رواية شفرة دافنشي هل حطمت المسيحية
ملاحظة : الرد هو رأي الشخصي ( كاتب هذه المقالة)
مريم المجدلية هل هي الكأس المقدسة وهل تزوجت المسيح ؟
ابتداءً من عام 1982 نشرت كتب عديدة تتضمن الاكاذيب والضلالات بأن الديانات مبنيــــة
على الاباطيل ، واكثر هــــذه الكتب شهرة كتابان هما " الدم المقدس-الكأس المقدسة " نشـــر
عام 1982 للكـُتاب ميشيل بيخت وريتشارد لي وهنري لنكولن ، وروايـة " شفرة دافنشي "
نشرت عام 2003 للروائي الامريكي دان براون والتي تحتوي علـــــى ملخص افكـارهؤلاء
الكـُتاب الذين اعتمدوا في كتاباتهم علـــى ماجاء في اساطير وخرافات العصور الوسطى عـن
الكأس المقدســة ومريم المجدلية ، وبنوا الاكاذيب والاوهام حـول لوحـــــة الفنان الايطالــــي
ليوناردو دافنشي( 1452- 1519)" العشاء الاخير" التي رسمها قبل خمسمائة سنة ، وتخيلوا
فيها مالم يفكر فيه الرسام مطلقا . رسم ليوناردواللوحة بين سنة 1495 و 1498 م على حائط
غرفة الطعام في كنيسة سانتا ماري دي ليجراز Santa Maria delle Grazie بميلانـــو
بإيطاليا . وكان موضوعها الجوهري هو رد فعل تلاميذ المسيح الاثنى عشر عندما قال لهــم :
" الحق الحق اقول لكم ان واحدا منكم سيسلمني " (يوحنا 13: 21) . قسم ليوناردو التلاميـــذ
الاثني عشر الى اربع مجموعات ، تتكون كل مجموعة من ثلاثة تلاميذ ، اي ستة تلاميذ علـى
كل جانب مـن جانبي المسيح . وكانت المجموعـــة التي عــن يمين المسيـــح ، يوحنا ويهوذا
وبطرس ، هــي التي لعبت الدور في روايــة دان براون شفرة دافنشي حيث زعم ان الشخص
المرسوم جالسا فــي لوحة العشاء الاخير عن يساريسوع المسيح هـو ( مريم المجدلية ) وليس
يوحنا الانجيلي . كما بنى دان براون نظريته علـــى اساس خلو لوحــــة دافنشي مــن الكأس
المقدسة ، وزعم ان دافنشي لم يرسم الكأس في لوحته لانه كان يقصد بها مريم المجدلية .
الرد على الجالس على يمين المسيح :
حيث يؤكد علماء الفن ان الرسامين في فترة دافنشي اعتادوا علـــى رسم الشباب بهذا الشكل ،
مثل النبلاء في عصرهم . ومن الجدير بالملاحظة ان ملامح وجه يوحنا الانجيلي فــي اللوحة
ورسمــه بدون لحية مثيله بنفس صورة التلميذ فيلبس فـــي نفس اللوحة ، انظرالصورة اعلاه
حيث المسيح فــــي الوسط ، ويوحنا John جالس على يمين المسيح ، وفيلبس Philip جالس
على يسار المسيح . والكتاب المقدس يوضح ان بطرس مال للامام ليسأل يوحنا عن الخائن :
" فأومأ إليه سمعان بطرس أن يسأل من عسى ان يكون الذي قال عنـــه" ( يوحنا 13: 24) ،
ثم انحناء يوحنا تجاه بطرس وبينهما يهوذا ليسمع سؤاله : " فأتكأ ذاك( يوحنا ) علـــى صدر
يسوع ، وقال له : ياسيد من هو ؟ أجاب يسوع : هو ذاك الذي اغمسُ أنا اللقمــة وأعطيـــــه .
فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا سمعان الاسخريوطي " ( يوحنا 13: 25و26) .
اذا يتضح ان يوحنا الانجيلي جالس على يمين المسيح وليس كما زعم دان براون انها مريــم
المجدلية .
الردعلى الكأس :
في الحقيقة الكأس مرسومة فــي اللوحة ، حيث علماء الكومبيوتر صوروا النسخة الاصليــــة
للوحة بعد الترميم وظهرت الكأس مرسومة على العمود خلف رأس بارثولماوس في اقصـى
يسار اللوحـة . وهنا يسأل القاريء اللبيب لماذا وضع ليوناردو الكأس علــــى العمود خلف
التلميذ فــي اقصى اليسار ولم يرسمها امام المسيح كما هو الحال في بقية صور العشاء الاخير ؟
والاجابة هــو ان لوحة دافنشي اسمها العشاء الاخير وليس العشاء الرباني ، فالعشاء الاخيــر
هـــــو عشاء الفصح اليهودي الذي يرمز للمسيح ، والعشاء متكون مــن طبيخ التين والتمــر
وكؤوس الخمر، اما العشاء الرباني فهو الخبز والدم المتحول الى جســد ودم المسيح ، اي ان
العشاء الرباني يتكون مــن كأس واحدة وخبزة واحدة . ويبدو ان دافنشي رسمها فــي خلفيــة
اللوحة وليس علــى المائدة ليبين انه العشاء الاخير. يهوذا أكل من الفصح اي العشاء الاخير
ولكنه لم يتناول من جسد الرب ودمه ، وبعد خروج يهوذا لتنفيذ مؤامرته بدأ المسيح يناول
تلاميذه العشاء الرباني وبدأ دور الكأس ، حيث جاء في الانجيل : " وفيما هــم يأكلون اخــــذ
يسوع خبزا وبارك وكسر واعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا . هذا هو جسدي . واخـذ الكأس
وشكر وأعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم . لان هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك مـن
اجل كثيرين لمغفرة الخطايا " ( متى 26: 26-28 ) .
وتم الترويج لشفرة دافنشي بصورة مبالغ من قبل الاعلام الغربي ، وكأنه كشف عن الاسرار
الخفيــة للمسيحية وحطمها !! وقد قرأ الرواية اكثر من 40 مليون قاريء مما دفـــع منتجي
السينما لتحويل الرواية الى فلم سينمائي وبطولة النجم الامريكي توم هانكس الذي عرض في
مهرجان كان السينمائي الدولــي الاخير . ترجم هــذا الكتاب الى ثمانين لغـــة ، منها اللغــة
العربية ، التي راح بعض كتابها من العرب يكتبون عما جاء في الكتاب اوالرواية من تشويه
للمسيحية دون ان يكلفوا انفسهم عناء البحث والدراسة ومعرفة حقيقة هذه الرواية التي شتمت
المسيحية واليهودية والاسلام بقولها ان الاديان مبنية على تلفيق . ان المسيحية لا تعتمد علـى
مثل هذه الخرافات بل انها تؤمن فقط بما جاء في الكتاب المقدس التي اقرته الكنيسة .
حاول دان بروان ان يوحي للقارىء بأن ماجاء في روايتـه كلها حقائق ولكن الحقيقة غيــر
ذلك ،لان معظم مازعمه الكاتب هو خرافات واساطير وخيا ل وتلفيقات أنتحلها من مجموعة
من كتاب ما يعرف بمتأملي العصر الجديد new age speculation ، واعتمد في روايتــه
على تسع كتب واهمها :
1- كتاب الدم المقدس ، الكأس المقدسة Holy Blood , Holy Grail :
كتب هذا الكتاب ميشيل بيخت وريتشارد لي وهنري لنكولن وتم نشر الكتاب عام 1982 .
وتضمن الكتاب فكرة خياليــة افتراضية بأن المسيح قـد تزوج مريم المجدلية ، والعجيب بان
الكـُتاب الثلاثة يعترفون بعدم مصداقية نظريتهم ويقرون ويعترفون انها مجرد نظرية تأمليـة
ويتلخص موضوع الكتاب في النقاط التالية :
- وجود اسرار مخفية في قرية رينيه لو شاتو بجنوب فرنسا.
- وجود مجموعة من الاساطير حول الكأس المقدسة تحمل رموزا سرية .
- الكأس المقدسة ترمز الى نسل المسيح من مريم المجدلية .
- زعموا ان مريم المجدلية ذهبت بنسلها الى جنوب فرنسا بعد حادثــة الصلب وحيث تزاوج
نسلها مع ملوك الفرنك واوجدوا سلالة الملوك المورفنجيين .
- زعموا بوجود جمعيـة سرية تسمى " أخوية سيون " مكرسة لاستعادت عرش ملوك فرنسا
المورفنجيين الذين حكموا المملكة من سنة 447 الى سنة 751 م .
- حاولت الكنيسة الكاثوليكيــة القضاء على هــذا النسل لكي تحصل علــى التسلسل الرسولي
للقديس بطرس بدلا من التسلسل الوراثي من مريم المجدلية .
- هذا النظام يحمي هذه السلالة الملكية التي ربما تكون بالمعنى الحرفي من يسوع .
ويبين ان الروايــة لاتهتم بحقائق التأريخ بل تجعل الخرافة مساوية للحقيقة ، وبهذا المفهوم
افترضوا تأريخا غير التأريخ وأحداثا ملفقة غير الاحداث التي حدثت بالفعل واعتمدوا علـــى
افتراضات وتأملات وادعاءات وتخمينات وهميــة وقدموها كأبحاث علميــة في حين انهــا
تناقض جوهريا مع حقائق التأريخ المدونة والموثقة .
وتتلخص نظريــة الكتاب فــي الادعاء بان السيد المسيح كان يعرف نبوات العهد القديم عن
المسيا المنتظر مما جعله يرتب حياته بما يتفق مع هذه النبوات وتزوج بمريم المجدلية ونجى
مــن الموت على الصليب وهرب مــع مريم المجدلية الى فرنسا وكان نسلــــه قدماء الملوك
المورفنجيين الذين حكموا فرنسا للفترة ( 447-751) م وكذلك نسله عروش بقية دول اوربا
لايزال قائما حتى الان .
وهؤلاء الكـُتاب عديمي الايمان نكروا لاهوت المسيــح وزعموا ان المسيح هــو مجرد نبـي
وكان انسانا عاديا فقـــد احب وتزوج مريم المجدلية وانجب ذريــة ذات دم مقدس ، ومريم
المجدلية هي الوعاء المقدس !
ويشخص الكتاب بان الجريــل ( الكأس ) موصوف فــي الاساطير حيث ان الكأس التـــي
استخدمها يسوع في العشاء الاخير كانت مريم المجدلية الوعاء المقدس ، كانت الكأس التــي
حملت سلالـة يسوع الملكية ، والرحم الذي حمل ورثة المسيحية ، والكرمــــة التي انتجت
الثمرة المقدسة . اما افتراضهم بزواج المسيح مــن مريم المجدلية حيث بين الكـُتاب الثلاثة
بانهم بحثوا عـن الجزئيات الصغيرة فــي الانجيل قــد تشهد لزواج يسوع بمريم المجدلية
وبينوا انها غسلت قدميه ، وهــذا الفعل كان شعيرة زواجية عنــد اليهود ايام المسيح !! هكذا
جروا وراء اوهام كاذبة حيث لم يذكر الكتاب المقدس ان المرأة التي غسلت قدمي المسيح هي
مريــم المجدليـة ولا كان معنـى غسل الارجل شعيرة زواجيــة ، فقد غسل السيد المسيح
ارجل التلاميذ فـي العشاء الاخير وهل يعني كان هو زوجة لهم؟!!
الرد على انكار لاهوت المسيح وانه مجرد نبي :
استطيع ان اختصر عقيدتنا المسيحية ، الاب والابن والروح القدس ، في ثلاث عبارات :
ان الله موجود بذاته (الاب) ، وهذا الاله الموجود بذاته هو ناطق بعقله (الابن) ، وهذا الاله
الموجود بذاته والناطق بعقله هو حي بروحه ( الروح القدس ) .
لقد اهتم الانجيلي يوحنا ان يبين علاقة الكلمة بالله في الازل لندرك ازلية علاقـــة المسيح
بالله ، وبدأ انجيله(1: 1) : " في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة الله ."
" في البدء كان الكلمة " فالمسيح ( الكلمة ) لم يتخذ شخصيته بالميلاد الجسدي ، اي انه ليس
مخلوقا بل كان في البدء قائما منذ الازل .
" والكلمة كان عند الله " والمسيح(الكلمة) لاينفرد بوجوده من دون الله ، بل هو كائن في الله .
" وكان الكلمـة الله " والمسيح (الكلمة) بظهوره فــي الجسد لـم يكـن مجرد انسان او نبـي بل
وهو بجوهر الله .
يوحنا بدأ انجيله بتوضيح الكلمة وعلاقته بالله وصفاته الالهية قبل التجسد ليكون هــو اساس
معرفتنا له بعــد التجسد بعد ان صار هــو يسوع المسيح . فالذي عمله الانجيلي يوحنا هو انه
استعلن سيرة الرب يسوع في السموات عند الله في الازل حتى لا نتوه في سيرته المتواضعة
على الارض وحتى لا تصبح بشريته المهانة عثرة لايماننا كما انذر هو بنفسه :" طوبى لمـن
لايعثر " ( متى 11: 6 ) . فحينما نؤمن بالكلمة في وضعه قبل التجسد يكون ذلك في الواقع
هو كمال إيماننا الصحيح بالمسيح ، لذلك كان اعتناء القديس يوحنا ان يستهل انجيله بهـــذه
السيرة الالهية للمسيح قبل التجسد .
فنحن عرفنا من المسيح نفسه انه قبل ابراهيم كان كائنا وبالتالي فهو قبل ادم بل والخليقــة
كلها ، قول المسيح لليهود :" ابوكم ابراهيم تهلل بان يرى يومي فرأى وفرح . فقال له اليهود
ليس لك خمسون سنة بعد أفرأيت ابراهيم ؟ قال لهم يسوع الحق الحق اقول لكم قبل ان يكون
ابراهيم انا كائن "( يوحنا 8: 56-58 ) ، قول المسيح ( انا كائن) كشف عن كينونته الازلية.
وهنا يتجه الفكر مباشرة الى التعريف الذي عرف الله نفسه لابراهيم اولا " انا الله القدير "
(تكوين 17: 1 ) ثم لموسى لما سأله هذا عن اسمه ، فكان الرد :" إهيه اشير( الذي ) إهيه "
(خروج3: 14) ، وتفسيره حسب الكتاب المقدس - هامش-( انا هوالكائن) اي ( انا الكائـــن
بذاتي ) . وكذلك عرفنا من المسيح نفسه قوله : " انتم من اسفل اما انا فمـن فوق . انتم مـــن
هـذا العالم اما انا فلست مــن هذا العالم . فقلت لكم انكـم تموتون فـي خطاياكم لانكم إن لـــم
تؤمنوا اني انا هو تموتون في خطاياكم "( يوحنا 8 : 23و24 ) .
" انتم من اسفل " اي من الطبيعة الترابية ، من الارض ، من المحدود الزمني المنتهي الــى
الموت . " اما انا فمن فوق " اي من الطبيعة الخالقة ، من السماء ، مـن اللامحدود الازلي ،
من الخالد الابدي ، من الحق القائم بذاته والدائم بكيانه .
وهنا ينبغي ان نلاحظ ان طبيعة المسيح هي " من فوق" ، فنزوله إلينا الى الاسفل كان فقـط
من اجلنا ، واما هو من حيث طبيعته فهو لم يزل " من فوق " ، وهو لـــم يزل موجودا فوق
في السماء حتى اثناء وجوده معنا على الارض : " ليس احد صعد الى السماء إلا الذي نزل
من السماء ، ابن الانسان الذي هو في السماء " ( يوحنا 3: 13 ) .
اذا يتضح من الشرح البسيط اعلاه ان المسيح هو الكلمة صار جسدا وحل بيننا(يوحنا1: 14)
اي هو الله المتجسد ، وان مزاعم دان براون تستند الى خرافات واباطيل ولا تمت الى الواقع
بصلة .
2- كتاب كشف سر فرسان الهيكل The Templar Revelation :
والكتاب الثاني الذي اعتمد عليه دان براون هو كتاب " كشف سر فرسان الهيكل " الذي كتبه
لين بكنت Lynn Picknett وكليف برنس Clive Prince ونشرعام 1997في بريطانيا .
وجمع كاتباه كماً كبيرا من خرافات وأساطير فرنسا الخاصة بمريم المجدلية وارتباطهــا
بيسوع المسيح والحركة المسيحية . وكذلك زعما ان المسيح كان تلميذا ليوحنا المعمدان قالا
ان تعاليم يوحنــا الدينية كانت في جوهرهــا اسرار الديانــة المصريــة الخاصــة بإيـزيس
وأوزوريس وحورس ! اي ان المسيح والمعمدان من وجهة نظــر هذين الكاتبين كانا عابدي
اوثان !! وان المجدليـــة كانت تمارس طقسا سريا جنسيا " مقدسا " مــع المسيح مرتبطا
باعتقادهما الديني الوثني . ! كما زعما ان المسيح كان ساحرا وانه كانت هناك قوة سحريـــة
انتقلت من يوحنا الى المسيح .
الردعلى يوحنا المعمدان :
يوحنا المعمدان كانت ولادته اعجازية من اب كاهن تقي في شيخوخــة مضمحلة وام عاقر
بلغ بها العمــر مديدا ، لعلمنا أننا امام نبي الرب الحامل لروح ايليا حسب الوعود القديمــة ،
ووراثة كهنوتية عن اب وام . ومن انجيل لوقا نفهم انه قادم من برية اتخذها له موطنــــا
ومقاما منذ صباه ( لوقا 1: 80) . جاء ليكرز في برية اليهودية وابتدأ يعلم قائلا :" توبوا" ،
والمعنى الذي تحويه كلمـة توبـة عنــد المعمدان تغيير القلب والفكر تحت تهديد الهلاك مــن
جراء البعد عن الله ، فهو يطلب وقفة نهائية مع النفس لتغييرالاتجاه والسلوك والحياة ، تقربا
من الله ، حتى يسلم المسيح قلوبا جديرة مهيأة لقبول الخلاص : " ولكن الذي يأتي بعدي هـو
اقوى مني ...هو سيعمدكم بالروح القدس ونار. " (متى 3: 11) . المعمدان قال هذا لينفــــي
عن نفسه انه المسيح وان عملــه لا يرقى اكثر مـن دائرة الجسد اي ازالــة وسخ الجسد ، اما
عمل المسيح فرفع الخطيئة عـن النفس والجسد والروح ليحل محلهـا الروح القدس والتبنـي
والمصالحة مع الله وميراث الحياة الابدية ، اي فعل الروح القدس في الطبيعــة البشريــــة
للتطهير والتقديس . اذا ان الكاتب بنى روايته على الاكاذيب وليس لها صلة بواقع رسالـة
المسيح ومناداة المعمدان بالتوبة .
3- كتابات مارجريت ستاربيرد :
Margaret Starbird تأثرت بكتاب الدم المقدس وهـي كاتبة مــن مدرسة متأملي العصــر
الجديدNew age speculation التي تؤمن بنظرية المؤامرة والرمزية التي تعتمد علـى
الاشاعات والخرافات والاساطير وتتوهم انها موجودة فــي قصص الكتاب المقدس . وتنشر
كتبها بالتركيز على تمجيد مايسمى بالاتحاد بين المسيح ومريم المجدلية او الانثى المقدسة .
فــــي سنــــة 1993 نشرت مارجريت ستاربيرد كتابهـــا " المرأة وقارورة المرمـــر "
The Woman with the Alabaster Jar
وافترضت انه إذا كانت مريم اخت لعازر هــي التي دهنت المسيح بالطيب قبل الصلب بأيام
هي بالفعل مريم المجدلية التي ترمز الى الكاهنة الالهة ، وكذلك هي ايضا المرأة الخاطئـة ،
ومن ثم يجب ان تكون متزوجة بالمسيح، وان هذا الطيب هواعادة لطقس وشعيرة الخصوبة
القديمــة والتـي دعتها بهيروس جاموس Hieros gamos ، اي الزواج المقدس او الجنس
المقدس . كما ان الكاتبة بينت ان قصة صيد التلاميذ 153 سمكــة في شبكة ترمز للكنيســـة
المذكورة فـي انجيل يوحنا 21 ، وبما ان اسم مريم المجدلية مكون مــن رقم 153 ، حسب
افتراضها ، إذا لابد مـن وجهة نظرها ان تتوحد الكنيسة بمريم المجدلية ، وعند ذلك ستكون
العروس المذكورة فــي الكتاب المقدس هــي مريم المجدلية والعريس هــو المسيح ، وهكذا
تخلط الاوهام والاباطيل لتبرهن بانها حقائق .
اعتمدت الكاتبــة علــى اساطير الكأس المقدسة التي ظهرت ابتداءً مــن القرن الحادي عشر
وبينت ان مريم المجدليـة ذهبت الى فرنسا بعد حادثة الصلب والقيامة وكان عندها خادمـــة
اسمها سارة وتفترض انها كانت ابنة المجدلية مــن المسيح ! ونشرت الكاتبة مقدمة لكتابهــا
" المرأة وقارورة المرمر " جاءت فيــه بانها كتبت خيال متعمــد لانه ليس لديها دليل علـى
وجود سارة بل انه مجرد تخمين .
الرد على المرأة حاملة الطيب :
مريم المجدليــة حسب العهــد الجديد : " وبعض النساء كـن قـــد شفين مــن ارواح شريرة
وامراض : مريم التي تدعى المجدليــة التي خرج منها سبعة شياطين ، ويونا امرأة خوزي
وكيل هيرودس ، وسوسنة ، وأُخر كثيرات كن يخدمنه من اموالهن "(لوقا8: 2و3) .
مريم خرج منها سبعــة شياطين ، ويونا كلمة يونانية وهي تأنيث اسم يوحنا ، وهـــي امرأة
رجل غير معروف واسمه خوزي وكان ضابطا عند هيرودس انتيباس ، وهذا مثل لخدمــة
المرأة من الاوساط الارستقراطية . والثالثة هي سوسنة بمعنى زنبقة ترجمتها من اليونانية.
ويتضح ان تقوم هؤلاء السيدات الثلاث بالصرف على الاثني عشر ومعهم المسيح ، لانهن
من الاغنياء . بمعنى انهن كن ذوات اموال خاصة وضعن اموالهن لخدمة الكنيسة .
لايوجد اي تلميح فــي انجيل لوقا ما يوحي أن مريم المجدلية انهـا المرأة الخاطئة التــــي
غسلت رجلي المسيح بدموعها ومسحتها بشعرها ودهنتهما بالطيب اي ان مريم المجدليـــة
لا علاقــة لها بالخاطئات اللاتي تُبن . ومريم المجدلية كانت متعلقــة بشخص المسيح الذي
أخرج منها سبعـــة شياطين . اعلن الفاتيكان عام 1969 ان مريم المجدليـــة ليست المرأة
الخاطئة ولا اخت لعازر .
وفعلا الذي اريد ان الفت النظراليه ان نقارن بين القصة الواردة في انجيل لوقا التي جاءت
بعيدا عن رواية الالام ، وما جاء في انجيل مرقس او انجيل يوحنا ، والاقضل ان نأخذ كل
قصة بحد ذاتها . يوضح انجيل لوقا : " وإذا امرأة في المدينة كانت خاطئة ، إذ علمت انــه
متكىء فـي بيت الفريسي ، جاءت بقارورة طيب . ووقفت عند قدميه مــن ورائه باكيـة ،
وابتدأت تـَبـُـلٌ ُ قدميــه بالدموع ، وكانت تمسحهما بشعر رأسها ، وتقبل قدميه وتدهنهمــــا
بالطيب . الذي دعاه ذلك ، تكلم في نفسه قائلا : لوكان هذا نبيا لعلم مــن هــذه الامرأة التي
تلمسه وما هي ! إنها خاطئة " ( لوقا 7: 37-39 ) . وايضا : " ثم التفت الــى المرأة وقال
لسمعان : إني دخلت بيتك ، وماءً لاجل رجلي لم تعط . وأما هــي غسلت رجلـــي بالدموع
ومسحتها بشعر رأسها. قبلة لم تقبلني، واما هي فمنذ دخلت لم تكف عن تقبيل رجلي. بزيت
لم تدهن رأسي ، واما هي فقد دهنت بالطيب رجلي " ( لوقا 7: 44-46 ) .
ولولا توبتها ما تجرأت ودخلت بيت الفريسي وحملت قارورة الطيب لتدهــن رجلي الرب .
اما الدموع فهــي دموع التوبة الحلوة التي هي عنــد المسيح أثمن مـــن قارورة طيب . اما
مسحها بشعر رأسها لرجلي السيد المبتلتين بالدموع فهو أغلى ما تملك المرأة من تكريمها ،
فشعر رأسها هو قمة كرامة المرأة ( 1كورنتس 11: 15). اما تقبيل المرأة لقدمي المخلص
فهي علامة عهد ان تظل امينة لقدم الذي انتشلها من طريق الضلال .
اذا يتضح ان مريم المجدلية ليست المرأة الخاطئة .
اما صاحبة الطيب فــي انجيل يوحنا ( 12: 1-3 ): " ثم قبل الفصح بستة ايام ، أتى يسوع
الــى بيت عنيا حيث كان لعازر الميت الذي أقامه مــن الموت . فصنعوا لـه هناك عشاء .
وكانت مرثا تخدم ، واما لعازر فكان احــد المتكئيـــن معــه . فأخذت مريــم مناً مــن طيب
ناردين ، خالص ، كثير الثمــن ، ودهنت قدمــي يسوع ، ومسحت قدميــه بشعرها . فأمتلأ
البيت من رائحة الطيب. " وفي انجيل مرقس( 14: 3 ): " وفيما هو في بيت عنيا في بيت
سمعان الابرص وهو متكىء جاءت امرأة معهـا قارورة طيب ناردين خالص كثير الثمــن
فكسرت القارورة وسكبته علــى رأسـه . " مريم هـــي أخت مرثا ولعازر التي ملأت البيت
برائحة ناردينها الفاخربوجود السيد المسيح الذي يملأ الكنيسة كلها والى اخرالدهور برائحة
محبة واسم هــذه المرأة التي أنابت نفسها عن بشريـــة الاجيال كلها ، لكي تقدم اليــه بسخاء
فقرها عمل المحبة في يوم المحبة . اذا مريم اخت مرثا ولعازر هي صاحبة الطيب وليست
مريم المجدلية .
اما مزاعم دان براون بزواج المسيح مــن مريم المجدليـة يمكن الرد عليهــا بقول المسيح
للمجدلية : " لاتلمسيني لاني لم اصعد بعد الى ابي ، ولكن اذهبي الــى اخوتي وقولي لهم ،
إني اصعد الــى ابي وابيكم والهي والهكم ." ( يوحنا 20: 17 ) . فرق ان يقول المسيح :
" جسوني والمسوني " ( راجع لوقا 24: 39) ، وان نحاول نحن ان نجســـه ونلمسه ، فهو
وحده الذي يُخضع طبيعــة جسده الالهي للجس او اللمس فــــي حدود إحساسنا ، لانه اصلا
لا يُحس . وهذا لايفيد دان براون ولا غيره في اثبات ان المسيح قد تزوج ، لان ثمر الروح
هو روح وثمر الجسد هو جسد .
هذه هي الخرافات والاساطير التي اعتمدها دان براون بحسب اعترافه فـــي روايته شفرة
دافنشي . اذا يتضح ان رواية دان براون مبنية على فكرة وثنية ، تبناها كتاب الغرب فـي
السنوات العشرين مــن القرن العشرين . غايتها عبادة الانثى المقدسة وممارســـة طقوسها
الجنسية الداعرة ، وخلطت بين الخرافة والاساطير والرموز والالغاز التي سادت اوربا في
القرون الوسطى ، وتجاهلت الكتاب المقدس وتركت المسيح وخلقت لنفسهــا مسيحا اخر لم
يكن موجودا وانما هــــو مسيح الخرافة والخيال ، وتركت التاريخ الحقيقي ونسجت تاريخا
خياليا وخرافيا . وتصورت الرواية ان هذه الخرافات موجودة فــــــي الكتاب المقدس وفي
الكتب الابوكريفية اي المنحولة ، غير القانونية ، كما اتهمت الروايــة الكنيسة الكاثوليكيـــة
وتنسب لها ما لا وجود له في التاريخ ، وتصور الفاتيكان وكأنه خزانة للاسرار التي يغلفها
الغموض وتخفي حقائق التاريخ واسراره !!، وذلك دون ان تقدم دليلا واحدا على مزاعمها
وتلفيقاتها . حيث ان الكاتب نفســه بالاضافة الــى الكتاب الاخرين الذين ينتمون الى هــــذه
المدرسة الخيالية سقطوا في اخطاء تاريخية وجغرافية ودينية .
تبنى الكاتب فكرة مساواة بين الرجل والمرأة عــن طريق فكر الوثنية الجديدة والذي يركز
على عبادة الانثى المقدسة ، باعتبارها مصدر الحياة مثل إيزيس في مصر وعشتاروت في
الشام واللات والعزى ومناة الثالثة في الجزيرة العربية وفينوس وأوفروديت في الغرب ...
الخ . وباعتبارالانثى كانت تمارس الجنس في المعبد مع الرجال في عهد الوثنية للتقرب الى
الاله ،اي ان الاتصال الجنسي قديما هو الفعل الذي يتقرب من خلاله الذكر والانثى الى الاله.
كما ان الكاتب يبين ان تعاليـــم عبادة الالهــة يرتكز على الرجال دون النساء فــي الكنيســة
المسيحيـة الاولى حيث ان قسطنطين واتباعــه الذكور نجحوا في تحويل العالم مــن الوثنيــة
المؤنثة الــى المسيحية الذكورية وذلك بحجة ان الانثى المقدســـة تعتبر شيطانا وبذلك محت
تماما اي اثر للالهة الانثى في الدين الحديث . فلا توجد اليوم حاخامات يهوديات ولاكاهنات
كاثوليكيات ولاشيخات مسلمات . ثم راح يتهم الكنيسة لانها حرمت الزنا والاباحية الجنسيـة
الداعــرة وجعلتــه عملا شيطانيا وقدست الزواج . ويزعـم الكاتب ان الممارســة الجنسيــة
الداعرة هي الوسيلة الجيدة بالنسبة له لعبادة الله وحيث يؤكد ان بلوغ النشوة الجنسية هــــو
بمثابة تأدية الصلاة !! لذا فقد كان الرجال الباحثون عــن الكمال الروحي يأتون الى المعبــد
ليزوروا خادمات الهيكل ويمارسوا معهــن الجنس للتواصل مــع الاله مـــن خلال الاتحــاد
الجنسي . فهذا فكر شهواني إباحي لا يتفق مع تعاليم المسيح .
الرد على الاباحة :
الكاتب دان براون ينادي بالدعارة بدلا من الذهاب الى الكنيسة!!!
هل من المعقول ان نذهب للدعارة ونترك وصية المسيح : " قــد سمعتم انه قيل للقدماء :
لاتزن . واما انا فأقول لكم : إن كل من ينظر الى امرأة ليشتهيها ، فقد زنى بها فـي قلبه ."
(متى5: 27و28) ، يرفع السيد المسيح الخطيئة من قضية زنا تم بالفعل ، الى قضية شهوة
ارسلها الشيطان في القلب يمكن تلافيها ، معتبرا ان العين التي تنظر هي النافذة المفتوحــة
على الخطيئة وهي المسؤلة عن حركة خطيئـــة الزنا فجعلها المسيح القاعدة التي يبدأ عنها
الحساب . فكل مــن نظر الى امرأة ليشتهيها في قلبهه فيُحسب انه اكمل الفعل . ونفهم مـن
هذا ان فكر المسيح يتجه بحماس شديد الى استخدام الارادة في مواجهة الخطيئـة وليس كما
يريد دان براون في فكر شهواني داعر .
زعـم دان براون ان المسيح قبل صلبه اعد المجدلية لترأس الكنيسة بعـــد موته ، اي ان
الصخرة التي بنى يسوع كنيسته عليها هي مريم المجدلية وليس بطرس .
الرد على من هو الصخرة :
جاء في الكتاب المقدس :
" وانا اقول لك : انت بطرس ، وعلــى هــذه الصخـرة ابنــي كنيستـــي ، وابواب الجحيــم
لن تقوى عليها . واعطيك مفاتيح ملكوت السموات ، فكل ماتربطه علـــى الارض يكون
مربوطا في السموات . وكل ماتحله على الارض يكون محلولا في السموات ."
(متى16: 18و19). وهكذا نرى مشيئة المسيح في تعيين بطرس الصخرة التي يبني عليها
كنيسته ، وفي اعطائه مفاتيح ملكوت السوات .
وجاء في روايته ايضا بأن مريم المجدلية من سبط بنيامين ومـن سلالة ملكية حسب شجرة
العائلــة ، والمسيح مــن سلالة داود والملك سليمان ، ملك اليهود ، وهـذا يعني ان زواج
المسيح الذي هو من سلالة سليمان مع مريم المجدلية من سلالة بنيامين توحيد بين سلالتين
ملكيتين لخلق اتحاد سياسي لبناء ملكوت ارضي ودنيوي .
الرد على السلالة :
لايوجد في الكتاب المقدس شجرة عائلة مريم المجدلية حيث انها مزاعم باطلـة مبنية علــى
الخرافات . كان اول ملك على اسرائيل شاول البنياميني وبعـده لم تكن هناك سلالة ملكيـــة
من سبط بنيامين وكذلك لم يخرج من نسله اي ملك ، لذلك لاتعتبر المجدلية مــــــن سبط
بنيامين بل كانت من مجدل والتي كانت تقع في شمال اسرائيل فـــي حين ان قبائل بنيامين
استقرت في الجنوب ، وانحصرت الملكية فقط في بيت داود الى ان جاء المسيح من نسله .
ويؤكد الكتاب المقدس:
" أجاب يسوع : مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم، لكان خدامي
يجاهدون لكي لااسلم الى اليهود ، ولكن الان ليست مملكتي من هنا " (يوحنا 18: 36).
كذلك بين المسيح على حقيقته :" انتم من اسفل ، اما انا فمن فوق ، انتم من هذا العالم ، اما
انا فلست من هذا العالم " (يوحنا 8: 23) .
المصادر
الكتاب المقدس
رواية شفرة دافنشي
مريم المجدلية هل هي الكأس المقدسة وهل كانت زوجة المسيح- تأليف القس عبد المسيح
بسيط
تفسير انجيل متى ولوقا ومرقس ويوحنا – الاب متى المسكين
http://www.catholic.com/library/cracking_da_vinci_code.asp
http://www.equip.org/free/dh028.htm
http://en.wikipedia.org/wiki/Holy_blood_holy_grail
http://www.magdalene.org/persp_bloodline.php
http://www.magdalene.org/persp_beloved.php
http://en.wikipedia.org/wiki/The_Templar_Revelation
http://www.theseekerbooks.com/articles/TemplarRev.htm
http://www.cnn.com/books/reviews/9902/19/templar/
http://www.leaderu.com/focus/davincicode.html
http://www.davincigrail.com/notes.htm
http://altreligion.about.com/library/bl_davinci.htm