رب خطأ لا يمكن أصلاحه

بينما الامور تسير نحو البناء ، وبينما الخطوات تتقدم نحو تحقيق الامال والطموحات ، وبينما نحن نخطط لماهو آت ، تأتي علينا مثل الصاعقة خطوة حطمت كل الامال في تحقيق اهداف امتنا ، خطوة لم تكن على البال ولم يكن من المتوقع بأن اصحابها على هذا الحد من السذاجة والجهل السياسي ، حيث أنني أشبّه خطوتهم هذه بالمرأة التي تحلب الحليب من البقرة وبعد ان يمتلىء السطل ترفسه بقدمها ، فالمشكلة أنهم لم يكونوا واعين ما يفعلون ، فلو كانوا قد وعوا نتائج فعلتهم تلك لكانوا قد خططوا مسبقا ليتفادوا المشاكل الناجمة عن هذا الخطأ الفادح ، لقد رجعت مسيرة الوحدة القومية والمطاليب المشروعة لشعبنا الى ما قبل المربع الاول ، وقد اختفت المظلة ، لا بل قد تم تنفيذ حكم الاعدام بحق تلك المظلة وبحق مفهومها ايضا ، فسحقا للجهل وسحقا للغرورالذان صورا للبعض من أن الشمس بمقدورها ان تظهر بالليل فتنير الظلام ، ومن أن النجوم باستطاعتها ان تجمل سماء النهار .
لقد كنا نتأمل باننا قد أدركنا دنو الفرصة التأريخية التي تحدثت عنها في مقالة سابقة وأنه بأستطاعتنا التعامل الايجابي مع ظروف المرحلة الراهنة وعناصرها الذاتية والموضوعية بتوازن يضمن الاستثمار الصحيح لهذه الفرصة التأريخية ، لكن الذي حدث هو بالضبط كما شبهته اعلاه برفس سطل الحليب وسكب محتواه على الارض والمصيبة الاكبر هو استحالة جمع المسكوب واعادته ثانية الى الوعاء ، لا بل ان بهذا الخطأ الجريمة فتحت افواه الداعرين وقويت سواعد اللصوص والسارقين ، وتحررت جريرة الشامتين الذين لم يضيعوا هذه الفرصة في التعرض لاصحاب المبادىء الثابتة الذين طالما كانوا بالمرصاد لمواقف هذه الفئة الضالة التي تلقفت هذه الفرصة في التشفي وفش غلها وحقدها بحقنا نحن من كانت مصالح شعبنا العليا همنا الوحيد ، فهاهم ينشرون سموم افكارهم المريضة في مقالاتهم فبدلا من ان تهزهم وتحزنهم الحالة التي وصلت اليها تنظيماتنا السياسية من تشرذم اضافي نتيجة الخطأ الكبير الذي اقدمت عليه قيادة المجلس الشعبي بصورة دكتاتورية ، يقومون بالتعرض على رموز الوحدة الحقيقية ،
نتمنى ان يدرك الاخوة الشامتون ان مقياس الاخلاص لقضيتنا القومية هو المسعى الى الاصلاح والنقد البناء وترميم مايتهدم ، ليس الشماتة التي تقوم بذات الدور الي مورس ، فنحن في المنبر الديمقراطي الكلداني وبقيادة اميننا العام الاستاذ الكبير سعيد شامايا فخورون كل الفخر بتنظيمنا المستقل الذي لم يرضى دوما بان نكون عبيدا منذ ما قبل تأسيس منبرنا في نهاية عام 2004 ، حيث اننا وخصوصا الاستاذ سعيد شامايا كانت تشخيصاتنا صحيحة 100% عندما قررنا ان نعمل من اجل الوحدة القومية وتوحيد كافة فصائل شعبنا تحت مظلة واحدة حقيقية مبنية على اسس الديمقراطية انطلاقا من الفكر التقدمي الذي ننتمي اليه لا من الافكار الرجعية الطائفية المريضة التي يغرق بها هؤولاء من بقايا مرتزقة النظام البائد ومؤيديه فنحن لم نرغب بتكرار ما جرى في تجربة تأسيس مجلس كلدواشور عام 2003 والتي كانت غايته توحيد قوانا السياسية تحت خيمته ليكون لشعبنا ولقوميتنا هدف واحد وخطاب واحد لكنه ايضا تعرض الى رغبات انانية للسيطرة فخرج الاستاذ سعيد شامايا منه ليخرج نصف اعضائه وكانت النتيجة فشله وهكذا تجربة المنبر الديمقراطي الكلداني وما آلت اليه من الانقسام ومحاولة التقسيم و التشتت لقوميتنا واصرارنا على تمسكنا بوحدتنا ، وما تجربة لجنة تنسيق العمل القومي الا تمسكنا بوحدتنا وتحالفنا مع المجلس الشعبي كان لذات الهدف السامي ونحن نغادره اليوم ليس اختلافا على تلك المبادئ وانما لحاجتنا الى ممارسات وقيادات سياسية صائبة تكسب ثقة شعبنا وتصون كرامتنا السياسية ، أن هذه الايضاحات و كلمات العتب واللوم ليست للشامتين الذين يصيدون في الماء العكر لانهم معروفون بكونهم اشخاص حاقدين ومنبوذين من قبل الشعب ، فاللوم يقع على من تبنى الخط الوحدوي وانقلب عليه ، اللوم والمسؤلية تقع على من تبنى توحيد الخطاب القومي ونسف مساره ، فليس اللوم على من يهاجم المنبر وشخص امينه العام اللذان يعتبران رمز السلوك الوحدوي النقي ، بل اللوم يقع على من أجهز على خارطة الطريق التي وضعها هذا الشخص واخوته لكي يضمن نجاح مسار الوحدة القومية باسرع وقت ممكن لكي نكفل بقاء وجودنا القومي بكل اركانه .
لا اريد ان أكرر مزيدا من الاثباتات التي نمتلكها لكي تظهر مدى رسوخ مواقفنا منذ ما قبل سقوط النظام البائد والى يومنا هذا ، تلك المواقف الداعية دوما للوحدة ، تلك المواقف العملية النابعة من فهم واقعي وعلمي صادق ومن نوايا حسنة ومن ينبوع الفكر التقدمي الذي نفتخر بالانتماء اليه ، ولكنني أود ان أذكر الجميع، من كون دعواتنا ومواقفنا لم تكن لاهداف شخصية ومصلحة ذاتية ، بل بسبب ايماننا المطلق والراسخ بكون الوحدة القومية هي ضمان عيشنا الكريم في ارض الاباء والاجداد ، ولن تهمنا الظروف المادية في استمرارية البقاء على هذا النهج القومي السليم والمعتدل ، واما الآخرون ممن يحاولون ان يتاجروا بالنهج القومي الزائف بسلاح الاقلام الملونة لكل موقف فنقول لهم لن تنفعكم هذه الخدع فالناس يعرفون جيدا جوهركم النتن كونكم في الامس كنتم مطايا الاجهزة الصدامية المقيتة ،وكذلك لن تنفعكم اللملمات التي تلملمون انفسكم حولها لتغطية عيوبكم ، ولكن اكرر فالخطأ ليس خطأكم بل خطأ من يعتبر نفسه قومي وحدوي وينادي بالوحدة القومية ولا يعير اي اهمية لضرورة توحيد التنظيمات القومية ويعمل على شرذمتها من منطلقات واهية ( طبعا هنا اود ان اثني على مواقف الاخوة المناضلين في صفوف كل من الحزب الوطني الاشوري وحزب بيث نهرين الديمقراطي الحليفين وحركة تجمع السريان المستقل والاخوة الشيوعيين الكلدواشوريين ) .
ختاما ارى من اللزوم ان ابين كون ماحدث لم يكن انسحابا وانما هو عملية نسف لمسار توحيد الخطاب القومي والوحدة القومية ، ولا نتحمل نحن مسؤليته ، فمن البديهي ان تكون نتائج هذا النسف تشرذم للاجزاء ، أي انه لم يحدث من جانبنا اي تراجع في المبادىء وهذا يقودني لكي اعلن للاساتذة الشامتين بأن لا يوجهوا شماتتهم نحونا ، فنحن لم نتقهقر عن مواقعنا المبدئية الراسخة بل سنكمل مسيرتنا والله هو الموفق .