خذلتني بائعة هوى
Zaidmisho@gmail.comفي فجر يوم عمل جديد وأنا مُنهمك في تهيئة ماأحمِّله في الشاحنة الصغيرة لأبدأ مسيرتي المعتادة بتوزيع المنتوجات ، وإذا بعيني تلمح شابةً في العشرينات تسير جنب الشاحنة بطريقة تُثير الشكوك ، فكانت بائعة هوى تتوسل سائقي السيارات مرافقتها . شخصياً ليس لي حكم سيء على مَن تتخذ بيع جسدها وإنْ أستَهجِنه فهذا شأنها ، فكيف لي أن أحكم عليها إذا كان ربَّي سامحها ؟ لذا كنت دائماً من أشدّ المدافعين عن بائعات الهوى ليس لتشريع فعلتهم أو قبولي بها على العكس ، فهو خطأ فادح إنما أدافع عن رأيي بأنَّ هذا الخطأ ليس الأسوأ . فكنتُ أقول على الدوام " لو خُوّلتُ بوضع جدول على حجم الخطايا إبتداءاً من أكبرها إلى أصغرها لكانت مسألة الزنى في مرتبةٍ أقل بكثير جداً عن غيرها أمثال القتل والسرقة والنفاق والكذب والتملُّق وإذلال الآخر وإذلال النفس وغيرها لامجال لذكرها " وكنت أقول بأن المومِسات أصدق بكثير من المتظاهرين المرائين والمسؤولين الخائنين لمسؤولياتهم ، وهنّ اطهر منهم .
إلاّ أنَّ هذه اللعينة غيَّرت فكرتي التي كنت أدافع عنها بشدة ، إذ طالما إستفزني إحتقار الناس لمثل هؤلاء وأحترامهم لسرَّاق وكاذبين وقياديِّين فاسدين ، وكنت أقول لهم بأنَّ مَن تمارس البغاء فهي تؤثِّر على نفسها ، وإن كانت رخيصة ، فهي لاتقل رُخصاً عن مَن يذهب لها ، لكنَّ مَن يسرق ويكذب ويخون ويحتال ويستغل وينافق ويتملَّق ، فهذا له تأثير سلبي على البشر وعلى المجتمع ككل . وللأسف الشديد ، فقد فعلت هذه البغي مالَم يكن متوقعاً منها ، لقد سرقت مني علبة حلويات قيمتها 12$ لاغير من المواد التي كنت قد جهزتها لنقلها في الشاحنة . لقد نزلت هذه الملعونة إلى إحدى الدرجات السفلى من الإنحطاط البشري بفعلتها هذه .
ربّ مَن يقول بأن الإباحيَّة تدمِّر المجتمع ، أقول صحيح: لكن لاننسى بأننا متى ماعالجنا مسألة الكذب والنفاق والسرقة والقائد الفاسد في مجتمعاتنا ستُمحى الرذائل الأخرى وسيكون من السهل معالجة الإباحية ، فلو كان الإنسان صادقاً لما خان غيره وإن كان واضحاً فلن يكذب على نفسه وغيره ، وإن كان أميناً فسيحافظ على جسد يملكه ولايملكه ، وإن كان عادلاً فلن يقبل لنفسه مايحرم لأخته أو لزوجته والعكس مع المرأة أيضاً ، فالفسق والفجور هي نتيجة طبيعية لكل هذه الخطايا ، فكيف يمكن لإنسان أن يسيطر على غرائزه وهو لايسيطر أمام حفنة مال يسرقه . فأين ذاك الذي لايفرق بين إثم وآخر ؟ ومن يستطيع أن يزدري بائعة هوى ويفعل نفس الشيء مع سلطة فاسدة مهما كانت ؟ ومن يستطيع أن يكون صادقاً مع نفسه في كل شيء ؟