حكومة الترضية!
انقضت سبعة ٌ من الأيام الثلاثين، التي يتوجب على رئيس الوزراء المكلف السيد نوري المالكي، بموجب الفقرة ثانيا من المادة 76 من الدستور، ان يسمي خلالها أعضاء وزارته. انقضت والسيد المالكي لا يزال متفائلا بانجاز المهمة قبل منتصف الشهر الحالي، أي قبل عشرة أيام من انتهاء المدة الدستورية الممنوحة له. وقد ترشح من مفاوضات "اللجنة المصغرة" المكونة من ممثلي الكتل الثلاث الكبيرة: التحالف الوطني والعراقية والائتلاف الكردستاني، والتي تبحث في آلية توزيع الحقائب الوزارية على وفق نظام النقاط، ان أفكارا طرحت فيها حول توسيع الوزارة.وليست هناك بالطبع مهمات جديدة تتطلب التوسيع، وإنما توجد كما يبدو عوامل ودوافع أخرى، بينها إشباع نزعة حب الكرسي لدى البعض، وتطمين رغبة البعض الآخر في حصة من السلطة والنفوذ، وضمان رضا هذا الطرف، وتأمين عدم زعل ذاك! ما يسمح في نهاية المطاف بتسمية الحكومة "حكومة الترضية" بدلا عن حكومة الشراكة الوطنية، لا سيما وان توسيع الوزارة سترافقه زيادة في عدد نواب رئيس الجمهورية، ليكونوا ثلاثة، وكذا الأمر بالنسبة لنواب رئيس الوزراء. ومع ذلك لا يبدو مؤكدا ان توسيع الوزارة يكفي لترضية المتنفذين. ولم يكن توسيع الوزارة النقطة الوحيدة التي بحثها المتنفذون، وهم يتداولون اقتسام السلطة وتوزيع النفوذ.
فهناك أيضا موضوع المجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية، وتشكيلته وصلاحياته، والذي يراد له ان يوفر فرصة لتقاسم السلطة كما يفهمها البعض، وللمشاركة في صنع القرار السياسي كما يرى البعض الآخر. ولم ينته الجدل حول صلاحيات ومهمات هذا المجلس، فهناك تباين في الآراء حولها. حيث ان البعض يراه صفقة لإرضاء زعيم القائمة العراقية حصرا، ولموسم برلماني واحد فقط. فيما يؤكد آخرون انه سيكون تجسيداً حقيقياً للمشاركة الوطنية في رسم إستراتيجيات العلاقات الخارجية والعملية الاقتصادية والجانب الأمني، وكل ما يواجه العملية السياسية.
ان التوسع في عدد الوزراء ونواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء، فضلا عن إنشاء المجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية، من دون حاجة فعلية لتنفيذ مهمات محددة، يعد من مفارقات الوضع السياسي القائم في العراق. حيث تضفي شكلية المناصب، من جانب، الهوان على هيكل الدولة المترهل أصلا بالمناصب والهيئات والوزارات الفائضة. وتثقل من جانب آخر على ميزانية الدولة بفرض نفقات إضافية لا موجب لها، ولا تنسجم مع فكرة الترشيد التي يدور الحديث حولها من اجل خفض العجز في ميزانية العام القادم.
ان الجميع يترقبون ما سيأتي من خطوات في إطار المداولات الخاصة بتشكيل الحكومة الجديدة، وكل من موقعه. فالمواطن يأمل في انفراج الأزمة، والعاطل عن العمل يتطلع الى فرصة عمل شريفة، وعين الأرملة مصوبة نحو الإنصاف ودفع الحاجة والعوز، فيما تعول الفئات الفقيرة عموما على بقاء البطاقة التموينية، وتطمح الى تشريع قانون عادل للضمان الاجتماعي يحفظ كرامتها الإنسانية. فيما لا تكف عيون البعض عن التعلق بالمناصب وامتيازاتها