صحوات كركوك: القاعدة أحيت خلاياها النائمة وبدأت بمسك الأرض
يقف حمد عبد الجبار، وهو أحد مقاتلي قوات الصحوة عند نقطة تفتيش على طريق الرياض كركوك، حاملا بيده رشاشة كلاشنكوف، على مقربة من نقطة تفتيش تابعة للجيش، ويقول "نحن نعمل لتوفير الأمن في المنطقة".
لكن قادة الصحوات في المحافظة يحذرون من أن تنظيم القاعدة بدأ منذ فترة ليست بالقصيرة باتباع أسلوب جديد في الحرب وهو سياسة "مسك الأرض" وإعادة إنتاج أجيال جيدة من المسلحين.
ويقول عبد الجبار في حديثه لـ"السومرية نيوز"، إن عناصر الصحوات ومنذ نشأتها "بين نارين، فسابقاً كنا متهمين بالعمالة للقوات الأميركية، واليوم نحن عملاء للحكومة، وكلا الاتهامان باطلان".
ويضيف "نحن نحارب الإرهاب والمسلحين فلا نريد لبلادنا استمرار الفوضى والقتل والخطف والتفجير، نريد توفير الأمن في مناطقنا وحين نفعل ذلك نكون مشروع للاستهداف من قبل القاعدة".
ويلفت عبد الجبار إلى أن "العديد من عناصر الصحوات تركوا مهامهم خلال الفترة الماضية لأسباب عدة، أبرزها قلة الدعم، رغم أننا نجحنا في تطهير جميع مناطق جنوب غرب كركوك وأصبحت من أكثر المناطق أمناً منذ العام 2007 ولغاية الآن".
إعلان التوبة أو حد السيف
يجلس عبد الجبار داخل نقطة التفتيش المشيدة من الطين، ودون أن يترك سلاحه يسحب علبة السكائر ويشعل واحدة ويبدأ بنفث الدخان ويتابع "تنظيم القاعدة هددنا أكثر من مرة عبر منشورات بأن نترك العمل ونعلن البراءة والتوبة وكأننا كفرة خارج ملة الإسلام، أو القتل مصيرنا سوى بعبوة لاصقة أو ناسفة أو هجوم مسلح أو تفجير منازلنا"، مؤكداً أن "العشرات من عناصر الصحوة تركوا عملهم خوفاً على حياتهم".
ويستدرم "لكن ما أنجزناه على أرض الواقع في مناطق جنوب غرب كركوك يعد خطوة إستراتيجية ومهمة لدعم الأمن في كركوك والعراق ويجب الحفاظ عليه مهما كان الثمن".
8 من قادة الصحوات قتلوا
إبراهيم الجبوري قائد صحوة قضاء الحويجة (55 كم جنوب غرب مدينة كركوك)، يقول في حديثه لـ"السومرية نيوز"، إن "قوات الصحوة تشكلت في كركوك عام 2007 لبسط الأمن في المناطق التي كانت وما زالت تصنف كمناطق ساخنة، ونجحنا في طرد الجماعات المسلحة وفرض سيطرة تامة على تلك المناطق".
ويكشف أن صحوة كركوك "فقدت نحو 8 من أبرز قادتها الذي أسهموا بشكل كبير في تشكيل الصحوات، فضلاً عن أن الكثير منهم بدأوا يتركون واجباتهم بسبب تهديدات تنظيم القاعدة".
ويحذر الجبوري من أن تنظيم القاعدة "بدأ بتطبيق سياسة مسك الأرض وإعادة إنعاش خلاياه النائمة وتنمية قدراتها بقيادة زعماء عرب في التنظيم موجودين في مناطق جنوب غرب كركوك"، مؤكداً أن قوات الصحوة "تمتلك معلومات عن محاولات القاعدة لإحياء خلاياه النائمة لاستهداف عناصر الأجهزة الأمنية وقوات الصحوة التي باتت أهدافا مشروعة للجماعات المسلحة".
ويلفت إلى أنهم "عثروا على بيانات وفتاوى لتنظيم القاعدة تحدد من خلالها مكافآت لكل من يقوم بقتل قادة الأجهزة الأمنية وقوات الصحوة، فضلاً عن مكافأة مقدارها 30 ألف دولار لقتلي"، منبهاً من أن "عدم وجود دعم حكومي بالأسلحة والمال للصحوة سيدفع بالعديد من عناصرها إلى ترك العمل".
ويوضح أن قوات الصحوات "لا تمتلك سوى عدد محدود من العتاد ورشاشات آلية، ورغم تحسن رواتبنا لتصل إلى 500 ألأف دينار شهرياً، لكننا بحاجة إلى المزيد من الدعم"، لافتاً إلى أن عدد عناصر الصحوة في مركز قضاء الحويجة يبلغ "نحو 462 عنصرا، استشهد 8 من قادتها وأكثر من 20 عنصراً".
تفجير منازل واقتحام أخرى
ويتابع الجبوري "القاعدة نجحت في مسك الأرض وبدأت بتنفيذ هجمات متكررة تستهدف منازل الصحوات وعناصر الجيش والشرطة، وآخرها ما جرى يوم أمس الأربعاء حين اقتحم مسلحين يرتدون زي عسكري منزل عناصر من الصحوة واقتادوا شقيقين ووالدهما الذي كان قيادي في ووتم تصيفتهم رمياً بالرصاص".
وصرح قائد شرطة الأقضية والنواحي في محافظة كركوك العميد سرحد قادر لـ"السومرية نيوز"، أمس الأربعاء (23 تشرين الأول 2013)، بأن مسلحين يرتدون زي عسكري اقتحموا منزلاً في قرية سن الذبان بناحية ماحوس التابعة لقضاء الحويجة (55 كم جنوب غربي كركوك)، واختطفوا عنصرين من الصحوة وهما الشقيقين خالد ونصير حسن علي واقتادوهما إلى جهة مجهولة، وعثرت قوة من الشرطة بعد ساعات من الحادث على جثتيهما ملقاتين على قارعة طريق رئيسة وقد تم تصفيتهما رميا بالرصاص، متهماً تنظيم دولة العراق الإسلامية بتنفيذ العملية.
تنظيم القاعدة "يسرح ويمرح".
من جهته، يؤكد رئيس مجلس قضاء الحويجة حسين علي العاتي، في حديثه لـ"السومرية نيوز"، أن "قوات الصحوة قدمت الكثير من التضحيات، وبالرغم من ذلك تعاني من قلة الدعم الحكومي ما أسهم بشكل كبير في عودة القاعدة وإحياء خلاياها النائمة، وهم الآن يسرحون ويمرحون في بعض مناطق نواحي الزاب والرياض والعباسي".
ويشير إلى أن وجود تنظيم القاعدة "تنامى بعد أحداث اقتحام ساحة اعتصام الحويجة، إلى جانب قلة الدعم الحكومي"، داعياً القوات الأمنية من الجيش والشرطة إلى تنفيذ "عمليات استباقية لضرب الجماعات التي تكفر من تشاء وتزيحه عن دينه وفق منظورهم، والإسلام من قوانينهم براء".
الدعم مستمر وباب التطوع مفتوح
قائد الفرقة 12 التابعة للجيش اللواء الركن محمد خلف الدليمي، يؤكد في حديثه لـ"السومرية نيوز"، أن وزارة الدفاع "لم تتخلى عن دعم الصحوات بل على العكس قامت بزيادة رواتبهم من 260 ألف إلى 599 ألف شهرياً للمنتسب، والضابط 750 ألف دينار شهريا".
ويضيف "الاجتماع الأخير الذي عقد في مقر الفرقة 12 في كيوان شمال غربي كركوك وحضره قائد القوات البرية الفريق أول ركن علي غيدان، وقائد عمليات دجلة الفريق الركن عبد الأمير الزيدي، أكد على ضرورة زيادة عدد الصحوات في كركوك، وتعزيز التنسيق والتعاون بين شيوخ العشائر والقوات الأمنية".
ويتابع الدليمي كما أن "وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي وافق على تطوع 950 منتسب من أهالي كركوك حصراً بصفة جندي مطوع على ملاك الفرقة 12 من عمليات دجلة".
ويختتم الدليمي حديثه مؤكداً أن "قوات الصحوة أسهمت بتأمين مناطق جنوب غربي كركوك، ولكن تخاذل بعض عناصرها بعد أحداث ساحة اعتصام الحويجة أدى إلى عودة مجاميع إرهابية إلى المنطقة"، مستدركاً "ونحن نعمل من خلال عمليات مداهمة نوعية للقبض عليهم، وما قتل الوالي العسكري للتنظيم نزال العسافي في 19 تشرين الأول الجاري إلا دليلاً على ذلك".