دوافع سياسية
ما ان ترصد خطأ كبيرا تقع فيه الحكومة، كإلغاء الحصة التموينية، او تشجب سوء إدارة الملف الأمني حينما يشهد اختراقا ما، كالهروب الجماعي للسجناء، او تنتقد الطريقة التي تم التعامل بها مع محافظ البنك المركزي.. حتى يسارع الناطقون باسم الحكومة، وما أكثرهم، الى التشكيك في قصدك، مرددين لازمتهم المعروفة بان وراء ذلك النقد "دوافع سياسة".
حينما تسمع بفضيحة من العيار الثقيل، كشبهة الفساد التي رافقت صفقة السلاح الروسي مع العراق، حيث تردد ان مبلغ الفساد بلغ 196 مليون دولار! ترى كيف يسارع الناطقون او النواب المتبرعين بالتصريح نيابة عن الحكومة كونهم من كتلتها البرلمانية ليس إلا، شاجبين الانتقاد، جاعلين من لازمة "دوافع سياسة" وكأنها إدانة لمن ينتقد الفساد في الصفقة، التي هزت احد أركان الحكومة الروسية، وتمخضت عن إقدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إقالة وزير الدفاع اناتولي سرديوكوف، نرا الى تورطه بقضية الفساد كما أُعلن عن ذلك عبر وكالات أنباء عالمية.
لم يفقه الناطقون هنا بان "الدوافع السياسية" وليس غيرها، تكمن وراء إقدام بوتين على إقالة وزير دفاعه، وهي التي دفعت الرئيس الى الإسراع في إقالة رئيس أركان الجيش الروسي أيضا، وكان الهدف من ذلك هو الحفاظ على سمعة الرئيس وحكومته، والحيلولة دون ان تطالها شبهة فساد، ولهذا السبب اتخذ قرار الإقالة سريعا، شجاعا، مستجيبا للاعتزاز بالكرامة الوطنية كي لا يمسها سوء، "الدوافع السياسية" اذا لا تسمح بالتهاون مع أي فاسد، مهما كان موقعه في إدارة الدولة.
أتذكر انه حينما اعتصمنا وتظاهرنا من اجل الإصلاح، سرعان ما اكتشفوا ان وراء احتجاجنا "دوافع سياسية"، وكأنهم في ذلك يطعنون تحركنا، وينتقصون من هدفنا في المطالبة بالخدمات.
السياسة ودوافعها تدخل في جميع أمور الحياة وتتداخل معها، لذا تجدهم يقولون السياسة الأمنية، والسياسة الاقتصادية، والسياسة الرياضية، والسياسة الثقافية، والسياسة التعليمية، فالجهل وحده يقف خلف الاعتقاد بان القضايا التي تخص الشأن العام هي خارج نطاق السياسة.
هل لك ان توضح عزيزنا الناطق الرسمي الدوافع غير السياسية التي تحول دون كشف المتورطين في الفساد في صفقة الأسلحة؟.
جاسم الحلفي