رسالة مفتوحة الى جناب الدكتور أسعد صوما المحترم
توطئة:مما لم نكن نتوقعه يوما، أن تلقى أمتنا الآشورية في هذه الأيام كثيرا من النقد والتجريح من قبل نخبة من المثقفين نحسبهم إخوة لنا ممن يسمون بالكلدان والسريان. بينما يقدمون الطاعة وحتى الخضوع للمناوئين والأعداء مع الأسف الشديد!
واليوم نرى، هؤلاء دعاة ومتقمصي ما يسمى بالآرامية أوالكلدانية الذين لم يبق منهم أثرعلى أرض الواقع، أي الآراميون في دمشق والكلدان في جنوب العراق حول البصرة.
وحقيقة الأمر إنه ليؤلمني جدا ما يكتبه كل من الإخوة الدكتور أسعد صوما اسعد والباحث هنري بدروس عن أمتنا الآشورية في عقر دارها، في وقت لا يجرؤون أن يجاهروا الشعب السوري والذين بعضا منهم بحق جذوره آرامية وخصوصا في ضواحي دمشق أو في منطقة القلمون كي يحولوا معركتهم الى قلب البلاد الآشورية .
واليوم، نرى للأسف، بعض المواقع التي لا تكف عن تشويه وتزوير تاريخنا وعلى سبيل المثال موقعين إثنين بالأخص وهما : موقع التنظيم الآرامي الديمقراطي وموقع كلدايا نت.
وما على القارىء العزيز أن يتفقد هذين الموقعين ليرى بأم عينيه مدى حقدهم الدفين لأمتنا الآشورية وكأنها العدو الأوحد لهم.
كما يمكنكم قراءة مقال الدكتور أسعد صوما أسعد الثاني حول سقوط الامبراطورية الآشورية- الرابط أدناه وغيره من المواضيع . والجدير بالذكر ربما الكثير لا يعلموا وليت الأخ الدكتور أسعد يتفضل مشكورا بذكر أسماء إخوته أو أسماء أولاد عمه حيث ما هي إلا أسماء آشورية بحتة، تأمل عزيزي القارىء!!
http://www.aramaic-dem.org/Arabic/Tarikh_Skafe/Assad_Sauma_Assad/Assad_Sauma-25.htm
http://www.kaldaya.net/
من أقوال الدكتور أسعد صوما أسعد المتكررة!
وكانت اللغة الآرامية قد بدأت تتغلغل الى آشور تدريجياً؛ وأخذت تنافس لغة الآشوريين الأكادية وذلك لسهولتها ونظامها الابجدي البسيط المكون من 22 حرفا بالقياس مع اللغة الاشورية (الاكادية) الصعبة ونظام كتابتها المسماري المعقد والمكون من مئات المقاطع والرموز. وهناك وثائق مكتشفة تدل على أن الارامية كانت قد بدأت تقتحم آشور منذ القرن الثامن قبل الميلاد، واستمر هذا الغزو الآرامي اللغوي يقتحم قلب آشور الى ان كتب له الانتصار النهائي.
وبسبب الوجود الآرامي الكبير في آشور ووجود اللغة الآرامية فيها واستعمالها حتى في جهاز الدولة بجوار الأكادية، فان التأثير الآرامي السكاني واللغوي على آشور كان كبيراً جداً مما جعل الثقافة الاشورية ان تتراجع امام انتشار الثقافة الارامية.
الردود والإجابات الرادعة:
تنتمي اللغة الآشورية والتي هي إحدى اللهجات الرافيدينية مع نظيراتها الأكادية والبابلية الى الأرومة السامية.
والمستشرقون يقسمون اللغة السامية عادة الى ثلاث أو حتى إلى أربعة أقسام، فالتقسيم الأول هو :
- اللغة السامية الشمالية الشرقية، كالآشورية، البابلية والأكادية أو البابلية الآشورية – الأكادية-.
- اللغة السامية الشمالية الغربية، الكنعانية الفينيقية، العمورية، الإبلية، الآرامية والعبرية,
- اللغة السامية الجنوبية ، العربية والإثيوبية .
وأحينا أخرى إلى أربع كتل وهي:
- الكتلة السامية الشمالية حيث تقسم ألى قسمين، الشرقية: آ ( اللغة الأكادية/ البابيلية الآشورية شرقا ) ومن ثم الغربية، ب ( اللغة الكنعانية والعبرية والآرامية والعمورية ) وأحينا اللغة الإبلية ضمنا.
- الكتلة السامية الجنوبية وهي تقسم الى قسمين أيضا: آ- الأسيوية (اللغة العربية ) ومن ثم ب -الأفريقية ( اللغات الإثيوبية ).
وهناك حقيقتان، مع الأسف البعض يحاول قصدا وعمدا تجاوزها وحتى نكرانها وهي: إن اللغات السامية، سميت بهذه التسمية نظرا لإنتسابها إلى اصول لغة واحدة وهي اللغة السامية الأصلية (Proto-Semitic ) هذا التقارب أشده مع لغات الكتلة الشمالية أي ما بين لغات الرافدين وبلاد الشام وبمعنى آخر التشابه بين اللغات المعروفة البابلية الآشورية، الكنعانية الإبلية، العمورية الآرامية والعبرية .
والحقيقة الثانية، هي رغم كتابة اللغة البابلية والآشورية بالخط المسماري والذي كان موجودا وقتئذ، وهو خط إستنبطه الشعب السومري، والسومرون لم يكونوا ساميين، لأن الساميين سواء من الأكاديين أو البابليين والآشوريين استخدموا هذه الكتابة فقط إذ أوجدوا الإشارات التي تناسب لغتهم. وكون اللغة الأكادية/ البابلية الآشورية أقدم لغة سامية مكتوبة بهذا الخط. ولكن بعد ظهور الكتابة الجديدة ( الألفبائية ) الكنعانية وفي هذه الحال ليست كتابة آرامية اطلاقا كما يروج لها اليوم – دعاة الآرامية - نظرا لسهولة الكتابة وليست نظرا لسهولة اللغة كما يدعو لها دعاة اللغة الآرامية ، نعم حاول شعبنا الإنتقال كتابيا، ولكن ذلك لم يتم كون السلطة الرافدينية بسقوط نينوى والسلطة الآشورية معناه سقوط كل شيء ولم يتم الإنتقال الى الكتابة الجديدة إلا لاحقا في العهود المسيحية. إذ نرى كل المواثيق والتي هي في مكتبة ( آشور بانيبال ) كانت بالكتابة المسمارية وليس هناك دليل واحد على استخدام الكتابة الجديدة ولا حتى اللغة الآرامية إطلاقا كما يدعي البعض ومنهم الأخ الدكتور أسعد صوما أسعد وغيره.
كما تدل الأحداث التاريخية أن الشعوب السامية وخصوصا في بلاد الشام تدحرجت كتابيا بخطوط عديدة ومختلفة بحيث هناك على سبيل المثال كتابة المستعمرة الآشورية ( سمأل ) والتي يعدها البعض بآرامية في شمال غرب سوريا خلاف كتابة مملكة تدمر بحيث اليوم ليس هناك من يستطيع قراءة هذه الكتابات بدون اللجوء الى شرح المستشرقين.
اللغة والكتابة السريانيتين:
إلى ان ظهرت ما بعد القرنين الثاني والثالث وفي شمال بلاد الرافدين الكتابة الجديدة والمتطورة من الكتابة الكنعانية الأصلية بشكل مغاير للكتابات المذكورة أعلاه والتي سميت فيما بعد بالكتابة السريانية، وحتى ما يسمى اللغة السريانية والتي يحاول البعض إضفاء الآرامية عليها، فهي حقيقة ليست بآرامية بحتة مهما حاول دعاة الآرامية التطبيل والتزمير حول هذه النقطة، إذ هي لغة متطورة من اللغات السامية في الهلال الخصيب كالبابلية الآشورية، الكنعانية الفينيقية، العمورية الإبلية والآرامية ضمنا. وأكبر دليل على ذلك أن الآباء المسيحيين الأوائل في الهلال الخصيب عندما وضعوا القواعد واوجدوا لها الحركات التي لا صلة لها باللغة الآرامية القديمة كون اللغة الآرامية كما جاء على لسان المستشرقين أنفسهم لم يجدوا حتى المادة الكافية لكتابة وإيجاد قواعد لها ( 1 ) .
ولتقريب االعملية هذه إلى أذهان القارئ، أي وحدة اللغات أو اللهجات السامية في الهلال الخصيب هو ما حصل فعلا باللغة العربية في الجزيرة العربية تماما بعد الإجتياح الإسلامي اي في مطلع القرن السابع الميلادي وما بعد، حيث ظهرت اللغة العربية كلغة موحدة لجميع اللهجات الموجودة في شبه الجزيرة العربية .
وآخر المطاف، نقول حتى لو تكلم شعبنا اللغة الآرامية نزولا لرغبة دعاة الآرامية وتحاشيا الدخول معهم في متاهات من الجدال العقيم لا تجعل شعبنا آراميا، كما لم تحوله أكاديا وفق ما يروجونه بأن الشعب الآشوري – وجد بدون لغة – حيث استخدم اللغة الأكادية وإذا صدقت أقوالهم ما بالهم القول ان الآراميين ذابوا في المجتمع العربي المسلم وحتى الذي نجا منهم فغالبيتهم أعراب اللسان ! ومن الطريف أن كل الذين يهاجمون القومية الآشورية وتمسكهم بأهداب آرام والآرامية ليس في حوزتهم أي كتابات بهذه اللغة، والأنكى من ذلك تجد كل كتاباتهم هي باللغة العربية!
ومن ثم لا أدري الأخ الدكتور أسعد على أي انتصار مشرف يذكر لآرام واللغة الآرامية؟ أهو عندما وقف آراميو الرافدين مع الميديين ضد الآشوريين أم عندما وقفوا ضد الدولة الكلدانية ومع الفرس؟! حيث كما معروف تاريخيا أن الآراميين خانوا شعبنا مرتين، مرة ضد الشعب الآشوري بوقوفهم مع الميديين والمرة الثانية ضد الكلدان بوقوفهم مع الفرس. وكل هذه الخيانات جاءت مؤكدة على لسان أبطال الآرامية أنفسهم وعلى سبيل المثال المؤرخ الكبير الأب ألبير ابونا! هذا المؤمن باللغة الآرامية وليس في حوزته ( كتيب ) بهذه اللغة!
وهنا نقول مع احترامي للأستاذ أسعد: إن الآراميين لم ينتصروا في كل تاريخهم المليء بالخيانات والتخريب حيث عندما ظهر العرب الغازين في ربوع الهلال الخصيب سرعان ما فقدنا كل شيء وإن اللغة الآرامية هذه السهلة في نظر الدكتور أسعد وشركاه قد ركلها العرب باقدامهم حيث دخل معظم الآراميين أسوة بالشعوب الأخرى الإسلام كما اتخذوا اللغة العربية عوضا عن لغتهم الآرامية. والجدير بالذكر حتى كانت اللغة العربية في اواخر القرون السابع عشر و الثامن عشر في زوال واحتضار والذي جاء الى نجدتها وإحيائها بعد قبر لغتهم الأصلية كانوا معظمهم من أصول أرامية وكنعانية، و من الامور المعروفة اليوم، أن دمشق عاصمة ومعقل أول دولة آرامية في التاريخ تعتبر – قلب العروبة النابض - والآن هل بوسعك يا دكتور أسعد أن تريني عن أي إنتصار الذي تتحدث عنه ؟!
في كتاب لمؤلفه جورج رو، تحت تسمية العرااق القديم ( 2 ) والذي طبع عدة مرات حيث يعد مرجعا تاريخيا مهما عن شعوب بلاد الرافدين، والكتاب هذا غالبية فصوله تتحدث عن الشعب الآشوري ومما قاله هذا الكاتب عن الآراميين من دون أي شك لن يعجبه اليوم من الذين يتقمصون الآرامية والآراميين:
" سواء تجار، فلاحين، رعاة، جنود أم قراصنة، الآراميون كانوا بدوا غير مؤهلين ولم يساهموا في حضارة الشرق الأدنى بشيء ..."
ومما يؤسفني جدا، أن شخصا وبهذه الثقافة ينزل إلى هذه الدرجة كي يحتفل اليوم بما جرى على شعبنا بعد مضي أكثر من 2600 سنة ألا وهي سقوط نينوى العظيمة، لكي يبرهن على أوهامه الآرامية التي لم يكن لها وجود منذ البداية! ومن ثم ألست أنت يا عزيزي الذي احتفلت بما جاء به ابن بهلول الطيرهاني حول تفسيره " آثور " بالعدو ، ؟ رغم أنه في أي قاموس في اللغة السريانية لا تجد مثل هذا التفسير الدخيل، في وقت أقمت القيامة بهذا الإستكشاف الخطير بينما ضربت عرض الحائط عن التفاسير الأخرى له بأن السريان هم " نبط " والنبط في هذه الحال هم عنده عرب.
إن إستشهادك من الكتاب المقدس وعلى ألسنة أنبياء صهيون ليس بجديد، في وقت ليس هناك آشوري ينكر سقوط نينوى وهذا حصل ويحصل على جميع شعوب العالم قاطبة والآشوريون ليسوا إستثناء. وإن سقوط الأمبراطورية الآشورية لا يعني زوال الشعب الاشوري برمته حيث هناك مصادر آشورية ويونانية ومسيحية وحتى فارسية تؤيد وتؤكد استمرار وجود الشعب الآشوري وعلى سبيل المثال في الشمال – مملكة حدياب وقاعدتها المدينة الآشورية أربيل - حتى قدوم العرب، في وقت ليس هناك ذكر لآرام والآراميين .
ما بالك ومن نفس الكتاب أي الكتاب المقدس ( الملوك الأول، الأصحاح العشرون ) أن أستشهد كيف تمكنت إسرائيل القديمة الصعلوكة أن تهزم الملك الآرامي بن هدد/حداد شر هزيمة حيث الإسرائيليون قبضوا عليه وهو هاربا كي يتوسل لدى ملك أسرائيل " آحاب " الرحمة ؟! وهل هذا يدل القضاء التام على الشعب الآرامي؟!
إن الآراميين لم يكونوا بمنزلة الشعب الآشوري لا في القديم ولا حتى في الحاضر، حيث النهضة القومية الآشورية تعد من أولى النهضات في الشرق الأوسط والتي بحق قامت على سواعد طوائفنا سواء ما تسمى بالكلدانية أو السريانية/ الأرثوذكسية والنسطورية حتى يمكن القول هي قبل النهضة العربية والتي جاءت بمباركة – أعني النهضة العربية - الشعوب المستعربة في سوريا ولبنان ومن آرامييك بالدرجة الأولى .
وما رأيك؟ إذا كان كل من يتكلم بلغة ما يصبح منها وإليها، وهذا ينطبق على كل السوريين ( الآراميين ) والذين ينطقون اليوم باللغة العربية ومن الجملة شخصك بالذات ؟ فإذا أنت عربي الآن وفق الشروط والأسباب التي وضعتها وتدعو لها بنفسك!
ثم أي وحدة تتحقق بإعترافنا بالآرامية كما يدعي الداعية الآخر الأب البير أبونا في وقت هذه اللغة لم تحقق أية وحدة في الماضي كما لن تحقق في المستقبل إذ ليس هناك من الناطقين بها ومن الجملة وأولهم هؤلاء الدعاة أنفسهم حيث كل كتاباتهم هي باللغة العربية ويا للعار والشنار!
كما ليس بخاف على أحد ما قدمته الأمة الآشورية في العصر الحاضرمن شهداء ومن مختلف طوائفنا المسيحية في خدمة الأمة الآشورية ولهذه اللحظة حيث طردت الحكومة السورية مدرسة للغة الإنكليزية وألقي القبض على شابين آشوريين آخرين لتلويحهم بالعلم الآشوري والحبل على الجرار ، بينما لا نجد غير التآمر والخضوع والخنوع مع احترامي من قبل آرامييك وأنت وصاحبك هنري بدروس أكبر مثال على ذلك!
وهنا جميل أن أستشهد بما جاء به مترجمو كتاب " عظمة آشور" ( 3 ) لهاري ساغز الى اللغة العربية وهما الأستاذان خالد أسعد عيسى وأحمد غسان سبانو من سوريا:
" كما الولايات المتحدة الأميركية – هذه الأيام – قوة عظمى تحاول التحكم بمصائر الشعوب والأوطان، كذلك كانت آشور قوة عظمى تسيطر على العالم الذي كان في الألفين الثاني والثالث قبل الميلاد وتقيم في الشرق القديم وحدة طبيعية ونظاما قوميا يوحد الوطن الممتد من ذرى جبال زاغروس الى قمم طوروس ومن امواج البحر المتوسط حتى رمال الصحراء العربية في الجنوب. " .
والخلاصة، نجد دعاة الآرامية يستخدمون " السريانية " جنبا الى جنب الآرامية، حيث يدركون مسبقا عن إخفاق الآراميين ومن ثم حتى في ويكيبيديا لا يذكر عن الشعب الآرامي كسكان سوريا اليوم وهذا ما جاء به مؤخرا بالحرف الواحد:
"
The population of Syria is 74% Sunni Muslim, with a 12% Shia and Alawite Muslim population, 10% Christian and 3% Druze. Combined, some 86% of the Syrian population is Muslim, which largely includes Arabs and significant minoroties of Kurds and Circassians, while some 10% are Christians, which mainly includes ethnic Assyrians, but also Arab Christians and Armenians. The ethnic minorities include Kurdish (9%), Assyrian/Syriac, Armenian, Turkmen and Circassian populations, while the majority is Arab (90%).[7]
وختاما، نصيحتي الأخيرة، رجاء أتركونا وشأننا– انزلوا من ظهرنا – كما يقال في اللغة السورية الدارجة وتوجهوا إلى معلولا الآرامية التي هي اليوم في حيص وبيص لا تعرف كيف تكتب أوتدرس لغتك الآرامية!
....................
المصادر:
( 1 ) أ. ولفنسون ( أبو ذؤيب ) ، تاريخ اللغات السامية من منشورات دار القلم للطباعة والنشر ، بيروت – لبنان
( 2 ) George Roux, The Ancient Iraq- New Edition 1992 Penguin Books , pp 275
( 3 ) هاري ساغز، عظمة آشور ( النسخة العربية ) الدار السورية الجديدة – مؤسسة رسلان علاء الدين ، دمشق – سوريا .