سيدتي وصديقتي العزيزه د. كاترين,المثقف هو الذي يوحد الصف
أمريبعث فيّ الفرحة والأمل حين تغدو ألام شعبنا (الكلدواشوريالسرياني) هي الزاد الذي تتغذى منه اقلام مثقفينا , والأمر الأكثر مبعثا للتفاؤل هو أن بيوتنا المتواضعه ما زالت تعمر فيها العقول النظيفه ألتي لم تصب أقلامها بعدوى فايروسات تجار ساسة عصرنا الملوّث.وحدتنا /حاضرا وتاريخا / يا أستاذتي العزيزه , أنا أعيشها شخصيا وهي ماثلة ٌ بتفاصيلها الشعبية والفطريه في كل لحظة أمامي و كلّما قرأت في أوراق مذكرات المرحوم البطل توما توماس و رفيقه المرحوم الشماس أبريم عمّا , كما أنني أجدها اليوم تنطق عن ذاتها ما بين سطور مقالاتكم يا أستاذه كاترين وانت إبنة ذلك المناضل الوطني الذي لم يبخل علينا يوما بعطاءاته الفكريه الهادفه حين كنّا نتشرف بزيارته بين حين واخر .
فحين تنطلق الأقلام الملتزمه بقضية أهلها مسترسلة ً في تبيان وكشف هفوات وكبوات تجارب بعض ساستنا المتكررّه في رواحها ومجيئها عاملة ً كالمشرط في تقطيع جسد أمتنا إربا ً إربا . وأزاء هذه الحاله يكون مثقفنّا في مهمته الغير السهلة هذه هو الأكثر أحقيّة ً و ألأوفر حظاً في عملية تشخيص مواضع الخلل و الترّهل الحاصل في واقعنا , وما تجاهل السيّاسيين لنداءات مثقفينا وتحذيرات المتابعين المتواصله إلا إشارات تنذر بخطر مضاعف تستدعينا دائما إلى الحذر واليقظة وإلى وجوب ملاحقتها حتى في عقر دارها لتنصاع لمطالب شعبنا في العمل على تحقيق طموحاتنا وتطلعاتنا في وطننا الأم ( العراق ).
للمثقف الملتزم بقضية شعبه _كما هو معروف عنه في إلتزامه _ إحساس متنامي من الإعتزاز في نفسه كلّما زاد هول الصعاب التي تواجهه,و يزداد هذا الإحساس صلابة ً بالتوازي مع تعمّقه في البحث عن ذاته داخل موطنه وضمن قوميته و حتى في قريته أو عشيرته أو عائلته , فهو الساّند ظهره بحائط بيت جاره كلما رام قسطا من القيلولة كإستراحة مقاتل , ويشمخ بهامته كلّما إرتفعت بوجهه جدران عزله عن هموم شعبه , وهو الرافض بذخ سلطان الغريب على جموع أهله حتى في حال ضعفهم, وهو الحاضر دوماٌ وسط الفرقاء من أهله محضر خير ٍ ما بينهم. وبالرغم من أنّ البعض من سياسيّي يومنا هذا قد توّفق في شراء كلمة مثقف محسوب بشكل أو بأخر على قائمة مثقفينا وجعلها يافطة ً تمجد بالمتسللّين على أن يخفي وراءها عورات شعوذتهم , فإننّا سنبقى نفتخر بقولنا أن ليس كل مثقف بقابل لنفسه أداة ً طيّعه بيد تجار وسماسرة السياسة .
ألمثقف الأصيل من طبعه أنه يستهجن الإبتذال في تعاطيه مع مبدئه الذي ترعرع في أحضان صفحاته النيّره , ولا يمكن أن يسمح لنفسه إطلاقا ممارسة هواية القفز فوق أكتاف أبناء شعبه وأجسادهم المنهكه من أجل الوصول السريع إلى قصور الطغاة المسيّجه حيث حضرة السلطان وحاشيته بإنتظاره لتصنع منه اليد الضاربه أعناق المساكين من بني جنسه , كلا وألف كلا, فذلك ليس من صفات المؤمنين بقضيتهم ولا من خصائل الراضعين حليبهم نقيا ً من أثدية الأمهات النجيبات.
نعم هنا تكمن علّة تشرذمنا يا سيدتي العزيزه كاترين, لاضيف على تلميحك حول تهميش دور المثقف بأن سياسيينا في منحهم لمثقفينا إجازة ولأمد ٍ غير معلوم, يمنحونها قسريا ً من موقع المتجبّر ليلغوا الدور المعرفي المعطاء و المعروف بمصداقية إنتمائه , يفعلونها بشيئ من العنجهية لأن دور المثقف يرعب كراسيهم ويهدد هواياتهم و يعكّر مزاجاتهم , لذلك لا بدّ للمثقف الملتزم أن يستمر بقول كلمته ليشعرهم بأنه موجود حيثما لايرغبون لكن بهيئة مغايره للذي يحنيَ ظهره أمام شطحاتهم ألتي تلامس أحناكهم فيها مداسات السلاطين على الأرض .
سيبقى نداءنا في مقدمّة كل صفحة مكتوب, مطالبين فيه, دون كلل أو ملل, كل حزب او منظمة تدعّي عنايتها بشؤون أبناء شعبنا الكلدواشوري السرياني ,أن يراجعوا أنفسهم وبرامجهم بشكل جدّي ومنح الفرصة لدور فعال للمثقف المدني ليمارس دوره في إعادة اللحمه المقطعه إلى سابق عهدها دون إعتبار ذلك منيّة منهم على أحد , وعلى السياسيين المخضرمين منهم والجدد وهكذا المتربعين على كراسي قيادة كنائسنا المحترمون أيضا نطالبهم بكل إحترام وإجلال أن يفتحوا أذانهم وأعينهم جيدا لسماع صرخات المعذبين دون المتاجرة على حسابها وليشاهدوا معاناتهم جراء الذي يجري بحقهم في وطنهم وما سببته فرقتهم وصراعاتهم كما فعل المسيح حين كان لا يفارق المستضعفين إلا ساعات دفنه في قبره.