دماؤنا التي سفكت... أموالنا التي نهبت
المتابع للمزاج العام، يكتشف من دون عناء حالة الخوف والقلق من قادم الأيام. حيث أصبح المواطن، لا يتأمل حدوث أمور ايجابية، إنما جل ما يتمناه هو ألا يحدث ما هو أسوأ وألا يتدهور الوضع أكثر مما هو عليه الآن، سيما أن الأوضاع بلغت حدا خطيرا. فقضايا الإرهاب وصلت الى موقع نائب رئيس الجمهورية، وصدر على ضوء ذلك أمر إلقاء القبض على طارق الهاشمي بتهمة "ضلوعه في عمليات إرهابية"، اعترفت بها مجموعة من أفراد حمايته، حسب ما بث في الإعلام.المتابع لصراع المتنفذين، والتهم التي يتبادلونها، سرعان ما يكتشف انهم لم يختلفوا على بناء الديمقراطية وترسيخها في البلاد. كما لم يجد بين القضايا التي يتجادلون حولها، تشغيل العاطلين، والتفكير بمصير الأرامل والأيتام، وبناء دار لمن لا سكن له، ومكافحة الأمية وتحسين التعليم، وتأمين الطبابة للمريض، وتطوير البلاد، وتفعيل الاستثمار، والإسراع في تشريع القوانين سواء التي تخص بناء الدولة المدنية الديمقراطية، أو تلك التي تخص الضمانات الاجتماعية والقانونية.
لم يكن الخلاف بين المتنفذين يدور، إذن، حول أهمية بناء العراق الجديد، وأولويات تحقيق الأمن للمواطن، وتوفير الخدمات، وتحسن الأحوال المعيشية. المتابع يكتشف من دون عناء أن الصراع على السلطة والمال والنفوذ، هو ما يشغل بال المتنفذين.
حين يشتد الصراع على السلطة، وتتسارع مفاعيل الأزمة وتتشابك خيوطها، وتتصاعد وتيرة خطاب المتنفذين المتشدد بابتذال سقيم، حيث يحمل اخطر الاتهامات في ما بينهم، ابتداء بالشكوى من التهميش والاستحواذ والدكتاتورية مرورا بالفساد ووصولا الى الإرهاب والقتل والتصفيات والتخطيط للانقلاب. حينذاك يصبح القلق هاجسا كبيرا عمّا تخبئه لنا الأيام القادمة، لاسيما ان المتنفذين بدلا من الاستجابة الى دعوات الحوار الوطني، يستمرون في التصعيد الإعلامي ويتبادلون تهم الفاسد والإرهاب وعلى المكشوف.
الحقائق المرة أعلاه، وغيرها الكثير، تتطلب منا نحن الذين نرفض الواقع المر ألا نقف متفرجين بل أن هناك دوراً ينبغي لنا أن نؤديه.. فالدماء التي سفكت هي دماء العراقيين، والمال الذي سرقه الفاسدون هو المال العام، أموال العراقيين. ولا يجوز ان يتواصل هدر دم وأموال العراقيين من اجل ان يحقق هذا السياسي او ذاك أهدافه "الطموحة" التي هي ليست أهدافنا نحن العراقيين الراغبين ببناء وطن جميل.