Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

رسالة الاربعاء الاسود ومسؤولية الحكومة في الرد

تباينت أصداء الفاجعة، لتميط بلثامها مرة اخرى عن جريمة نكراء في سلسلة جرائم استهداف العراقيين، وفصلا جديدا من فصول محنتهم الطويلة المنطوية على التدخلات السافرة لدول الاقليم، مسقطة في الوقت ذاته بقايا الاقنعة عن وجوه من استساغ الولوغ بدماء البسطاء ودرج على الاتجار بارواح الابرياء.

فيوم الاربعاء الاسود سيبقى عالقا في الاذهان لامد طويل، ولن تمر هذه الجريمة كسابقاتها من العمليات الارهابية، بعد ان حرص منفذوها بعناية فائقة النيل من جميع مقومات الدولة العراقية، لدى استهدافهم قلب العاصمة الحساس ومؤسسات الدولة السيادية وثلة من أبنائها دون اكتراث لاي قيمة انسانية او سماوية.

حيث اتخذت ابعاد الجريمة منحى نوعيا في سياق استهداف النظام السياسي القائم، عبر محاولة توظيف العامل النفسي والمعنوي للمجتمع العراقي بمردود سلبي معاكس، سيما ان اسقاطات ماجرى تدل على وجود نوايا مبيته تهدف الى جانب الحاق اكبر قدر من الخسائر في الارواح والممتلكات، احباط الشعور المتنامي لدى العراقيين بالامن والطمأنينة الذي تسيد خلال الاشهر القليلة الماضية، وخلق حالة من الارباك في الثقة بين مكونات المجتمع ومؤسسات الدولة والحكومة.

فلا شك ان قراءة بسيطة لملابسات التفجيرات الاخيرة تترتب عليها اثارة العديد من الهواجس المنطقية، باعتبار ما حدث كان رسالة مباشرة تبعث قدرا كبيرا من القلق والخشية لدى الكثير من المدنيين، افضى بدوره الى زعزعة الثقة بالاجهزة الامنية.

فولوج الجماعات المسلحة بهذه السهولة في عمق العاصمة على هذه الشاكلة والمقدار رغم الزخم الامني، ونجاحها بدقة متناهية في الوصول الى مبتغاها، كشف الكثير من الامور المثيرة والمفزعة، ابرزها قدرة الجماعات المسلحة على الاختراق والوصول الى الاهداف المنتخبة، والاخفاق الكبير للاجهزة الاستخبارية والامنية في الاستباق المفترض لمعالجة واجهاض مثل هذه العملية الارهابية قبل حدوثها.

وبالرغم من الاجراءات الحكومية السريعة في الكشف والقبض على المتورطين في التفجيرات، الا ان تلك الاجراءات لم تنجح في التخفيف من هول الصدمة وما ترتب عليها من حالات الفزع والاستياء التي تفشت بين صفوف المواطنين، كون ذلك لا يخلي مسؤوليتها الاعتبارية عن الضرر المادي والمعنوي الذي وقع، وواجبها الشرعي والدستوري في حماية ورعاية الارواح والممتلكات.

من جانب آخر يرى الكثير من المحللين في المعطيات المتوافرة بهذا الشأن ان العراقيين يحاولون قدر المستطاع تجاوز الاخفاقات الحاصلة في اداء حكومتهم من باب التسليم للامر الواقع وحتمية المرحلة التي تتطلب دعم النظام الديمقراطي حسب رأي الكثير منهم.

الامر الذي بدا مغايرا لدى توجهات بعض البرلمانيين وآرائهم حول اداء الحكومة العراقية واجراءاتها، خصوصا فيما يتعلق بتحميل احدى دول الجوار مسؤولية غض النظر عن بعض الجماعات الارهابية التي تتخذ من اراضيها منطلقا لهم صوب العراق.

حيث يشكل الدعم الشعبي الذي لا تزال حكومة المالكي تتمتع بمميزاته حسب رأي المتابعين للشأن العراقي منطلقا حيويا لتدارك ما حدث، واتخاذها لخطوات جدية وملموسة في مواجهة التحديات الامنية والحفاظ على السلم الاهلي والنظام السياسي، عبر القيام بمراجعة شاملة ودقيقة لمختلف مفاصل القوى الامنية، والارتقاء بتدابير كفيلة تؤمن عدم تكرار ما حدث، خاصة فيما يتعلق بالغاء فكرة الاعتماد على تعاون دول الجوار في الشؤون الامنية، فرياح الارهاب التي تهب على العراقيين بالدمار والموت لن تصدها الا الاسوار التي تشيد بسواعدهم فقط، بعد ان خابت مجمل الآمال المعلقة على الضمائر الجافة في مد يد العون لهم.

وهناك الكثير من التجارب لبعض الدول التي تعاني من تشنجات سياسية او عدائية مع جيرانها من الدول الا انها وفقت بتامين قدر كبير من حدودها الوطنية.

كما يتوجب على مؤسسات الدولة مجتمعة ترميم حالة الارباك الحاصل في ثقة المواطن بالقوى الامنية، واستبعاد الهواجس المقلقة عن مشاعر العراقيين، واستعادة حالة التكامل الامني بين المواطن والاجهزة الامنية اسوة بمختلف دول العالم.

وبعيدا عن لغة السياسة والدبلوماسية المعتمدة بين الدول، يتحتم على الحكومة العراقية البدء باعادة الاعتبار لسيادة العراق المنتهكة والحد من التدخلات الإقليمية لشؤونه الداخلية، المتضمن بذلك اعادة الاعتبارات المعنوية والمادية للمواطنين الذي تم انتهاك حقوقهم الانسانية والمدنية باستمرار من قبل المنظمات والهيئات في بعض الدول العربية من خلال منابر القانون الدولي.

ويقف الاقتصاص ممن كان وراء الجريمة الاخيرة بالذات وما سبقها من جرائم في سلم اوليات الدولة العراقية ومسؤوليتها الدستورية في الذود عن حرمة مواطنيها وممتلكاتهم، بغض النظر عن هيئة او صفة المتورطين في سفك دماء العراقيين.

فتبني تنظيم القاعدة وقوفه وراء التفجيرات منفردا بات امرا لا يتقبله المجتمع العراقي، خصوصا ان معطيات الاحداث تشير بدلالة شبه واضحة الى وقوف منظمات ذات كيفية وقدرة بمستوى عالي من الكفاءة والخبرة على تنفيذ مثل تلك العمليات الحساسة، كانت ولا تزال تستند في نشاطاتها على اجهزة استخبارية دولية من داخل وخارج العراق.



Mh7777s@yahoo.com


Opinions