Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

رؤية في المادة 26 من قانون البطاقة الموحدة وانتهاك حقوق المكونات العراقية غير المسلمة

 رؤية في المادة 26 من قانون البطاقة  الموحدة

وانتهاك حقوق المكونات العراقية غير المسلمة

 

وليم وردا

تمثل الفقرة ثانيا من المادة (26) من قانون البطاقة الوطنية الموحدة الذي أجازه مجلس النواب يوم 27 /10/2015،  خرقا فاضحا لحقوق المكونات العراقية غير المسلمة وذلك لأنها تنص على تغيير ديانة الأطفال القاصرين إلى الإسلام  إذا اسلم احد الوالدين ، وبشي من التفصيل فأن هذا الخرق الفاضح يتمثل بما يأتي:-

اولا:- إن نص الفقرة ثانيا من المادة 26 من القانون المشار إليه يتعارض مع روح الدستور ومع عدد من مواده بشكل صريح  ومنها ، المادة (2) ثانيا التي تنص ( يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي كما يضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية كالمسيحيين والايزيديين والصابئة المندائيين ) ، كما يتعارض مع المادة (3) التي توكد ان ( العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب ) وكذلك مع المادة (14( التي تنص (العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس ،أو العرق، أو القومية ،أو الأصل، أو اللون ،أو الدين ،أو المذهب ،أو المعتقد ،أو الرأي، أو الوضع الاقتصادي، أو الاجتماعي( .  والمادة (37)ثانيا/ تكفل الدولة حماية الفرد من الإكراه الفكري و السياسي و الديني ،

كما تتعارض الفقرة ثانيا من المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية الموحدة مع المادة (41( التي تؤكد (العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون (. وأيضا تتعارض مع المادة (43( أولا : أتباع كل دين ،أو مذهب أحرار في (أ) ممارسة الشعائر الدينية بما فيها الشعائر الحسينية . 
(ب ) إدارة الأوقاف وشؤونها ومؤسساتها الدينية، وينظم ذلك بقانون . 
ثانياً : تكفل الدولة حرية العبادة وحماية أماكنها . هذا إلى جانب المادة (125(
التي تنص (يضمن هذا الدستور الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان، والكلدان والاشوريين، وسائر المكونات الأخرى، وينظم ذلك بقانون)

ثانيا:-  ما توفره المادة 372 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 ، من ضمانات لحماية معتقدات الطوائف وتقر بقدسية المباني والكتب والرموز الدينية للأديان والطوائف المختلفة ، وتجريم الأفعال التي تدنس حرمة الأقليات الدينية وممارساتهم وتقاليدهم .

ثالثا:-  إن اعتبار القاصر مسلما ، يعارض وأحكام القوانين العراقية النافذة كونه غير مكتمل الأهلية القانونية ، لذا لا يجوز له القيام بالتصرفات القانونية ، فالقانون المدني في مادته السادسة والأربعون ، اعتبرت بشكل صريح ان من لم يبلغ سن الرشد (18) هو ناقص الأهلية .

رابعا:- إن هذه المادة ليست تتقاطع مع مواد الدستور و القوانين النافذة فحسب بل أيضا تتقاطع مع مفاهيم و مبادئ الشريعة الإسلامية ذاتها التي تؤكد المبدأ الإسلامي المعروف " لا أكراه في الدين" .

خامسا:-  كما يأتي نص المادة أيضا مجسدا للاتجاه نحو النظام الديني لا المدني بالمخالفة مع الخيار الشعبي المثبت دستوريا .

سادسا:-  كما إن المادة المشار إليها تفرض منطق استبداد الأغلبية  و الاعتداء على حقوق أتباع الديانات و المذاهب المكفولة دستوريا .

سابعا:-  كما يتناقض النص مع ما أقرته الإعلانات الحقوقية و الاتفاقات الدولية الضامنة لحقوق الأطفال القاصرين وفق القانون الدولي

ثامنا:-  يلغي النص كل أشكال المساواة و يرجع القوانين العراقية لتضفي طابعا قانونيا في التمييز بين العراقيين دينيا، لا بل يؤكد النص على التهميش و الإقصاء و الإلغاء و يساهم بشكل أو بآخر في صهر المكونات في هوية دينية أو اعتقاد الغالبية.

تاسعا:-  إن قانون البطاقة الموحدة في الفقرة 2 من المادة 26 يتعارض مع طابع  المجتمع العراقي التعددي دينيا و ثقافيا و اثنيا و إن تمريره يعني الموافقة على إلغاء مكونات على حساب مكونات أخرى .

عاشرا:-  إن هذا القانون بمادته 26 جاء نسخة مستنسخة مما ورد في قانون الأحوال المدنية رقم 65 لسنة 1972 المعدل و أحكام المادتين 21 ، 20 منه و التي تمسان العراقيين غير المسلمين، و تخالفان الدستور في حرية المعتقد و مبادئ المساواة التي كفلها الدستور في العديد من مواده التي سبق الإشارة إليها، فالمادة 20 من القانون المذكور (الفقرة 2) تنص " يجوز لغير المسلم تبديل دينه وفقا لأحكام هذا القانون" ، و بمفهوم المخالفة يعني عدم جواز تبديل الديانة للمسلم، لان الأمر يعد ارتدادا حسب مفهوم الشريعة.

أما المادة 21 الفقرة (3) من القانون ذاته تنص " يتبع الأولاد القاصرين في الدين من اعتنق الدين الإسلامي من الأبوين" .

أن المكونات العراقية غير المسلمة تسعى  منذ سنوات على تعديل هذه المادة المخالفه للحقوق الدينية، و هذا ما عملت عليها منظمة حمورابي لحقوق الانسان واكدته خلال مؤتمرين عقدتهما  المنظمة لهذا الغرض و شارك فيهما كبار رجال الدين من كل الأديان العراقية و قضاة و محامون و مفكرون و أكاديميون حيث رفعوا توصية عام 2012 إلى الحكومة العراقية لتعديل هذه المادة كما يلي:

( يبقى الأولاد القاصرين في ديانتهم الأصلية على أن يمنحوا حق اختيار الديانة بعد بلوغهم سن الرشد)، خاصة إن المادة التي تنص على اسلمة الأبناء كان لها آثارا و نتائج اجتماعية سلبية  على المسيحيين و الصابئة المندائيين و الايزيديين، و التي بموجبها يتم تسجيل الأولاد القاصرين مسلمين تبعا لإسلام احد الوالدين، و تأشير ذلك في سجلاتهم المدنية دون علم القاصر، و هذه باتت مشكلة يعاني منها الآلاف من العوائل المسيحية و الصابئة و الايزيدية، و غير المسلمين على العموم

لذا إن ما جاء في توصية منظمة حمورابي لحقوق الإنسان ، التي كانت نتاج هذين المؤتمرين المذكورين الكبيرين يمثل رأينا و وجهة نظرنا في التعديل إذا ما أريد تعديل المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية الموحدة، وقد عقد احد هذين المؤتمرين الأول في القوش، و الثاني في بغداد.

 

 

 

                                                                                              

 

Opinions