حذاري من النساء
في رحلة قصيرة ومن خلال عملي,تمطيت ظهر السفينه وكلي
أمل بأن ألتمس رصيف الشاطئ الآخر لابوح بطاقتي المخزونه لهذا
اليوم وأستمتع بالعمل اليومي وإذا بلمحة غير مقصودة الى يميني ألتقطت
وميضا سقط على سيدة وهي منهمرة بالبكاء الى حيث الشَهق يهز كيانها
وبدأت أشهق معها من شدة حزني عليها,فهي سيدة لها من الجمال مالم أستطيع
وصفَه لا بالكلمات ولا حتى في خيالي,وقلت في نفسي ياألهي هل هي السندريلا أم
حورية البحور؟ لتعجبي الشديد بها حيث المظهر الجميل والأناقه المغريه والوجه
البسيم ,ودعاني كل هذا ولاأخفي عليك عزيزي القارئ ومن شدة فضولي الى الزحف
الى السيدة منجذبا ومرهقا وساداتي الخلفيه وبتأني لامثيل له بحيث لايسمع أي حركه
أو صوت بالرغم من صلادة المقاعد ,ولاأنكر أني عملت هذا كله لسببين الأول بكاء
السيده والثاني شدة جمالها المُغري,وبعد جُهد جهيد طال الثلاثُ دقائق والنصف تلامس
الكتفان وعرفت باني وصلتها فأخذت أنظر الى وجهها وبخجل كبير وهي منهارة وغارقة
في الدموع مما جعلني أن أرتبك وأصلي وأقول في نفسي : ياربي ماهذه لمشكله
الكبيرة وما الداعي لهذا البُكاء؟
وتجرأت وسألتها :سيدتي :هل لي أن أشاركُك الحزن ونتقاسم البكاء؟؟
فأخذت زخات الدموع تنهمر أكثر لتشبه عنفوان المطر وغزارته
مما أدخل اليأس والحزن في قلبي أكثر وأكثر وحاولت ثانية بالسؤال هل لك أن
تتوقفي عن فرز هذا الرذاذ المؤلم؟؟
فأخذت تهز براسها معلنة القنوط والحزن اللذان
لاحدود لهما وتفوهت بجملة مفادها:آه آه كم المرأة ضعيفة ورقيقة المشاعر,فقلت
في نفسي تبا للرجال لقساوة قلوبهم ومعاملتهم السئية لهذا المخلوق البسيط ؟
وهذا ماأدركته من كلامها ظنا مني بأنها أخذت مكيدة من رجل ما .ثم مضت في
القول إن الدنيا مملوءة :بمصائبَ جَمّة , وهذا ماجعلني أن أشك بانها فقدت أحدا
من أهلها أو أصدقائها ,فتلت بالجمله الثالثة وقالت : أن الدنيا فانية لامحال ولاشئ
يبقى على الأرض,فأخذت تراودني الأفكار بانها فقدت شيئا ثمينا أو سيارةأو شئ من
هذا القبيل,ومن خلال الحديث وبين الحين والاخر كنت أروي السيدة الكثير من الصبر والأيعاز
بالتحلي بالقوة ولا أخفي عليكم فقد وثبت راكضا الى الكافيتيريا لجلب بعض المشروبات
والسندويشات لترضية السيدة وأمل من هذا كله أن أصل الى سبب هذا البكاء وعن
كل مالديها وتفصح عن كل ما في جعبتها والى هنا كانت قد وصلت السفينة الى الشاطئ
الآخر وما لاحظته بعين السيده أنها مائلة للألفة والتعارف بالرغم من حزنها وبكائها ,مما
دعاني الى طلب التعارف منها , فبادرت بأعطائي أرقام الهاتف وعنوان المسكن مما أفرحني
كثيرا وجعلني بين الشك واليقين تارة أفكر بان هذه الدموع وجدتها يوما في فلم عن
التماسيح وأخرى أنهمك في الحزن لهذه المخلوقه الرقيقةواللتي توحي بالأنسان الى البكاء
وتسلب منه عواطغه الى حدة الأفراط بكل شي لديه حتى المال والتفكير والخ.....
ولاأنسى أن أذكر أن طوال فترة الحديث ومنذ اللحظة اللتي قابلتها لمحت كهلا مغطى
شعره بالبياض ومما أدهشني وجذب أنتباهي أن الكهل كان طول الوقت ينظر الي
هازا براسه ومرددا عبارات :الله يسامح النساء, أتركهم ياولدي ,,,أبتعد عنهم ياولدي...فلم
أبالي لهذا العجوز ولم أعير له أية أهميه بالرغم من نظراته القاسية لي طوال الوقت
.وشعرت هنا بارتطام السفينه بالشاطئ وأنا غارق بامواج التفكير بعدما غادرت أمواج
البحر وكأني في دوامة منذ لحظة لقاء تلك السيدة وألى أن فارقتها وبقولي لها
لاتهتمي ياسيدتي فأن الأمور تتغير في كل لحظةنحو الأحسن وتنتهي المشكلةومع العلم
لم أعرف قط سبب ذلك البكاء , ولا أنسى أني فقدت أوراق العمل الخاصة بهذا
اليوم لانشغالي بتلك السيدة وما أن أستقليت سيارتي وخرجت من السفينه
ومنذ تلك اللحظة أصبح كل تفكيري وشغلي الشاغل بمصير تلك السيدة والدموع
التي أذرفتهاحتى أخذني التفكير بان أنسى العنوان اللذي أنا ذاهب اليه من بعد السفينه
فحاولت جاهدا مع نفسي لان أتذكر وأخيرا نجحت في ذلك وأتجهت الى المكان المطلوب وهنا
كنت متأخرا على موعدي اكثر من ال 40 دقيقه ليطولني عتاب صاحب الشركه بعدد من
الأسئله المجهده والتي لم أجد أي جواب لها الى أن صرخت في وجهه قائلا اني متأخر
وأحسب الأمر كما تشاء.وبعد أنقضاء يوم العمل بمساوئه وأرهاقه خلدت الى النوم وبعدم
أستطاعتي النسيان ماحدث لتلك السيدة وبقيت طويلا أفكر هل هذا حلم أم حقيقه
,وقلت في نفسي ياربي لماذا هذه المخلوقه ضعيفة ولاتستطيع مقاومة الحياة
ولماذا كل هذه الرقه ؟وحملني الشوق اليها بان أتصل بها هاتفيا وفعلت ذلك وبدون
جدوى وهنا أنتابني التفكير قد تكون السيدة قد أنتحَرت لسبب أو لاخر
وأستيقظت في الصباح التالي تعبا مرهق التفكير والجسد فحملت سماعة الهاتف
وطلبت من صاحب العمل أجازة زمنيه لبضع ساعات ,ولحسن الحظ قال لدينا من الناس
مايكفي فليكن اليوم كله لك ولكن بدون أجر ,فقلت ليكن هكذا,وحاولت أن أتصل بالسيدة
وفعلا حملت السماعة وبصوتها الحزين حملتني العواطف بالمبادرة والسؤال
عنها وعن حالتها المتدهورة وإذا ماكانت تتذكرني فقالت على الفور نعم نعم انت
السيد العَطوف ,وهل أنسى ذلك وعلى هذا المنوال أصبح أهتمامي بهذه السيدة من
اهم أمور حياتي بحيث أصبح تبادل الزيارات والهواتف الى حد غير معقول و شعرت
وكاني المسؤول عن تلك السيدة وعن كل أحتياجاتها بالرغم من عدم معرتي
بسبب البكاء والحزن لها, وذات مرة طلبت مني أن أذهب معها الى دائرة البنك فلم أتمالك
نفسي وذهبت معها فتفاجأت بانها مطلوبه للبنك مايقارب ال 3000 دولار من تكاليف الهواتف
والملابس والمصاريف الأخرى التي كانت قد أشترتها سابقا فأخذ التشاجر يزيد بينها وبين
موظف البنك مما أزاد بالصرخات داخل دائرة البنك وأدى ذلك الى جعل السيدة تبكي بكاءا
عميقا وغزيرا, فأوما موظف البنك بالأتصال بالشرطه أن لم تحَل المشكله
فبادرت ألى طلب التمهل من الموظف وفعلا أعطاني الفرصة لان أعطي برأيي ووصل الأمر
بوجوب الدفع الآن فقمت بدفع المبلغ بعد الوعد بالأيفاء بالمبلغ كاملا من قبل السيده ,ففكرت
في نفسي لماذا فعلت هذا ودفعت المبلغ وهل أستلم المبلغ آجلا؟؟
وياليت المشكلة نتهي الى هذا الحد , بل فقد كنا جالسين ذات يوم في دار السيده نتبادل الأحاديث وحاولت
جاهدا بان أتطرق الى موضوع البكاء والحزن اللذان دها بالسيدة في
السفينه فلاحظت وبكل وضوح تهرب السيده عن الجواب والألتفاف حول مواضيع أخرى
وأذا بطرقة الباب القويه بالرغم من وجود الجرس النظامي ففَتَحَت الباب وإذا برجل طويل
القامة يدعي أنه صاحب الملك الذي تسكن فيه السيده ووجهه يفوح بالغضب ويتفاقم
باللون الأحمر فأخذ يكيل لوجهها الصرخات التي لامثيل لها بقوله
هذاهو الشهر الرابع من السنة ولم توفيني لحد الآن باي من مصاريف ألآجار والكهرباء والخ....وفوق
كل ذلك أنت مستلفه مني اكثر من2000 دولار بل أتت اللحظة التي أقذف بك وبكل حاجياتك
خارج الدار ولتأخذي من الرصيف مناما لك بل أنت المستحَقه ,فردت السيدة وعلى العكس من
المرة السابقة بقولها مبتَسمة لاداعي للغضب الأمور على مايرام, فلما سمع الرجل هذا الكلام
هدأت نفسه وتطرق الى الحديث السلمي وقال بجب أن نحل المشكلة والمطلوب من السيدة الآن
أن توفي على الأقل بـ 4000 دولار لانك مطالبه الآن أنت بأكثر من 4500 دولار والباقي لاحقا والا
سأنفذ بوعدي وأقذف كل شئ خارجا , فعليك أن تختاري لان هذا المبلغ أحتاجه الآن
لامر ضروري جدا , فنَظَرَت اليّ السيدة وطَلَبت مني رَسميا بان أوفي لها بتلك المصاريف ,فتحننت
عليها ونفذت الذي طلَبتهُ مني الى حين تتوفر عندها النقود وفعلا وعدت صاحب الدار بان أدفع
له جزءا من المبلغ وقمت بنفس اليوم بدفع الــ3500 دولار للرجل وغادرت الى البيت مملوءا
بالحيرة والشك بأمر السيدةوما تحمله من ألغاز وغموض فقررت في نفسي بأن أوقف هذه
المهزله بأي ثمن وبأسرع وقت ممكن فقد أنفَقتُ من المال والتفكير والتعب بما لايطاق
ناهيك عن الشجار النفسي بداخلي اللذي لم يطاق ولم أعد أحتَملهُ فقررت أن
أتصل بالسيدة لأسئلها عن كل شي وأرغمها على الجواب وإلا سأقطع كل علاقتي
بها بالرغم من المدفوعات التي تكفلت بها وقبل أن أمسك سماعة التلفون تفاجأت برنات
التلفون وإذا بالسيده نفسها وهي كالعادة باكيةوطالبة مني أن أتوجه الى مركز الشرطه
بقولها ممكن تاتيني لاني محجوزة هناك لبضع من الساعات,فأستغربت من الأمر وحملت
نفسي من جديد الى المشاكل اللتي تنتظرني وكلي أحساس بأن هذه السيدة ليست ولن
تكون على مايرام وعلي أن أقطَع كل صلة بها, ومع دخولي المركز هَبّ عليّ أحد أفراد الشرطه
بالسؤال وبضجر شديد ملأ وجهه قائلا:هل أنت زوج هذه الدجاجه التائهة؟؟
فلم أتمالك نفسي وأنتهَرَتني أمواج الضحك مما أدى بأزدياد غضب الشرطي ليعيد لي السؤال وبصرخة أقوى من
الأولى :هل أنت زوج هذه العنزه الشاردة؟؟
فقلت له بكل أدب هل لي أن أعرف لما كل هذا
الصُراخ في وجهي مع أنك لست متأكدا من أني زوجها فعند هذا نظر الي بتعقل وأحترام
وطلب أن أسامحهُ لما بذر من جانبه فرافقته الى غرفه السيدة المحجوزة وفي الطريق اليها أردت
أن أعرف ماالذي فعلته لتستحق العقاب فقال أريد أن أعلم إذا أنت زوجها فقصيت كل ما جرى
لي مع هذه السيدة فلست إلا معرفه بسيطة بهذه السيدة ,فأصريت بالسؤال ماذا فعلت فرد علي
مستاءا منها انها فعلت ماتفعل كل أسبوع حيث تقتحم المركز بحجة أو بأخرى ولاسباب وشكاوى
لاصحة لها لا من قريب ولا من بعيد بل تأتي لسبب واحد وهذا مانشك به جميعا وهو أن السيده
معجبه باحد من أفراد المركز وتريد معاشرتُه ولايخفى ذلك على أحدا
لذلك أرجو منك ياسيد أن تأخذها ولاتتردد الى هذا المكان قط الى أبد الدهر, فبدأت أضحك
ثانية لاني لاأصدق سيدة كهذه تفعل هذه الأشياء المشينه .فأخذتها ألى أقرب متنزه لاضع
عليها قيود الجواب الشافي وسبب تهربها من الأجوبة التي تدور حول البكاء والحزن في السفينه ؟؟
وعند وصولنا الى المتنزه أخذت بالتداعي بان مالديها من الصداع يرغمها
الخلود الى النوم فورا ,مما أغاضني الخبر الى حد أن كان بودي أن أعطيها بضربة
على وجنتها ولكن قلت في نفسي تمَهَل تمَهَل أن غدا لناضره قريب وفعلا أخذني الهدوء وأسقريت
بها الى دارها وتركتها مملوءا بالغموض والعنفوان واليأس
فساءت الأمور ولم أرضى لنفسي بهذه المهزلة فقررت بأن يكون مساء الغد موعدا لوضع
النقاط على الحروف ومداهمة الدموع الكاذبة اللتي سطرتها تلك السيدة منذ لقائي بها والى
هذا اليوم وذهبت مساء الغد اليها وكلي أمل بأن أعلم بما جرى تلك الفترة ومفاجأتها بالأسئله
الكثيفه وما المغزى من الأعمال التي قامت بها والتي توحي جميعها الى الغموض
واللامنطقية وما مغزى ذلك كله ,لاني لم أرى قط جفاف الوجنتين بل الدموع
هابطة وبلا أنقطاع ,ما أن لامست جرس الباب فَتحَت الباب لي مبتسمة ومرددة أهلا
أهلا بالسيد العَطوف فحييتها بالسلام والأحترام الذي أكنه لها وما أن جلسنا بادَرَتْ
بالسؤال: هل تريد كوبا من المنبهات؟؟
فأجبتها كلا ياعزيزتي بل أني قادم اليك بأمر هام جدا فأرجوا منك الأجابه على أسئلتي
ومن غير تهرب أو مداعبة فوعدتني بأن تجيب على جميع الأسئله بشرط أن أقبل تناول القهوه
أو الشاي معها مع بعض الفطائرفأتت بالقهوة وأني أنتظرها بفارغ الصبر لالقي عليها سؤال كان
من أكثر الشواغل التي انتابتني طوال الفترة فقالت : أسمعنا ياسيدي مافي جعبتك؟؟
فقلت هل لي أن أعرف سبب البكاء والعويل والحزن في السفينة؟؟
فردت بأبتسامة لم ألتمس في حياتي منها أنها أبتسامه مملوءة بالخبث الأبدي والمكر وقالت :
لقد أضعت علبة المكياج............
بالحق قفزت من على المقعد الذي أنا جالس عليه لأرى نفسي ألامس الأرض وقلت ماذا قلت؟؟؟
بالتأكيد أنك تمزحين؟؟
لاأصدق كل هذا العويل والحزن والبكاء لعلبة مكياج ؟؟؟؟؟؟؟
أشكر الرب لاني مسيحي والأ كنت قَتَلْتٌُك أحقا تقولين ؟؟
نعم
وماسعر تلك العلبة ؟؟
أعتقد لايتجاوز الــ ثلاث دولارات
ولماذا تعتقدين مادام أنت التي أشتريتها؟؟
لا لم أشتريها أنا ان صديقا لي (عطوف مثلك) هو الذي أشتراها لي وبمناسبه
عزيزه جدا عليّ
ألا وهي؟؟؟
مناسبة عيد ميلاد السنة الأولى لاظفر قدمي اليمين ,أنه أكمل السنه وأنا أحتفل كل
سنة فَرحَة بطول أظافري
وقالت لي السيده: ياعزيزي أنت الرقم 12 في هذه اللعبة ,هل تتذكر العجوز اللذي
صاحَبَنا في السفينه وكان يدمدم بكلمات :الله يسامح النساء أبتعد عنهم ياولدي؟؟؟
أبتعد عنهم ؟هل تتذكره؟؟؟؟
قلت نعم وما السر في ذلك؟؟
فقالت ذلك العجوز أعرفه قبل 30 سنه والى الآن أنا مطلوبه له ببضَع من آلافات
الدولارات فقلت لها هل لي بسؤال
قالت تفضل
سألتها :لماذا فعلت ذلك؟؟؟
فانا الآن أنفقت من المال مايقدر بــ15000 دولار أضيفي
الى ذلك الحاله النفسيه والتفكير العميق والمشغوليه وأهتمامي بك لماذا كل هذا؟؟
فأجابتني بكل برود: لانكم تهرعون خلف السراب والمشكله الأكبر هي أنكم تعلمون
جيدا أنه السراب في عينه فلَسْتَ الأول ولن تكون الآخر وأنا الآن أمْلُك من المال يجعلني
أعيش عشرات السنين وأنت أضعت كل ماتملك
هذا أنتم يارجال
وها نحن النساء
نهـــاد حنـــاني
21-07-06