رئيس الجمهورية يوجه كلمة في مهرجان شعري في السليمانية
07/12/2011شبكة أخبار نركال/NNN/
وجه رئيس الجمهورية جلال طالباني كلمة في مهرجان الشاعر كامران موكري، الذي نظمه اتحاد كتاب كردستان فرع السليمانية وحضره عدد كبير من المثقفين والكتاب العرب والكرد البارزين، والقى الكلمة نيابة عن الطالباني السيد عادل مراد، وفي ما يأتي نصها:
"بسم الله الرحمن الرحيم
السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته
إنه لمن دواعي الغبطةِ والسرور أن نُحَيِّي هذا اللقاءَ الثقافيَّ المهم والذي يكتسب حيويتَه من أكثرِ من مجالٍ، لعلكم تدركونَها جميعها، وأتوقعُ أن تكونَ جهودُكم البحثيةُ والدراسية التي سنتابعُها بحرصٍ واهتمام عواملَ مهمةً في تأشير هذه المجالات.
وإذ نحيّي هذا اللقاء، ونحييكم كنخبةٍ ثقافية، ونحيّي اتحاد الأدباء والكتاب على حرصِه من أجلِ توفير كلِّ الأجواء التي تساعدُ في إنجاحِ اللقاء ووصولِه الى ما مرجو منه من نتائجَ وفوائد ثقافية، فإننا نحيّي أولاً أجيالاً من الأدباءِ والكتاب والمثقفين من القوميتين المتآخيتين، العربية والكردية، ممن عملوا وناضلوا من أجل تعزيزِ هذه القيمِ التي نتشاركُ بها ونحيا معا بموجبِها برغم كل التعسّفِ والقهر الذي كان يتلقاه المثقفون والأدباءُ والكتاب الرافعون لرسالةِ شعبِهم بكلِّ قومياتِه وطوائفِه وأديانه من جراء السلطاتِ المستبدة التي أقامتْ حكمَها على الظلم والكراهيةِ والإقصاء، وقد رأينا ونرى المآلَ الذي انتهت وتنتهي اليه مثل تلك السلطات مدحورةً مطاردة بارادةِ وعزيمة المواطنين، فيما بقيت قيمُ المحبة والتشاركِ والعدلِ والحق هي الحية وبقي حاملوها، الراحلونَ منهم والأحياءُ، خالدين ممجَّدين في ضمائرِ الناس وصفحاتِ التاريخِ المجيد.
ويأتي إسهامُ الأدباء والمثقفين الكرد من الذين عبّروا عن فكرِهم وإبداعِهم باللغةِ العربية تأكيداً لمصداقِِ ما نذهبُ إليه هنا، مثلما هو تأكيدٌ آخر على حيويةِ الأديب والمثقفِ الكردي وقدرتِه على الإبداع من جانبٍ وعلى الإلتزامِ برسالتِه الإنسانية من جانبٍ ثان.. وهذا ما وفّر لنا جميعا هذه الانجازات الأدبيةَ والثقافيةَ التي نفخر بها والتي أرجو أن تنالَ ما تستحق من جهدٍ أنتم أهلٌ له، كما أرجو أن تتواصلَ الجهود وبشكلٍ منظَّمٍ وفاعل للاعتناءِ بكلِّ الأعمالِ التي تدخل في إطار عمل ملتقاكم هذا سواء بدورتِه هذه أو بالدوراتِ المقبلة إن شاء الله.
وفي هذا المقام أتحدثُ اليكم كقارئ متابع لكلِّ ما أُتيحَ لي الوصولُ إليه من أدبٍ وابداعٍ وثقافةٍ كردية مكتوبةٍ باللغة العربية، وأنا أشعرُ باعتزازٍ كبيرٍ بالدور الحيويِّ الخلاق الذي شاركَ به المبدعون الكرد في اثراءِ الأدبِ العربي والثقافةِ العربية، وهو دورٌ أرى أنه عبّرَ عن امتيازين أساسيين، أولهما فاعليةُ المثقفِ الكردي ودأبُهُ ونشاطُه وثانيهما الإطارُ الرحبُ للثقافةِ والمثقفين العربِ الأحرار في التعاملِ المتكافئ مع أدبِ وابداعِ زملائِهم الكرد وبعيداً عن أخلاقِ الكراهيةِ والعزلِ والنبذ التي كانت تريدُ لها السلطاتُ الغاشمة أن تسودَ وتهيمن.. إن الحالتين معا تؤكدان نبذَ الشوفينيةِ والإنطواءِ والإقصاء كأخلاقٍ لسلطاتٍ مستبدة، كما تؤكدان روحَ التآخي والمحبةِ وهي أخلاقُ شعبٍ عاش معاً مترفعاً على الضغينةِ والظلمِ والاستبداد ومؤمناً بالتنوعِ والإختلاف كقيمٍ تُثري المجتمعَ ولا تضعفُه أو تمزقه.
إن الثقافةَ، أيتها الأخوات أيها الأخوة، هي المعقِلُ الأكثرُ حيويةً لضمانِ عيشٍ مشتركٍ متكافئ وحر، وحينما تكون الشعوبُ تغترفُ من ثقافةٍ حرة ومشبعة بحب الإنسانيةِ واحترامِ الهويات فإنها وحدَها ستكون الشعوبَ التي تبني وتعمِّرُ وتحقق طموحاتِها على أسسِ العدلِ والكرامة من دون شعورٍ بالغبنِ والظلم والحيف، وهو شعورٌ يدمِّر المجتمعات ويمزق الأوطانَ ويسحق انسانيةَ الإنسان.
ومن عظيمِ معجزاتِ شعبِنا، بعربِه وكردِه وسائرِ أقلياتِه، أن ثقافتَنا، في جوانبِها الأصيلةِ والعميقة، هي ثقافةٌ متحررة من أيةِ عقدةٍ أو تفكيرٍ يثيرُ الجانبَ الأسودَ من المشاعر، مشاعرِ الكراهيةِ والانعزالِ والبغضاء.. وهذا امتيازٌ يشجِّعُ على الثقةِ بالمستقبلِ الذي نطمحُ اليه، مستقبلٍ تتكرسُ فيه قيمُ المواطنةِ التي تنتعشُ في نظامٍ ديمقراطيٍّ حرٍّ اتحادي عادلٍ وكريمٍ مع الجميع.
مرةً أخرى أحيّيكم أخواتي وأخوتي متمنيا لجمعِكم الخيِّرِ هذا النجاحَ في الوصولِ الى ما تصبون إليه.. وتمنياتي لكم بأيام رائعة في السليمانية بجمالِها وبما معروفٌ عنها كواحدةٍ من أكبرِ مدنِ الثقافةِ في العراق.
وختاما اوجه تحية من القلب الى الاخوة المصريين المشاركين معكم مؤكدا لهم عرفاننا بجميل مصر وأفضالها على احرار الشرق بما فيهم احرار كردستان الذين احتضنتهم وآوتهم بما عرف من شعب مصر العظيم من كرم ومحبة ومودة، مصر التي صدرت فيها اول جريدة كردية وأول كتاب بالعربية عن تأريخ الكرد وكردستان والتي عرفت بتعاطفها مع الشعب الكردي وأحرار العراق جميعا.
والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه.
اخوكم المخلص
جلال طالباني
رئيس جمهورية العراق
7/12/2011"