Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

حول مقال الأستاذ عيسى فتوح عن الشاعر عدنان مردم بك – لوقيانوس السميساطي

لقد قرأت مقال الأستاذ عيسى فتوح عن الشاعر عدنان مردم بك في جريدة البعث ( السورية ) والمؤرخ في 8 كانون الأول 1977 العدد 4540 , ومما استرعى انتباهي حقا حاشيته عن الكاتب الفراتي لوقيانوس السميساطي ( 125- 192 م ) من أنه كان خطيبا وفيلسوفا يونانيا.
لا شك بأن السيد عيسى فتوح قد استقى معلوماته من بعض الموسوعات الغربية التي تزعم مثل هذا الزعم الباطل , ولكن هناك آخرون يعترفون بالحقيقة من أنه آشوري .
أما حول بلدة الفيلسوف الآشوري – سميساط , شميشاط أن اسم البلدة جاء من اللغة الآشورية – شميشاط \ شميشطا وهو اسم مركب من مفردتين : شمي - شطا .
وكما في اللغة العربية المضاف لا يأخذ ( أل التعريف ) كذلك الشأن في اللغة الآشورية , ولما كانت (الألف ) في آخر كل اسم بمثابة أل التعريف عند الآشوريين , لذلك طرأ على التسمية ما يلي من تبدلات : شميا = وتعني السماء شطا = الشط , أي شط النهر أو البحر .
وهكذا بحذف – أل - التعريف في كلمة شميا لتصبح شمي وشطا تصبح معرفة باحتفاظها على أل التعريف لأنها مضاف اليه , وكذا جاءت التسمية لهذه البلدة على نهر الفرات ( اليوم ضمن الأراضي التركية ) شميشطا = سميسطا و باللغة اليونانية Samosata.
نعم لقد ألف الفيلسوف \ لوقيانوس معظم مؤلفاته باللغة اليونانية حيث كانت لغة السياسة والأدب وقتئذ. و لكن ليس كل من يكتب بلغة ما يصبح منها واليها أثنيكيا , لو صح مثل هذا الظن , لأصبح معظم كتاب الجزائر فرنسيين جنسا وذلك لأن معظم كتاباتهم جاءت باللغة الفرنسية.
ان المصادر الدينية الآشورية تحجم ذكر الكاتب الكبير لسبب بسيط وهو لعدم اعتناقه الديانة المسيحية بل ظل الفيلسوف متمسكا بمذهب أجداده الأوائل – وهنا أحسد شخصيا الفيلسوف الآشوري العظيم -لأنه لو حافظ شعبنا على مذهبه القديم لكان وضع وطننا يختلف تماما عما هو عليه اليوم حيث كان مهدا للحضارة للأسف غدا اليوم لحد ( بأحرف كبيرة ) الحضارة !

تنويه : لقد أرسلت النسخة الأصلية الى صحيفة البعث السورية ونسخة منها الى المجلة البطريركية للسريان الأرثوذكس في دمشق حيث نشروها) العدد 156 \ حزيران 1987 ) ولهم شكري وامتناتي كما أضافوا اليها تعليق الأخ الأديب الأستاذ الياس سعد غالي تحت عنوان :

تعليق على كلمة الأستاذ آشور بيث شليمون الى الأديب عيسى فتوح - وهذا ما قاله بالموضوع وعن الكاتب الآشوري " لوقيانوس السميساطي ":

" أتيح لي أن أطلع على رسالة الأستاذ آشور بيث شليمون وفيها ينتقد قول الأستاذ عيسى فتوح في حاشية مقالة ( قراءة في مسرحية ديوجين الحكيم للشاعر مردم بك ) العدد 4540 من جريدة البعث بتاريخ 08\12\ 1977 : أن الكاتب الفراتي لوقيانوس السميساطي كان خطيبا وفيلسوفا يونانيا .
ناسبا هذا الخطأ الى ما استقاه الأستاذ فتوح من الموسوعات الغربية التي تزعم مثل هذا الزعم الباطل, في حين أن لوقيانوس سرياني آشوري .
قد يكون خطأ الأستاذ فتوح ناجما عن معرفته أن كاتبا ترجم كتابا من اليونانية للوقيانوس فحسبه يونانيا , أو للدلالة على أن لوقيانوس كتب باللغة اليونانية فقال انه يوناني تجوزا . والحاشية لا تولف بحثا موضوعيا (125-192م) ان لم يكن يوناني العرق فهو يوناني الثقافة , يوناني اللغة التي خطب وكتب فيها معظم مؤلفاته أو كلها . حتى ليعتبر معجزة الأدب اليوناني في عصره ( جورج حداد – ذكرى يوحنا الدمشقي ص 72) . وهو ما نبغ لأنه سرياني فما كل السريان خطباء وكتاب وعباقرة , بل قد يكون للغة اليونانية التي تعلمها وكتب فيها , وللبيئة الأثينية الراقية التي عاش فيها الأثر الكبير في نفسه مما ساعده على هذا النبوغ.
وهذا الخطأ بالذات قد وقع فيه مؤلفو دائرة المعارف الفرنسية " كران لاروس " فقد جاء في مطلع ترجمة لوقيانوس م 6 ص 891 أنه ( خطيب وفيلسوف يوناني ). وذكر لافونت بومبياني صاحب معجم المؤلفين م2 ص 128 أنه ( كاتب يوناني ) ولد في سميساط وهو شرقي الأصل وان كان يحمل اسما لاتينيا صرفا وكتب باللغة اليونانية.
ونحن لصلتنا القديمة الوثيقة بلوقيانوس الذي كتبنا عنه وترجمنا له فقد تتبعنا تسميته وأصله وفصله أكثر مما يعتقد ويظن , وأبرزنا هذا الكاتب ابرازا لا بأس فيه.
لوقيانوس صديق قديم تعارفنا على مقاعد الاكليريكية ( الصلاحية ) في القدس العام الدراسي 1927\1928 وتلازمنا حتى اليوم. وقد ترجمنا له سنتئذ من اليونانية كتابه ( محاورات الأموات ) فشغفت به وقد كان لمحاورته الخامسة والعشرين أثر ما في تركي الاكليريكية عام 1930 . وفي العام التالي 1931 أعدت ترجمة هذه المحاورات , وكل اعتقادي يومئذ أن لوقيانوس يوناني ما دام أن كتابه باليونانية واسمه أدرج في كتب تاريخ الأدب اليوناني , ثم وضعت الحواشي الكثيرة والمقدمة الطويلة للترجمة على أمل أن تنشر يوما على غرار رسالة الغفران طبعة الكيلاني .
وفي انتظار فرصة نشر هذه المحاورات أتاحت لي الظروف أن أنشر مقالا بعنوان ( دانتي بين المعري وفرجيل ) في مجلة المسرة اللبنانية عام 1946 , جئت فيه على ذكر لوقيانوس ( ج 4 ص 174 ) فقلت أنه ( أديب سوري المولد يوناني اللغة ).
وكتبت في مجلة الندوة التي كانت تصدر في دمشق , العدد 13\ 1950 أن لوقيانوس ولد في شمال سوريا في سميساط الواقعة على نهر الفرات واذكاء لهمة القراء وصفته بأنه مواطن لهم .

وفي جريدة الجيل الجديد ( الدمشقية ) 13\01\ 1952 نشرت عدة محاورات من محاورات الأموات .
وفي مجلة الثقافة ( الدمشقية ) عدد 1, 2 \ 1959 نشرت له ترجمة ( مينيب أو استفتاء ميت ) وذكرت خطأ أو تجوزا أنه فيلسوف يوناني .
وذكرت في مقدمة كتاب ( مسامرات الأموات ) أي المحاورات الذي ترجمته من اليونانية ونشرته اللجنة الدولية لترجمة الروائع في بيروت عام 1967 أن موطن لوقيانوس سميساط – وقد بينا موقعها في الخريطة في آخر الكتاب – والذي لا شك فيه أن اللغة السريانية كانت لغة لوقيانوس الأولى لأنها كانت لغة التخاطب السائدة هناك.
وقد وصفه أدونيس في احدى مقالاته بأنه ( سوري ) وكذلك الدكتور جورج حداد و وصفه أحد كتابنا بأنه ( عربي سوري ) . وقد لفتنا انتباه القراء في مقال لنا نشر في مجلة الآداب الأجنبية ( الدمشقية ) العدد 2 السنة 2\ 1975 بعنوان : أبو العلاء المعري ولوقيانوس السميساطي , أن لوقيانوس الأديب الفراتي ولد في مدينة سميساط الواقعة على ضفة الفرات الغربية وأن لوقيانوس ذكر في مؤلفه ( الآلهة السورية ) أنه آشوري (مجموعة كارنييه ج 3 ث356 ) خلافا لما قاله أدونيس .
فالقول بأن لوقيانوس خطيب وكاتب أو فيلسوف يوناني قال به علماء جهابذة لهم مكانتهم في عالم الثقافة والتأليف , وليس هو الخطأ الجسيم الذي يستدعي المناداة بالويل والثبور وعظائم الأمور و "– تمنى الأستاذ آشور بيث شليمون : لو حافظ الشعب الآشوري على مذهبه القديم كما فعل لوقيانوس الفيلسوف الآشوري العظيم , لكان وضع وطننا يختلف تماما عما هو عليه اليوم حيث كان مهدا للحضارة غدا اليوم لحد ( بأحرف كبيرة ) الحضارة!".
وهل يحق لكاتب مطلع جيدا أن يسمي لوقيانوس فيلسوفا الا تسامحا وتجوزا ؟ فكما أن الأستاذ آشور بيث شليمون سمح لنفسه بنعت لوقيانوس بأنه ( فيلسوف عظيم ) وهو لا يعد من الفلاسفة الا تجوزا وتسامحا , لا يخطئ من يقول تجوزا أيضا أنه يوناني لأنه كتب كل مؤلفاته باليونانية وأدرج اسمه في تاريخ الأدب اليوناني بين المفكرين اليونانيين وهذا فخر وشرف لا يقل في نظرنا عما يمكن أن يعتز به لو قلنا سرياني أو آشوري أو سوري الا بالنسبة للجهة التي تنسبه اليها . وقد ضن على لوقيانوس صاحب كتاب ( اللؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والآداب السريانية )البطريرك أغناطيوس أفرام برصوم الأول بذكر اسمه فيه , والاعتبار الديني الذي من أجله أحجمت المصادر الآشورية الدينية عن ذكر هذا الكاتب الكبير . كما ذكر الأستاذ آشور بيث شليمون , ليس مما يأخذ به المؤرخون الصادقون . وقد تفضل علامة سرياني في هذا البلد بالقول : اذ قلت أن لوقيانوس سوري فهذا صحيح بالنسبة الى سوريا وان قلت أنه سرياني فهذا صحيح أيضا لأنه من السريان . وقول الحقيقة بأنه - آشوري – هو الأصح دائما وفي جميع الأحوال دفعا لكل التباس .
Opinions