خندق يطوق مدينة الذهب الأسود وعرب كركوك يصفونه بـ"العنصري"
مع اقترابه من مراحله الأخيرة، ما زال مشروع حفر الخندق حول كركوك "مدينة الذهب الأسود"، محاطاً بقبول المكونين الكردي والتركماني، فيما يواصل المكون العربي في المحافظة رفضه للخندق الذي يراه "عنصري" وقد يكون شرارة لاندلاع حرب أهلية.
ويقول نائب رئيس مجلس المحافظة ريبوار طالباني، إن "مجلس محافظة كركوك رصد ثلاثة مليارات و391 مليون دينار لحفر الخندق حول مدينة كركوك".
ويبين في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "الهدف من حفره تأمين المحافظة والحد من الخروق الأمنية، وتنظيم مراقبة مداخلها وأطرافها، لمنع تسلل المجاميع الإرهابية التي تحاول المساس بأمن أهالي كركوك".
ويضيف "على الجميع عدم أخذ الموضوع على أنه مشروع سياسي"، لافتا إلى أن "حماية أمن وأرواح أهالي كركوك أهم من أي مناكفات سياسية، ونحن نعمل وفق ما تقتضية المصلحة العامة لحفظ أمن المواطنين من جميع المكونات".
وعن فكرة الخندق وآليات تنفيذه يشير طالباني إلى أن "الفكرة ليست وليدة اليوم، بل كانت مطروحة قبل نحو عامين".
يذكر أن رئيس حركة الحل في مجلس محافظة كركوك جمال الكربولي وصف، في (3 تموز 2013)، مشروع خندق محافظة كركوك بـ"التقسيمي"، وحذر من اندلاع حروب أهلية على خلفية ذلك.
كما صرح رئيس الكتلة العربية في مجلس المحافظة عبد الله العاصي، في (16 نيسان 2013)، أن المجلس كان من المفترض أن يصوت على حفر خندق أمني حول مدينة كركوك من جميع الجهات، لكن تبين أن المخطط له هو حفر الخندق فقط من جهات شرق وغرب وجنوب كركوك وهذا يعني أن المناطق العربية هي المقصودة بالأمر، على حد قوله.
وهنا ينفي طالباني أن يكون الهدف من الخندق "عزل المناطق العربية عن مركز المحافظة، على شكل هلال، بل أن حفر الخندق يسير في مناطق شمالية وشرقية يقطنها الكرد، وكذلك مناطق ذات غالبية تركمانية في غرب المحافظة، وهذا دليل على أنه ليس موجه ضد مكون دون آخر، بل يراد منه تنظيم مراقبة مداخل كركوك والحد من الهجمات المسلحة".
وعن مستويات ومراحل العمل في الخندق أعلن أنه "وصل إلى مراحلة الأخيرة ومع الانتهاء منه ستقوم الأجهزة الأمنية بنشر نقاط تفتيش في أبراج مراقبة يبلغ عددها نحو 100 برج منتشرة على طول الخندق".
ويلفت إلى أن "مجلس المحافظة لديه خطة لدعم نقاط التفتيش بأجهزة سونار حديثة لكشف المتفجرات، ونأمل خلال الفترة المقبلة أن يتم شراؤها وتأمين مداخل المحافظة".
محاولات لعرقلة الخندق الأمني
ويشير طالباني إلى أن "مكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي، أصدر كتابا يطالب فيه المحافظة بوقف حفر الخندق الأمني، وحاول الجيش وضع عراقيل في خط مسار حفر الخندق بحجة صدور الكتاب المذكور، لكن بعد الاتصال برئيس الوزراء تبين أنه لا يمانع حفر الخندق".
ويؤكد أن "مجلس المحافظة لم يتلقى أي رفض رسمي من قبل وزارتي الدفاع والداخلية بشأن حفر الخندق حول مدينة كركوك أو تغيير مساره".
72 كم طول الخندق
من جانبه، يقول العضو التركماني في مجلس المحافظة ومدير طرق وجسور كركوك قسام حمزة البياتي، في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "الخندق ينفذ بإشراف مباشر من قبل اللجنة الأمنية العليا في المحافظة التي يرأسها محافظ كركوك نجم الدين كريم، أنه دخل مراحله الأخيرة".
ويشير إلى أن "العمل يجري حالياً لحفر مقطع بطول ستة كيلومترات يمتد من سيطرة ليلان (15 كم شرقي كركوك) إلى حدود سيطرة السليمانية شرقي المحافظة، وسبقها حفر أخدود جنوب كركوك وغربها وصولا إلى جنوب غرب المحافظة".
وعن طول ومسار الخندق الأمني يوضح البياتي، أن "طول الخندق يبلغ 72 كم بعد أن تم تغيير مساراته وزيادة أطواله استنادا لمواقع نقاط التفتيش الجديدة على طول طريق كركوك أربيل وطريق كركوك السليمانية، بعد أن كان بطول 58 كم".
أجهزة السونار
مدير شرطة الأقضية والنواحي في كركوك العميد سرحد عبد القادر، يبين في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "الخندق دخل مرحلته النهائية، وسيسهم بشكل كبير في الحد من التفجيرات إذ سيتم تحديد منافذ محددة لدخول المحافظة من جميع الجهات، ما يساعد بالكشف عن مصادر دخول السيارات المفخخة أو التي يجري تفخيخها داخل كركوك".
ويؤكد أن "حفر الخندق وتوفير نقاط مراقبة فيه يحتاج إلى دعم وعمل مشترك بين الشرطة والجيش، وهذا الأمر يتطلب تنسيق الجهد الأمني بين وزراتي الداخلية والدفاع"، مشيراً إلى أن "الخندق سيحدد منافذ رسمية لدخول المحافظة، ويجعل جميع المركبات عرضة للتفتيش".
ويشدد مدير شرطة الأقضية والنواحي على "تفعيل الجهد الاستخباري وبناء منظومة أمنية مدعومة بالأجهزة الحديثة، وضرورة متابعة وتحليل نوع المعلومة ومصادرها لتنفيذ عمليات استباقية تمنع العمليات المسلحة قبل وقوعها".
العرب يعترضون
من جهته يقول عضو المجموعة العربية في مجلس المحافظة محمد خضر، في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "اعتراض العرب على تنفيذ المشروع لكونه يضع المناطق التي يقطنها العرب ضمن حدود على شكل هلال ويعزلها عن مركز المحافظة، كما أن هناك اتهام لهذه المناطق بأنها مصدر العمليات المسلحة".
ويرى أن "حفر الخندق غير مجد ولو تم تخصيص تلك الموازنة لشراء أجهزة حديثة ومتطورة لمساندة ودعم القوات الأمنية وتشكيل أجهزة استخباراتية حديثة ومتطورة ونصب كاميرات مراقبة داخل المحافظة، وعند نقاط التفتيش، لكان ذلك أفضل".
ويؤكد خضر أن "مشروع الخندق وأبراج المراقبة يحتاج إلى أعداد كبيرة من رجال الأمن، في حين تعاني الأجهزة الأمنية في المحافظة من نقص في أعداد المنتسبين، وفي كل مناسبة نطالب وزارة الداخلية بتعيين منتسبين إضافيين لسد الفراغ الأمني، بالتالي كيف سيتم تأمين الحماية داخل مدينة كركوك وفي محيطها".
وكان مجلس محافظة كركوك صوت، في (16 نيسان 2013)، على حفر خندق أمني حول المدينة للحد من الهجمات المسلحة، بعد أن طالب محافظ كركوك نجم الدين كريم، في (21 كانون الثاني 2013)، مجلس المحافظة بتخصيص موازنة خاصة لحفر خندق حول المدينة يمنع دخول الجماعات المسلحة.
يذكر أن محافظة كركوك، (250 كم شمال العاصمة بغداد)، والتي يقطنها خليط سكاني من العرب والكرد والتركمان والمسيحيين والصابئة، من أبرز المناطق المتنازع عليها بين حكومتي بغداد وأربيل، وفي الوقت الذي يدفع العرب والتركمان باتجاه المطالبة بإدارة مشتركة للمحافظة، يسعى الكرد إلى إلحاقها بإقليم كردستان، فضلاً عن ذلك، أنها تعاني من هشاشة في الوضع الأمني في ظل أحداث عنف شبه يومية تستهدف القوات الأمنية والمدنيين على حد سواء.