حذار من توسيع شقة الخلاف بين أطراف التحالف الوطني فسقوط ثورة تموز جلبت المآسي والويلات للشعب العراقي
يلاحظ في الآونة الأخيرة تصعيد في العلاقة المتشنجة بين أطراف التحالف الوطني العراقي الذي يقود العراق وفق المحاصصة القومية والطائفية بعد سقوط نظام الفاشست القتلة في 9 نيسان 2003 . حيث سببت العديد من التصرفات الغريبة للأحزاب الكردية المهيمنة على مقاليد الأمور في كردستان العراق غضب وحنق ليس فقط الحكومة الاتحادية في بغداد وإنما حتى الشارع العراقي الذي يشعر بان هناك تسارع في بعض الخطوات الخارجة عن أصول وتنظيم النظام الاتحادي المعروف دوليا حيث يكون للمركز وهو الحكومة الاتحادية الدور الرئيسي في قضايا الدفاع والمالية والأمن والشؤون الخارجية والسيطرة على الثروات الوطنية . لكن ما يحصل في كردستان العراق ينافي في معظمه القانون الاتحادي ويصب في خانة التصرف الانفصالي خاصة في فتح الحدود العراقية الشمالية بعيدا عن سلطة وهيمنة الدولة العراقية ،والتصرف بأموال الدولة ومواردها من دون الرجوع للمركز مضافا لكل ذلك ما حصل عليه الطرف الكردي من حصة تفوق النسبة الحقيقية من ميزانية الدولة الاتحادية . فلا يعقل أن يتم تخصيص حصة من ميزانية الدولة على طريقة ( وهب الأمير ما لا يملك ) من قبل الأطراف السياسية لإرضاء الطرف الكردي ووفق توافقات سياسية جرى الاتفاق عليها مسبقا وعلى طريقة ( شيلني واشيلك ) تفوق ما تحصل عليه البصرة صاحبة الحق الشرعي في ثروتها النفطية لأطراف سياسية بغية كسب رضاها من نفط وعرق أهل البصرة التي تعاني من التخلف والإرهاب وهيمنة الأحزاب الطائفية ، وهي بحق قسمة ضيزى !! .وكيف يحق لإقليم يقع ضمن دولة أن يقيم علاقات دبلوماسية ويعين ممثلين له في الأمم المتحدة وبعض دول العالم في طريقة ازدواجية لتواجد سفراء ودبلوماسيين عراقيين في تلك الدول ؟؟! . فالجميع يعرف أن هناك أعداد كبيرة من الدول الفيدرالية ويقع في مقدمتها الولايات المتحدة والهند وسويسرا وألمانيا والنمسا والإمارات العربية المتحدة لكن ليس لأي من تلك الدول ممثلين لواحد من ولاياتها المعروفة لا في الأمم المتحدة ولا في أي من دول العالم سوى ممثل الدولة الاتحادية .
كذلك لم نسمع عن عبارة جديدة وغريبة تتردد على لسان الإخوة الأكراد ضمن الوطن الواحد وهي عبارة ( أراض متنازع عليها ) فالنزاع على أراض يقع بين دولتين متجاورتين وليس داخل الوطن الواحد على طريقة هذه لي وهذه لك فالوطن العراقي وحدة متكاملة لا تقبل القسمة على أي رقم رضي الطرف الآخر أم لم يرض فهذا هو قرار العراقيين وحدهم وهم من يقرر ذلك الأمر وليس وفق مزاج ورغبات أحزاب سياسية توارثت السلطة في زمن الديمقراطية .
ومن حق أي دولة أن تكون المسيطرة على حدودها وأجوائها فلم يعرف عن حرس حدود أن منع الدولة من تحريك قواتها والحفاظ على أمنها وسلامة مواطنيها كما يحصل الآن من قصف لأراض عراقية وبصورة مستمرة وخرق دولي واضح للحدود العراقية من قبل الحكومتين التركية والإيرانية . فلو كان هناك جيش الدولة لما تجرأ جندي واحد لاجتياز الحدود لكن في الوضع الحالي فالحدود العراقية الشمالية مباحة لكل من هب ودب من جيوش وأحزاب أجنبية وغيرها .
وخلق رئاسة لإقليم مع رئاسة وزراء يثير الكثير من التساؤل فالعراق الآن فيه رئيسين كذلك فيه رئيسي وزراء وإذا تم والحمد لله كما يطمع ويريد النائب وائل عبد اللطيف بتشكيل إقليم البصرة على علاتة والمساوئ الموجودة في الوضع البصري فسيكون لدينا رئيس ورئيس وزراء ثالث ، وهكذا في حالة تشكيل أي إقليم آخر فهل يعقل أن يكون هناك عدة رؤساء ورؤساء وزارات في دولة واحدة ؟! .
ما أتحدث عنه هو الحقيقة المرة بعينها وما يحصل من تنابز وتشاحن يعيدنا لأجواء ما قبل انقلاب 8 شباط الأسود عام 1963 عندما اشتد الخلاف بين القيادة الكردية والحكومة العراقية برئاسة الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم ، ووصل الأمر لحد إشهار السلاح بوجه الحكومة في ثورة أيلول 1961 ، ومن ثم تصاعد الموقف إلى حد أن تحالفت القيادة الكردية مع البعثيين وحلفائهم القوميين ضد قيادة ثورة 14 تموز وكانت أول برقية تصل لحكومة الانقلاب الفاشي يوم 8 شباط 1963 من القيادة الكردية والتي كانت مثل حد السيف لحلفاء الأكراد الحقيقيين والمدافعين عن حقوقهم وهم الشيوعيين العراقيين الذين ذبحوا بدون رحمة من قبل الانقلابيين القتلة وتحت بصر ونظر الإخوة الأكراد. وشارك الأكراد في حكومة الانقلابيين الفاشست وكانوا بعد ذلك ضمن الوفد الرسمي الذي ذهب للقاهرة لمحادثات الوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا البعث والعراق البعثي وكانت المجموعة الكردية ضمن الوفد العراقي برئاسة السيد جلال طالباني رئيس الجمهورية الحالي ، والتي أنتجت العلم ذو الثلاث نجوم البعثي العروبي وبمباركة كردية.
صراحة نحن نخاف على العراق من ردة كردة 8 شباط فرقاب العراقيين قد تعبت من القتل والذبح والتهجير وعلى الجميع حكومة وأحزابا أن يفكروا جديا بالشعب العراقي المظلوم من جنوبه حتى شماله بعيدا عن عرض العضلات وإبراز مكامن القوة ، والتفكير بجدية بإشراك القوى الديمقراطية التي همشوها عن طريق وضع نخبهم وقياداتهم الحزبية في جميع مفاصل الدولة العراقية فجميع المناضلين لهم الحق في المشاركة بقيادة العراق ممن قدم الكثير لهذا الوطن وضحى بكل شئ إن كان بماله أو شبابه أو بشهدائه . فليس من المعقول أن يتجاوز أشخاص بدون ماض نضالي أو سياسي على آلاف المناضلين الذي قبعوا في سجون الدكتاتوريات المتعاقبة وقاسوا من الهجرة والتهجير ليتسنم مقاعد الدولة ومجلس نوابها العديد من النكرات التي قدمتهم الأحزاب القومية والطائفية مجتمعة ودون تمييز والعديد منهم كان ضمن طاقم النظام الفاشي المقبور .
وبصراحة متناهية فنحن جميعا نحتاج لمصارحة ومكاشفة علنية وبصوت عال دون خوف من هذا الطرف السياسي أو ذاك فالأمر كما يبدو خرج كثيرا عن حده ، وتقاسم الكعكعة العراقية بين أطراف متحالفة يثير الحزن والشجن بعد أن بلغ السيل الزبى كما يقال وأصبح العراقي يعيش التمنيات وأحلام اليقظة عن الكهرباء والماء والخدمات البلدية وسط كم هائل من اللصوص والمنتفعين والانتهازيين والدجالين .
آخر المطاف : قيل : أربعــة لا يخلو منهــا جــاهل: قول بلا معنى، وفعل بلا جدوى، وخصومة بلا طــائل، ومنــاظرة بلا حــاصل .
www.alsaymar.org