حوار مع "الكابتن" اكرم عمانوئيل
في ملاعب المحلات الشعبية البغدادية العريقة عشق كرة القدم ضمن ملاعب البتاويين والاورفلية ، وفي تلك الأجواء الشعبية ترعرع في أزقتها وملاعبها ، وهناك الكثير من أصدقاء وأحباب بطلنا الدولي والكثير من العراقيين يتذكرون تلك المنطقة الشعبية التي كان يسكنها أطياف متعددة من مكونات الشعب العراقي الذين كانت تجمعهم الكلمة الجميلة وحلقات السمر وهم يرددون أغانيهم البغدادية الرائعة مع الباعة المتجولون ورواد المقاهي المنتشرة في أزقتها ، في تلك الأجواء ذات النكهة الشعبية تدرج " الفاكهة " ليصبح أحد ابرز أعضاء منتخب فريق الطيران أو كما يحلو أن يسميه جمهور الكرة " القوة الجوية " والمنتخب الوطني العراقي.حقق لاعبنا الكثير من الانتصارات وضرباته التي كانت المفاجأة للمدافعين والحراس للمنتخبات التي كانت تلاعب فريقه ، وكان يرسم الفرح والابتسامة على شفاه مشجعي فريقه الذي استطاع أن ينتزع بطولة الدوري لعدة سنوات .
أن لقاءنا اليوم هو مع الكابتن اكرم عمانوئيل أحد أعمدة فريق القوة الجوية وصاحب اكثر من 700 هدف .
الفرات : باسم جريدة الفرات نرحب بكم ونقول لكم الحمد لله على السلامة
اكرم عمانوئيل : أهلا وسهلا بكم ونشكركم على هذا اللقاء و الاهتمام .
الفرات : بدايات الكابتن اكرم .
اكرم جبرائيل : بداياتي معروفة عند أغلبية المتابعين للحركة الرياضية العراقية ، حيث كانت في منطقة البتاوين والاورفلية ، وكما تعلمون أن لاعب كرة القدم يتدرج مع الفرق الشعبية في الأحياء وبعدها في الأندية ومع الأشبال ثم الناشئين والشباب ثم أندية الدرجة الأولى وبعدها المنتخب ، أي بداياتي كانت في منطقة البتاويين ، حيث أحببت كرة القدم إلى درجة العشق ! حيث كنا نبقى تلعب في ساحات المنطقة إلى ساعات متأخرة من الليل ، واعتبر نفسي جزء من كرة القدم وهي جزء مني ، وبعدها لعبت مع أشبال نادي الشرطة عام 78 مع المدرب حبيب نوري وبعدها إلى فريقي والذي اعتبره فريق ألام والذي ولدت في أحضانه وترعرعت في ساحاته وهو نادي القوة الجوية والذي تأسس في سنة 1932 وحاليا الطيران والذي كنت معه لفترة تجاوزت 23 عاما والحمد لله تاريخي الكروي معروف في تاريخ الكرة العراقية .
الفرات : لماذا أطلقوا عليك لقب فاكهة القوة الجوية !
اكرم عمانوئيل : ربما للموهبة التي كنت امتلكها في داخل الملعب ومساعدتي فريقي على إحباط الأهداف وتحقيق الأهداف لفريقي وليس غرورا ربما لاني كنت سهلا وممتع .
الفرات : أول هدف لاكرم عمانوئيل !
اكرم عمانوئيل : الحمد لله الأهداف كثيرة جدا وكنت معروف بهداف القوة الجوية والمنتخب ، ولكن تبقى أهدافي في منتخبات الناشئين في سنة 1980 وكنت صغير السن وكانت بداية مشوقة لتسجيل الأهداف مستقبلا ومن الأهداف التي اعتز بها أيضا في بداياتي الأهداف في تصفيات كاس العالم وفي مرمى منتخب الصين وفي مرمى الزوراء في نهاية الدوري 91 – 92 وبهدفي احرزنا اللقب .
الفرات : قرأت على الشبكة العنكبوتية جدولا للأهداف التي حققها الكثير من زملائك اللاعبين ، ولكن لم أقرا كم هي عدد الأهداف التي حققتها في مسيرتك الكروية !
اكرم عمانوئيل : اعتقد 14 هدفا مع المنتخب ومع الفرق الأخرى اكثر من 700 هدف .
الفرات : هل أنت حققت ما كنت تطمح أليه !
اكرم عمانوئيل : الحمدلله على ما حققته في حياتي في مجال كرة القدم العراقية وان الجمهور العراقي يعرف اكرم عمانوئيل جيدا وما حققه للكرة العراقية وليس غرورا وبدون مبالغة اني كنت في التسعينات النجم الأوحد في ملاعب الكرة العراقية ، وكانت فترة التسعينات بالنسبة لي الفترة الذهبية في فريق القوة الجوية مع احترامي لباقي أعضاء الفريق ولي الشرف باني مثلت العراق في مباريات كثيرة واحترفت في اكثر من دولة واعتقد إني و( أعوذ بالله من كلمة إني ) اكثر لاعبا عراقيا احترفت اللعب ..
الفرات : أين احترفت .
اكرم عمانوئيل : في السد القطري حوالي سنة و الأهلي البحريني حوالي أربعة اشهر وهي فترة الإعارة وفي لبنان حوالي 3سنوات وفي الإمارات وفي الجزائر.
الفرات : هل كان هناك منغصات وعراقيل في مسيرتك الرياضة .
اكرم عمانوئيل : لنتكلم بصراحة ولا نريد أن نتكلم على أحد ما ولكن مشكلتنا الوحيدة ولا أريد ذكر الأسماء ، كانوا المسؤولين في الحقل الرياضي بعيدين كل البعد عن كافة أنواع الرياضة ومن ضمنها كرة القدم .
الفرات : تقصد لو كان هناك مسؤولين رياضيون كان الوضع مختلف.
اكرم عمانوئيل : أكيد كان الوضع افضل وكانت انعكاساتها كبيرة بالموجب على جميع اللاعبين وأنا منهم وبالرغم من إننا حققنا بطولة الخليج في السبعينات وكذلك في 86 مع المكسيك ولكن كنا نشعر بألم عندما كنا نشاهد بان مسئولي الرياضة ليست لهم أي علاقة بذلك ، لان الشخص البعيد عن كرة القدم لا يستطيع أن يقيم أي مباراة أو مجهود رياضي بعكس المسؤول الرياضي الذي يعطيك دعما تشعر به ويعطي هذا التقيم زخما كبيرا في المثابرة وتقديم الأفضل .
الفرات : وماذا بعد سقوط النظام .
اكرم عمانوئيل : العراق حاليا يعيش بفوضى عامة وليس على نطاق الرياضة فقط بالرغم من أن حسين سعيد حاليا هو رئيس اتحاد كرة القدم العراقي وهو شخصية معروفة ولاعب دولي سابق واعتقد إننا نمر بفترة انعدام الرؤية ولكن أنا متأكد بان المستقبل يكون افضل لان الذي يريد الحرية لابد أن يعطي الكثير وثمن الحرية كبير ، ولهذا يجب أن نتحلى بالصبر ونرجو من المسؤولين على الرياضة أن يختاروا الرجل المناسب في المكان المناسب .
الفرات : بعد وصولك إلي استراليا ، هل هناك بذهنك شئ تقدمه للجالية العراقية من خلال مسيرتك وإبداعك في مجال كرة القدم ، وكما تعلم أن الجالية العراقية قد تجاوز عددها اكثر من 10 آلاف شخص في هذه المدينة فقط ( ملبورن )!
اكرم عمانوئيل : الحقيقة هي أمنية من الأمنيات التي أود تحقيقها لاني جزء لا يتجزأ من العراق واعتز بعراقيتي ، واني سوف ألبي أي طلب تطلبه الجالية مني ولا ابخل عليهم بأي شئ من خبراتي وإمكانياتي ، وعند وصولي هنا كنت أتوقع أن أشاهد أندية عراقية ممتازة وناس مهتمين في الرياضة ولكن أصبت بخيبة أمل ! لاني كنت متوقعا أن أشاهد فريق لكرة القدم للجالية وبمستوى جيد و لكن للأسف بالرغم من كثافة الجالية في استراليا وخاصة نحن من العراق والعالم كله مهتم بأخباره ، وأنا زرت كثير من الدول وشاهدت الكثير من الجاليات في الأردن مثلا شاهدت منتخبات ونوادي وفرق رياضية للجالية اللبنانية والسودانية وغيرها ما عدا الجالية العراقية ومع الأسف الشديد مبتعدين عن البعض !!!
الفرات : هل الذي شاهدته سبب لك بعض الإحباط !
اكرم عمانوئيل : ليس هو إحباط ولكن ربما التبرير في طبيعة عمل أبناء الجالية وانشغالهم ولكن أنا أقول بالرغم من انشغالهم يستطيع الإنسان أن يخصص ساعة أو ساعتين من اجل إبراز اسم العراق في أي جانب من جوانب الحياة وخاصة الكرة، وهذا اقل ما يستحقه عراقنا ، فكم هو جميل ورائع عندما يشاهد الآخرون فريقا عراقيا في استراليا يلعب ويبدع ويفوز ، فهذا هو انعكاس حقيقي لحب الجالية للعراق ، ولهذا أنا مستعد لأي مجهود يحقق لنا ما نصبوا أليه في إبراز اسم العراق عاليا .
الفرات : ما هي الذكريات التي تمر بذهنك كلما تتذكر مسيرتك الكروية .
اكرم عمانوئيل: مهما اغتربت وابتعدت لا يزال فريق القوة الجوية في ذهني ودائما اتتبع أخبار زملائي في العراق وأخبار الفريق واشاهدهم خلال البرنامج الرياضية في الفضائيات المتوفرة هنا ، والحمد لله إني اذكر كل شئ من المداليات التي حصلت عليها والأهداف التي حققتها ولا أنسى العهد الذهبي للقوة الجوية وإحرازنا اكثر من 12 بطولة في التسعينات ، ولا أنسى الأربعة ألقاب التي حصل عليها فريق القوة الجوية في موسم 96 – 97 وهي الدوري والكأس وكاس المثابرة وكاس النخبة وأنا كنت كابتن القوة الجوية في هذا الإنجاز.
الفرات : وذكرياتك في خارج العراق .
اكرم عمانوئيل : منها الهدف الذي سجلته في تصفيات كاس العالم في مرمى منتخب الصين وثلاثة أهداف في مرمى الفريق الجزائري وفي بطولة الأردن الدولية .
الفرات : متى اعتزل اكرم عمانوئيل .
اكرم عمانوئيل : اعتزلت في سنة 2002 ، وبعدها أصبحت مدرب للقوة الجوية مع ناظم شاكر ، وبعد اشهر هجمت على منزلي عصابة معينة واطلقوا بعض العيارات النارية وسلبوا ما سلبوا !! وكما تعلم بان العراق يعيش في غابة من الفوضى وفقدان الأمان والحمد لله استطعت أن اخرج وأفراد عائلتي واقيم في الأردن لمدة ثلاثة سنوات وهناك دربت أندية للدرجة الأولى ومنها نادي الكرمل وحقق النادي نتائج ممتازة ونادي السحاب وكانت أيضا نتائج جيدة وذكرت الصحافة الأردنية جهودي مع هذه الفرق .
الفرات : بعد أن شاهدت وضع كرة القدم عند الجالية العراقية هنا ، هل هناك شئ في ذهنك ترغب بعمله للجالية .
اكرم عمانوئيل : أنا ارغب جدا في تقديم خبرتي وجهودي من اجل الجالية العراقية ، ولكن حتى على نطاق استراليا لم أجد اهتماما كبيرا في لعبة كرة القدم ولكن ربما بعد وصول فريق استراليا إلى كاس العالم ربما سيكون هناك تغير في اهتمامات الأستراليين وتوجههم في تشجيع لعبة كرة القدم ، وبصراحة أنا ارغب العمل في مجال اختصاصي في لعبة كرة القدم ، وقدمت ما يثبت خبرتي في هذا المجال إلى أحد الأندية الأسترالية والتقيت مع مسؤولي أحد النوادي واطلعوا على مسيرتي الكروية أتمنى أن أجد طريقا لامارس ما عشقته منذ الصغر واتمنى أن أخطو الخطوة الأولى في هذا البلد لاكمل مشواري الرياضي .
الفرات : من تذكر من زملائك الرياضيين .
اكرم عمانوئيل : لعبت مع احمد راضي و سعد قيس و حبيب جعفر وراضي شينشل ، سمير كاظم ، جبار هاشم ، رزاق فرحان ، مظهر خلف ، علي صغير ومن المدربين الذين كان لهم الفضل الكبير على مسيرتي الرياضية واولهم شيخ المدربين عمو بابا وعدنان درجال ، انور جسار ، عبدالاله عبدالحميد ، ايوب اديشو الذي كان مدربنا في القوة الجوية عندما أحرزنا البطولات الأربعة التي تكلمت عنها سابقا ، مجبل فرطوس واعتذر إذا كانت ذاكرتي تخونني في هذه اللحظة من الأسماء الجميلة التي رافقتها عبر مسيرتي في كرة القدم العراقية .
الفرات : هل اتقيت مع رياضيين عراقيين هنا .
اكرم عمانوئيل : نعم التقيت مع زميلي وصديقي " عائد أسو " ودارت بيننا أحاديث كبيرة حول الكرة وكانت أفكارنا متفقة بان وضع كرة القدم هنا لا يشجع حاليا .
الفرات : نعتقد باستطاعتك والأخ " عائد أسو " أن تبادروا بتقديم شئ للجالية في هذا المجال .
اكرم عمانوئيل : اكرر مرة أخرى أنى مستعد وجاهز لأي شئ يخدم الجالية ..
الفرات : ماذا تعني لك الكلمات التالية : الوطن
اكرم عمانوئيل : لا أغلى من الوطن.
الفرات : كرة القدم .
اكرم عمانوئيل : حياتي .
الفرات : الغربة
اكرم عمانوئيل : صعبة وقاتلة .
الفرات : الحب .
اكرم عمانوئيل : أحلى ما في الوجود.
الفرات : العائلة .
اكرم عمانوئيل : استقرار وملاذ آمن .
الفرات : الأبناء.
اكرم عمانوئيل : كنز.
الفرات : بالحقيقة اللقاء معكم ممتع ولا يمل ولكن لا نريد أن نأخذ من وقتكم اكثر ولكننا استمتعنا بحديثكم إلى قراء جريدة الفرات ويسرنا لقاءكم ولنا الفخر من نجري الحديث مع أحد الرجال الذين رفعوا راس العراق عاليا في ملاعب العالم وبين الشعوب .
اكرم عمانوئيل : أن العراق وطني ومهما بعدت عنه يبقى وطني الذي لم يبخل علي بشيء والواقع الذي أجبرني على الخروج اتمنى أن يكون مؤقتا .
الفرات : ونحن كجريدة " الفرات " صفحاتها كلها مشرعة لتغطية أي نشاط يخدم الجالية العراقية سواء في المجال الرياضي أو أي مجال أخر وابراز اسم العراق عاليا في استراليا .
اكرم عمانوئيل : اشكر جريدة الفرات واسرة التحرير من خلالكم على هذا الدعم من اجل الرياضة العراقية في استراليا
الفرات : في نهاية اللقاء نشكركم على إتاحة هذه الفرصة لنا.
اكرم عمانوئيل : أنا أيضا أشكركم واتمنى لجريدة الفرات التقدم وشكرا مرة أخرى لاهتمامكم .
وتركت الكابتن اكرم عمانوئيل مع الكم الهائل من الذكريات عبر الصور والصحف والمجلات وأقراص الليزر التي تحكي مسيرة هذا الرجل الذي قدم الكثير والكثير من اجل وطنه العراق ، وكلنا أمل بان يستمر بتحقيق أحلامه في بلاد الغربة مع دعاء العراقيين الى سبحانه وتعالى بان يرجع العراق وطنا معافيا يسوده الأمن والاستقرار .
جريدة الفرات الاسترالية 128 في 22حزيران 2006