حين تفقِدُ بَعضُ الحماسة إتزانَ صاحِبها
دأبت في الشهور الاخيرة- وجريا على عادة قديمة كنت اعتقد واهما اني قد تخلصت منها-على مراجعة الاخبار الواردة عن الوطن في شتى وسائل الاعلام وبلغات عدة،ثم اعرج بعد ان اشبع فضولي بأخبار الوطن الى ما يثار ويكتب فيما يخص الشأن القومي الاشوري،خاصة بعد ان قدربعض من لا يخشون الله الى استدراجي وزجي في هذا المعمعان الذي لا تلوح بوادر نهايته حتى في الافق البعيد كما يبدو لي انا شخصيا قريبة،لشدة تفرع اراء وطروحات الذين صار كل منهم يدلو بدلوه على هواه دون ان يتحسب لما يقول او يتحذر لما يطرح،حتى كادت الساحة السياسية المشغولة بالمسألة القومية الاشورية وكأنها حجر رحى يطحن الحنطة والزيوان معا.وكان ان قرأت قبل ايام عدة مقالة السيد تيري بطرس التي اشبعني من خلالها تقريعا جميلا جدا( ولكن مبالغ به بعض الشيّ) لم يحزنني البتة،انما اثار في نفسي الشجون والالم لتأكدي من كم الغضب الكبير الذي ظهر على مقالة العزيز تيري نتيجة ما كنت قد سببته له من الم دون ان انتبه الى بعض الحماقات التي كنت قد اوردتها في بعض ما كتبته، وعدها هو اساءة بالغة للحزب الو طني الاشوري عموما وامينه العام السيد نمرود بيتو خصوصا،ولكي اوضح موقفي مما اورده العزيز تيري بحقي، سوف لن الجأ الى اسلوب المهاترات الكلامية وقلتم وقلنا،انما انصح العزيز تيري ان يعيد قراءة ما كتبت ولو مرة اخرى ليتسنى له الوصول الى الهدف الحقيقي الذي من اجله كتبت ما كتبت،خاصة وان نفسه على ما اعتقد تكون قد هدأت بعض الشيّ ،وحماسته التي خانته واوقعته في مطبات كان في غنى عن الوقوع فيها قد فترت،لان النصوص التي إجتزأها العزيز تيري ودلل بها على اقترافي الجرم بحق الحقيقة والشعب والوطن لم يكن موفقا في اختيارها كدليل،انما العكس كان هو الصحيح كما ارى انا ورأى الكثير من اصحاب الشأن،ولو كان العزيز تيري افصح لي عن رغبته هذه سلفا، لكنت وجهته الى نصوص وردت فيها حماقات اشد لم يتسنى لي التراجع عنها بعد ان كانت قد ظهرت الى العلن(اعني في المقالة فقط).
فيما يخص توهمي بأسم الفاضل الاب عمانوئيل( رغم ان بعضهم كان قد نبهني الى ذلك)،لا اجد فيه اي منقصة،لان الذي ذكرته لم يخرج عن سياق الحقيقة التي يقرها الاستاذ تيري دون ان ينتبه الى ذلك،اما ما يخص قبول ملا بختيار بتلفظ عبارة الحكم الذاتي التي تباها بها الاستاذ تيري على طريق:يا يمة حاجاني الشيخ.....فليس سوى اقرارا ببؤس القضية التي يستقتل العزيز تيري في الدفاع عنها باطلا،لانها قضية تثير رثاء اشباه المتعلمين والسذج قبل سخريتهم، فصورة الحكم الذاتي التي يقدمها القادة الكرد والتي يروج لها كل الدائرين في فلكهم هي صورة لا يرتضي القبول بها سوى من اعدم الارادة لاسباب اتيت على ذكرها في مناسبات كثيرة،اما اذا كان هناك نسخة منقحة ومحسنة من الحكم الذاتي الذي سيغدق به ملا بختيار والقادة الكرد على الاشوريين،فأتمنى على العزيز تيري بصفته مسؤولا سياسيا ان يعلنها علينا لكي لا نضطر الى زج نفوسنا في مواقف لا يرضاها لنا ويجنبنا الانزلاق الى ما يقبله علينا كوننا جزءً من الشعب الذي يطمح الى تمثيله ،هذا جانب،ام الجانب الاخر والذي اعتقد انه الاهم هو:ان مشكلة الامة الاشورية يا استاذ تيري اكبر واشرف من ان تشحذ حقوقها من واحد مثل ملا بختيار، وانت وانا نعرف بأن الموما اليه لا يسعده ان يقر اي حقوق للاشوريين خارج الشروط الكردية، فملا بختيار وزمرته حصروا الشعب الكردي في زاوية ضيقة مقتدين بتجربة صدام حسين وبقية الدكتاتوريين ويريد لنا ان نحشر في تلك الزاوية مستغلا الظرف العصيب الذي يمر به الوطن العراقي برمته، وما جاء على لسان زعيم حزبك ، ان هو سوى ذر الرماد في العيون من اجل تحقيق اجندة ان خفت مراميها على البعض من البسطاء وطيبي القلب، لا تخفى على العارفين بالتاريخ السياسي للقادة الكرد والمتحالفين معهم(مثل حزبكم وبقية الاحزاب المتفرعة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني كالحزب الديمقراطي الكلداني) واستعدادهم للمساومة على الولاء للوطن مع الشيطان نفسه، والدليل على ذلك هو الموقف التوفيقي الذي وقفوه من تصريحات ملا بختيار اصلا ،ان قضية الشعب الاشوري هي قضية شعب تشرف ان يربط مصيره بمصير الوطن العراقي وليس بارض سلبت في غفلة من الزمن ولاسباب يمكن ان تزول في اي لحظة حين تتبدل تزول المسببات وتفرض شروطا جديدة ويرجع كل شيّ الى مكانه الملائم له واللائق به بحسب حجمه الحقيقي وولائه الوطني،فالدستور العراقي ورغم عيوبه المخزية لم ينسى ان يقر بحقوق الجميع،وهذه الحقوق لا يمكن ان تسقط بالتقادم،فالمواطن العراقي قرر ان يصطف الى جانب الديمقراطية الى الابد،والمظاهر الشاذة اليوم ليست سوى حالة مؤقتة تزول بزوال مسبباتها،اما الحكم الذاتي الذي تحدثت عنه يا صديقي تيري فهو مرفوض في حالة كونه منة من ملا بختيار او غيره،والامة التي عرفت ان تصمد امام امثال ملا بختيار لقرون طويلة سوف لن تعدم الوسيلة للصمود اليوم.
مؤكد ايها العزيز لا يسعدني ان اكيل لك بما كلتني به من الفاظ انت تعرف جيدا انها لا تليق بواحد مثل ياقو بلو، فياقو بلو اكبر من ذلك بكثير،ليس لاني مكابر مغرور،كلا اتمنى ان لا تظن ذلك،انما لاني وكما قلت في اكثر من مناسبة:رغم قسوة كلماتي وعباراتي سيظل قلبي يسع الكل لانه بسعة ارض العراق وسمائه وهذا القلب هو خلو تماما الا من حب الجميع،ورغم التصاقي غير القابل للانفصام حتى الموت بامتي الاشورية التي لم ارث انتمائي اليها مثلك ربما، انما انتميت اليها وفق منطق العلم والعقل الذي يحاول بعض المهرجين ان يلوه لاسباب انت اعلم بها، لا يشرفني سوى ان اكون نزاحا باطناويا وابن نزاح الى مليون ظهر،لان بلو اسحق هذا النزاح الذي شرفني بالانتساب اليه كان يوما يفتخر بأولاده الخمسة الذين كانوا يقاتلون على الجبهة كل اعداء الوطن العراقي، ولاروي لك هذه الحكاية التي تعبر عن اعتزاز الباطناوي بأصله لعل احداثها ترخي بعض عضلات وجهك المتجهم،تقول الحكاية:تصادف ان التقى احد الباطناويين الحديثي العهد في بغداد رجلا جزائريا،وحين تيقن صاحبنا من عدم قدرته على فهم لغة محدثه قال له:من اي بلد انت يا هذا؟ فقال الرجل ببساطة شديدة:من الجزائر،فأجاب صاحبنا:واين تقع هذه الجزائر؟فأندهش الجزائري ورد عليه:الا تعرف اين الجزائر وانت عراقي؟فقال الباطناوي بغير مبالات:ولماذا عليَ ان اعرفها؟فقال الجزائري ببعض الامتعاض:لا يوجد على وجه الارض انسانا واحدا لا يعرف الجزائر بلد المليون شهيد،فشعر صاحبنا الباطناوي ببعض الحرج وظلل يتمتم بكلمات مبهمة،الا ان الرجل قطع عليه تحرجه وقال:وانت ؟من اين انت؟فرد الباطناوي بسرعة:انا باطناوي؟فقال الجزائري:واين هذه وفي اي دولة هي؟فأستغرب الباطناوي اسئلة محدثه وعدم معرفته بباطنايا وقال له بشموخ وكبرياء:الا تعرف باطنايا بلد المليون نزاح؟
بقي ان ارد على تحدي الاستاذ تيري بطرس بعدم معرفتي ولو لواحد من اعضاء الحزب الذي يمثله،وردي هو بالايجاب،اجل لا اعرف شخصيا في المحيط الذي اعيش فيه والذي يضم على الاقل خمسة الاف اشوري انسانا واحدا ينتمي الى هذا الحزب الوطني الاشوري،والقليل ممن التقيتهم والذين قيل عنهم يوما انهم كانوا اعضاء في هذا الحزب ينكرون اليوم انتسابهم اليه، وهذا يعزز وصفي لهذا الحزب بحزب العائلة.
اما المقال الاخر الذي سأتناوله على وجه السرعة،فهو مقال اعتقد انه لو كان قد تسنى لصاحبه اعادة قراءة ما كتب،لكان اعاد كتابته كرة اخرى،فالحماسة كما يبدو قد بلغت بالكاتب حدا اختلطت عليه الامور،واعني به مقال الكاتب الكلداني حبيب تومي كما يحلو للبعض ان يسمونه،فصاحب المقال يروم فتح جامعة في القوش كما يوحي عنوان المقال،ولكننا ما ان ندخل في حيز الموضوع حتى نحس بأن الكاتب يرمي بأتجاه آخر غير الذي اعلنه في عنوان مقالته،على طريقة من يتاجر ببضاعة فاسدة يغطيها بصالحة ،فمن صاحب مشروع فتح جامعة الى مطالب بفتح جامعة،والمثير في امر هذا الرجل هو الشراسة التي يبدو عليها في الدفاع عن كلدانيته التي يحس المراقب المحايد وكأنها على وشك ان تسلب منه،الا ان الاكثر اثارة في موضوعتنا اليوم هو ان هذا الكلداني الهمام يقدم طلبه هذا الى مسعود البرزاني كي يقوم بهذا العمل،وحين تدبرنا الامر علنا نجد مبررا لهكذا طلب من هكذا رجل، اعيتنا الوسيلة في ايجاد اي رابط بينهما سوى غاية في نفس الكاتب الذي داوم ويداوم على اعلان ولائه للقادة الكرد سواء وجدت مناسبة او اضطر الى خلقها كالتي نحن بصددها الان،لا بل ان بعض الظرفاء الخبثاء يقولون عنه:ان حبيب تومي صار يخشى لئلا ينافسه احد على ولائه للقادة الكرد وخاصة آل البرزاني.
لماذا مسعود البرزاني،وما علاقة مسعود البرزاني بأمر القوش؟ومتى كانت القوش ملتقى العرب والاكراد؟هل يريد الكاتب الكلداني ان يجعل من القوش ضيعة كردية يا ترى؟ولو فرضنا انه يشتهي ذلك،فمقابل ماذا يقدم حبيب تومي القوش على طبق من ذهب لمسعود البرزاني يا ترى؟ثم يستطرد الكاتب الكلداني حبيب تومي ليتحدث عن واردات وصادرات القوش من والى مدن شمال العراق،وكل هذا وغيره نتركه الى الاخوة الالقوشيين ليقولوا كلمتهم فيه،فأهل مكة ادرى بشعابها،الا اننا نجد انفسنا مضطرين امام اصرار حبيب تومي وامثاله على تسمية ملا مصطفى البرزاني بالزعيم الخالد الى تحديهم كي يبرزوا لنا ولو مثالا واحدا وحيدا يبرهن على موقف وطني وقفه البرزاني،والذي نريد قوله لهذا الكاتب الكلداني في هذا المقام المتواضع هو:اين كنتم يا سيادة الكاتب عام 1973 يوم كانت ازلام زعيمكم الخالد تحيط بالقوش بغية ازالتها من الخارطة؟ان كان الزمن قد فعل فعلته بذاكرتكم وانساكم تلك الاحداث،فننصحكم ان تسألوا عنها لعلكم تجدون من ينعش ذاكرتكم المتعبة وتتعضوا.
اما اقبح ما ورد في مقال الكاتب الكلداني حبيب تومي فهو توقيته لتطور اواصر الصداقة المتينة بين اهالي القوش والاكراد فيقول:وتوثقت تلك الاواصر بعد انبثاق ثورة ايلول 1961، ثورة ايلول،يا للعار،ويا لقبح من لا يستحي،تمرد عشائري مسلح شجبه الاكراد جميعا صغيرهم وكبيرهم ويصر الكاتب الملهم حبيب تومي الذي يتغنى بماضيه الماركسي على تسميته ثورة الى اي منزلق عفن يريد امثال هذا الكاتب الكلداني بالعراقيين يا ترى؟ افيدونا افادكم الله،ترى هل نذكر حبيب تومي بالبرقية التي ارسلها زعيمه الخالد الى قادة مجازر 8شباط بعد مرور اقل من سنة ونصف على تمرده على السلطة الوطنية ورئيسها السعيد الذكر عبد الكريم قاسم،ام ان هناك من قام بذلك ووفر علينا المشوار؟وهل هناك على وجه الكرة الارضية من يتجرأ ويسمي تمردا عشائريا مسلحا ثورة؟انها حقا ازمة اخلاق حقيقية،طالما بيننا من يصر ان يمضي بالبسطاء الى الدرك الاسفل.
ياقو بلو
yakoballo@yahoo.co.uk