حاجات الأمة
الكثير من كتابنا الأعزاء يحاولون الكتابة عن الأمة ومستقبلها وواقعها الذي هو مؤلم في بعض الجوانب ويحاول النهوض في جوانب أخرى، وكلي ثقة أنهم يحاولون وبإخلاص من أجل مستقبل أفضل وأن ترتقي أمة (السورايى) نحو الأحسن، ولا أشك مطلقا في أي أحد منهم كونه يعمل في الضد من تطلعاتها، بل كما يقولون (لكل مجتهد نصيب)، ومن هنا تختلف الآراء ونصل أحيان إلى التراشق بالكلام، لا لشيء سوى للوصول لحال الأمة الأفضل.وحول هذا نجد من يفكر بأن الأفضل هو ان يكون لها حكم ذاتي مرتبط بالحكم المركزي ضمن العراق الموحد، وآخرون يرون ربطه بحكومة الاقليم وهم ينظرون إلى الأمان الذي تعيشه تلك المنطقة ويؤملون أنفسهم أن تعيش مناطق امة السورايى ذات الأمان كي نبدأ بصفحة جديدة من العمل المثابر لتقدم الأمة، ومجموعة ثالثة تفكر بأن الإدارة الذاتية في مناطق نشكل فيها الأكثرية هو الأفضل كون الدستور يتحدث عن هذا ولا يذكر الحكم الذاتي ولسان حالهم يقول إن أقمنا أدارة ذاتية لأنفسنا نكون قد وصلنا إلى مرحلة متقدمة من الحياة الخاصة بنا كأمة.
وربما نجد طرقا أخرى، وبكل تأكيد لو وضعنا آلة لتحليل كل الآراء والأفكار التي نجدها يوميا على مواقعنا الأليكترونية، وبصراحة أقول لأبناء أمتي أنني أجد كل هذا علامة صحة كون الأمة بدأت تفكر وتكتب وتتطلع إلى المستقبل الذي يكون أفضل من واقع الحال، ولن نكتفي بعد الآن بما يخططه الآخرون لنا بل نحن الذين نخطط، ولن نكتفي بما يقرره لنا الآخرون بل نشاركهم الرأي حول القرار الأفضل تمهيدا لوصولنا لمرحلة أن نخطط لقراراتنا بأنفسنا وهكذا...
وحال كهذا لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية إذ يجب العمل من اجل وقفة مراجعة للذات القومية لاعادة الحسابات والانتقال إلى مرحلة جديدة للكتابة الأوضح والمرتكزة على الثوابت القومية والتي تعمل من أجل أنقاذ مصير الأمة المهدد بأمور كثيرة وأخطرها نزيف الهجرة والعمل على التجذر مجددا في أرض الآباء والأجداد، وانطلاقا من هذا تم عقد اجتماع تشاوري في 15 من أيار 2008 في ديوان اوقاف المسيحيين والديانات الأخرى الذي كان هدفه جمع مجموعة خيرة من أبناء الأمة ومعهم الإيزيديين والصابئة المندائيين بغية التشاور حول سبل النهوض بواقع الأمة واستقراء المستقبل والعمل من اجل أن يكون لنا أفكارا واضحة نطرحها في لقاءاتنا مع المسؤولين أيا كنا؛ سياسيين أم قادة دينيين، لأن واقعنا يشير إلى النقص الكبير في هذا الجانب وإلى ذهابنا فرادى مشتتين عند هذا المسؤول أو ذاك في حكومة المركز أو الاقليم وحتى لدى الدول الأخرى والمنظامت الدولية، بحيث ضاع أو كاد يضيع حقنا نتيجة عدم وضوح القضية التي نطرحها، وعدم وضوح الخطاب الذي نتبعه في عملية المطالبة بحقوقنا ومنها ما يجري اليوم من طرح غربي لحماية المسيحيين أو لمنحهم اللجوء في هذه الدولة أو ذاك ولكن هذا ما هو إلا لعبة سياسية لأن لو كانت هذه الدول صادقة في طروحاتها لمنحت المسيحي الراغب بزيارة أهله فيها فيزا للزيارة، لأننا نجدهم في سفارات هذه الدول يتعاملون مع المسيحيين ربما بجفاء أكبر مما لو عاملوا المسلمين العراقيين على سبيل المثال.
إن الأمة بحاجة إلى تحديد ثوابتها ومطاليبها في ورقة محددة بعيدة عن الصراعات الحزبية أو الكراسي الدينية، أي أننا بحاجة إلى ما يسمى لدى البعض (بمجلس الأمن القومي) الذي يفكر للأمة وليس لحزب أو كنيسة، نحن بحاجة لاعداد لورقة مطاليب نتفق عليها جميعا بصورة أولية ونترك الأبداع بالوصول إلى الأهداف متروكا لكل كنيسة أو حزب على حدة لكي نجني أفضل الثمار من هذه الورقة، ويمكننا أن نوضح لنقطة واحدة من المطاليب الموحدة التي يمكننا العمل لكل منا انطلاقا من فكر حزبه أو فكر كنيسته وصولا لهدف أسمى وهي المناطق الادارية لتواجد شعبنا ونشرحها ونحدد الهدف وكأن يكون الوصول إلى الحكم الذاتي ونترك تفاصيل الطريق للسياسيين كل حسب حزبه حتى نترك لهم حرية التحرك والعمل للوصول إلى الهدف وعندها سنجد من يقسم الهدف إلى مراحل أحدهم يفكر أولا يبدأ بالادارة الذاتية ويطورها لاحقا بالحكم الذاتي وآخر يفكر أن يعمل مباشرة لتحقيق الحكم الذاتي وهكذا سنجد كل طرف يحاول أن يخلق علاقات ويجد السبل لتحقيق أهدافه لأنه سيكون في تنافس مع أشقائه في الأمة هذا التنافس الذي سيخدم الأمة بكل تأكيد لأنه ستتوضح صورة الطرف الأكثر شطارة وأدراكا وتحليلا لكي يحقق الهدف وهنا سينال هذا حتما دعم وتأييد الأمة.
ووجود المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري، والذي هو بمثابة برلمان لهذه الأمة رغم كونه في بداياته الأولى وتوا عبر السنة الأولى من عمله فوجوده هو فرصة لكي نجتمع تحت مظلته ونطرح أفكارنا ونناقشها ونغنيها لكي ننطلق نحو الأفق الأوسع، ويجب علينا أن لا نعتبر دخولنا تحت مظلة هذا المجلس أننا دخلنا تحت مظلة سياسية تختلف عن أهدافنا ومنطلقاتنا الحزبية لأن هذا المجلس ليس حزبا سياسيا ولا يمثل جهة سياسية بل أنه يحاول جاهدا لكي يجمع جميع ممثلي الأمة ويخرج بخطاب قومي موحد ولا يضع شرطا للابداع بل يعتبر نفسه البوتقة التي تنصهر فيها الأفكار وتتبلور لكي تصل إلى الغايات السامية التي تخدم الأمة وتدفع نضالها إلى أمام.
والفرصة أصبحت واضحة لكل من يريد الخير لأمته، فعليه أن يضع يده بيد أخوته الآخرين، وأعتقد المستقبل أهم من الخلافات الجانبية كما طرح بعض الأخوة مؤخرا لمذا انسحب العزيز سامي المالح ورفاقه من المجلس، لأن أي أحد منا عندما يضع النظرة القومية والهدف الأسمى أمام نظره سوف يترك المجال للأكثرية أن تعمل حتى لو لم يكن مقتنعا بآرائها لأن هذه هي الديمقراطية وأنا بهذه السطور أحيي أخي العزيز سامي المالح على مواقفه وليس هو فقط بل كافة أخوته الذين وضعوا لمؤتمر عينكاوا سبل النجاح وقادوه لتكوين مقررات موحدة للأمة بغض النظر عن الانتماء الضيق للكلدانية أو السريانية او الآشورية بل للجميع كأمة السورايى العظيمة، وسلموا الراية لمن يكمل بعدهم المسيرة وربما نجد يوما عودة هذا الأخ العزيز ورفاقه للقيادة فلكل زمان ضروفه ومقتضياته، ويبقى المهم أن نضع أيدينا بأيدي بعض ولا ندع مجالا لأحد أن يفرقنا ويتقول علينا بكلمة حق يراد بها باطل، وحتى أكيتو يجب ان لا يفرقنا وكيفية الاحتفال به رغم كل مدلولاته القومية لأن المسيح أكبر من أكيتو ويمكننا ان نقتدي بأفكار المسيح لكي نحقق الهدف وصولا إلى أعادة أمجاد السومرين والبابليين والأكدين والآشوريين وبوسائل شريفة وتجذب لنا التأييد من كل موزائيك العراق والخيرين من العالم محبي السلم والسلام.
عبدالله النوفلي
24 أيار 2008
http://abdullahnaufali.ahlamontada.com/montada-f7/topic-t373.htm#534