Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

سياسيينا الكبار لمن الولاء ؟

منذ سقوط بغداد وإعلان الولايات المتحدة الأمريكية احتلال العراق شهدت الساحة السياسية تعدد الأحزاب وتنوعها وكثرة الأجندات المطروحة بأهداف ومناهج وأعمال مختلفة ورغم الاختلاف الذي تشهده هذه الأحزاب من ناحية المنهاج والمطلب والتعبير عن الرأي إلا أنها تتفق من ناحية واحدة وهي (الادعاء ) بالعمل لمصلحة الشعب العراقي وارض العراق أي خدمة العراق أرضا وشعبا , وأؤكد هنا على كلمة (ادعاء) التي ذكرتها لان ما أظهرته لنا الأحداث الأخيرة والمتعلقة بالقرار الذي اختلف عليه برلمان العراق حول قانون مجالس المحافظات كان بمثابة القنبلة التي فجرت حفيظة البعض وكشفت نواياهم الحقيقية تجاه وحدة العراق , وكيف أن للبعض خطط ومشاريع أهم من العراق الموحد شعبا وأرضا , كما وأظهرت أن ولاء الكثير من سياسيينا هو بالدرجة الأساس لخدمة الأجندة الحزبية التي ينتمي إليها والتي تضمن لهم الإمساك بزمام السلطة والنفوذ بعيدا كل البعد عن الولاء لأرض العراق الموحد فكل حزب يحمل أهدافه على قائمة أولوياته ويناضل ويستبسل من اجل تحقيقها رافعا شعارات منها طائفية دينية بحتة ومنها ما هو قومي يخدم مصلحة قومية معينة على حساب باقي القوميات وبالنتيجة فكل هذا يأتي على حساب وحدة شعب العراق وأرضه ككل , حتى وان لم يخدموا القضية الدينية أو القومية التي يدعون أنهم يدافعون عنها فالمهم أن أصحاب الكراسي يحافظون على كراسيهم وكثرة عددها والارتقاء لأعلى المناصب بتلك الشعارات العراقية الرنانة التي يصرخون بها , مع تجاهل ما الذي من الممكن أن يقدمه ذلك المسؤول أو القائمة التي يمثلها أو مدى قدرته و كفائتة في إدارة ما قد أوكل إليه , أي أن الكل أو على الأقل أغلبية الأحزاب النافذة تدعي الولاء للعراق وشعبه وهم بالحقيقة لا ولاء لهم إلا للحزب الذي يرتبطون به والكرسي الذي وصلوا إليه .

لقد فتحت هذه الأحداث الأخيرة الباب على مصراعيه لظهور خلافات جوهرية كانت تجثم كالوحش الكاسر تحت قضايا هي ثانوية مقارنة بما يحصل الآن , فستار الأمن وعدم الاستقرار وضلال الطائفية والصراع من اجل المناصب كان يحول دون ظهور النوايا الحقيقية للبعض , لكن ما إن سنحت الفرصة حتى كشر البعض عن نابيه ورمى بقضية العراق الموحد أرضا وشعبا جانبا واخذ يرفع راية الأقاليم والقوميات لترتفع أعلى من راية العراق حتى بعد أن بدلت نزولا لأذواق هذا الطرف أو ذاك . إن ما يحدث الآن من أحداث هو دليل على أن الأرضية التي يقف عليها عراقنا السياسي هي ارض رخوة وهشة وغير متماسكة يمكن وبكل سهولة أن تقطع او تقسم على حسب سكين الكبار ووفقا للمثل القائل ( كلمن وايدو الو ) فظهرت حقيقة الولاء المطروح للدعاية والتجميل . فالأحداث الأخيرة أثبتت أن الولاء الذي صرخ به سياسيينا ورقصوا عليه هو ( ولاء لأي شيء إلا للعراق الواحد الموحد أرضا وشعبا ) فها هم سياسيينا من كرد ومن عرب شيعة وسنة يلوحون بانقسامات أخرى تضاف إلى جملة الانقسامات القديمة من طائفية ومذهبية ودينية لتتوج الآن باقة الانقسامات تلك بمجموعة من الانقسامات القومية والمناطقية أو الإقليمية فباتت ارض العراق المادة الأرخص للمساومة بها والورقة الابخس التي تستعملها القوة المسيطرة على الشارع السياسي الذي أصبح اخطر بكثير من ذي قبل على الذين لا يملكون من يحمي ظهورهم فنرى وبكل سهولة كيف أن ارض العراق أصبحت توزع بين من نصبوا أنفسهم كبارا للعراق وحسب نظام ( إذا كانت هذه القطعة لك , فتلك يجب أن تكون لي ) دون أن يبخلوا مطلقا باستعمال ما هو سلاح لحماية حقوق العراق والعراقيين كالفيتو الرئاسي الذي هدد باستعماله رئيس الجمهورية جلال الطالباني وذلك لحماية مكاسب الكرد الخاصة من ارض العراق . إن سياسيينا وبمختلف مناصبهم اثبتوا بان ولائهم ليس للعراق الذي يطمع الكل بخيراته ولا لقضايا شعبه الذي يقضي أيامه وسنين عمره بانتظار ابسط وأتفه الحقوق المشروعة التي يتمتع بها بقية البشر من غير سكان العراق كالماء والكهرباء والتي هي من آخر الأمور التي يفكر بها بقية شعوب المعمورة . إن سياسيينا يرون فينا نحن كشعب أن هناك من هو أحق من غيره بخيرات هذه الأرض المعطاء لذلك أصبح شغلهم الشاغل هذه الأيام كيف يقسمون هذه القومية عن تلك .... وكيف سيغرقون بالخيرات هذه القومية أكثر من تلك .... وكيف سيحصلون على الأرض الخصبة والغنية لهذه القومية على حساب بقية الشعب العراقي .... وكأن ارض العراق لا تملك من الخيرات ما يكفي جميع القوميات والطوائف والأديان التي تسكن بين حدود هذا العراق المقطع .... أو كأن هذه الأرض أصبحت تفضل أبنائها هذا على ذاك فتشبع هذا وتحرم ذاك

كنا نعتقد من قبل أن العراق بكل الخلافات التي شهدها من اقتتال وذبح وترهيب كان يمر بأزمة خطيرة تحول دون تقدمه لتحقيق أهدافه في الوحدة المرجوة والديمقراطية المنشودة لكن الآن نواقيس الخطر تدق وتحطم نفسها لتنبهنا بخطر هو اكبر مما كنا نعيشه في السابق , ففي الأمس كنا نقول إن الإرهابي الذي يعمل لحساب قوة خارجية يحاول تقطيع العراق لان ولائه كان لغير ارض العراق , أما اليوم فنفس الخطر يأتي من سياسيينا وان اختلفوا عن الإرهابي من ناحية الطرح والتعبير والأسلوب المتبع في تحقيق غاياتهم لكن الجوهر هو واحد وهو قطع هذا وبتر ذاك ... وتفضيل هذا على ذاك ... والحصول على هذه القطعة لمصلحة أولائك ... إذا برأيكم وبعد كل ما شاهدناه من أحداث ( فلمن هو ولاء سياسيينا الحقيقي ؟)

سؤال سهل لجواب صعب





جوني خوشابا الريكاني

10/8/2008

تلكيف







Opinions