتحاد الوطني في السلطة باستثناء الحزب الشيوعي.
وفي حين كانت الأحزاب القومية لا تنسجم مع اتجاه ومسيرة الثورة، ومحاولاتهم المتكررة لإلحاق العراق بالجمهورية العربية المتحدة، وكان الحزب الشيوعي يقف جنبا إلى جنب مع السلطة الوطنية، مسخراً كل قواه من أجل دعم مسيرة الثورة، وتحقيق أهدافها.
وفي حين كانت رائحة التآمر تبدو واضحة على الثورة وقيادتها، ذاد الحزب الشيوعي عن السلطة، وحمى الجمهورية من كيد المتآمرين عليها، وقدم التضحيات الكبيرة في هذا السبيل، وعلى ذلك فإن من حق الحزب الشيوعي أن يعامل على قدم المساواة مع بقية الأحزاب السياسية على الأقل.

لكن عبد الكريم قاسم لم يستجب لمذكرة الحزب، مما دفع الحزب إلى اللجوء إلى الشارع في مطالبته إشراكه في السلطة.
وجاءت مسيرة الأول من أيارـ عيد العمال العالمي ـ في بغداد، والتي نظمها الحزب الشيوعي، طارحاً من خلالها شعار[ إشراك الحزب الشيوعي في السلطة] بيد الجماهير، وضخامة تلك المسيرة، التي ضمت أكثر من مليون من أعضاء، ومؤيدي، وجماهير الحزب، من عمال وفلاحين، ومدرسين وطلاب وأطباء ومحامين ومثقفين ، كصاعقة نزلت على الرؤوس جميعاً، وأدخلت الرعب فعلاً في قلب عبد الكريم قاسم والقيادة اليمينية في الحزب الوطني الديمقراطي، المتمثلة بكتلة [ محمد حديد وحسين جميل] ورفاقهم، فقد شعروا أن الأرض قد زلزلت تحت أقدامهم وهم يسمعون هتاف الجماهير الصاخبة مطالبين إشراك الحزب الشيوعي في الحكم، وبدا أن الشعب كله يقف وراء الحزب، ونزل الجنود، والضباط المؤيدين والمناصرين للحزب إلى الميدان أيضاً، وشعر المراقبون في ذلك اليوم أن الحزب قد بات قاب قوسين أو أدنى من الوثوب إلى الحكم .

وفي 13 تموز، وتحت ضغط الحزب الشيوعي، أجرى عبد الكريم قاسم تعديلاً وزارياً، أدخل بموجبه الدكتورة [نزيهة الدليمي]، عضوة اللجنة المركزية للحزب في الوزارة، وعينها وزيرة للبلديات، كما عين كل من المحامي [عوني يوسف] ـ ماركسي ـ وزيراً للأشغال والإسكان، والدكتور [ فيصل السامر ] ـ يساري ـ وزيراً للإرشاد ، والدكتور[ عبد اللطيف الشواف]، وزيراً للتجارة.
لكن إجراء قاسم لم يكن سوى خطة تكتيكية، ولفترة محدودة من الزمن، ريثما يحين الوقت المناسب لتوجيه ضربته للحزب الشيوعي.

أما الإمبريالية، فقد راعها أن ترى تلك المسيرة تملأ شوارع بغداد، وسائر المدن الأخرى، تهتف للحزب الشيوعي، وتطالب بإشراكه في الحكم، وأصابها دوّار شديد، وباشرت أجهزتها على الفور تحبك الدسائس، عن طريق عملائها وأزلامها، لتشويه سمعة الحزب الشيوعي، وإدخال الخوف والرعب في نفوس قيادة الحكم، والبرجوازية الوطنية، ودفعها إلى مرحلة العداء للحزب، والعمل على تصفية نفوذه، تمهيداً لعزل السلطة وإضعافها، وبالتالي إسقاطها فيما بعد.
وحقيقة القول، كان للحزب الشيوعي كل الحق في الاشتراك في تسيير دفة الحكم، والمشاركة في السلطة، شأنه شأن بقية أحزاب جبهة الاتحاد الوطني على أقل تقدير، إن لم يكن له دور مميز في جهاز السلطة، نظراً للجهود التي بذلها الحزب من أجل حماية الثورة، والدفاع عنها، وصيانتها من كل محاولات التآمر، ووقوف الحزب إلى جانب قيادة الثورة، وزعيم البلاد عبد الكريم قاسم، مسخراً كل قواه، دون قيد أو شرط.
إذاً ليس في ذلك من حيث المبدأ خطأ في مطالبة الحزب الشيوعي إشراكه في السلطة، غير أن الأسلوب الذي تم فيه طلب إشراكه في السلطة، ونزول ذلك الطلب إلى جماهير الشعب، من أجل الضغط على عبد الكريم قاسم، أعطى نتائج عكسية لما كان يهدف إليه الحزب من تلك المسيرة.
لقد أخطأ الحزب في أسلوب معالجة مسألة إشراكه في السلطة، ثم عاد وأخطأ مرة أخرى عندما تراجع، واستمر في تراجعه أمام ضغط عبد الكريم قاسم، وضرباته المتلاحقة، مستغلاً أحداث الموصل وكركوك، وكان بإمكانه وهو في أوج قوته أن لا يسمح لقاسم أن يوغل في مواقفه العدائية تجاه الحزب.
أن لجوء قاسم إلى سياسة العداء للحزب الشيوعي لم يكن هناك ما يبررها إطلاقاً، فلم يكن في سياسة الحزب وتفكيره إطلاقاً الوثوب إلى السلطة، وهو لو أراد ذلك لكان من السهل جداً له استلام السلطة عام 1959، عند ما كان الحزب في أوج قوته، سواء بين صفوف جماهير الشعب أو في صفوف القوات المسلحة، لكن الحزب لم يقرر هذا الاتجاه مطلقاً بل كان جُلّ همه حماية مسيرة الثورة ودفعها إلى الأمام، من أجل تحقيق المزيد من الإنجازات والمكاسب للشعب، وكان وفياً لعبد الكريم قاسم، وهو الذي منحه صفة[الزعيم الأوحد]، ووقف إلى جانبه حتى النهاية.

وفي المقابل وقع عبد الكريم قاسم في خطأ جسيم عندما سلك سبيل العداء للحزب الشيوعي، وعمل على استمالة القوى القومية، محاولاً إرضائها دون جدوى، فقد كانت تلك القوى قد حزمت أمرها على تصفية الثورة، وتصفيته هو بالذات
ومن جانبه وقع الحزب الشيوعي بأخطاء كان من الممكن تجنبها، وجرى استغلالها من جانب القوى المعادية للثورة ، كما جرى استخدامها لتحريض عبد الكريم قاسم ضد الحزب ، والتي يمكن تلخيصها بما يلي:

1 ـ الاستئثار بالمقاومة الشعبية التي كانت أشبه بقوة تابعة للحزب مما دفع عبد الكريم قاسم، وقد تملكه الشك من نوايا الحزب، إلى سحب السلاح من المقاومة ومن ثم إلغائها، وبذلك عالج الخطأ بخطأ أعظم، فقد كان الواجب يقتضي إصلاحها لا حلها، ولو كانت المقاومة باقية يوم 8 شباط لما تمكن الإنقلابيون من النجاح في انقلابهم.

2 ـ الاستئثار بالمنظمات الشعبية والنقابات واتحاد الطلاب والفلاحين ولم يراعي الحزب أهمية إشراك حلفائه الآخرين وخاصة الحزب الوطني الديمقراطي.

3 ـ الانجرار وراء القيادة الكردية التي حملت السلاح ضد الثورة، مما أثار غيظ عبد الكريم قاسم، وخاصة بعد أن أقدم الزعيم على اعتقال المئات من كوادر ورفاق الحزب على أثر حملته [السلم في كردستان والديمقراطية للشعب] واستخدمها ذريعة لتوجيه ضربته للحزب، وتعليم أظافره.

4 ـ عدم التعامل الصارم مع تلك الدعوات التي كانت تتردد على لسان البعض من رفاقه وأصدقاء الحزب حول ضرورة استلام السلطة، بعد أن انقلب الزعيم على الحزب، والتي كانت القوى المعادية توصلها للزعيم قاسم مما أثار الريبة والشكوك لديه، كما أن البرجوازية الوطنية عملت على إقناعه بأن الحزب قد أصبح قاب قوسين أو أدنى لانتزاع السلطة منه.

5 ـ الأحداث التي رافقت قمع انقلاب الشواف : لقد كان للحزب دور أساسي في قمع انقلاب العقيد الشواف، وحماية الثورة، لكن الفوضى سادت في المدينة، وبات من المتعذر السيطرة على الأوضاع فيها خلال الأيام الثلاث التي تلت الانقلاب حيث وقعت بعض أعمال القتل والسحل من قبل عناصر لا علاقة للحزب بهم، وجرى لصقها بالشيوعيين، لكن الخطأ الوحيد الذي وقعت فيه قيادة الحزب في الموصل هو محاكمة 17 فرداً من المشاركين في الانقلاب خلافاً للقانون، وكان المفروض تسليمهم للسلطة لمحاكمتهم أمام المحاكم العراقية.

6 ـ تماهل قيادة الحزب في كركوك في وقف الصدامات بين الأكراد والتركمان خلال الاحتفالات بالذكرى الأولى لثورة 14 تموز، ولم تتخذ الإجراءات السريعة للسيطرة على الموقف، مما أدى إلى وقوع العديد من الضحايا التركمان، وحرق العديد من المحلات التجارية والمقاهي والدور العائدة لهم، وقد جرى من قبل القوى المعادية للثورة زج اسم الحزب في الصراع الكردي التركماني ، وقد جرى استغلال تلك الأحداث بالإضافة لأحداث الموصل من قبل الزعيم عيد الكريم قاسم كذريعة لتوجيه ضربته للحزب الشيوعي، حيث جرى اعتقال المئات من رفاقه وجرى إحالتهم إلى المجالس العرفية [ المحاكم العسكرية]، والتي حكمت عليهم بعقوبات قاسية جداً وصلت حد الإعدام كما سهلت السلطة للقوى الرجعية في الموصل وللأجهزة الأمنية لحملة الاغتيالات الإجرامية التي طالت الشيوعيين وجماهير الحزب والتي ذهب ضحيتها ما يناهز 1000 شهيد، من دون أن تؤدي السلطات الأمنية واجبها في إلقاء القبض على القتلة وأحالتهم إلى المحاكمة ، بل كانت تكتفي فقط بالقبض على الضحايا!!.وقد أدت تلك الجرائم إلى هجرة أكثر من ثلاثين ألف عائلة من الموصل إلى المدن العراقية الأخرى للنجاة بحياتهم.
وهكذا مهدت سياسة السلطة الطريق لإعداء الثورة لإنزال ضربتها القاضية بثورة 14 تموز المجيدة وقيادتها، وأغرقت البلاد بالدماء في 8 شباط 1963.

إن تلك الكارثة التي حلت بالعراق وشعبه، وأوصلت حزب البعث الفاشي إلى السلطة، وتولي الدكتاتور الأرعن صدام حسين السلطة، وما جره حكمه الإرهابي، وحروبه الدموية الكارثية، تستدعي من سائر القوى الوطنية كافة هذا اليوم أن تتعلم الدرس البليغ من تلك الأحداث، لكي لا تقع في تلك الأخطاء وتدخل في صراعات فيما بينها، وعليها أن توحد جهودها في جبهة وطنية عريضة، وتتفق فيما بينها على الخطوط العريضة لبناء عراق ديمقراطي تعددي، وتشريع دستور علماني، ويصون الحقوق والحريات العامة للشعب بكافة مضامينها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والصحية، ويصون التآخي القومي والديني والطائفي في البلاد، وهذا هو السبيل الوحيد للخروج بالعراق من هذا المأزق الواقع فيه اليوم نتيجة الأعمال الإرهابية التي تمارسها نفس تلك القوى الرجعية التي أسقطت حكومة عبد الكريم قاسم، واغتالت ثورة الرابع عشر من تموز، وأغرقت العراق بالدماء، وجرت على شعبنا كل الويلات والمآسي التي عشناها طيلة 52 عاماً قاتمة السواد، ولاشك الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب العراقي حتى اليوم هي نتاج لانقلاب 8 شباط الفاشي عام 1963.
المجد لثورة الرابع عشر من تموز المجيدة.
المجد والخلود لقائد ثورة 14 تموز الشهيد عبد الكريم قاسم وصحبه الأبرار.
المجد لشهداء الحركة الوطنية الذين قضوا تحت التعذيب في زنازين البعثيين الفاشست، والخزي والعار والاحتقار للقتلة المجرمين.

Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي يلتقي النائب الثاني للرئيس الافغاني شبكة أخبار نركال/NNN/ استقبل نائب رئيس الجمهورية الدكتور خضير الخزاعي، في مطار بغداد الدولي، النائب إحصائية قوات القوات الامريكية في العراق لضحايا شهر تموز 2010 شبكة أخبار نركال/NNN/ نفت القوات الامريكية في العراق الأرقام الواردة في التقارير العراقية والتي نصت على ان شهر تموز في العراق هو الأخت الفاضلة كاترين ميخائيل ..إنه تجنّي على الحكم الملكي أقرأ المقالات التي يسطرها القلم الحر للزميلة الدكتورة كاترين ميخائيل ، وفيها الكثير حول المرأة وحقوقها وعن المعضلات العويصة والرزايا التي تخيم على سماء العراق ، وأقرأ ايضاً ومضات مضيئة فيها ذكريات عن القوش ، رغم مرارتها ، فإنها تبقى دافئة في اغوار النف رئيس جامعة الموصل يتابع سير العملية التدريسية في كلية التربية في الحمدانية شبكة أخبار نركال/HHRO/NNN/ تقديرا وتثمينا لجهوده الكبيرة والقيمة التي قام ويقوم بها رئيس جامعة الموصل الدكتور "أبي سعيد الديوجي " في
Side Adv1 Side Adv2