د. علاوي لـ'الخليج': يجب اجتثاث كل أخطاء العملية السياسية حذر من تزوير الانتخابات لأن النتائج ستكون كارثية
05/12/2009شِبكة اخبار نركال/NNN/
أبدى زعيم الحركة الوطنية العراقية الدكتور إياد علاوي تخوفه من وجود احتمالات لتزوير الانتخابات المقبلة نتيجة لتوافر العوامل التي تساعد على حصول مثل هذه التزوير ومن أبرز هذه العوامل عدم وجود تعداد سكاني في البلد ما أدى إلى اعتماد مفوضية الانتخابات على البطاقة التموينية في توزيع عدد مقاعد المحافظات على البرلمان المقبل.
وقال علاوي وهو أول رئيس للحكومة العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين على يد قوات الاحتلال الأمريكية في لقاء خاص مع “الخليج” أن العملية السياسية الحالية في العراق بحاجة ماسة إلى تعديل مساراتها من خلال صناديق الاقتراع كونها غير متوازنة وجرت في ظروف غير طبيعية مر بها العراق، رافضا اتهام بعض الجهات لقائمته الانتخابية بأنها تمثل حزب البعث العراقي المنحل. متهماً من يطلقون هذه التسمية على حركته وبهذا التوقيت انهم يهدفون إلى تحقيق مكاسب سياسية وانتخابية، وإلحاق الضرر ببعض الأطراف التي تنتهج الخط الليبرالي في البلد. وفيما يلي نص الحوار:
* هل لديك مخاوف من حصول عمليات تزوير في الانتخابات المقبلة؟
ليس نحن من يتخوف فقط من احتمالات حصول عمليات تزوير في الانتخابات المقبلة، بل يشاطرنا هذا التخوف الأمم المتحدة، والأمريكيون، والجامعة العربية والعديد من الكيانات السياسية. وهذا القلق والخوف من احتمالات التزوير له أسبابه وفي مقدمة هذه الأسباب انه لا يوجد لدينا إحصاء سكاني عام في البلد. حيث يجري الآن اعتبار سجل البطاقة التموينية المرجع الحقيقي لعدد العراقيين، وتزوير هذه البطاقة لا يعد مشكلة صعبة أمام من يرغب أو يسعى للتزوير. كذلك ما يزيد مخاوفنا الصراع الكبير الذي حصل على قانون الانتخابات داخل البرلمان، وأيضا عدم وجود قانون للأحزاب، فضلاً عن وجود اختراقات في قوانين الانتخابات. كل هذه الأمور تعد عوامل تساعد على حصول عمليات تزوير في الانتخابات المقبلة. وحقيقة الأمر إن التزوير إذا حصل فإن نتائجه ستكون “كارثية” على العراق وهذا ما لا نريده ولا نقبله على الإطلاق. حيث يجب علينا كسياسيين احترام الشعب العراقي وعدم مصادرة حقه في الاختيار وفي التصويت. لأن الشعب العراقي شعب عريق ولابد أن يكون رأيه هو الذي يسود بدلا من آراء الإقصاء والتهميش والمليشيات والتدخلات الخارجية.
عــودة البعث
* بعد إعلان الاندماج بين حركتكم وحركة الحوار الوطني بزعامة النائب صالح المطلك اتهمت هذه الحركة من قبل جهات سياسية وحتى حكومية بأنها تمثل حزب البعث بعينه فما هو ردكم على هذه الاتهامات؟
حقيقة أنا أستغرب مخاوف بعض الجهات من عودة البعثيين من جديد إلى البرلمان المقبل أو إلى السلطة كما يتوهم البعض.وسبب استغرابي يعود إلى أن حزب البعث العراقي منذ الاحتلال ولغاية اليوم قد تعرض إلى ضربات مدمرة استهدفت قياداته وقاعدته على حد سواء من قبل الاحتلال ومن قبل الحكومة العراقية ومن قبل المليشيات. لذلك أنا أقول إن من يطرح مثل هذه الاتهامات وبهذا التوقيت يهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية وانتخابية وكذلك يهدف إلى إلحاق الضرر ببعض الأطراف التي تنتهج الخط الليبرالي في البلد. لأن الخط الليبرالي اليوم بات له حضور قوي في الشارع العراقي.
* كيف تنظر إلى دعوة السيد عمار الحكيم لمشاركة البعثيين في العملية السياسية؟
منذ البداية طلبنا من الإخوة في المجلس الإسلامي الأعلى وبقية الكيانات السياسية بأن يتعاملوا مع قضية البعث من خلال القضاء، وليس من خلال قوانين الاجتثاث.لأن في نهجنا أن أي مجرم ارتكب جرماً بحق العراقيين سواء أكان هذا الجرم قد تم في زمن النظام السابق أو بعد سقوط ذلك النظام يجب أن يحاكم من قبل القضاء العراقي الذي عليه أن يقرر هو مجرم أم بريء. لذلك أرى أن هذه الدعوة جيدة ومقبولة.
تعداد سكاني حقيقي
* ما هي العوامل التي يجب اتباعها لغرض تحقيق نزاهة الانتخابات المقبلة؟
أرى أن هذه العوامل تتمثل بإجراء تعداد سكاني حقيقي خالٍ من التزوير وسن القوانين المعتمدة في الدول المتطورة التي تساعد على منع التزوير أو الحد منه في الأقل فضلا عن ذلك لابد أن تكون رقابة حقيقية تشرف على سير الانتخابات من قبل الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمات المجتمع المدني والكيانات السياسية. فضلا عن ذلك على الجميع أن يتقيدوا بقانون الانتخابات. بحيث لا تقوم “الجهة الفلانية” باستخدام دعاة الدين في المساجد والحسينيات كأبواق لهذه القائمة أو تلك، لأن الدين محترم ودعاة الدين يجب أن يكونوا لكل العراقيين وليس أن يقوموا باستهداف جهات معينة لأن “فلان” أو “الجهة الفلانية” قد اختلف معها سياسيا. فنحن في القائمة العراقية فقدنا (13) شخصا خلال الانتخابات السابقة، حيث تم قتلهم من قبل جهات ومليشيات ولم تقم السلطات بالتحقيق في هذه الجرائم. وقبل أيام أعيد مسلسل استهداف كوادرنا من جديد حيث فقدنا لغاية الآن خمسة أشخاص. فضلا عن ذلك الآن هناك حملة اعتقالات واسعة جدا من قبل السلطة ضد منتسبي “حركة الوفاق الوطني العراقي”. وقد حدث قبل أيام اعتقال مجموعة كبيرة من أعضاء حركتنا في قضاء الشطرة بمحافظة الناصرية بحجة انتمائهم إلى حزب البعث العراقي. وقد أقمنا دعوة لدى السلطات القضائية ضد من قام بعملية الاعتقال. لذلك أرى أن هذه الحملات تدخل في إطار عملية التزوير، لأن هناك تخويفاً وتهديداً للكيانات السياسية العراقية من قبل جهات معروفة. ومثل هذا الأمر لا يخدم العراق ولا يخدم العملية السياسية وكذلك العملية الديمقراطية التي نهدف إلى ترسيخها في المجتمع العراقي.
* هل التخوف لديكم ناجم من خشيتكم من الخسارة في الانتخابات؟
كلا.. التخوف ليس أن نحصل على منصب أو مكسب، لأنني شخصياً لا أسعى إلى المناصب إطلاقا، لكن الذي يهمني أن علينا احترام الشعب العراقي لأننا عندما كنا نقف في المعارضة ضد نظام صدام حسين وعدنا هذا الشعب بأننا سوف نقيم انتخابات حرة نزيهة وشفافة وتداولاً سلمياً للسلطة ونؤسس ديمقراطية حقيقية ونبني دولة القانون التي تكون دولة لكل العراقيين من دون أي تمييز في أي جانب. لكن كل هذه الوعود للأسف لم تتحقق واليوم يشعر المواطن العراقي بخيبة أمل كبيرة جداً تصل إلى درجة الإحباط، ولا اعتقد أن العراقيين سيتحملون احباطات أخرى تضاف لإحباطات السنوات الماضية.
التمويل الخارجي
* اتهمتم من قبل جهات سياسية وإعلامية ببعض الأمور مثل التمويل الخارجي وإعادة البعثيين فما صحة هذه الاتهامات، وهل تأتي في إطار حملة لتضليل الناخبين العراقيين؟
نعم.. كل هذه الاتهامات موجهة ضد التوازن في عملية الانتخابات المقبلة، لأن العملية السياسية غير متوازنة كونها جرت في ظروف احتلال وإرهاب وصراع سياسي وتدخلات خارجية. لكننا في الحركة الوطنية العراقية لا نستخدم مثل هذه الأساليب ضد من يطلق هذه التهم المغرضة. حيث إن الذين يتهموننا يحصلون على أموال طائلة جدا من دول خارجية. بل نحن نرغب أن يكون الشعب العراقي هو الحكم في مثل هذه القضية، لأن الشعب العراقي يعرف جيداً أن من لديه ثلاث فضائيات أو أكثر وكذا صحيفة ومحطة إذاعية لابد أن يكون قد حصل على دعم خارجي وإلا من أين نزلت عليه هذه الأموال؟ وهذه الافتراءات للأسف الشديد لا تهدف إلى تنقية الأجواء ولا إلى إجراء المصالحة الوطنية الحقيقية ولا لبناء عملية سياسية صحيحة يمكن أن تخلص العراقيين من الدمار الذي حل بهم وببلدهم خلال السنوات الماضية. فضلا عن ذلك لابد من الإشارة أننا أول جهة سياسية تعلن عن كشف حساباتها، وكذلك نحن نعرف تمويلنا من أين يأتي والعراقيون أيضا يعرفون، لأننا لسنا بحاجة إلى المال من هذا أو ذاك.
* من أين يأتي تمويل حملتكم الانتخابية ماديا؟
نحن من نمول حملتنا الانتخابية. حيث هناك أصدقاء لنا قاموا بمساندتنا في حملتنا الانتخابية، وكذلك يوجد تجار عراقيون تبرعوا لنا بمبالغ معينة وكل شخص حسب قناعاته في الدفع. وأكرر وأقول إننا لم نقبض ديناراً واحداً أو دولاراً واحداً أو يورو واحداً من أي طرف خارجي. لأننا نرفض هذا المنهج جملة وتفصيلا ومثل هذا المنهج لا يبني دولة إطلاقا فكيف نسلكه ونسير به.
* خلال زيارتك الأخيرة إلى المرجع الأعلى السيد علي السيستاني كيف وجدت موقفه من الانتخابات؟
لقد وجدت السيد السيستاني حريصاً بشدة على نزاهة الانتخابات، وكذلك حريصا على أن تجري الانتخابات وفق نظام القائمة المفتوحة ويرفض القائمة المغلقة، أيضا وجدت أنه حريص جدا على وحدة العراق والشعب العراقي. فضلا عن ذلك وجدت لديه حرصا غير اعتيادي على مسألة الوحدة الوطنية.حيث إن لقائي معه كان طويلاً وكان واضحاً في طرحه لكل الأمور وقد تطرق إلى مسألة المحاصصة الطائفية وقال إنها لا تخص الإسلام، لأن الدين الإسلامي هو واحد. حيث كان الرجل بمستوى المسؤولية والحدث. وقد اكتشفت خلال لقائي بالسيستاني أن ما كان ينقل عنه وينسب إليه من أقوال وتصريحات لم يكن صحيحاً، لأننا وجدنا كلامه بمنطق آخر وكان معي طيف من العراقيين وكان اللقاء ايجابيا وشعرنا أنه حريص على الوضع العراقي بشكل واسع جدا. وتحديدا ما يتعلق بالقائمة المفتوحة في الانتخابات المقبلة.
* ما هي النقاط التي يجب اجتثاثها في المرحلة المقبلة؟
نحتاج إلى اجتثاث كل الأخطاء التي حصلت في العملية السياسية حتى يتم تعديل مسارها بشكل صحيح حتى تكون عملية سياسية شاملة لكل العراقيين ويؤسس على هذه العملية السياسية بناء مشروع الدولة العراقية، لأن هذا المشروع ما زلنا نفتقده.
قبل أيام كنت في حديث مع السفير الأمريكي في بغداد كريستوفر هل قلت له إن الديمقراطية بحاجة إلى مؤسسات تحميها، ومؤسسات أخرى تطورها وإن فيالعراق أهم مؤسستين مفقودتين. المؤسسة الأولى هي القضاء النزيه والعادل والمستقل، والمؤسسة الثانية هي القوات المسلحة. حيث إن في كل بقاع الأرض التي صارت فيها ديمقراطية التي نحاول أن نقلدها توجد في هذه الدول مؤسسات متكاملة تؤدي عملها بشكل صحيح ونزيه. لذلك فأن مشروع الدولة هو الوحيد الذي سيحمي العراق والعراقيين ومشروع الدولة لا يقوم على المحاصصة بأي شكل من الأشكال وإنما يقوم على تعبئة الشعب العراقي بأكمله، لأن مؤسسات الدولة يفترض هي تحمي الشعب العراقي. لان الرسول محمد “ص” يقول: “الناس سواسية كأسنان المشط” والناس آنذاك كان فيهم المسلم والمشرك والمسيحي واليهودي ولم يقل المسلمين. لذلك نأمل أن المؤسسات تتكامل حتى تصبح لدينا دولة حقيقية تكون قادرة على حماية مواطنيها.لأن بقاء القتل والفساد والخراب والتهميش والإقصاء لا يبني دولة عراقية محترمة تستطيع أن تفرض هيبتها في كل الميادين.
قضية كركوك
* قضية كركوك أخذت الكثير من وقت البرلمان قبل الاتفاق على صيغة معينة لقانون الانتخابات فما هو موقفكم من هذه القضية الشائكة؟
الذي يجب أن يحصل في التعامل مع قضية كركوك هو أن يكون هناك هدوء ومعالجات حقيقية لهذه المشكلة، لأن حلها مع أزمة الانتخابات لن يكون ناجحا. لذلك أنا أفضل أن تحل هذه القضية بعيداً عن الضغوطات والمواقف السياسية وقد تكلمت كثيرا في هذا الموضوع.وعندما كنت رئيسا للوزراء في الحكومة المؤقتة كانت بيدي السلطتان التشريعية والتنفيذية فشرعت قانوناً يقضي بتشكيل لجنة سياسية تقودها شخصية عربية مقبولة من الكل لمناقشة ما حصل من تغييرات جغرافية وديموغرافية في كركوك وصولاً إلى تقديم تقرير إلى المجلس النيابي المنتخب في العراق، لكن هذه اللجنة للأسف ألغيت من الحكومات التي أتت من بعدي، ولأن العديد من الأطراف اكتشفت أن هذه اللجنة التي ألغيت هي الحل الأمثل لقضية كركوك. وأعتقد أن حل قضية كركوك يجب أن يراعي كل مصالح الأطراف العراقية ومخاوفها وأن لا يحصل في هذا الحل أي تهميش لأي طرف مهما كان صغيرا أو كبيرا.
* ما هي مساعيكم لتشكيل جبهة وطنية واسعة جدا؟
نحن منذ زمن طويل نجري اتصالات لتشكيل مثل هذه الجبهة الوطنية الواسعة التي ينصهر تحت خيمتها كل العراقيين بعيداً عن أي تمييز. وقد أفلحت اتصالاتنا هذه في الاقتراب من الكثير من الكتل السياسية والشخصيات العشائرية التي تؤمن ببرنامجنا وبمنهجنا. كما لدينا نوايا لتشكيل جبهة أوسع داخل البرلمان المقبل، تكون جبهة قوية ومتجانسة وتستطيع قيادة العملية السياسية بشكل صحيح.
حاوره في بغداد - زيدان الربيعي
4 كانون الاول 2009
الحركة الوطنية العراقية
4 كانون الاول 2009