Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

خطاب غير مسؤول

مايحز في النفس هذه الايام ان تنبري لنا اقلام واسماء من اوساط شعبنا ومن نخبه الثقافية بخطاب انهزامي ومشكك لبعث الريبة في نفوس ابناء قومهم من مشروع المحافظة المطروح محاولة وأد المشروع في مهده قبل ان يرى النور برسم صورة سوداوية له لافراغه من محتواه النبيل كمشروع خلاصي وامل اخير لشعبنا وتسويقه على انه مشروع كارثي سوف يقضي على المسيحية والمسيحيين في العراق والغريب في الامر ان اغلب هذه الاصوات يقيم اصحابها في المهجر أي انهم لم يكتووا بالنار التي اكتوى بها ابناء جلدتهم على مدار السنوات الماضية او ان بعضهم اثر الرحيل قبل ان تصله النار ولذلك لايمكنه ان يستشعر ويتحسس الام وجراحات شعبه وبالتالي لايمكنه تحديد ومعرفة وسائل وسبل انقاذه والحفاظ عليه قبل ان تأفل شمسه ويدركه المغيب على ارض النهرين .
ان الغريب في الامر هو قيام هؤلاء بزرع الاحباط والانكسار في نفوس ابنائهم واخوتهم بهذا الخطاب بدل قيامهم بمؤازرتهم وتعضيدهم وتقديم كل انواع الدعم وتسخير كل الامكانات والتحرك على جميع الصعد لرفد وانجاح هذا المشروع الذي يبدو لنا اليوم الامل الاخير لشعبنا ونقطة الضوء الوحيدة في ليالي ظلمته والذي لن تقوم له قائمة في حال فشل هذا المشروع ولن يكون امامه في النهاية سوى الهجرة كطوق نجاة اخير ووحيد من الغرق بعد ان ضاقت به رحاب وطنه على اتساعها .
ان من يزايد اليوم على وطنية الداعين والداعمين لمشروع المحافظة او يشكك بصدق نواياهم بذريعة ان مصالح شخصية وحزبية تقف وراءه كان حريا به ان يظل مع شعبه وقريبا منه ليعرف حجم الاحباط واليأس الذي وصل اليه هذا الشعب وحجم التكالب والاستهداف الذي يطاله والذي يوشك ان يقضي على اخر ماتبقى منه في ارض اجداده لانه اليوم يحترق بنيران تعددت الوانها ومصادرها والهدف واحد هو ارغامه على التخلي عن ارضه واقتلاع جذوره من وطنه.
اننا على يقين ان فرسان المواقع الالكترونية ورجال الخطابات القادمة من وراء البحار لن تسعف شعبنا ولن تنقذه من مخاطر التشرد والضياع التي تنتظر البقية الباقية منه اذا مااخفق مشروع المحافظة هذا وان من يبرر رفضه لهذا المشروع تحت غطاء انه لايريد اختزال الوجود المسيحي في العراق في محافظة واحدة على اساس ان المسيحيين لكل العراق والعراق كله لهم وان اختزال وجودهم في بقعة بعينها يمكنه ان يزيد من استهدافهم ويؤلب عليهم باقي المكونات العراقية وبالتالي كما يقولون ستكون هذه المحافظة اذا ماتحققت مقبرة لمسيحيي العراق ،على هؤلاء ان يصحوا من غفوتهم وان ينشطوا ذاكرتهم القريبة ويتذكروا كيف ان كل ارض العراق وكل محافظاته صارت مقابر لهم من الموصل الى البصرة بعد العام 2003 مع ان المسيحيون لم يكن لهم في الامر شيئا فلم يحملوا او يروجوا لاي مشروع قومي او طائفي ولم يكونوا طلاب سلطة او امتياز ولم تكن لديهم اجندات من خارج الحدود يعملون لحسابها كما هو حال الكثيرين في عراق اليوم بل كانوا وطنيين بامتياز مخلصين لوطنهم وشعبهم العراقي وكان اقصى طموحهم العيش بكرامة على ارضهم وفي وطنهم مع باقي الطوائف والمكونات ولم يطمعوا الا بالمساواة والمواطنة الحقة الكاملة اسوة بالجميع فلماذا لم تحفظ ارواحهم ولماذا تم استهدافهم على الهوية في جميع محافظات العراق ؟ ثم من قال ان مشروع المحافظة هدفه جمع كل مسيحيي العراق فيها ومن بشّر بمحافظة دينية او اثنية مقتصرة على طيف او لون واحد ؟ ان المحافظة المطالب بها هي على اساس اداري وجغرافي ولكل اطياف والوان الشعب العراقي في هذه الرقعة الجغرافية من ارض العراق( سهل نينوى) حالها حال المحافظات الاخرىللارتقاء بالواقع الخدمي والمعيشي لابنائها وتحقيق تطلعاتهم في النهوض والتنمية التي حرمت هذه المنطقة منهما لعقود خلال المراحل السابقة بسبب الاهمال والحرمان الذي عاشته على ايدي انظمة الحكم العراقية المتعاقبة وهي لن تنغلق على نفسها بل ستكون مفتوحة على كل شقيقاتهاومتواصلة معها .
ان المضحك المبكي والمخجل ايضا ان يبرر احدهم رفضه لهذا المشروع في واحدة من مقالاته الصفراء الكثيرة ذات النغمة والعزف الطائفي والتقسيمي الواحد المتكرر بالقول متسائلا: ماذا جنى الكلدان من الكوتة المسيحية حتى يدعموا هذا المشروع ثم يستطرد: ان الاحزاب الاشورية (يقصد الحركة الديمقراطية الاشورية والمجلس الشعبي ) قد سطت على الكوتة المسيحية واستأثرت بالمناصب التشريعية والتنفيذية التي اقرت للمسيحيين في مؤسسات الدولة العراقية وسوف تفعل هذه الاحزاب الشىء ذاته في موضوع المحافظة اذا ماتحققت. ولنا هنا ان نسال هؤلاء: كيف وباي وسيلة سطت الاحزاب االاشورية على الكوتة المسيحية؟ الم تكن الانتخابات حرة والقوائم مفتوحة؟ الم تكن هناك قوائم لاحزاب كلدانية الهوى والخطاب والطرح تنافس قوائم الاحزاب الاشورية كما يصفها ( مع تحفظي الشديد على هذا الوصف والتصنيف الهدام)؟ الم يكن المواطن حرا في الادلاء بصوته للاشخاص والقوائم التي يثق بها وببرنامجها وخطابها ومرشحيها ويعتقد انها الاكثر جدارة واهلية لخدمة شعبنا وقيادته في هذه المرحلة؟ الا يحلو لهؤلاء التقسيميين والطائفيين والمبشرين بالنسب المئوية اسماعنا المعزوفة النشاز باستمرار بان الكلدان يشكلون 80% من مسيحيي العراق ؟ فاذا ما سلمنا جدلا بصحة ارقامهم فكيف عجزت القوائم الكلدانية عن استحصال تأييد ومؤازرة ابناء شعبنا وفي مقدمتهم ابناء شعبنا الكلداني فخرجت من الانتخابات بخفي حنين ولماذا صوت الكلدان للقوائم التي يسميها هؤلاء اشورية ونحن نسميها قومية ووحدوية ولم يصوتوا للقوائم الطائفية؟ اليس بسبب نبذهم للتقسيميين وطروحاتهم المهلكة وايمانهم باننا شعب واحد ؟ الا يعني هذا بان عامة شعبنا اوعى وانضج من بعض نخبنا الثقافية والسياسية لانها تجاوزت الاطر والحدود الطائفية التي يحاول هؤلاء ترسيخها وتكريسها بشتى الوسائل والمناسبات .
ان هذه الاصوات والخطابات تتخبط في دوامة تناقضاتها وحيرتها وعجزها بسبب عمى الالوان الذي اصابها فاعجزها عن رؤية الحقيقة واباح لها الاستخفاف بعقول وقناعات ورؤى شعبنا ،ان اهم مايحتاجه هؤلاء هو المصداقية والصراحة ومكاشفة الذات واحترام الحقائق على الارض واهم هذه الحقائق التي تسطع اليوم هي ان شعبنا قد تجاوز مفاهيمهم وخطابهم الطائفي المقيت ليقول لهم ولامثالهم وبصوت عال :كفى نواحا وعويلا وتعكزا وتمترسا باسوار الطائفية ،فالشمس في رابعة النهار وشعبنا له عيون واذان وذاكرة حية وبامكانه تمييز الخيط الابيض من الاسود والحنطة من الزؤان. ان من يرفض مشروع المحافظة عليه ان يسعفنا بالبديل الضامن لبقاء وحياء شعبنا في وطنه فاذا مااجابوا بان البديل هو كل العراق وليس محافظة بعينها نقول لهم : ان هذا الخيار قد سقط لانه اورد شعبنا موارد الهلاك ولأن المسيحيين قد ذبحوا من الوريد الى الوريد على كل ارض العراق فان اردتم القضاء على كل شعبكم بالقتل والهجرة والتشريد ارفضوا مشروع المحافظة لتشهدوا بأم أعينكم نهايته الحتمية والقريبة في هذا الوطن في غضون سنوات قليلة قادمة وعندها ستتحملون بمواقفكم واقلامكم مسؤولية خذلان وذبح شعب مع سبق الاصرار والتصميم بسبب خطابكم القاصر وغير المسؤول ولات ساعة ندم ...

29 / 9/ 2011


Opinions