خفايا وأسرار غير مكشوفة عن السكرتير الصحفي لعدي صدام حسين
إن ابرز ما يميز السنوات 35 التي أمضيناها في ظل نظام صدام حسين السابق أنها كانت تتسم بالسرية التامة والغموض الكامل لمختلف الأحداث التي مرت على هذه البلاد وهذا ما يفسر عشق الناس واندفاعهم لمطالعة كل الملفات القديمة والسرية للغاية والتي كشف النقاب عنها بعد عام 2003، وهذا ما يدفع إقبال الناس وتفاعلهم بشان ما نشرناه من حقائق دامغة حول المجرم الهارب مشعان ضامن ركاض الجبوري ومغامراته الخارجة عن كل القيود والحدود الأخلاقية والفعل الإنساني المباح ولهذا قررنا أن نواصل فتح كل الملفات المتوفرة لدينا وتسليط الضوء على شخصيات لا تقل خطورة عن مشعان فهي مازالت تمارس تضليل الناس وخداعهم عبر الفضائيات أو من خلال ما امتلكوه من الثروات التي جنوها من السحت الحرام والتي يحاولون من خلالها بتجميل صورهم التي لم تعد مخفية لان ملفاتها الحقيقية وقعت بين أيدينا ولا يستطيعون أن يواجهوا الحجة بالحجة والوثيقة بالوثيقة ولذلك يلجئون إلى الكذب مثلما لجا مشعان الركاض بكذبة ويكليكس التي زعم أنها نشرت وثيقة تتهمني بالتجسس وهذه نكتة سخيفة لم يصدقها العقلاء وحتى المجانين لأنهم يعرفون فبركات مشعان وعجزه عن الرد واليوم أيضا نتحداه بالرد عن كل حقيقة اتهمناه بها وان يكشف لنا وثيقة ويكليكس المزعومة وربما سيجد فعلا وثائق ولكنها بالتأكيد ستكشف عن ارتباط الركاض بأجهزة المخابرات منذ سنوات طويلة وتنفيذه لمخططات إجرامية في العراق والمنطقة العربية .يطل علينا اليوم في هذه الحلقة شخص يدعى عباس الجنابي وآخر مناصبه قبل 2003 السكرتير الصحفي لعدي صدام حسين وهذا العباس ينتمي لأسرة فقيرة من أهالي المسيب وكانت شهرة أمه أكثر من أبيه فهي تحترف مهنة نسميها ( الكوالة ) وكانت تجوب البيوت أيام المناسبات والوفيات لتجمع ما تمن عليها الناس من نقود وبقايا ملابس وفضلات من الأكل تطعم أبنائها وكان بينهم عباس الذي تمكن بمعونة أمه وليس أبيه التي تعلم منها الشيء الكثير من المواويل وما يرتبط بها من شعائر وطقوس واستطاع إن يشق طريقه ويحصل على شهادة البكالوريوس باللغة الانكليزية وكان مندهشا في عالم المدينة في بغداد وقد استثمر انتماء والده لسنة العراق بقبوله فيما بعد في جهاز الأمن الخاص وخاصة عندما أصبح سكرتيرا لعدي صدام حسين .
عباس تمكن ومن خلال التحاقه في الخدمة العسكرية أن ينسب للعمل في مديرية التوجيه السياسي وبالضبط في جريدة القادسية وكان يحلم بالتقرب من الأسرة الحاكمة في العراق واستطاع أن يحقق طموحه حيث جاءته الفرصة على طبق من ذهب حين أراد الشاب المتطلع للتميز وتأكيد الذات عدي صدام لإنشاء جريدة تعنى بالرياضة وأطلق عليها في حينها ( البعث الرياضي ) ووقع الاختيار على عباس ، والحق يقال إن هذا الرجل متعدد المواهب ويثير الانتباه ، فقد نجح وخلال مدة قصيرة أن يكسب ثقة الشاب المغرور عدي وقد انشأ له الجريدة وأظهرها بمظهر لائق لتسد فراغا مهما في الساحة الصحفية المحاصرة وتجد لها الصدى الطيب في الأوساط الرياضية مما زاد الأمر إعجاب عدي صدام لعباس الجنابي وتقريبه منه والاعتماد عليه في تنفيذ مشاريع صحفية أخرى مثل جريدة بابل ومجلة الرافدين وتنفيذ بعض الفعاليات منها إقامة التجمع الثقافي حيث نجح الجنابي باستدراج عدي إلى الوسط الصحفي وأقنعه بان يكون نقيبا للصحفيين .
وتمكن عباس إن يكون الشخص الأقرب إلى عدي صدام حيث أصبح مستشارا ونديما له يدمن عليه عدي في كل جلساته الخاصة ويأتمنه على أسراره خاصة ما يتعلق منها في استثماراته المالية وغزواته النسائية ، ونجح الجنابي بان يخترق حتى عائلة صدام حسين من خلال عدي وكونه أيضا تزوج من امرأة تنتسب إلى مدينة تكريت ويتولى شقيقها وهو رائد في الجيش منصبا مهما يتمثل مسؤولا عن حماية ( سيدة العراق الأولى ) ساجدة خيرالله طلفاح زوجة صدام ، ونقل عن عباس حكايات لم يتسن لنا التأكد من صحتها فقد أشار في جلساته الخاصة انه اقرب رجل إلى السيدة أم عدي !!! .
الجنابي كان ذكيا وكان أيضا غريب الأطوار فهو يمكن أن يكون وفيا للآخرين بدرجة لا تصدق حيث يتمكن من إنقاذهم من حبل المشنقة وبأساليبه الخاصة وهو في ذات الوقت يستطيع إن يكون حقيرا ونذلا يقود الأبرياء إلى المقابر الجماعية فليس هناك منطقة وسطى عند عباس ، واستطاع من خلال هذه المواهب إن يمارس عمليات ابتزاز واسعة وجمع من خلالها أموال طائلة وخيالية باسم عدي صدام فهو مغامر من الطراز الأول ولا يبالي بالخطر أمام رغباته المجنونة وعشقه للمال والنساء وتمكن الجنابي من امتلاكه ثقافة موسيقية جيدة واستطاع إن يدجن ويوظف اغلب الفنانين من ملحنين ومطربين وشعراء في جلسات ونزوات سيده عدي ، فأقام له الحفلات الخاصة والليالي الحمراء المليئة بالمفارقات والحكايات الغريبة مع الفنانين والذي أصبح البعض منهم من أشهر النجوم ومنهم المطرب كاظم الساهر .
كان الجنابي شاهدا على أحداث كبيرة شهدها الوسط الإعلامي والثقافي والرياضي منها وقائع حادثة ضرب مجموعة من الصحفيين في حفل كبير حيث تم ضربهم بالطماطة الفاسدة لخروجهم على تعليمات منح العضوية في نقابة الصحفيين العراقيين وكان هذا اليوم مشهورا في تاريخ الصحافة العراقية ، وكان أيضا شاهدا على عملية اعتقال الشاعر الغنائي فالح حسون الدراجي وكيفية تعذيبه في إحدى سجون عدي ، وقد كان الجنابي حاضرا حين تم إحضار ماجد عزيزة المحرر في جريدة البعث الرياضي أمام عدي بحجة السخرية من خطاب متلفز للرئيس صدام حسين عام 1993 وتم إرساله إلى سجن الرضوانية بناء على أوامر من عدي وتم تعذيبه هناك بشكل وحشي ، حيث صرح عزيزة بعد هروبه من العراق بأنه اختفى في بلد أوربي خوفا من بطش عدي الذي وصفه بالسادي الذي يستمتع بإنزال العقاب على الأشخاص المقربين منه .
وكان حاضرا عن اغرب عقوبة تلقتها مذيعة عراقية تلفزيونية حيث اتهمت أنها ادعت أمام زملائها بأنها تستطيع أن تروض عدي صدام وحين سمع عدي ذلك جمع حاشيته وأفراد حمايته وفي مقدمتهم عباس الجنابي وطلب منهم أن ينفذوا اغرب عقوبة بحق هذه المذيعة المسيئة وطلب منهم إن يقفون على شكل طابور ويدخلون عليها واحدا تلو الآخر ويمارسوا معها أبشع عمليات الشذوذ الجنسي ثم طلب منهم أن يكونوا شهودا على وضع ختم خاص على أسفل بطنها من خلال قطعة من الحديد كتب عليها كلمة ( عار ) تم وضعها على النار ليتم لصقها على هذه المنطقة الحساسة بعدها جيء بزوجها وقاموا بضربه بطريقة الفلقة بتهمة عدم تأديبه لزوجته المصون التي كانت تصول وتجول في تلفزيون الشباب كونها الأكثر قربا من زين الشباب ويعرف العراقيون كذلك أن شخصيات إعلامية كثيرة غادرت مبنى الإذاعة والتلفزيون إلى سجن الرضوانية ومورس بحقهم أقسى أنواع التحقير والتعذيب النفسي والجسدي ، لا لسبب، إلاّ لأنهم لم ينفذوا تعليمات عدي بحذافيرها ومن بين هؤلاء : عباس الجنابي ، رحيم العراقي، أمل حسين ، عاصم جهاد ، ماجد عبد الحق وغيرهم ممن تعاقبوا على قيادة الإذاعة والتلفزيون أو العمل بهما ، إلى درجة أن أيا من العاملين في هاتين المؤسستين ممنوع عليه الاستقالة بل يظل واقعاً تحت تأثير الخوف ، ووصل الأمر بالكثير منهم إلى تعمد الخطأ ليكون ذلك سبيلاً لحريته متحملاً شيئاً من التعذيب .
.
كان عباس الجنابي هو العراب بكل ما يحدث في اللجنة الاولمبية العراقية ونقابتي الصحفيين والفنانين واتحاد الأدباء وجميع منظمات الشباب والطلبة ويعرف بالتفصيل آخر مغامرات عدي مع النساء ، ولعل من الحقائق المثيرة إن عدي صدام كان مولعا بالجنابي الذي استطاع تعلم العزف على العود ويلحن ويجري مطارحات موسيقية مع كبار الملحنين مثل فاروق هلال وطالب القرغولي وكان يجمعهم في أمسيات كثيرة خاصة مع عدي وهي جلسات مليئة بالمفارقات والحكايات التي لا يتسع لها مساحة هذا المقال .
واشتهر عباس بأنه بطل مسابقات التوتو واللوتو التي ابتدعها عدي وقد اوجد له وكلاء في المحافظات كافة وجمع من خلالها مبالغ طائلة كان لا ليقدم منها لسيده إلا النزر القليل ، ويقال ذات الشيء عن اختلاسه أموال الإعلانات في صحف عدي وتلفزيون الشباب ، وكان أيضا يمتلك جرأة كبيرة في تزوير توقيع عدي وتوجيه كتب رسمية إلى الوزارات للاستحواذ على مختلف المواد الحكومية بأسعار مدعومة خاصة من وزارة التجارة .
كان الجنابي مغامرا وحدث ذات مرة مشاجرة مع مفرزة حزبية كانت تقف في منطقة محلة الذهب قرب علاوي الحلة حين هبط عباس بسيارته وهو في حالة سكر شديد فاخذ يكيل السب والشتائم ( للرفاق البعثيين ) وشتم حزب البعث واستطاع آمر السيطرة إن يوصل تفاصيل الاعتداء إلى صدام حسين والذي قام بدوره بتوبيخ عدي وطالبه بإجراء تحقيق مع الجنابي ولكن عباس بطريقة بهلوانية وباسم عدي تمكن من استدراج إفراد سيارة النجدة الذين كانوا يتواجدون بمكان الحادث ليقدموا إفاداتهم لصالحه وفعلا فلت من العقاب .
وعلى الصعيد الشخصي فان عباس لم يكن يتردد من القيام بأي فعل لإرضاء نزواته وكان غالبا ما يقتحم غرفة أديب شعبان المصور الشخصي لعدي صدام والكائنة في بناية الجمعية العراقية للتصوير في الوزيرية ويصطحب معه البعض من عشيقاته وخاصة (ر) التي اقترن بها بعد ذلك شخص مقرب من القائد الضرورة ، وكان يحمل معه قناني الخمر والعود ويستمر الأمر لساعات طويلة خلف الجدران الأربعة ، لكن المشهد المألوف الذي يتكرر باستمرار إن أديب شعبان وبعض موظفي الجمعية كانوا يقفون بجانب الباب وهم يسترقون السمع لتنهدات العشيقة وهمسات العاشق وبين الحين والآخر يسمعون دندنة العود وغناء عبوسي .
وحاول عباس ذات مرة وبتوجيهات من عدي صدام الذي تعرض لأكبر عملية نصب واحتيال هو وأمه ساجدة خيرالله ونسيبه حسين كامل على يد المحتال الدولي مشعان ركاض الجبوري حيث تمكن من سرقة أموالهم بحجة تشغيلها في مشاريع كبيرة أيام الحصار لكن مشعان الركاض هرب بالجمل وما حمل وادعى إن المشروع تعرض إلى خسارة ، وحين وصل الجنابي مع مجموعة خاصة لغرض تأديب مشعان وإجباره على إعادة الأموال المسروقة لكن الركاض كان أكثر دهاء من عباس فتمكن من إيصال وشاية إلى المخابرات الأردنية التي أفشلت هذه المحاولة ويقال في وقتها ومن المقربين من الطرفين إن عباس اتفق مع مشعان وتقاسموا الغنيمة بغفلة من عدي وأهله .
كان الجنابي مشرفا على الصحافة الأسبوعية وعلى نقابتي الفنانين والصحفيين ووسيطا لعدي لإرهاب الوزراء والمسؤولين واستثمر هذه العلاقة لمصالحه الشخصية لكن عدي وتماديه على شخصية الجنابي أخضعه لعقوبات قاسية ومنها تحطيم أسنانه وحلاقة رأسه وحاجبيه وكانت هذه الحادثة شائعة بين الأوساط الصحفية والفنية والرياضية ، وكان عدي في أحيان كثيرة يحمل قناني الخمر ويأمر حمايته الانتقال إلى حيث يوجد عباس ويدخل عليه حتى لو كان نائما في غرفة نومه وهذا الأمر وقضايا أخرى جعلت الجنابي يشعر بالتذمر فقرر ذات يوم وعلى خلفية اتضاح أمره بسبب تصرفه بصفقات مالية كبيرة لاستثمارات عائدة لعدي ولكنه شفطها لنفسه فقرر الهرب خارج العراق وفعلا تمكن من خلال مساعدة إحدى الحركات المعارضة لنظام صدام من الانتقال إلى اربيل مع زوجته وابنته وزوجها ومن هناك تم تسفيره إلى بريطانيا ليستقر في لندن وربما جعل من نفسه معارضا لنظام صدام واستطاع عباس أن يقدم خدمات كبيرة لجهاز المخابرات البريطاني ونظم هذا الجهاز للجنابي في مطلع عام 2003 من خلال سفارة لندن في عمان جلسات استماع طويلة لتحليل شخصية عدي صدام حسين ووالده وأسرته وان يحدد لهم على خارطة بغداد المليئة سمائها بالأقمار الصناعية المقرات الرئيسية حول تواجد صدام وأسرته في القصور والمزارع الخاصة لغرض استهدافها من خلال القصف الجوي .
وواصل أيضا الجنابي إن يقدم خدماته لإعطاء المزيد من المعلومات الخاصة بالمقربين من عدي صدام لغرض إلقاء القبض عليهم وكذلك وشى على البعض من الذين كان لهم معه مشاكل و خصومات شخصية وفي المقابل استطاع إن يؤمن الحماية وينقل البعض من أتباع عدي إلى الإمارات وفي مقدمتهم علاء مكي العفونة مسؤول تلفزيون الشباب حيث وصل إلى دبي ومعه جميع الأجهزة الإذاعية والتلفزيونية الباهظة الثمن .
واستطاع عباس خلال وجوده في لندن إن يكسب ود احد قادة الحركات المعارضة لصدام واخذ يلعب نفس الدور الذي لعبه مع عدي حيث الجلسات الخاصة والمواهب المعروفة ، وما زال الجنابي في لندن يلعب على كل الحبال فتراه مرة معارضا للنظام السابق ومرات متعددة مدافعا عنهم وحقيقة الأمر إن عباس عرف إن يلعب على الجميع لمصلحته الشخصية وشهوته الجنسية وحبه الشديد لجمع الثروة حتى إن ضحاياه في العراق أصبحوا أرقاما كثيرة وهذا ما يفسر خوفه الشديد من العودة إلى بغداد أو إلى مسقط رأسه في الحلة / المسيب وراح يتجاهل كل هذه الحقائق وهو يحاول إن يظهر مظهر المتعقل عبر قناة المستقلة واصفا نفسه بالمعارض تماما كما يفعل مشعان الركاض فالأمور والمنطلقات واحدة وبالتأكيد إن تتطابق النتائج والأساليب والحر تكفيه الإشارة .
firashamdani@yahoo.com