Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

جَنّة ْ الوَطَن ْ... ونار الغًربة !

23/9/2009/
كتب ويكتب الكثير من الأخوة الكتاب وفي العديد من المواقع عن موضوع الهجرة وسلبيات
الهجرة .. ومعاناة الغربة للذي يهاجر ويترك أرض الآباء والاجداد , وهناك أيضا ًمن تناول
الموضوع كرجال الدين والمثقفين .
لكن هناك سؤال يطرح نفسه ترى لماذا يهاجر الأفراد أو العوائل ؟؟ ولماذا يتركون أرض
الوطن .. لماذا يتركون الاهل والأصدقاء والأحبة ؟ مسقط الرأس وذكريات الطفولة ...
لماذا يذهبون الى بلاد الله البعيدة والمجهولة ! هل دون أسباب ودوافع .. وظروف تجبرهم
على ذلك ؟
أنا من الناس سافرت أو لنقل هاجرت وأنا وعائلتي الآن في تركيا , وننتظر الفرج من عند
الله وأنشاءالله وبعونه ستفرج ... للسفر الى أحدى الدول , ولكن أقول هل أخطأنا ؟ أم هل
تسرّعنا ..؟ بأتخاذ القرار أم ماذا ؟ وأنا لا أبرر لأني لست مجبرا ً غلى التبرير ولأن كل ُ
منا يعمل بقناعته وأرادته ... وهنا سأسأل سؤال وهو : هل من أحد يكون في الجنة ويذهب
الى النار ؟! الجواب المعقول هو لا طبعا ً .
حين يقال نزيف الهجرة وأضرارها وتأثيراتها على شعبنا ووجوده .. أقول وبكل صراحة
والصراحة راحة كما يقولون .. حين تصبح الأكثرية وحوش بشرية ويصبح الوطن غابة
دون قانون ودون سيطرة أو محاسبة !!
أليس من حقنا أن نهاجر طالما أننا لانستطيع أن ننحرف أو ننهب أو نخون ضمائرنا كما
فعل الكثير مع كل الأسف ! وبطرق وأساليب عديدة وكلها بأسم الوطن والمواطن !!
وبأسم الهيئات والخدمات ناهيك عن الأنتهازية والمحسوبية والمنسوبية ... على كل حال
هذا ليس موضوعنا الآن ...
وبالعودة الى الموضوع نقول : كما ذكرنا في البداية تقولون نزيف الهجرة .. ولنوقف
نزيف الهجرة وكثرت الدعوات الى ذلك وتعددت الكتابات حول الموضوع ومع فائق
أحترامنا لمشاعر كل وطني ومخلص وغيور ...
النزيف ليس في الهجرة النزيف الحقيقي والخطر ... هو في القتل والخطف والتهميش
والتهجير القسري والأعتداء على الأرواح والممتلكات , ونزيف الأقتتال على السلطة
والمناصب !! فكيف يتوقف النزيف دون تضميد الجرح وتعقيمه ؟
أليس هذا النزيف أقوى وأخطر غلى شعبنا من نزيف الهجرة وتأثيره أكبر على الكل ؟
حيث أصبحت المصالح والماديات فوق كل شيء وطغت الفشخرة وسباق الثراء ...
والاثراء على الأخلاقيات ! وهذا واقع لاينكره أحد .
أليس هذا أخطر على مستقبل العراق ككل ؟ حيث أصبح الكل يكره الكل ! والكل يريد
أن يقضي على الكل .. ( كواقع عام طبعا ) .
وحينما يحتل المناصب من ليس أهلا ً لها ! ويقود المؤسسات والأحزاب والدوائر أفراد
ليسوا بالمستوى المطلوب ! من خبرات وكفاءات وأدارة الخ ... وبينما البعض يتمتع ...
بأمتيازات ومناصب رفيعة ورواتب عديده ولنفس الشخص وحتى كموظفين عاديين !!
نرى البعض بالكاد يحصل على لقمة العيش ... أليس كذلك ؟ وفي ظل الديمقراطية ..
ولله الحمد , ياللعجب !
لاأريد أن يساء فهم مقالي هذا أو يفسر بشكل مغلوط أننا نحسد هؤلاء أو نغار منهم ..أبدا ً
ليس هذا المقصود .. بل أنعدام الضمير والمصداقية والأخلاص في العمل لأن تأثير هذه
على الكل حاضرا ومستقبلاً هو الكارثة الكبرى .
وهنا أقول أن الذي هاجر وترك الوطن ليس بالضرورة أنه تنكر له أو أنه لايحب وطنه
بل بالعكس تماما ً ! فالكثير ممن هاجروا ولكل الأسباب التي ذكرناها هاجروا وحملوا
الوطن في قلوبهم وبين عيونهم وفي ضمائرهم ... ومنهم كاتب هذه السطور لم يعودوا
قادرين على رؤية الوطن فيما وصل اليه من خراب ودمار وفساد وفي كل النواحي ..
لم يعودوا قادرين على تحمل ماوصل أليه الأنحطاط والفساد ... وعلى كل المستويات
والحقد والحسد والكراهية بين الأفراد أنفسهم , بل بين أفراد العشيرة الواحدة والمحلة
الواحدة ! وكلنا عايش هذه الحالات والمواقف وهي كثيرة ماشاءالله فأن لم تكن الهجرة
الحل فما العمل ؟ هل نعيش على أعصابنا وألى متى ؟ وليس تشجيعا للهجرة أبدا ً والله
يشهد , بل نتمنى من الكل أن ينظروا الى الموضوع بجدية وأن يجدوا الحلول وكل من
موقعه وحسب مسؤولياته ...
وليكن معلوما ً أن بلدان المهجر وأوطان الغربة ليست أفضل أو أحسن من الوطن ...
كلا وألف كلا .. ومن منا لايحب الوطن ومن منا يفرط بذرة من ترابه .. أو قطرة من
ماؤه أو نسمة من نسماته ؟ ولكن مع كل الأسف يكون هذا حاله !!
ومع كل هذا فأينما ذهبنا وأينما حللنا فأننا أبنائه ونفتخر ... وطالما نحن على قيد الحياة
فهو في عقولنا وضمائرنا وحبه يجري في دمائنا والى آخر نبضة من قلوبنا ... نفرح
لأفراحه ونحزن لأحزانه ... وندعو له الباري في كل صلواتنا وأبتهالاتنا أن يحميه
ويحفظه ويرفع عنه هذه الغمة لتشرق من جديد شمس الخير والأمل على الكل ونرى
أنفسنا وفي أقرب وقت بين أحضانه ... آمين يارب .



غسان حبيب الصفار
23/ 9/2009 / تركيا


Opinions