رسالة مفتوحة جدا الى العراقيين
كنت قبل امد ليس بالبعيد قد نشرت مقالة بعنوان<من ملا بختيار الى نمرود بيتو وما بينهما ياشعب افرح> اثارت غضب وامتعاض البعض الذي تصدى يرد على ما اوردته بالفاظ بذيئة لا تليق سوى بالسوقة،ومن شدة انفعاليتهم نسوا ان يردوا على التساؤلات التي كنت قد طرحتها في مقالتي،فكان ان كتبت مقالة ثانية بعنوان<حين تفقِدُ بعض الحماسة إتزان صاحبها> واعقبت ذلك بمقالة بعنوان<شرف الكلمة وازمة العقل والضمير>،ولم تخرج كل الردود على مقالاتي هذه من اسلوب الشتم والسب والصاق التهم الباطلة،دون ان يكلف الراد نفسه عناء رد اي من اتهاماتي سواء للقيادات الكردية او غيرهم ممن يلعبون اليوم لعبة:غاب القط فأسرح يا فار.اما اقبح تلك الردود فهو اصرار البعض على لصقي بالحركة الديمقراطية الاشورية رغم انفي،والصاق كل الصفات البذيئة بقيادات هذه الحركة،لمجرد ان مقالاتي ظهرت على موقع زهريرا وموقع بوابة نركال،علما ان تلك المقالات كانت قد ظهرت على مواقع كثيرة جدا لا تمت الى الحركة الديمقراطية الاشورية بصلة مطلقا،لا بل ان البعض من تلك المواقع يتخذ مواقف مضادة من الحركة ،ولو حاولت الرد على الكم الهائل من التهم التي كالها لي المدعو هفال الزاخولي لاحتجت ان اكتب كتابا ضخما جدا،ولاني كما قلت مرارا،اني لا احبذ اسلوب المهاترات وقلتم وقلنا،كما ان الكاتب وكما قلت آنفا نسى ان يرد على ما زعمته في مقالاتي بحجة مقبولة ولو كان قد فعل لاجبرني على التراجع عن موقفي وتقديم اعتذاري بكل ممنونية،لانه فات الكاتب ان يعلم،إن الادعاء شيّ واثبات هذا الادعاء شيّ آخر.
انا لا انكر مطلقا تطابق بعض وجهات نظري فيما يخص المسألة الوطنية عموما والاشورية خصوصا مع ما تطرحه الحركة الديمقراطية الاشورية،وكذلك يتفق البعض الاخر مع بعض ما تطرحه الكثير من الفصائل السياسية العاملة على الساحة العراقية،الا ان هذا لا يعني بالضرورة تأمري بأمر س او ص من قيادات هذه الفصائل،فأنا لا اتفق مع الحركة وقيادتها وخاصة السيد يونادم كنا على الكثير من الامور،ويوم نتفق على ما نختلف عليه اليوم،سوف يشرفني ان اعلن ذلك بكل فخر واعتزاز،لان اتفاقي مع هذه الجهة او تلك لا يجوز مطلقا ان يكون على حساب ثوابت وطنية وقومية اقدم نفسي قربانا من اجل تحقيقها،وقد قدمت نفسي للجميع بشكل واضح وصريح دون خشية التهديدات،والذين يعرفونني بأمكانهم تقديم شهادة سيرتي ومدى تطابقها مع ما ادعي واقول.
الذي اثار غيض الكاتب ودفعه الى الكتابة كان تنكري لتسمية التمرد الكردي في العام 1961 ثورة كما يحلو له وللبعض ان يسموه،واصراري على الزعم بخلو مشوارحياة ملا مصطفى البرزاني من موقف وطني واحد.
قبل ان ارد على الرجل،احب ان اقول:انا لا ارد عليه من اجل دفع التهم التي اتهمني بها عن نفسي،لان ذلك لا يشكل عندي ولو مشكلة صغيرة جدا،لان الذين يهمني ان اوصل ما اكتبه لهم يعرفونني حق المعرفة،انما من اجل ان يعرف كل عراقي غيور على وحدة هذا الوطن ارضا وسماءً وشعبا،وخاصة الشعب الكردي، الى اي منزلق عفن يريدنا البعض ان ننزلق،والى اية هاوية يريدون بهذا الوطن.
يعرف كل العراقيين ان الرجل عبد الكريم قاسم ورغم كل عيوبه وأخطائه كان رجلا وطنيا حتى النخاع،وهو الذي اصدر عفوا عن ملا مصطفى البرزاني واتى به من الاتحاد السوفييتي واكرمه وطلب منه بعض المهلة لغاية ان تستقر الثورة ثم يشرع بأطلاق المفاوضات حول تحقيق اكبر الاحلام الكردية قاطبة يومذاك، الا وهو الحكم الذاتي،وكما يعرف كل متابع للشأن السياسي العراقي ،ان البرزاني لم يصبر حتى تستقر امور رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم،فأندلعت احداث ايلول 1961 وكأنها لم تكن بأرادة البرزاني الذي كان في زيارة الى ايران يومها،والسؤال هو:لماذا ثارت قيادة الفصائل المتمردة على السلطة الوطنية الفتية يا ترى؟هل كان عبد الكريم قاسم عروبيا عنصريا،ام انه عرب مدينة كردية؟ام ان اوامر الاسياد القابعين خلف الحدود هي التي اوعزت بوجوب التمرد على قاسم من اجل قلقة الداخل ليسهلوا دخول الحرس القومي وغيرهم بالقطار الامريكي؟وهذا ما كان فعلا،فما ان دارت الساعة على سقوط السلطة الوطنية في 1963 حتى جاءت الاخبار ببرقية البرزاني تبارك للشباب القومي ثورتهم بعد ان كان قد اطلق هو ثورته في شمال الوطن،قولوا لي ايها الغيارى:هل هناك دليل اوضح من هذا يثبت ارتباط علي صالح السعدي والبارزاني بنفس الدوائر الاجنبية؟طبعا انا لا اريد ان اعرض عليكم تفاصيل علاقات البرزاني بالحركة الصهيونية لان ذلك قد تكفلت به اكثر من جهة،ام هل يريد لنا الكاتب ان ننسى ارتباطات سامي عبد الرحمن المشبوهة ودوره في الانفال الكردية 1959 في كركوك بحق التركمان؟ام ننقل امتعاض مناحيم بيغن من مطالبة الاكراد بالحكم الذاتي فقط وليس الدولة الكردية؟
يصر الكاتب على ان السيد يونادم كنا سكرتير عام الحركة الديمقراطية الاشورية كانت له ارتباطات بالنظام السابق ويكيل له اقبح الكلمات،وبما انني واثق من عدم اصابة الكاتب بفقدان الذاكرة انما بالكره والحقد الى حد الجبن،لذلك ارى من واجبي ان اقول له:لو قارنا الامر وفق المنطق الذي طرحته يا سيادة الكاتب الهمام، فأن القيادات الكردية هي التي يليق بها ان تتغنى بعمالتها للنظام السابق،لا بل ان المنافسة كانت يوما على اشدها بين هذه القيادات على تقديم ولائها لصدام حسين شخصيا،ولو كان السيد كنا الذي لا تربطني به صلة، فعلا تعامل مع النظام السابق،فلا بد انه تعلم ذلك على يد آل البرزاني الذين اختلط بهم يوم حمل السلاح بوجه النظام السابق،اما تسميتك للسيد كنا كسيد لي،فأنا اقول لك وبعلو صوتي:لقد خسئت،لانه ليس لي سيد سوى العراق والعراق وحده لا شريك له،لاني اثق:ان السماء والارض تزولان ولا يبقى سوى وجه الله ووجه العراق،لان العراق كان الاول والعراق يظل الى ما بعد الاخير.
يحاول الكاتب الهمام في مقالته الموسومة <ويستمر تطاول الاقزام على الشعب الكوردي وثورته وقياداته> المنشورة على موقع صوت العراق وصوت كردستان وربما على مواقع اخرى عملا بمبدأ حرية التعبير عن الرأيْ، ان يجرب حظه في لعبة خلط الاوراق،فيدعي بأن الفصائل السياسية التي رفعت السلاح بوجه النظام السابق قد احتظنها البارزاني حبا بها وليس وفق نظرية:عدو عدوي صديقي،لاننا من مراجعة بسيطة لتاريخ الرجل سنجد انه كان يضحي بحلفاء الامس حالما تبتسم له الايام وخير مثال على هذا الزعم هو مواقف القيادات الكردية من الحزب الشيوعي العراقي والحركة الديمقراطية الاشورية التي جندت هذه القيادات مؤخرا الكثير من الطاقات لتشويه سمعتها وتشتيت الصوت الاشوري عن طريق انتاج احزاب متفرعة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني كالحزب الديمقراطي الكلداني على سبيل المثال.
يحاول الكاتب ان يعيد عزف النغمة التي مللنا سماعها،الا وهي نغمة تضحيات الشعب الكردي وكأن بقية اطياف الشعب العراقي خلال مرحلة حكم صدام حسين كانت في رحلات الراحة والاستجمام،ولأني سبق واعلنت موقفي من كل الشعوب في مناسبات كثيرة، لذلك لا ارى ان اقول لكل كردي عراقي غيور على وحدة ومصلحة هذا الوطن سوى: انه في قلبي وسيظل في قلبي طالما كان هذا القلب قادر على العمل،وحين اقول هذا اقوله بحق لاني امارسه في حياتي اليومية،الا اني ارفض رفضا قاطعا ان اسمي مدن شمال العراق سوى بأسمائها،واذا كان لابد من تسميتها فيجب ان تسمى آشورستان لكي يستقيم منطق الحق والعلم.
اما فيما يخص تغني الكاتب بالتلاحم المصيري بين الشعب الكردي والشعب الاشوري،فأن انا لم اتجرأ واقول انه ينافق،فعلى الاقل اقول انه يجانب الحقيقة،لانه وكما يعرف كل دارس للشأن العراقي عموما والشأن الكردي خصوصا،ان عدد الاشوريين في مدن شمال العراق حتى نهاية الحرب العالمية الاولى،ان لم يكن يفوق عدد الاكراد فلم يكن اقل منهم ،وبحوزتي قائمة بأسماء عشرات القصبات والقرى الاشورية التي استولى عليها الاكراد قسرا وما تزال تنتظر عدالة ووطنية القادة الاكراد ليعيدوها الى اصحابها الشرعيين،واسماء الضحايا الاشوريين التي سفك دمها القادة الكرد وسلبوا ممتلكاتها وهتكوا عرضها اكثر من ان يحصرها الكاتب بعدد لكثرتها،ليس لجريمة اقترفوها او ذنبا ارتكبوه،انما فقط لكونهم اشوريون ويعتقدون بالله وكلمته وروحه،اما الكرد الذين حلوا في تلك القصبات والقرى فلا اظن ان احدا ينكر انهم اكراد تركيا وايران وسوريا ولا يمتون الى العراق بصلة من قريب او بعيد.
لقد اتى الكاتب في مقالته الانشائية على امور اخرى لا ارى من اللياقة ان الوث لفظي بها انما اترك ذلك للقاريّ الذي اثق بنباهته وعدالة حكمه وخاصة القاريّ الكردي الذي اتمنى صادقا ان يرفع عن بصره وبصيرته العصابة التي يصر البعض المريض بداء الحقد والكره ان يلبسونه اياه تحت ذرائع لا يلجأ اليها سوى الجبناء والمرتزقة والخونة،لانه لو كان ما يدعيه هذا البعض المريض صادقا وينقل الحقيقة،فما مبرر هروب جحافل الشباب الكردي من الجحيم البرزاني والطلباني واللجوء الى العيش في المهجر تحت شروط الغربة؟في حين انهم شرعوا بقبول لاجئين في السليمانبة كما نقلت لنا الاخبار المنقولة عن المسؤولين الكرد.
قبل ان اختم سطوري هذه،يسعدني ان اقدم خالص شكري وامتناني للسيدة العراقية ام نادين على مشاعرها الجياشة التي ترغمني على مشاركتها دموعها لشدة تأثري بسطورها الحنونة الدافئة البسيطة في كل مرة تكتب لي محذرة،كما لا يفوتني ان اشكر الاستاذ جلال جرمكا على تعاطفه مع ما اكتب والسؤال عني.
الهم اشهد اني لا اقتني ذهبا وفضة على ما اكتب،انما اكتب اكراما لمشيئتك التي اختارت ان تجعل ارض وطني مكانا لجنة عدن.
ياقو بلو
yakoballo@yahoo.co.uk