رئيس يقيل بطريركاً… مسيحيّو العراق بخطر في السلم أيضاً
المصدر: الموقع الرسمي للبطرياركية الكلدانية
موقف مستغرب تتعرّض له الطائفة الكلدانية في العراقي، ويثير معه ذاكرة مسيحيي العراق وكل ما تعرّضوا له طوال السنوات الماضية من تهجير وترهيب، حيث انخفض عددهم بشكل مقلق من مليون ونصف المليون إلى 250 ألفاً فقط.
فقرار رئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف رشيد القاضي بسحب مرسوم قديم بتعيين البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو رئيساً لكنيسة بابل للكلدان في العالم يشكّل ضربة جديدة للوجود المسيحي في بلاد ما بين النهرين، وهو مدعاة قلق على مصير العراق والتنوّع فيه. وأما الأخطر فهو أنه استهداف واضح ولا يقلّ خطورة في زمن السلم عن كل ما تعرّض له المسيحيون في سنوات العنف السابقة على يد “داعش” والتنظيمات الارهابية.
مواقف مستنكرة عدة أدانت هذا القرار، حيث لا يمكن لرئيس الجمهورية دستورياً أن يُعيِّن أو يُقيل زعيماً دينياً اختير من قبل أتباع الديانة، مع كل ما يرافقه من تساؤلات حول وصايته على أملاك كنيسته والمؤسسات الدينية. فسحب المرسوم هو سحب لتلك الوصاية الكنسيّة أيضاً، والمسألة معقدة مع كشف حقيقة من يستهدف البطريرك الكاردينال ساكو لأهداف خبيثة أبعد من الأوقاف، وبأجندة جيو-سياسية غريبة.
الخبير في السياسات العامُة، وأحد كتاب وثيقة “نختار الحياة: المسيحيون في الشرق الأوسط/ نحو خيارات لاهوتية، ومجتمعيّة، وسياسيّة متجدّدة” زياد الصايغ اعتبر أن “الكنيسة الكلدانية بنضالها الإيماني وثباتها في السعي إلى صون الوجود المسيحي والحضور في العراق في تراث ضارب الجذور في حضارة ما بين النهرين العريقة، تمثّل شهادة عميقة في الكنيسة الكاثوليكية الجامعة وامتداداتها المسكونية، كما في مسيرة العيش معاً مع كلّ الأديان في عراق متألم منتفض لهويته الوطنية وللانتماء للمواطنة الحاضنة للتنوع فيه”.
وأضاف الصايغ، في حديث لموقع mtv: “في عمق تاريخ الكنيسة الكلدانية لطالما مثّل بطاركتها صوتاً نبوياً في الدفاع عن الحرية والحق والعدالة، ولم يقبلوا لا لهم ولا لأي من بناتهم وأبنائهم وأخواتهم وإخوانهم في المواطنة، أي استباحة للقيم أو انتهاكاً للقانون والدستور، بل كانوا دوماً رأس حربة في بناء الدولة، وكم كان البطريرك الكاردينال ساكو جريئاً في مسار صون الهوية العراقية، ورفض تقويضها، وما الزيارة التي قام بها البابا فرنسيس بمعيّة البطريرك ساكو، وزيارتهما للسيّد السيستاني، مع اللقاء التاريخي للأديان في مدينة أور سوى تأكيد على هذا النضال من أجل الأخوّة الانسانيّة”.
وتابع الصايغ “في استنكار ما تعرّض له المسيحيون في العراق، وفي صميمهم الكنيسة الكلدانية، من جرائم بشعة، يجب استعادة معاني نضالهم، وقد مثّل فيها البطريرك الكاردينال ساكو مثالاً حيّاً ولم يزل في الجرأة والوضوح، من دون مهادنات أو مواربات، حتى أن ثباته ألهمنا وألهم جميع المناضلات والمناضلين في الحق سواء السبيل حتى تحقيق العدالة”، مستطرداً “من هنا يتبدّى جلياً ضرورة عودة من ضلّوا السبيل في صحوة ضمير إلى الحقيقة والحق، يعلنون جهاراً خطأهم عمّا اقترفوه ويقترفونه بحق البطريرك الكاردينال ساكو، إذ هو الباطل مردود وانعكاساته كارثية على الكنيسة والعراق ورفض الباطل قمة الفضيلة، وحتماً سينتصر الحقّ مجدّداً بحكمة الكنيسة وثبات شعبها”.
وفي نداء وتحذير، قال الصايغ “لا بد من مواجهة حلف الأقليات واستدعاء الحمايات والالتصاق بالديكتاتوريات، وهي مسألة أساسية في وجدان أي كنيسة ليس فقط في الشرق الأوسط والعالم العربي، بل في العالم كله كي تتمكن من تأدية شهادتها في خدمة الانسان وكرامته وحريته منحازة للحريُة والعدالة والأخوّة الانسانيّة، ولطالما مثّل البطريرك ساكو هذه القيم بجرأة نادرة”.