سجن الحوت يسجّل 24 حالة وفاة لمحكومين بالإعدام خلال ستة أشهر
المصدر: صحيفة المدى
حسين العامل
كشفت مصادر مطلعة في سجن الحوت (16 كم جنوب غرب الناصرية) عن تسجيل 24 حالة وفاة بين المحكومين بالإعدام خلال الاشهر الستة الماضية، فيما عزا مكتب مفوضية حقوق الانسان جانبا من الاسباب الى الاكتظاظ وانتشار الامراض النفسية والمعدية بين نزلائه والذي يضم نحو ثلاثة اضعاف طاقته الاستيعابية.
ورصدت (المدى) 24 حالة وفاة معلن عنها في وسائل الاعلام المحلية خلال الفترة من اواسط تشرين الثاني 2022 الى مطلع ايار من العام الحالي، تتوزع بواقع حالتي وفاة في تشرين الثاني 2022 و7 حالات في كانون الاول 2022 وحالتين في كانون الثاني 2023 و5 حالات في شباط و4 حالات في آذار وحالتين في نيسان فيما سجل الاسبوع الاول من شهر ايار الجاري حالتي وفاة.
وتكشف المعلومات المتاحة ان اعمار السجناء المتوفين تتراوح ما بين 26 -80 عاما وان معظمهم من النزلاء المحكومين بالإعدام وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الارهاب وان البعض منهم صادر بحقه أكثر من حكم اعدام.
فيما تعود اسباب الوفاة بحسب تلك المعلومات الى اصابات بأمراض التدرن الرئوي وامراض مزمنة والذبحة الصدرية ووعكة صحية طارئة يتوفى النزيل على إثرها اثناء نقله الى المستشفى وسرطان الجلد واسباب اخرى غير معروفة، في حين تعود اسباب احدى حالات الوفاة الى انتحار أحد النزلاء شنقا في حمامات السجن الذي يخضع لحراسة مشددة.
وكشف مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في ذي قار عن اكتظاظ غير مسبوق في سجون الناصرية، مشيرا الى أن السجن الإصلاحي (الحوت) الذي يختص بالأحكام الثقيلة بات يضم نحو 13 ألف نزيل وهو ما يفوق طاقته الاستيعابية المقدرة بأربعة الاف و500 نزيل بثلاث مرات تقريباً. وقال مدير مكتب المفوضية داخل عبد الحسين المشرفاوي في حديث مع (المدى)، إن "سجن الناصرية للأحكام الثقيلة يعاني من شدة الاكتظاظ وهذه مشكلة لها تداعياتها على حياة النزلاء ولاسيما من يعانون من الامراض المزمنة".
وتابع المشرفاوي، أن "الكثير من حالات الوفاة التي تحدث في السجن ناجمة عن الامراض المزمنة المتمثلة بالضغط والسكري ناهيك عن الضغط النفسي والنوبات القلبية".
وأشار، إلى أن "معدلات الوفاة المؤشرة في السجن تتراوح ما بين حالتين الى 3 حالات شهرياً".
ويجد المشرفاوي، أن "حالات الوفاة تكاد تكون ضمن المعدلات الطبيعية مقارنة بالعدد الكبير من النزلاء والظروف التي يعيشونها في السجن".
ورجح، ان "ترتفع معدلات الوفيات تبعا للزيادة الحاصلة بعدد النزلاء"، مشددا على "ضرورة معالجة مشكلة الاكتظاظ بالسرعة الممكنة".
ولفت المشرفاوي، إلى أن "أسباب الوفيات لا يعلن عنها في حينها كون الطب العدلي في ذي قار يزود ذوي المتوفي بتصريح الوفاة فقط، أما التقرير النهائي فيصدر من دائرة الطب العدلي في بغداد بعد مدة من وفاة النزيل".
ويعزو، "اقتصار حالات الوفاة على المحكومين بالإعدام الى شدة الضغط النفسي الناجم عن حالة اليأس التي يعاني منها النزيل كونه غير مشمول حتى بقرارات العفو التي قد تصدر للإفراج عن السجناء".
ونوه المشرفاوي، الى ان "ادارة سجن الحوت سبق وان استحدثت ساحات للتشميس وورش عمل لتدريب النزلاء الا ان ذلك لا يتسع ولا يشمل الجميع ولاسيما المحكومين بالإعدام الذين يخضعون لإجراءات مشددة تحول دون مشاركتهم بتلك الفعاليات".
يشار إلى أن النائب رعد الدهلكي قد ذكر في بيان سابق، أن "هناك العديد من المناشدات التي وصلت إلينا من ذوي السجناء في سجن الحوت، يتحدثون فيها عن رغبة أبنائهم بالانتحار نتيجة لسوء المعاملة والتعذيب وغياب أبسط مقومات الحياة الإنسانية من مياه شرب أو طعام"، فيما ردت وزارة العدل في بيان "نتابع ببالغ الأهمية الادعاءات والملاحظات بكل ما يخص السجون التابعة لوزارة العدل"، مؤكداً "عدم وجود حالات التعذيب في السجون التابعة للأقسام الإصلاحية، واتخذنا وسنتخذ إجراءات صارمة بحق كل من تثبت إدانته بخرق مبادئ حقوق الإنسان في الدوائر الإصلاحية".
في حين ذكر رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، النائب أرشد الصالحي، أن "ملف السجون جزء من ملفات حقوق الإنسان البرلمانية، ولا أعتقد أن أي رئيس للوزراء يستطيع حله".
وتابع الصالحي، أن "العراق وقع على الاتفاقيات الدولية وهو مساءل أمام المجتمع عن الخروقات، ونحن خلال زياراتنا إلى السجون حددنا الكثير من النقاط، لكن عند إثارة ذلك نُجابه بقوى سياسية تقف بوجهنا".
وتضم محافظة ذي قار عدداً من السجون من بينها سجن الأحكام الخفيفة الذي يضم نحو 1000 نزيل وقسم سجن النساء فضلاً عن سجن الناصرية المركزي (الحوت) الذي يعد من أكبر السجون العراقية ويضم نحو 13 ألف نزيل، عدد غير قليل منهم محكومون بأحكام ثقيلة من بينها المؤبد والإعدام.
وكان مكتب مفوضية حقوق الإنسان في ذي قار كشف في عام 2019، عن تلقيه 31 شكوى ومناشدة تتعلق بحالات تعذيب وانتهاك حقوق الانسان من بينها 16 شكوى من نزلاء سجن الناصرية المركزي (الحوت).
وكانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق كشفت في العام ذاته، عن انتهاكات خطيرة في سجني الأحكام الخفيفة والنساء في ذي قار، فيما بيّنت أن السجنين يعانيان من الاكتظاظ الشديد وتقادم الأبنية ونقص الخدمات الصحية والباحثين الاجتماعيين.