شكرا أهلنا المسيحيون
لم تكن هي المرة الأولى لهم، ولن تكون الاخيرة التي يقفون فيها معنا.اتحدث هنا عن المسيحيين في العالم العربي. اولئك الذين يسكنون بيننا، دون ان ندرك يوما قيمتهم الحقيقية، ودون ان نقدر حضورهم الذي تجاهلناه. في الاحداث الاخيرة، التي تلت حكايتنا مع الدنمارك، اظهر المسيحيون تعاطفا مع مشاعر المسلمين، اكثر من بعض المسلمين انفسهم. اكثر مني انا المسلم، الذي قلت ان مظاهراتنا واحتجاجاتنا كانت هوجاء تفتقر الى الصدق!
من مصر الى فسلطين، من الاردن وحتى العراق، لم يبق مسيحي الا وتعاطف معنا. بعضهم حمل اللافتات بين الهلال والصليب، وبعضهم كتب وتحدث في كل مكان، مدافعا عن المسلمين كواحد منهم.
لقد اثبتوا جميعهم، واقول جميعهم، انهم واحد منا. قد يقول البعض ان تعاطف المسيحيين العرب مع المسلمين هو رياء لا علاقة له بالواقع.
لكني أسأل: من يرائي من؟
اولا، المسيحيون العرب ليسوا تحت حد سيوفنا كي نرأف برقابهم ان تعاطفوا معنا.
ثانيا، لم يدفعهم احد الى التعاطف عنوة، او يغريهم بمنصب او مال. هم تعاطفوا اقتناعا من ذات انفسهم، بأن للأديان حرمتها، وللمسلمين مشاعرهم.
ثالثا، ليست هي المرة الاولى التي يدافعوا فيها عن قضايانا، ولن تكون الاخيرة. استطيع ان اعدد اكثر من موقف ما خذلونا في احدها ابدا.
رابعا، لو افترضنا ان المسيحيين العرب المقيمين بيننا تعاطفوا معنا من باب الرياء، فماذا عن المسيحيين العرب المقيمين في الغرب، الذين كان دفاعهم عن رسولنا اكثر من دفاعنا نحن؟
اعود واسأل من جديد اذا: من يرائي من؟
حتى لو هم تعاطفوا رياءً، فقد اثبتوا انهم افضل منا. فلست اذكر اننا نحن المسلمون قد تعاطفنا يوما مع ابناءنا المسيحيين في قضاياهم. حتى عندما كانوا عرضة لهجمات المتشددين فينا، اكثر من مرة، لم نظهر تعاطفا معهم ولا مرة واحدة.
ما اتمناه ان نأخذ الفائدة مما حدث مؤخرا في حكايتنا مع الدنمارك. والفائدة الاساسية هي أن نقضي على اسطورة ان لا هم لكل مسيحيي العالم سوى القضاء على اسلامنا. وان لا هم لمسيحيي العرب سوى مساعدة الغرب علينا.
ما عاد هناك مكان لعزلة بيننا ان اردنا التطور. ما عاد مقبولا عزل مسيحيينا في مواقع ضيقة حيث لا امل بمنصب او سيادة.
وليتهم افتقدوا الى العلم والمكانة لهان الأمر، بل هم فئة على قدر من الوعي والثقافة والمعرفة، ما يجعل مساهمتهم في البناء حاجة لا رفاهية.
هم جزء منا. كانوا دوما جزء منا، دون ان ندرك او ننتبه، وسط اهمالنا وعنصريتنا!
مواقفهم الاخيرة جعلتنا ننتبه. جعلتني انا شخصيا انتبه الى فئة لا تقل عن اي مسلم وطنية واخلاصا، للارض والشعب والحاكم.
اليوم اقف احتراما لكل مسيحيينا، الذين اثبتوا انهم اهل لنا، وما عاد الظل مكانهم.
لهؤلاء اقول شكرا ألف مرة، ان كانوا دوما في الخندق معنا، ولو ضاق الخندق ذرعا بجهالاتنا!