شبح صدام يطارد حداد
القاضي منير حداد كان عراب إعدام صدام حسين ،وهو يفخر، بذلك ويتباهى به ،فقد كان قريبا من جلسات التحقيق المطولة معه وحضر بعضها عدا عن التي تولاها بنفسه، وكان له معه حديث مطول عن قضايا وأفكار شخصية إنتهت الى تأكيد التهم الموجهة إليه، وهي التهم التي أدت به في النهاية الى تلقي عقوبة الإعدام شنقا حتى الموت .
منير حداد كان عراب ذلك الإعدام وبإمتياز، ولم يجرؤ بقية القضاة على القيام به ،ويقول في هذا السياق إنه لم يكن حاقدا على صدام بسبب وفاة والدته كمدا نتيجة لسجن أفراد من العائلة بتهمة الإنتماء لحركة المعارضة ضد نظام الحكم ،بل تعامل معه بحرفية أكدها صدام شخصيا حيث لم يتهمه بشئ ،والقاضي حداد هو من أبناء القومية الكوردية التي تعتنق المذهب الشيعي، وهم المسمون ( الكورد الفيلية ) الذين تعرضوا الى عقوبات جماعية مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وسحبت عنهم الجنسية العراقية ،ورحل معظمهم الى إيران قسرا،ومات منهم الكثير في السجون ،وهجر عديدون الى بلدان أوربية،ومنهم من تلقى حكما بالإعدام ،ولدى حداد بعد هذا التوصيف المئات من الأسباب التي تدفع به لإتخاذ سلوك أكثر قسوة معه ،وهو مالم يحدث على مايبدو .
التحول الأكثر دراماتيكية تمثل في سعيه لتنفيذ حكم الإعدام بصدام ،حين كان رئيسا لفريق قضاة التمييز الذين تطلب الأمر جمع تواقيعهم على الحكم الذي صدر من المحكمة الجنائية قبل أن يرفع الى رئيس الوزراء ليوقع على التنفيذ .وفي هذا يعترف حداد، إنه كان العراب الأول وبلا منازع، وبحسب زعمه فإنه ذهب الى القضاة واحدا واحدا ،وحصل على تواقيعهم التي سرعت في تنفيذ الحكم في تلك الصبيحة التاريخية من العام 2006 وشكلت إنتقالة في طبيعة الاحداث في العراق ،والتي أخذت شكلا وزخما مختلفا بعد هذا التاريخ .
كان حداد واحدا من الشخصيات المعدودة التي حضرت ساعة التنفيذ ،وأشرف شخصيا على الإجراءات التي سبقت تنفيذ حكم الإعدام ،وتحدث الى صدام حسين الذي كان هادئا بزعمه ،ولم تبد عليه إمارات الخوف ،وهي لحظة لايمكن تبين موقف ووضع ومزاج ونفسية المحكوم بالإعدام فيها لأنه يتصرف بطرق وشكليات مختلفة لاتجعله سهلا في مواجهة مراقبيه والذين يحاولون سبر أعماقه، وكشف مابداخله إلا في حالات نادرة وحين يكون الإنسان في مواجهة لحظات بعدها الموت لامحال.
يشكو حداد من الإهمال ،أوهكذا يقول ،وقد تعرض لحوادث إغتيال تكررت خلال الأعوام القليلة الماضية ،ومنها حادثة كادت تودي بحياته لولا أنه نجا بإعجوبة ،وهو يظن ،إن الإستحقاق الذي يجدر تقديمه له لم يحصل ،لامن الحكومة، ولامن القوى والمؤسسات التي يفترض إنها معنية بالأمر،ولست أعرف ماهو نوع هذا الإستحقاق ؟ ولا الكيفية التي يحصل بها عليه ،عدا عن شعوره بإنه مهدد على الدوام من أنصار صدام حسين الذين يتوسمون فرصة ما للقضاء عليه ،ربما سيقضون عليه ،ربما.