رجال دينـنا ، طاعتكم دينية ، تجنبوا خلافاتـنا
قلنـاها مرارا ، وقالتـها الغالبية العظمى من المسيحيين ( الكلدان السريان الآشوريين ) أن طاعتـنا لرجال دينـنا واجبـة عليـنا ولا خلاف ، سواء لنـا مع رجال دينـنا أو بينـنا ، عليـها . . وقلنـاها أيضا مع الغالبية العظمى من مسيحيي شـعبنا : يـا رجال دينـنا ( من كل طوائفـنا ومذاهبـنا المسيحية ومن دون اسـتثـناء ) نتـذرع اليكم ونرجوكم أن لا تصبحوا ، أنفسكم ومهماتكم ، طرفا في خلافاتـنا ، لأن ذلـك لـن يكون في مصلحة طاعتكم من قبلنا وسنختلف معكم إذا ولجتـم هـذا السبيل العكـر . . وهـو مالا نريـده لكـم ولنـا . .لكـن ، ومع تألمنـا ، رأينـا جليـا أن البعض من رجال دينـنا ، خصوصا مـن هـو في الخارج وفقـد ارتباطـه بأرض آبائـه وأجـداه ، هـو وأقـاربه والغالبية الكبرى مـن أهـل بلدتـه ، وآثر بداية حياة جديدة في الخارج ستؤدي بـه حتما إلى فصم كل ارتباط مستـقبلي لـه بالأرض التي تنتمي جذوره إليها ، ويصبح مثـل كـل المهاجرين ، مـن ارلنـدا وانكلتـرا وايطاليا والصين واليابان . . ألخ ويكـون ارتباطه بالنسبة لأولادنا وأحفادنا لايتعدى المذهب الكاثوليكي أو غيره من المذاهب المسيحية العراقية ـ مع من يحافظ منه عليه من أولاده وأحفاده ولا يغيـره ـ كارتباط أولادنا وأحفادنا مع مسيحيي ايطاليا والكونغو والبرازيل والصين وكوريا الجنوبية . . ألخ . .
هـذا البعض في الخارج ، وفي مقدمته البعض من رجال مذاهبنا ، أبـاح لنفسـه أن يتدخل مستغلا أنواع نفوذه ، في سـلب قـرار شـعبنا غيـر الديني ، وبرز هـذا التدخل راهنـا في موضوعات خلافية غيـر دينية داخـل شـعبنا ، مـن دون أن يكون واقعيا مع واجبـه ويترك ذلـك لقـرار الشعب وحـده ، ما يوحي بأن هـذا البعض اعتبر نفسـه ونفـوذه فـوق شـعبنا وإرادته وقراراتـه ، وهـذا الإعتـبار هـو أشـد المصائب إيلاما ونفـورا . . لأنه ليس من حق رجال الدين بحسب أسس الدين المسيحي الواردة في الإنجيل والتي علينا أن نعرفها جميعا ، التدخل في قضايا موضع خلاف هي خارج مهماتهم الدينية ، ولما كانت القضية القومية قضية اجتماعية شعبية عامة غير مرتبطة بالدين ، فليس من حق رجال ديننا التدخل والضغط فيها وانما من واجبهم ترك الاختيار لشعبهم للبـت فيها . . أي أن أتباعهم هـم معهم من دون جدال في الأمور الدينيـة وهـم ـ رجال الدين ـ مع هؤلاء الأتباع في قراراتهم الأخرى .
وقـد يكون هـذا البعض من رجال الدين ظـنّ أن في مقـدوره أن يواصل ما بـدأه مع الدستور العراقي ، فتشـبث ، هـو ومن اختاره ناطقا ، بأن الدستور العراقي ذكر الآشوريين والكلدان ، وينبغي اتباع النهج نفسه في دستور اقليم كردستان ، متجاهلا أنـه ذريعة لاتسندها الوقائع ، خصوصا ونحن نعلم أن البرلمان العراقي غيّر النص الذي كان يحتوي على تسمية موحدة بتسمية ( الآشوريين والكلدان ) قبل يوم واحد فقط من اقرار الدستور وجرى ذلك بضغط رجال دين صار أمـره معروفا ومتـداولا . . ناسـيا أو متناسـيا أن ظروف شـعبنا وتمسكه بحقوقه قـد تغيّـرت كثيـرا وأن برلمان كردستان لابـدّ أن يسلك السبيل الصائب الديمقراطي الشعبي ، الذي يسـتند على رأي غالبية ممثـلي شـعبنا فيـه إضافة إلى موقف شـعبنا بصورة عامـة . .
واللافت ، استنادا الى عضو برلمان كردستان روميو هكاري في تصريحه المنشور في العديد من المواقع الذي قال " لدي وثائق تثبت ان المطارنة الذين جاءوا الى هنا، اعترفوا اننا شعب واحد، وهناك وثائق اخرى لمناصب اكبر منهم ، موقعين على مذكرة بأننا شعب واحد ، ويطالبون فيها بالحكم الذاتي" وزاد " ليس من الجيد على الكاهن ان يتحدث في اتجاهين، انا لن اتدخل في شؤون الكنيسة انا كسياسي واجبي احترم الكنيسة ، المفروض من الكنيسة ان تعمل لصالح ابناء شعبنا ، وان لا تتدخل في السياسة للحفاظ على علاقات الاحترام بين السياسة والدين " وشخصيا ، أنـا مطلع على ما يشبه هـذه الوثائق وهي بخط اليد والتوقيع ، وأؤكدها ولكن لايمكنني ذكر تفاصيل أكثر عنها وعن موقعيها لأنني ست حتى الآن مخولا من الجهة التي وفرت ليّ الاطلاع عليها بذلـك ، ولـذا تجنبت وأتجنب التحدث عنها . .
صحيح أن أتباع الكنيسة الكاثوليكية هـم الغالبية بين أتباع الكنائس المسيحية في العراق ، ولكن أنـا من أهالي قرية تللسـقف ، التي يزيد عدد سكانها حاليا عن عشرة آلاف نسمة ، وأعرف وضعها جيدا ، حيث فيها اليوم مقرات للتنظيمات التالية : 1 ـ الحزب الديمقراطي الكردستاني 2 ـ هيئة شؤون المسيحيين 3 ـ هيئة الحراسات 4 ـ ممثـلية المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري 5 ـ الحزب الوطني الآشوري 6 ـ حزب بيت نهرين الديمقراطي 7 ـ الحركة الديمقراطية الآشورية 8 ـ حزب الإتحاد الديمقراطي الكلداني 9 ـ المجلس القومي الكلداني 10 ـ الحزب الشيوعي العراقي . . وعلى رغم أن مسؤولي وأعضاء كل هذه التنظيمات هـم من أهل تللسقف وأتباع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ، فإنـه ـ وبحسب علمي ـ لايوجد بين كل هذه التنظيمات إلاّ تنظيمان يؤيدان جعل التسمية المذهـبية الكلدانيـة تسمية قومية وهما ( حزب الإتحاد الديمقراطي الكلداني والمجلس القومي الكلداني ) وأيضا بحسب معلوماتي ، فإن غالبية السكان في كل القرى التي تتبع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية في سهل نينوى واقليم كردستان هي على شاكلة تللسقف نفسها تقريبا من حيث التنظيمات ومعارضة جعل التسمية المذهبية الكلدانية تسمية قومية . .
شـخصيا ، وبوضوح ، لـم أكن راغبا أن يصدر سينودس مطارنة الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية بيـانا ـ وإن كان عليه تحفظ من عـدد من المطارنة ، بحسب معلوماتي ـ ويكون مصيره الفشل في التطبيق . . أو يتـدخل أي مطران لهذه الكنيسة التي أنتمي إليها ، في قضية وتكون النتيجة الخيبة . . كمـا أنني تجنبت الكتابة قبل قرار البرلمان الكردسـتاني ، متجنبا سجال عقيم ـ سلكه الناطق وتبعـه آخرون ـ لا طائل منـه مع مواقف البعض غير القائمة على الوقائع ، لأن كل الذين كتبوا مؤيدين تقسيم شعبنا وتجزئته بالواوات لم يخرجوا عن ترديد أن الكلدان هم الأكثرية وبيان سينودس مطارنة الكلدان والدستور العـراقي . . وكلها حجج غير واقعية لأنها لم ترغب بالطلب مثلا باستفتاء عام لشعبنا والقبول بقـراره أو انتظار نتيجة انتخابات برلمان كردستان بالنسبة للمقاعد الخمسة لشـعبنا ، ولاحظت أن هذه الكتابات تندرج في صيغة فرض أمـر على شعبنا ، رغب بذلك أو لم يرغب ، ولهذا تجنبت الكتابة لأقول كلمتي وقناعتي بعد المصادقة على الدستور الكردستاني .
رأيـي ، بالنسبة لأخوتي الكتاب الأعزاء ، وأدرك أن القضية القومية هي شـأن يهمهـم وحقهم الطبيعي والإعتـقادي والقناعي ، واحترمه بالنسبة لهم من دون أي شـك أو اعتـراض ـ طبعـا من غير رجال الدين الذين لا أعترف إطلاقا بولوجهـم في مثـل هـذه الأمور ، خصوصا ذات الصفة الخلافية منها ، كما هي القناعة القومية ، بين أطراف شـعبنا فيها ـ أن يتجنبوا في كتاباتهم الإتهامات والضجيج والصياح غير المجـدي ، وإدعاءات التشبث برجال الدين والدستور العراقي والمحكمة الدسـتورية . . ألخ وهي أمور للإستهلاك الوقتي لاتجديـهم فائدة ، لابـل تضرهم أكثر ممـا تنفعهم ، أن ينتظروا انتخابات البرلمانيـين الكردستاني والعراقي ، وهي قريبة ، وحينئـذ يكون للطرف الفائز فيها من شـعبنا ، الموحـد أو المجـزء ، الحق في الإدعاء بتمثيـل شـعبنا والحسم ديمقراطيا ، انسجاما مع برنامجه الإنتخابي والثقـة الممنوحة لـه من غالبيـة شـعبنا .