Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

سبعون - البنت السريانية التي جاءت من ماردين

انشأ راوي الرواة ورائد الهجران ميخائيل نعيمة تقليد الاحتفاء "بالسبعين" فعندما بلغها في اعالي بسكنتا بين روائح التفاح وألوان الكرز، وضع "سبعون" المذكرات التي تحكي حكاية اب مجاهد طيب عراق مثل الصخر، وأم لجوجة طموحة مقاتلة. واما حكاية الابن فمن مدرسة بسكنتا حيث تعلم تصريف فعلêtre في كل صيغه. الى دير في فلسطين، فالى دير في الأم الارثوذكسية الكبرى، الروسيا، فالى نيويورك والرابطة القلمية وولادة عصر جبران في الحي الغربي من المدينة. واذا كان بعد صبيا فوق حصى بسكنتا وفي سفح سيدها الاعلى صنين. "كان لي وقفة مع السحر. فقد عاد احد انسبائنا من البرازيل، وانتشر الخبر في البلدة انه جلب معه آلة عجيبة تغني من تلقائها. وتغني كما يغني الناس بالتمام – ميجانا وعتابا وأبو الزلف وأغاني غيرها لا عهد لنا بها. كان ذلك أول عهدي بالفونوغراف، الذي لم يكن هو الآخر قد تجاوز زمن الطفولة".

عندما حلت طفولة فيروز، الارثوذكسية الاخرى، كان السحر هو الراديو. لقد حل الأثير المغني محل تجارب اديسون العظيم في تدوين الصوت البشري قبل ايام، كانت "سبعون" نهاد حداد.

سبعونها جميلة ولها في اعمار كل منا عمر. مثلها مثل ضوء القناديل على البيادر في حزيران. اواخر حزيران مثلها مثل صوت الينابيع عندما يلتقي آذار بنيسان على الحفافي والمتعرجات وتحت شجر الجوز. وكلاهما يغني لما ذهب ولما يشتهي ان يأتي. مثلها مثل زهرة شقيق، وحيدة في البرية، فرحة بقيام نفسها وحزينة بوحدتها والعمر الذي مر حزينا من زقاق البلاط، في قعر الفقر، الى العرش في مملكة الحناجر، وديار الحب والهوى والشعر. جاء اهل البنت السريانية الحزينة من ماردين. كانت تلك احدى الهجرات الى لبنان، هذا الملتقى الغريب، لمضطهدي المنطقة وعواصف الامبراطوريات. من مجازر تركيا الى فظاعة الوطن القومي اليهودي الى الأكراد والسريان والكلدان. هي، نهاد حداد، جاء والدها من ماردين في تركيا الآفلة. جاء فقيرا امثال الموت، ومثل الشرد وتزوج من فقر آخر صبية لبنانية "تضع خبزها على عجينة". ولا خبز، ولا عجين. حتى الفران الجنوبي في زقاق البلاط، كان يعرف في قرارته ان هناك مَن جاء الى الحي من حقول بعيدة اكثر فقراً، وقد تقاسم آل حداد، بيتاً عتيقاً، مع مستأجرين آخرين، على زاوية مار يوسف الظهور، لا يزال قائما الى الآن بفقره، ورطوبته، والدكنجي الذي يبيع ذات الرنة لمَن يشاء.

كان عالم زقاق البلاط جميلا ومختلطا وملونا. ففي هذه المساحة المحدودة، تحمل الشوارع الصغيرة اسماء تركية وفرنسية، اشهرها موريس بارس في حي المجد. والى هنا جاء اول جنوبي مشياً وسوف يصبح اشهر فرّان في بيروت، المعلّم ابو عفيف رضوان، وسوف يكسب ابو عفيف كسباً حقاً، فيشتري، اول ما يشتري، طقم الكنبايات الذي ارادت ان تبيعه الدونا ماريا سرسق. وفي هذه الاحياء التي نصفها بسيط ومعتّر – ونصفها ذوات آل فريج وآل نمور وآل ديبولا ووزراء البلد ووجهائها، في هذه الاحياء كان التجار البيارتة يتزوجون ثلاثا في غالب الاحيان، لان الزوجة يد تساعد في الكسب. وتاجر اكياس الورق كان يوزع اعمال التوليف والتلزيق والجمع، على هذه الشركة الجميلة من السيدات المليئات، الفرحات. فاذا حان دور احداهن ان تخرج الى الفرن او الى البقّال، غطت وجهها بمنديل كحلي شفاف يؤكد شيئا واحدا: ان المعلم صاحب شركة الاكياس، رجل متعدد الذوق ومتنوع السعادة. كان مغبوطامن جميع الذين لا يتاجرون بأكياس الورق.

تلك، كانت بيروت في الاربعينات. والقادمون يأتون من قريب ومن بعيد ويغنون، ويعشقون، ويحلمون بيوم يصبحون ابطالا صغارا، قادرين على رغيف غير صعب، وعلى مذياع، طراز "غرونديك" او "باي"، يغني لهم من داخل البيت، لا من خارجه. في بيت نهاد حداد، كان المذياع عند الجيران. وكان اقرب الى شباك المطبخ. وكانت تمضي اكثر الوقت، على ذلك الشباك الاخضر العتيق، في بيت رطب الجدران، من اجل ان تسمع ما يحب اصحاب الراديو من اغانٍ وفي الواحدة كانت تعطي دور الاستماع الى الاب، يريد ان يسمع من غنطوس الرامي اخبار الدنيا. ولم يكن يهمه او يعنيه من اخبارها الكثير. الاذاعة نفسها، "الاذاعة اللبنانية"، كانت على بعد مائتي متر نزولا من بيت البنت السريانية التي جاء اهلها من ماردين.

وسوف تغامر ذات يوم، هي، وضفيرتها، وشعور الغريب، بالنزول الى الاذاعة. وتطلب من حليم الرومي ان تغني في الكورس. وكم كان عدد الكورس؟ نحن هنا في الاذاعة اللبنانية، طلعة سامي الصلح ولسنا في سكالا دي ميلانو. حليم الرومي كان قادما ايضا من فلسطين. وكل غريب للغريب نسيب. فنان متقشف، منضبط، حزين المعالم من آثار النكبة وبرد التشرد، وفي هذه البيروت التي يأتي اليها الفازعون والحالمون والفقراء من الجنوب ومن ماردين ومن ارمينيا ومن كردستان ومن بقايا اشور السابقة، يصنع الغرباء لها مجداًَ لا يعرفون انهم يطرزونه حول عنقها الجميل مثل عقد من الخرز الازرق. يصغي حليم الرومي الى البنت السريانية الكئيبة الملامح، ويقول لها، بأسلوبه المتقشف الجامد المكتتب بالدوار من وطن الى ملجأ يقول لها، دون شيء من ابتسام: "نهاد حداد اسم لا يعني شيئاً لأحد، سوف تسمين فيروز وسوف تكونين فيروز وسوف تخرجين من الكورس من اجل ان تكوني النغم الجديد في هذه الأمة".

بأمر من الرجل الناحل، المعتل اللون، المخطوف الفرح، بدأت فيروز الرحلة الاسطورة. كان ذلك قبل اعوام كثيرة، وكانت في الرابعة عشرة من العمر، وكانت تخشى ان تقول انها بنت سريانية، لأنها لم تكن تدرك انها سوف تصبح ذات يوم شمس لبنان، ونجمة من نجوم الأمة، وأكثر وأكثر من ذلك بكثير، سوف تصبح نوعاً لا يقلد من الفيروز، لا قبل ولا بعد. فمعها، ومع الاغنيات القصيرة البسيطة التي يكتبها ويلحنها "الأخوين رحباني"، سوف يتغير جوهر الاغنية العربية، وسوف يأتي اليها عبد الوهاب الذي كانت تتوله صوته من الشباك المقابل، سوف يأتي ليسألها: هل تقبلين ان تغني لي؟ غنت له ما كان قد كتبه له شوقي قبل ولادة نهاد حداد: "يا جارة الوادي". وفي حنجرتها التقى عبقر شوقي وشيطان عبد الوهاب. وأحيت البنت السريانية بالصوت الذي يشبه الفجر الاول، قديم المغني العربي، وأعمرت ديار سيد درويش، وصار لها في كل بيت مذياع، او نافذة مقابلة، يصغي الناس الى الاغاني الآتية منها. مع "سبعين" فيروز، يتغير العصر مرة اخرى. اننا ندخل زمنا آخر: نانسي عجرم تشرب "الكولا" بعينيها القاضيتين، و"اليسا" تشرب "لببسي" بعينيها الحاضنتين. والناس تقوم الى الرقص وتظل ترقص الى الصباح. لقد ولى زمن السمع. ولى زمن الخدر السماعي. وولى الزمن الذي فيه "زجل" ميشال طراد انغم من شعر رامبو وأعذب وأحن وأعمق، بكثير أعمق وأحن، من شعر هوغو. ولّى زمن النشوة بأخدار الاثير.

العرش باقٍ، ولا مطالبون. وليس هناك حتى انستازيا مزيفة، تدعي انه تسري في دمائها دماء ملكية من سلالة فيروز، بل ليس هناك مَن يحمل الحق الطبيعي للتشابه. يخلق من الشبه اربعين، لا شبه الى اليوم. يكون الشبه ممكنا عندما يكون النموذج عاديا، ويصبح مستحيلا عندما يكون هذه البنت السريانية الناحلة التي جاء اهلها من ماردين وأوكلوا اليها، مع الرحابنة، ان توسع رقعة لبنان.

عن موقع تباين Opinions

الأرشيف اقرأ المزيد
أعتقال 36 شخصا مشتبه بانتمائهم الى تنظيم القاعدة نركال كيت/ اعتقلت قوات التحالف 36شخصا مشتبه بهم خلال عمليات نفذت يوم الخميس واستهدفت شبكة القاعدة في العراق جائزة نوبل للظلام!! بعد ان احتكر الغرب جائزة نوبل للسلام،حانت اللحظة الحاسمة ليمسك العراق فرصته التاريخية بأقتدار،ولينتزع بجدارة{جائزة نوبل للظلام}!!وهو يتمكن لثلاث سنوات متواصلة واكثر،ولثلاث حكومات متعاقبة،ان يطفئ الانوار،وان يغرق العراق بالظلام لينتزع موقع الريادة في هذه بولس فرج رحو هل يكون الأخير...؟ أصبحنا ننام ونصحو بين فترة وأخرى على أخبار خطف أو قتل أو على أصوات قنابل وتفجيرات تؤدي بحياة أبرياء ليس إلا، وهذا هو ديدن جميع العراقيين منذ ربيع 2003 مع الأسف فقد وعد الرئيس الأمريكي بجعل العراق نموذجا للديمقراطية في المنطقة وهو يستعد لتنفيذ مخططه الشني فريق الزيارات الميدانية في الامانة العامة لمجلس الوزراء يتفقد عدداً من المدارس الثانوية في منطقتي الكرادة والسيدية شبكة أخبار نركال/NNN/الامانة العامة لمجلس الوزراء/ اعلن مصدر من الوحدة الاعلامية في الامانة العامة لمجلس الوزراء ان فريق المتابعة الميدانية في
Side Adv1 Side Adv2