صراع الاجيال .. يبدأ بالمنزل ولا ينتهي بالعمل ..
09/08/2009شبكة اخبار نركال/NNN/الموصل/
ديناميكية الحياة وحتمية التطور تفترضان التغيير، والتغيير يعني أفكارا جديدة، والأفكار الجديدة تعني اصطدامها بالأفكار القديمة، ومن هنا نقبل صراع الأجيال على انه أمر طبيعي، موجود طالما إن الحياة مستمرة، متغيرة، متطورة، وجوده يعني أن هناك تغييرا والحياة لا يمكن أن تبقى ثابتة، فالصراع بين الأجيال واختلاف الآراء أمر طبيعي على أن لا يغدو حادا بشكل يلغي احدهما الآخر، ولا يقتصر صراع الأجيال على المنزل والعائلة، بل يمتد إلى العمل والشارع والجامعة.. الخ.
في العمل
يتمثل صراع الأجيال عادة في العمل بين جيل جديد محب للتغيير وبين جيل يمتلك الخبرة لكنه يكون أحيانا غير ميّال إلى التطوير، يقول (بشير عبد الرحمن) وهو مهندس كهربائي: استلمت العمل فور تخرّجي في مؤسسة حكومية وكنت أثناء الدراسة قد اطلعت على التطورات والتغيرات الكبيرة في العالم، ولكنني لم استطع تطبيقها في العمل بسبب بعض العقليات الموجودة والتي تكره كل جديد وتخاف من التغيير.
أما إبراهيم سعيد (مدرس ثانوي) فيقول: أعامل طلابي بطريقة مختلفة عما هو سائد، فأنا اجلس معهم، أتحدث إليهم بمشاكلهم، وهذا ما أثار سخط المدير والمدرسين القدامى الذين اتهموني بنقص الخبرة وعدم التعامل بحزم مع الطلاب فكسبت ودّ الطلاب وخسرت ثقة الإدارة.
ولكن الرأي الآخر له حججه ومبرراته أيضا، يقول (حامد ذنون) مدير إحدى المدارس: كلما جاءنا مدرس جديد لا يمتلك الخبرة يجرّب بالطلاب يأخذهم يميناً وشمالاً، فيغطي نقص الخبرة عنده بحجة التغيير والتطوير والطالب هو الذي يدفع الثمن.
يمتلك كل من طرفي الصراع سلبياته وإيجابياته، فعادة ما يمتلك الجيل الأقدم الخبرة والمنهجية، بينما يمتلك الجيل الجديد الحيوية والرغبة في التطوير والتحديث والتغيير، فلو نظر كل منهما إلى ميزات الآخر فاستفادت الخبرة من التطوير واستفاد التحديث من المنهجية لتحوّل الصراع إلى حوار يغني ويثمر ويطوّر بدل أن يقتل القديم عزيمة الجديد ويلغي الجديد خبرات القديم.
في الجامعة
الصراع هنا على ما يبدو أصبح بعيدا عن الشكل والشخصية، الصراع في الجامعة فكري، فالبعض يدخلون الجامعة بروح شبابية وطموحات ورغبة في التغيير ولكنها تصطدم مع أكاديمية المكان وأحيانا يكون الاصطدام قاسيا بحسب ظروف التعليم في الجامعة وهنا تبرز معادلة صعبة على الجامعة تحقيقها، وهي تقديم الأكاديمية والمنهجية مع الحفاظ على الطموح، يقول (سيف مثنى)، دخلت الجامعة بمعنويات عالية وأحلام كبيرة لأني كنت اعتقد ان الجامعة هي التي ستحقق لي ذاتي وتحول أحلامي الى حقيقة، ولكن أحلامي كانت اكبر من أن تتحقق على ما يبدو، فاصطدمت بالطريقة التقليدية للتدريس والمناهج القديمة التي تجاوزها الزمن بمراحل، إضافة إلى الطريقة التي يعامل بها الطلاب.
ولـ(رافع خليل) رأي آخر، حيث يرى ان الجامعة حرّضته على التفكير وفتحت أمامه جميع الأبواب ويقول: لقد أكسبتني الجامعة خبرات كثيرة والأساتذة كانوا متفهمين، ولم يحدث بيننا أي نوع من الاصطدام الفكري.
في المنزل
يتجلى صراع الأجيال في المنزل ومع العائلة بأبهى صوره وذلك بسبب الاحتكاك الدائم والمباشر بين جيلين مختلفين ولكل منهما ظروفه الاجتماعية والثقافية وتندرج الاختلافات بدءا من الاعتراض على الشكل واللباس مرورا بنوعية الطعام وأوقات الخروج من المنزل ووصولاً إلى اختيار نوع الدراسة أو المهنة، يبدأ الصراع داخل المنزل منذ الطفولة منذ لحظة التمرد الأولى للطفل عند رفضه ارتداء لباس معين أو مخالفته أمرا ما، ومن هنا يبدأ الصراع الذي لن ينتهي إلى الأبد برغم انه يخبو أحياناً ويتوهج أحيانا أخرى، بينما يردعه بعض الأهل بالعنف ليصبح مكبوتا إلا انه يبقى موجوداً.
يقول ( يزن شريف): حياتي مع أهلي باتت جحيماً، لا تعجبهم آرائي وأفكاري ولا تعجبني أفكارهم، يفرضون أنفسهم عليّ بشكل مزعج ولم يعد يربط بيننا سوى صلات القربى الشكلية.
أما (سمير عبد الكريم) فيرى ان مشكلاته مع أهله جزئية وغير جوهرية وتحل دائماً بالنقاش والنصائح وتبادل الآراء.
ذكرنا ان صراع الأجيال يخبو أو يتوهج الا انه أحيانا يشتعل ويصل الى الضرب أو إلى طرد الأهل ابنهم من المنزل فيتحول الصراع إلى انقطاع العلاقة سواء بشكل علني أم مستتر أي انقطاع العلاقات الحميمة في العائلة فينعزل الابن عن الأهل في غرفته ويبقى وحيدا مع مشاكله وعندها تبدأ العلاقات بين الطرفين بالترهل والانقطاع.
إذن الصراع بين الأجيال أمر موجود وطبيعي طالما ان الحياة مستمرة، فكل جيل يبحث عن خصوصيته التي تجمع بينه وبين أترابه وتميّزه عن جيل سابق وجيل لاحق أيضا، فهذا الجيل الثائر المتمرد سيتحول بدوره إلى قديم وتقليدي وسيصطدم بدوره مع أفكار جديدة يحملها جيل جديد