رسالة مفتوحة لحكومة السيد مسعود البرزاني المحترم
ليس من باب المجاملة ، بل من الانصاف ان نعترف بأن حكومة برلمان كوردستان ، وفي مقدمتها الحزب الديمقراطي الكوردستاني، تستحق كل الثناء والتقديرعلى ما حققته من مكاسب قومية وسياسية للشعب الكوردي ومن ازدهار وانتعاش اقتصادي واجتماعي وأمني ومعيشي في مناطق نفوذها ، سواء في ظل الملاذ الآمن الذي وفرته لها قوات التحالف الدولية بقيادة الولايات المتحدة ، او بعد تحرير العراق من الطاغية المجرم صدام حسين. ولا ينكر بأن الاستحققات والمشاركة الكوردية الواسعة في حكومة العراق الجديد ليست إلا ثمارا طيبة سقتها دماء الالاف من الشهداء الذين سقطوا خلال عقود من النضال المرير وغير المتكافئ مع انظمة الظلام والعنصرية. نضال استقطب وجرّ الى افلاكه كل المتعطشين للحرية وللعيش بكرامة من ابناء القوميات الاخرى كالاشوريين والايزيديين والتركمان. ابطال تفاعلوا مع القضية الكوردية وناضلوا من خلال ثورة الملا مصطفى البرزاني ، رحمه الله، امثال الشهيد الاشوري البطل هرمز ملك جكو والاب بولس بيداري والدكتور جرجيس فتح الله وغيرهم ، هؤلاء الذين وجدوا في الثورة الكوردية ملاذا لتحقيق تحررهم القومي اسوة بإخوانهم الاكراد . ولا يمكن تجاهل آلاف الآشوريين الذين ناضلوا جنبا الى جنب الحزب الديمقراطي الكوردستاني تحت راية الهيئة العليا لشؤون مسيحيي كوردستان وكانت هيئة شرعية منتخبة بقيادة المناضل المرحوم كيوركيس ملك جكو.اليوم ، ونحن نرى القيادات الكوردية تجني ثمار ذلك النضال المشروع والمشترك وتعد الشعب الكوردي بالحرية والامن والعيش الرغيد ، نجد انفسنا مضطرين للقول ، دون تحفظ ، بأننا لم نسمع عن او نلمس أية بادرة من جانب القيادات الكوردية فيما يخص التعويض لارامل ويتامى الشهداء الكوردستانيين من غير الكورد . فهل هناك برنامج لاحق لعوائل الشهداء والانصار، ام انها قد نسيت بأن تلك العائلات هي بذمتها اخلاقيا وانسانيا ووطنيا ، وهي الاحق من غيرها للمشاركة في جني ثمار الازواج والاباء الشهداء الذين رووا بدمائهم الزكية تلك الثمار على امل ان تنضج يوما فيأكل منها من خلفوا بعدهم من ازواج وابناء بعد معاناة قاسية وطويلة من الترمل والتيتم ؟ أليس واجبا على القيادات الكوردية ان تبدي اعتبارا خاصا بهؤلاء وتوفر لهم حياة كريمة وآمنة بعد كل ما لاقوا من فقدان وبؤس وعذاب ؟ وإلا فما قيمة التضحية والدماء الزكية الذين سفكها هؤلاء الشهداء عند القيادات الكوردية ؟ وهل سيلام الواحد إذا اعتبر اهتمال وتجاهل هذه المسؤولية الاخلاقية والانسانية ، نكرانا للتضحية العظمى للشهداء وتجاهلا لمعاناة من تخلف وراءهم من آرامل ويتامى ؟
من المؤسف حقا ان نرى الابواب لا تزال مغلقة في وجوه عوائل الشهداء وانصار القضية الكردية ، من غير الكورد ، والذين قضوا وبالاخص مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني عمرا نضاليا طويلا ، في حين تفتح الابواب على مصراعيها امام جحوش الامس اولائك الذين وصفوا عوائل الشهداء وانصار القضية الكردية بالمستكردين .
اننا بهذا الصدد نود أن نذكر السيد مسعود البرزاني وحكومته بأنه قد مضى على تحرير العراق أكثرمن سنتين ، وبأن الوقت يستوجب على سيادته اصدار وثائق إعتراف بالتضحية لأرامل ويتامى الشهداء تكريما لدمائهم وكذلك اصدار وعد رسمي بالتعويض المادي وبمشاركة عوائل الشهداء بالوظائف الرسمية إذا توفرت فيها الكفائة .
وكلنا ثقة بأن الرئيس البرزاني ، لما عهدنا فيه للان من مواقف مشرفة ، سيولى هذه المسألة اهتماما خاصا وسيبدي إعتبارا شخصيا ورسميا لتلك العوائل ، لكي ينال المصداقية السياسية والحضارية فيتمكن من التصريح برأس مرفوع وبلسان صادق بأن حكومته ترعى وتضمن مصالح كافة الكوردستانيين ، كوردا وآشوريين وإيزيديين وتركمان دون تمييز او تفرقة. إن إتمام هذه المسؤولية ، والتي هي واحدة من العديد من المهام الاساسية التي ستترتب امام القيادة الكوردية ، هو من واجبات فدرالية كوردستان العراق ، هذا اذا كانت القيادة الكوردية تتطلع الى جعلها نموذجا للتعايش القومي والديني وبالتالي فدرالية ديمقراطية تنفرد بالمساواة والامن والاستقرار في منطقة من العالم يسودها الاضطهاد القومي والديني وتقودها انظمة شمولية طاغية.
نعم ايها الاخوة المناضلون ، الذين ذقتم مرارة الاضطهاد والمذابح ، اجعلوا من كوردستان واحة لكل متعطش للحرية والكرامة وملاذا آمنا وملجأ واسعا لكل المضطهدين في تلك البقعة من العالم . لتكن كوردستان أمة شابة ومتفتحة تتميزبمقومات الدولة الحضارية .
إنني أدعوا القيادات الكوردية لقبول هذا التحدي الشريف الذي بغيره لا ترتقي الامم مهما عظمت .