شهيد المحراب ... لم يمت أبدا
ليس جديدا على الغري أن يخضب بدماء المؤمنين،وليس غريبا على آل الحكيم أن تُقطع أجسادهم بسكاكين الحقد،وتزهق أرواحهم بالمشانق ورصاصات الغدر،لكن الجديد هو أن يبدأ الأعداء بذبح العراق بقطع وريد الحكيم ،ليكون أول وريد يقطع في جسد العراق الجديد بسكاكين العدو القديم المتجدد بلباس القاعدة وتنظيمات الإرهاب التكفيرية .رحيل محمد باقر الحكيم في تلك الجمعة الحزينة ،ادمع كل العيون ،حتى أولئك الذين اختلفوا معه في الرؤى والأفكار ،هذا لأنه لم يكن في يوم من الأيام يعامل الناس بحسب قربهم وبعدهم عن طروحاته التي أثبتت الأيام جدواها وواقعيتها,ومنذ اليوم الأول الذي عاد فيه الحكيم إلى بلده، بلد أجداده ،من بعد عقود من الأنين ،وغصص الغربة وآهاتها ،عمل على توجيه الأمة التي زحفت إليه ،إلى طاعة المرجعية ووجوب الالتزام بأوامرها ،ليضع بذلك أسس ألعمليه السياسية ويرتب أوراقها ويحصن الأمة من الوقوع في الفتن التي قرأ فصولها ببصيرته وحنكته التي شهد لها كل من عرفه رضوان الله تعالى عليه .
لم يطرح من نفسه قيادة ،بل قال وبصريح العبارة ( نحن جنود المرجعية ) وهذه بحد ذاتها واحدة من آيات الشهادة كما يعبر المفكر الكبير عباس محمود العقاد حيث يقول :
ومن آيات الشهادة ألا تغره الدنيا ،وقد غرت حوله كل إنسان ... فهو شهيد ، شهيد ....
هكذا هو العظيم في التأريخ " جريء على الدنيا لأنه لا يبالي بالحياة "
إذن بأي كلمات يمكن لنا أن نؤبن شهيد المحراب
وهو يتوسد تراب الغري بجنب جده شهيد المحراب عليه السلام
وكأن المحراب لا يكتفي بفخر تسبيحات الصادقين ليجمع إليه شرف صعود أرواحهم من بين جنباته .
لن أنسى ذلك اليوم الذي دخلنا فيه مكتبه فتقابلنا معه عند الباب وهو يهم بالخروج ،وباللحظة التي وقعت فيه عينيه علينا ،عانقنا وهو يقول : كأني أشم فيكم رائحة العراق ؟
ولما اخبره المجاهد رشيد ألفاضلي (السيد أبو عماد ) بصدق نبوءته فينا أصر على العودة إلى مكتبه ليقابلنا بكل حنان الأبوة وبتلك الابتسامة ( الحكيمية ) التي نغصتها ما سردنا له من أخبار (الداخل ) .
لم يسألني قط عن أهله من آل الحكيم في النجف الاشرف وانصب اهتمامه على معرفة أخبار المجاهدين في الاهوار والشهداء وعوائلهم والمعتقلين وجرائم النظام ألبعثي المجرم بحق أبناء العراق الصابرين .
لم يمت الحكيم أبدا ...
ولم يتركنا ...
بل إنه حاضر بعبير كلماته ،وصلابة مواقفه ،وعباءته التي جمع فيها كل العراقيين ،انه فينا ،ونحن عشقناه وعشقنا كل رجال مسيرته ..
إنكم حكماء يا آل الحكيم
وان الإمامة لتعرف رجالها وان كانوا فتيانا بعمر أمير المؤمنين عندما وليً همدان .
Riyadh98@gmail.com