شعور وذكريات أخر 3 أيام شيخ المدربين عمو بابا؟؟
بداية فقيرة ممزوجة بولع وحب الكرة المستديرة، أعوام مضت كانت مليئة بالانجازات الرائعة بل وأكثر من رائعة، والأحلام التي تحولت مع مرور الوقت إلى واقع ملموس على الساحة العراقية، ومنذ بداية تلك الأحلام كانت قدمه الذهبية معانقة للكرة العراقية بكل ما تحمله من معاني وروح رياضية عالية إلى إن سقطت كل الألقاب ليحصل في منتصف مشواره على لقب شيخ المدربين.
لقد مر شيخ المدربين عمو بابا بمراحل عدة في مشواره الرياضي ومنذ بدايته الاحترافية التي ابتدأت بلعبه مع المنتخب العراقي ومرورا باستلامه دفة القيادة كمدرب محترف، وانتهاء بمرضه ورحيله في إحدى فنادق مدينة دهوك لإصابته بمرض عضال، نعم لقد رحل شيخ المدربين جسدا عنا وعن كل محبيه تارك لنا ذكرى احد أغلى رموز العراق وتاريخه، هذا الرمز الذي لطالما أحب وطنه ومبادئه بغض النظر عن انتمائه القومي والديني، فكان الشمعة الموقدة دائما ولاسيما مع الكرة العراقية التي ترك بصمته عليها منذ بدايته والى يوم رحيله.
وقبل رحيل شيخ المدربين عمو بابا بثلاث أيام فقط، كانت لي زيارة له برفقة بعض الأصدقاء حيث كان بفترة نقاهة في إحدى فنادق دهوك بعد عودته من عمان التي أجرى فيها عملية جراحية لقدمه التي كان مرض(الغرغرينة) قد نهشتها، وبعد نهوضه من الغيبوبة التي قام منها إثناء رقوده في مستشفى أزادي في محافظة دهوك – العراق، ولشدة فرحته لرؤية أي واحد يزوره أراد النهوض لمعانقتنا ولكن المرض منعه من ذلك، وبعد الاطمئنان على صحته، تبادلنا طرف الحديث لأفاجأ بالشعور والحسرة التي كان يتنهدها شيخ المدربين وهو ملقي وحيدا على سرير النقاهة بعيدا عن أهله وعائلته بالرغم من قرب محبيه و معجبيه وأصدقائه منه، وبغية التخفيف من الم المرض لكن قاطعني ليخفف من آلمه وكان قلبه كان يعلم أنها الأيام الأخيرة له ولانغلاق الستار عن مشواره الرياضي الذي كان من خلاله رمزا للعراق ومفخرة لهذا الوطن.
حسرات الم فراق حزن، كل هذا تلمسته عندما تكلم معنا عن معاناته الأخيرة مع المرض الذي ظل لعدة شهور يعاني من ويلاته، كما وذكر عن حزنه الشديد لمحاولات البعض من تشتيت أبناء هذا الوطن وحزنه أيضا على عائلته التي تشتت منذ بداية التسعينيات ورحيلهم إلى المهجر كما وكان إثناء الحديث يشكر كل الجهات التي ساعدته بعلاجه ووقفوا إلى جانبه مع معاتبته للبعض لعدم الاهتمام به وهو بتلك الحال لا بل ذكر أيضا معاناته الأخيرة عندما قدم إلى محافظة اربيل قبل عدة شهور وكيف انه احتاج لبعض المال لغرض العلاج ومساعدة صاحب احد الفنادق له لهذا الغرض ولاعنا في الوقت نفسه إلى الحال الذي وصل إليه أبناء ورموز هذا الوطن، وبعد توقفه بعض الوقت لتناول ادويته، شكر أيضا مساعده الارمني الذي لطالما رافقه بفترة علاجه كما وشكر المساعدين اللذين أرسلتهم له محافظة دهوك للعناية به ولترتيب مواعيد زيارته وكل من زاره وهم كثر .. وبعد نصف ساعة من الحديث المليء بالحزن والألم والحسرات، تركناه ليستريح بعد إن استرجع بعض ذكرياته لنا ومدى تعلقه وحبه لوطنه العراق.
وبهذا الرحيل المحزن للعراق ولكل محبي الرياضة وشخصية شيخ المدربين، أسدل الستار عن مشوار ومسيرة المبدع العراقي الأصيل عمو بابا ليتوجه محمولا على الاكتاف من مطار اربيل الى ملعب الشعب الدولي ليودع من قبل محبيه ومشجعيه، ولكن تبقى ذكراه مزروعة بضمائرنا وعقولنا وحبه مازال ينبض بقلوبنا .. فوداعا يا أبا سامي يا من تركت بصمتك الذهبية على الكرة العراقية وداعا...