خطة للقضاء على الارهاب في العراق
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COMفيما تجري الدماء انهارا، لازالت الدولة العراقية، بكل مؤسساتها، تتحدث بلغة انشائية مجة، تصل احيانا الى حد الكذب المقرف.
تصوروا، ان الناطقين الرسميين باسم المؤسسات الامنية، يتحدثون بلغة المراسل الصحفي، فلم تسمع منهم ما يختلف عما تسمعه من اي مراسل لاية قناة اعلامية مقروءة او مسموعة او مرئية.
اذا كان الدم لا يحرض الدولة على وضع النقاط على الحروف، لتكشف عن كل التفاصيل المتعلقة بالارهاب، فما الذي سيحثها ويحرضها على ذلك اذن؟.
ان الدم العراقي اغلى من السلطة والسياسة والدبلوماسية والعلاقات الدولية والاقليمية، فكل تلك وغيرها يجب ان تكون في خدمة الدم العراقي لحمايته، اما اذا تحولت الى سبب مباشر لاراقة هذا الدم المقدس، فلا خير فيها ابدا.
ان كل قطرة دم يجب ان تكون نقطة تضعها الدولة على حرف يفضح الارهاب، والا فسنشكك حتى في نوايا الدولة، التي ستثبت انها عاجزة عن حماية مواطنيها.
حتى رب العزة والجلال، الخالق المتعال، برر دعوته للناس لعبادته الواحد الاحد، لانه ضمن لهم حياة آمنة واشبع بطونهم، اي ضمن لهم امنا اجتماعيا وغذائيا، كما في قوله تعالى وهو يشير الى هذه الحقيقة {لايلاف قريش* ايلافهم رحلة الشتاء والصيف* فليعبدوا رب هذا البيت* الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف} فكيف بالدولة التي ما قامت الا من اجل هذين الهدفين على وجه التحديد؟.
لقد بات واضحا جدا، ان عمليات القتل والتدمير التي شهدت تصعيدا خطيرا في الفترة الماضية، لم تستهدف (مقاومة) الاجنبي المحتل، بعد ان انسحبت القوات الاجنبية من المدن العراقية لتستقر في معسكراتها خارج المدن، كما انها لا تهدف الى الجهاد والنضال من اجل التحرير، انما هدفها تدمير العملية السياسية والنظام الديمقراطي الذي يبنيه العراقيون باسنانهم، في وسط بحر متلاطم من التحديات العظيمة.
ان كل ضحايا العمليات الارهابية التي شهدتها العاصمة بغداد يوم الاربعاء الماضي، هم عراقيون، ليس فيهم اجنبيا واحدا، وان كل السيارات التي تم تدميرها في هذه الجرائم هي سيارات عائدة لعراقيين، وان كل الابنية التي دمرتها التفجيرات عائدة الى عراقيين ويسكنها عراقيون، فاية مقاومة وجهاد هذا الذي يخدع به نفسه الاعلام الطائفي والعنصري البغيض؟.
ان الارهاب الذي بات يهدد العراق بالعودة الى المربع الاول، لا يتم القضاء عليه بالمجاملة والخوف والتردد وباللغة الانشائية، والشعارات، بل بخطة محكمة، احاول هنا تلمس ملامحها بما يلي:
اولا: فضح محاصصة الملف الامني.
لقد قلنا مرارا وتكرارا، بانه لا يجوز محاصصة الملف الامني، اذ يجب ان يبقى بعيدا عن ذلك، لتتعامل معه الحكومة العراقية والمؤسسات الامنية بمهنية عالية لا تتدخل فيه السياسة ولا تؤثر عليه المحاصصات.
ابعدوا الملف الامني عن الصراعات الحزبية والطائفية والعنصرية والمناطقية، والا فان دم العراقيين مقدس سيفضحكم ان عاجلا ام آجلا.
ان على الحكومة العراقية ان تفضح كل من يحاول ان يحاصص الملف الامني، ان باعتقال مجرم او بقتل ارهابي او بالكشف عن المعلومات الحقيقية المتعلقة بهذا الملف الخطير.
ثانيا: تفعيل قانون مكافحة الارهاب الذي وضعته الحكومة العراقية على الرف بعد ان شرعه مجلس النواب العراقي، وذلك بسبب المحاصصة وعمليات البيع والشراء والمقايضات التي تمارسها الاحزاب والكتل السياسية الحاكمة.
ثالثا: اعادة النظر في مجمل الخطة الامنية، فلا يكفي ان تبادر الحكومة العراقية الى اقالة عنصر امني او قائد ميداني، من موقع الحدث، بل يجب ان تعيد النظر في مجمل الخطط الامنية التي اثبتت انها مخترقة من اضعف حلقاتها، والتي يجب ان يتم الكشف عنها لسد كل الثغرات التي يتسلل منها الارهابيون.
رابعا: المبادرة فورا الى تشكيل محاكم ميدانية لانزال القصاص العادل، وامام مراى ومسمع الناس ووسائل الاعلام، بحق كل من يتم اعتقاله بالجرم المشهود، او يحكم عليه القضاء، بعد ثبوت الادلة القطعية.
خامسا: المبادرة فورا للكشف عن كل خيوط الخطط والشبكات الارهابية.
ان التستر على اية جزئية من هذه التفاصيل بحجج او باخرى، بمثابة التستر على الارهاب ذاته، وهو بمثابة التستر على من اباح دم العراقيين، فاراق دماءهم واستباح ارواحهم.
والمتسترون، متورطون بدم العراقيين.
الى متى تظل السلطات الامنية تلف وتدور حول الاسماء والجهات المتورطة بالارهاب في العراق؟ لماذا لا تتسلح بالشجاعة ولو لمرة واحدة، لتخبر العراقيين عن كل الحقائق المتعلقة بهذا الملف؟.
سادسا: اعادة النظر في قانون اجتثاث البعث، ومشروع المصالحة الوطنية، واللذان مكنا الكثير من المجرمين من العودة الى مناصب سياسية وامنية حساسة.
يجب على الحكومة العراقية ان تعيد قراءة ملفات كل بعثي عاد الى الاجهزة الامنية، تحديدا، للنظر فيها بعين الشك والريبة، حتى تثبت براءتهم من التورط بمثل هذه الاعمال الاجرامية.
ان عمليات القتل التي ينفذها عنصر ارهابي واحد، يشترك في التخطيط والترويج والتسويق لها اكثر من عنصر، ان بالتجبين والترجيف او بالتبرير والتسويق الاعلامي، او بتسهيل المهمة، ولذلك يجب على الحكومة العراقية ان تعيد قراءة ملفات كل ايتام النظام البائد ممن عادوا وتسنموا مواقع في الدولة العراقية الجديدة، خاصة في الاجهزة الامنية، والا كيف تمكن الارهابيون من اختراق كل الاجراءات الامنية التي تتحدث عنها الحكومة العراقية ليصلوا الى مثل هذه المواقع الحساسة، اذا لم يساعدهم من اخترق الاجهزة الامنية، ووصل الى المواقع الحساسة؟.
ان ما يشهده العراق اليوم هو نتاج التساهل بعودة البعثيين وايتام النظام البائد الى المواقع الحساسة، ولكثرة التساهل اصبحنا مصداق لقول امير المؤمنين عليه السلام في خطبته عندما اراد استنفار الناس الى اهل الشام بعد فراغه من امر الخوارج، وفيها يتافف بالناس، وينصح لهم بطريق السداد، يقول عليه السلام؛
{والله ان امرءا يمكن عدوه من نفسه يعرق لحمه، ويهشم عظمه، ويفري جلده، لعظيم عجزه، ضعيف ما ضمت عليه جوانح صدره}.
ان البعثيين وايتام النظام البائد، لا يكفي معهم قانون الاجتثاث، بل لابد من تبديله الى قانون (الحش) لقلعهم من الجذور، فالبعثيون لا يتعايشوا الا مع القتل والدمار والموت، ولنا في تجربتهم بالسلطة خير دليل، ولذلك، سيظل البعثيون مصدر قلق وخطر على العراق الجديد، ما لم يتم قطع دابرهم.
سابعا: اعادة تشكيل الاجهزة الامنية فورا، بوضع خطة كفيلة باعادة صياغة المؤسسات الامنية، وبما يكفل من تحقيق عملية تمركز للاجهزة العديدة، لتتركز مسؤوليتها عند السيد رئيس الوزراء حصرا او من ينوب عنه مباشرة.
لقد فعلت هذا الامر الادارة الاميركية بعيد احداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، عندما اكتشفت ان تعدد الاجهزة الامنية واستقلالية عملها كلا على حدة، سبب بترهلها وفي احيان كثيرة بتناقضها وتصادمها او باتكال بعضها على البعض الاخر، ما سبب بتراكم الملفالت الامنية على الرفوف من دون ان يتعب نفسه احد لمطالعتها او التدقيق فيها.
هذه الظاهرة موجودة الان في العراق لذات الاسباب، ولذلك يجب تركيز عمل المؤسسات الامنية، لتجاوز هذه المشاكل التي تسببت بحالات الترهل والتواكل بين مختلف الاجهزة الامنية.
ثامنا: تسليح العشائر العراقية ونشرها على طول الحدود العراقية المشتركة مع دول الجوار، خاصة مع جار السوء، المملكة العربية السعودية، وكذلك مع الجارة سورية التي يبدو لي انها عاجزة عن ضبط حدودها ربما لانشغالها بالتصدي للعدو الصهيوني، لا ادري.
ان العشائر العراقية هي افضل من يمكنه حماية حدود العراق من تسلل الارهابيين والقتلة، فهي الاحرص على العراق وعلى دم العراقيين الابرياء.
ان صرف مرتبات الالاف من ابناء العشائر العراقية ليتم نشرهم على طول الحدود العراقية، لا ينقص من خزينة الدولة، فهو مصروف في محلة بالضبط، فبدلا من ان تبذر الدولة العراقية اموال العراق من خلال منح دولة مثل الاردن، الذي ثبت تورطه بدعم الارهاب والارهابيين في العراق، النفط العراقي باسعار مخفظة (تفضيلية) تقول الحكومة العراقية انه مقابل مساعدتها لمنع الارهابيين من التسلل الى داخل العراق، فان من الافضل والاجدر بها ان تمنح مثل هذه الاموال الى ابناء العراق ليحفظوا حدوده، ويصونوا الارض والعرض والدم من الانتهاك.
تاسعا: معاقبة دول الجوار التي يثبت انها متورطة بالارهاب وباي شكل من الاشكال.
ان طريقة ونوعية المعاقبة تختلف من دولة لاخرى، اذ يجب ان تدرس الحكومة العراقية كل السبل الكفيلة بايذاء مثل هذه الدول لتتذوق طعم الظلم والجحود الذي تتعامل به مع العراق وشعبه الابي.
عاشرا: تنفيذ الاحكام الجنائية الصادرة بحق المدانين من ايتام النظام البائد، فورا، فان بقاءهم يحرض على المزيد من الارهاب.
لماذا تقبل الجكومة العراقية مقايضة هؤلاء المجرمين بمشروع ما يسمى بالمصالحة؟.
لقد ثبت قانونيا تورط هؤلاء القتلة ومشاركتهم بافعال واعمال الطاغية الذليل صدام حسين، كما ثبت للعراقيين تورطهم بدماء الابرياء وتلطخ اياديهم بها، فلماذا لا تنفذ ضدهم الاحكام العادلة الصادرة بحقهم؟ لماذا يتركون يعيشون، وكلنا يعرف جيدا بان بقاءهم على قيد الحياة يمنح الارهابيين والقتلة وايتام النظام البائد جرعات جديدة من الامل باستمرار الحياة لهم، وتاليا الامل بالعودة في يوم من الايام الى السلطة في بغداد؟.
نفذوا بحقهم الاحكام العادلة لتشردوا بهم من خلفهم، ولييأس من ينظر اليهم كابطال ونماذج للصمود والتصدي.
حادي عشر: ايها الفرقاء المشاركون في العملية السياسية، كفاكم خصاما ونزاعا، والذي بات اليوم على حساب المواطن العراقي.
كفاكم حربا بالنيابة عن هذه الدولة (الجارة) او تلك، عودوا الى انفسكم، وقرروا ان لا تتبنون الا الاجندات الوطنية الداخلية فقط، وتاكدوا بان اية مشاريع سوى المشروع الوطني، سوف لن ينفعكم شيئا، لا في انتخابات ولا في مشاريعكم الرامية الى الوصول الى السلطة، فبالمشروع الوطني فقط تحفظوا ماء وجهكم، لان به فقط تثبتوا للعراقيين انكم وطنيون لا ترتبطوا بالخارج.
عليكم جميعا، ان ترصوا صفوفكم، فلقد كادت السفينة ان تغرق، وعندها سوف لن ينجو احدا منكم ابدا.
ثاني عشر: انتبهوا الى ضحايا النظام البائد، والى ضحايا الارهاب، فهم عماد الدولة الجديدة، انتبهوا لهم بالرعاية المادية والمعنوية، ولا تغفلوا عنهم ابدا.
20 آب 2009