حرب لتنظيم النوادي أم مواجهة بين الشيوعيين والإسلاميين
ونحن في ذروة المحاولات لإيجاد مخرجا عقلانيا لتشكيل الحكومة على أمل النجاح هذه المرة في مداواة الجراح وإنقاذ البلاد من الإرهاب الفساد ووضعها على الطريق الصحيح للبناء والأعمار والانتقال الديمقراطي وفي هذه اللحظات الحاسمة بالذات تبرعنا بإشعال حرب إعلامية وكلامية واتهامات مذهبية و شخصية نيابة عن كل الأطراف الخارجية التي تسعى إلى تدمير العراق من خلال هكذا حروب تأكل الأخضر واليابس ولا ينتصر فيها سوى الدم والخراب والعناصر الانتهازية التي تختفي وراء أقنعة الحريات أو تتستر خلف واجهات الدين والمذهب .فوجئنا خلال الأسبوعين الماضيين بمعركة كان عنوانها غلق النوادي ومحلات بيع المشروبات الروحية بتوجيه من مجلس محافظة بغداد ورئيسه السيد كامل الزيدي وقد تصدى السيد فخري كريم بإجراء قام به معتقدا بأنه يدخل في قمع الحريات الشخصية وانه يتجاوز حدود تطبيق القانون وأساءة لحرمة نادي اتحاد الأدباء كونه أراد إن يطبق التعليمات بالاستعانة بالشرطة وأسلحتها حيث أعلن رئيس مؤسسة المدى رفضه لهذا القرار ودعا الأدباء والمثقفين إلى التظاهر والاعتصام في شارع المتنبي وأمام مقر منتدى المدى ورفع لافتات تندد في هذا الإجراء وتصفه بالطالباني .
والأمر بمجمله قضية في منتهى البساطة وكان بالإمكان إن تعالج بحوار شفاف بين الأدباء ومجلس المحافظة وينتهي الأمر بإلزام أصحاب الشأن بإصدار إجازات أصولية وحسب التعليمات لكن الأمر تفاقم حينما خرجت التظاهرات تحت عنوان احترام الحريات وتم استغلال هذا التجمع والاعتصام من قبل أصحاب الغرض السيئ فنقلوه وحرفوه حتى أصبح الأمر على غير جوهره فضنت مرجعيات دينية محترمة ورجال دين أفاضل من خطباء يوم الجمعة على إن أدباء العراق والمفكرين وعامة المثقفين يطالبون بالإباحية في الرذيلة وفي شرب الخمر في الأماكن العامة وبدون ضوابط والتمرد على كل القيم والتقاليد حتى إن بعضهم وصف هذه الموجة هي تشابه ما طالبت به بعض المنظمات الشيوعية بعد ثورة 1958 والتي اندست فيها الشعارات التي تجاهر بالرذيلة والمتعة الجنسية بدون مهر والأمر اليوم هو غير ذلك لان أصحاب الغرض السيئ وعبر المواقع الالكترونية ومن خلال الاتصالات الشخصية ضخموا الأمر وحرفوه مما أثار غضب المرجعيات وجمهور المسلمين نتيجة لهذه الوشاية المغرضة والتوظيف الملعون للمطالبة بالحريات غير الشرعية انطلاقا من حادثة عابرة لا تستحق كل هذا الضجيج .
على صعيد آخر حاولت أطراف أخرى مغرضة أن تصور موقف الزيدي ومجلسه على انه حركة تطرف ديني بل أطلقوا عليها بأنها طالبان جديدة تريد تحويل بغداد إلى قندهار وهي تستكمل الحلقات الأخرى التي بدأت في مجلس محافظة بابل الذي تصدى للموسيقى والغناء في مهرجان معروف فضلا عن التذكير بموقف السيرك في محافظة البصرة وهذه جميعها قضايا بسيطة لكن هناك من استثمرها ليضرب عصفورين وطرفين بحجر واحد ولا يستبعد وهذه ليست فرضية لنظرية المؤامرة إن تكون عناصر من أزلام صدام قد صعدت هذه الحرب الخاسرة لكليهما لاسيما إن نيران هذه المعركة امتدت للعديد من القطاعات حتى أصبحنا نسمع من حكايات لا أساس لها من الصحة أمثال قيام وزير التربية من إلغاء قسمي الموسيقى والمسرح من الفنون الجميلة وتهديم تماثيل الطلبة وهذا الأمر عند التحقق عنه ظهر انه مجرد إشاعة .
وما زالت في جعبة الحاوي المزيد من الحكايات والافتراءات والأفاعي السامة التي سيطلقها هنا وهناك لخلط الأوراق وإدخالنا في معركة لم يكن للمواطن فيها لا ناقة ولا جمل وكما قلنا إن المنتصر هم أعداء العراق والمتربصين به ومجموعات من الانتهازيين والذين يسخرون من الطرفين ويقبضون ويستمتعون بهذه النيران التي ستحرق مؤسسات ديمقراطية مهمة معقود عليها إن تقود الشعب كله بحكمتها وعقلانيتها وصبرها وعدم انجرارها وراء هذه الفتنة البغيضة .
firashamdani@yahoo.com