ربما حرب أهلية .... ولكن ليست ضد المسيحيين
بين وقت واخر نقرأ" مقالات " بأقلام " كتاب " يتطرقون فيها عن وضع مسيحي العراق بمعزل عن الحالة العامة التي تسود العراق شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ، وبعض من هذه " المقالات " يطالب أصحابها " بملاذ آمن " في سهل نينوى أو في " بقعة معينة " من شمال الوطن من ضمن كردستان العراق وهناك من يطالب الرئيس الأمريكي أو الكونغرس الأمريكي بطرح الموضوع في جدوله للمناقشة ، وهناك من يناشد " قوات التحالف " بضمانات دولية عند تأسيس هذا الملاذ !!!!! ولا نعلم ما علاقة هؤلاء بالمسيحيين العراقيين !!!!كلنا نعلم بان الوضع الأمني في العراق في حالة يرثى له والانفلات الأمني قد اصبح شاغل الشعب العراقي بجميع أطيافه والحكومات المتعاقبة التي جاءت بعد السقوط الدكتاتوري ومنذ تولى الحكم من بريمر أو مجلس الحكم ومرورا بحكومة علاوي أو الجعفري واخيرا المالكي مازالت عاجزة أن تسيطر على الانفلات الأمني بجميع أشكاله ، والإرهاب والتفخيخ والقتل البارد طال ومازال جميع مكونات الشعب العراقي عربا وأكرادا وتركمان وشيعة أو سنة أو مسيحيين بجميع تسمياتهم والصابئة والايزديين والشبك ، ولم تسلم أي شريحة من شرائح الشعب من جريمة التهجير القسري و القتل على الهوية المذهبية أو الدينية، والحالة تزداد سوءا وتعقيدا يوما بعد أخر ، ووفق إحصائيات وزارة الهجرة والمهجرين بان عدد العائلات المهجرة خلال ثلاثة اشهر بلغ اكثر (26858) عائلة ، كما هناك تصريح من مسؤول يقول " ثكنات عسكرية مهجورة تؤوي 1938 عائلة مهجرة في الكوت...النازحون جاءوا من مناطق مختلفة حول بغداد بعدما هددهم مسلحون" ولم تتطرق الإحصائية أو التصريح عن عدد العائلات لكل مذهب أو دين لان جميع العائلات عراقية قد هجرت قسرا وكل جهة تتهم الأخرى بهذا التهجير ولكن الحقيقة هو الأيادي الخفية هي نفسها التي تهجر وتقتل وتفخخ ليس إلا لإشعال حرب أهلية بين أبناء الشعب العراقي الذي لم يعرف عبر تاريخه المعاصر مثل هذا الوضع المأساوي الذي مازال ينخر بجسم العراق منذ سقوط النظام ودخول الأمريكان والى ألان وان العبوات الناسفة وقذائف الهاون وآلا ربي جي ما زالت تسقط بدون أن تميز بين مسلم ومسيحي أو فرد واخر مهما كانت قوميته أو مذهبه ...
عندما استهدفت الكنائس في 2004 عبر جميع العراقيين عن غضبهم بجميع أديانهم ومذاهبهم وحينها استطلعت جريدة الخليج الإماراتية بعض العراقيين منهم القس بشار وردة الذي قال " .. إننا جزء من هذا الوطن والشعب والخطر يداهم الجميع " واوكد " الخطر يداهم الجميع " ومنهم أيضا السيد هادي الجزائري رئيس رابطة مجلس شيوخ عشائر العراق الذي قال " هذه الجرائم التي تحصل وخصوصا التي استهدفت الكنائس تستهدف العراق بأكمله " واوكد " تستهدف العراق كله " إذا هذا هو العراقي الذي ينتمي إلى الوطن قبل انتمائه إلى أي شئ أخر .
وإذا قامت حرب أهلية " لا سمح الله " هل سوف تكون ضد مذهب دون أخر ! أم ضد المسيحيين دون الإسلام ! أم ضد السنة دون الشيعة أو العكس ! وليس هناك إلا إجابة واحدة وهي سوف تكون حرب أهلية ضد الشعب العراقي بجميع مكوناته .
على اصحاب الأقلام التي تغرد خارج السرب العراقي و الذين نصبوا أنفسهم ولاة على المسيحيين أن يعلموا بان جذور المسيحي العراقي راسخة في باطن الأرض العراقية كما هي راسخة لجذور الأخريين ، ووطنيته يعرفها أعدائه قبل غيره وعشقه للعراق لا يضاهيه عشق ، و همه هي هموم العراقيين كما هي أحلامه وأهدافه كأحلام واهداف أبناء شعبه ، كما ينبذ كل أشكال التعصب والحقد والكراهية والطائفية والمذهبية كما ينبذها كل عراقي واكرر العراقي ، وان جذور هذه الأطياف متشابكة مع بعضها في عمق الأرض وعمق التاريخ منذ آلاف السنين .
على الذين خارج السرب العراقي أن يطلعوا على ما جاء في" بيان مجلس اساقفة الكلدان في العراق" الذي عقد في كركوك في 7-9 ايلول 2006 " ( واعتماد لغة العقل والحوار والتفاهم في مد الجسور للتسامح والتصالح والعيش المشترك واحقاق العدالة ) وعليهم ان يتوقفوا عن مناشدة " الغرباء " وان يخاطبوا الكيانات السياسية كافة لوضع ميثاق شرف وأسس جديدة للتعامل مع بعض بعيدا عن الطائفية والمذهبية ، عليهم التوقف عن مناشدة " الغريب " لوضع حلا لشريحة عراقية دون أخرى ، عليهم بالالتحام مع الفكر العراقي الواحد ، عليهم بالكتابة بالهم العراقي بجميع أطيافه . ونود أن نهمس في أذان هؤلاء بان أي " ملاذ " بعيدا عن الشان العراقي سوف يكون في مهب الريح وتكون نتائجه وباء وليس " ملاذا " .