صراع المصالح: النازحون يدفعون الثمن في معركة السياسة والأمن
المصدر: المسلة الحدث
بعد عقود طويلة من النزوح والمعاناة، تسعى الحكومة العراقية جاهدة لإنهاء ملف النازحين خلال العام الحالي 2024، إلا أن هناك تحديات كبيرة تعوق عملية عودتهم إلى مناطقهم الأصلية. فالأوضاع الأمنية المتردية وعدم الاستقرار في بعض المناطق تجعل الكثيرين غير قادرين على العودة بأمان.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة، إلا أن هناك جهات سياسية تعترض على إنهاء ملف النازحين، حيث تعتبر الميزانية المخصصة لهم مصدرًا هامًا للإيرادات. وبالتالي، فإن تواصل وجود هذه الفئة يُعتبر مصلحة سياسية ومالية لبعض الجهات.
من ناحية أخرى، تُعتبر عملية إعادة المواطنين العراقيين من مخيم الهول السوري أمرًا ضروريًا من الناحية الإنسانية والوطنية، وتحتاج إلى اهتمام وتخطيط جديدين. ومن هنا، يُشكل إغلاق ملف النازحين في مناطق مثل قضاء خانقين بمحافظة ديالى تحديًا كبيرًا، خاصة مع محاولات إقناع الآلاف من الأسر بالعودة إلى مناطقها الأصلية.
ومع إعلان حكومة السوداني عن الانتهاء من ملف النازحين، يبقى السؤال الأهم حول مصير هؤلاء النازحين بعد مغادرتهم المخيمات. فالعديد منهم يفضل البقاء في المخيمات نظرًا لتحديات العودة المحتملة، بما في ذلك أمور مثل الأمن والعشائرية، إلى جانب أزمة السكن والحياة الجديدة.
ويعني إخراج النازحين من المخيمات دون توفير الضمانات الكافية والاستعداد الكامل لتوفير حياة كريمة لهم، أنها تُعد إجراءًا متسرعًا وغير محكم، وقد يترتب عليه مزيد من المعاناة والتحديات لهؤلاء النازحين.
ويعني إخراج النازحين من المخيمات،من دون استعداد كامل لتوفي حياة كريمة لهم، بلا مأوى ولا رواتب شهرية، ولا يملكون وثائق ثبوتية يعني لهم نزوحا جديدا.
وسبق أن قدمت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية ثلاثة خيارات للنازحين، مع التأكيد على إغلاق جميع مخيمات النازحين في إقليم كردستان بحلول نهاية شهر يوليو/ تموز من العام الجاري. وكشف المتحدث باسم الوزارة علي عباس عن “ثلاثة خيارات مطروحة أمام النازحين، وهي العودة إلى مناطقهم، أو الاستقرار في المكان الذي يعيشون فيه حالياً كنازحين، أو الانتقال إلى محافظة أخرى، وعندها سيتم اعتبارهم عائدين”.
ويتوزع معظم النازحين في المخيمات، من مناطق سنجار في نينوى ومناطق ديالى وصلاح الدين وجرف الصخر والأنبار، على مخيمات غالبيتها في إقليم كردستان، منها 16 مخيماً في دهوك وخمسة مخيمات في إربيل وثلاثة في السليمانية. ويقول مراقبون إن الرقم الحقيقي للنازحين يفوق ذلك المعلن من قبل وزارة الهجرة، ويشمل النازحين في المخيمات فقط من دون الذين لجأوا إلى خارج العراق أو يسكنون في منازل خاصة في إقليم كردستان أو محافظات عراقية أخرى.
و تشير التقارير إلى أن هناك جهات سياسية ومؤسسات تستفيد ماليًا من استمرار وجود النازحين في المخيمات. فعندما يتم إعادة النازحين إلى مناطقهم الأصلية، فإن هذه الجهات قد تخسر مصادر دخلها التي تأتي من التمويل الحكومي المخصص لمعالجة قضايا النازحين.
كما ان هناك أيضًا دوافع سياسية لبعض الجهات لعدم إنهاء ملف النازحين. فقد ترى بعض الأطراف السياسية في هذه النزاعات فرصة لزيادة نفوذها وتأثيرها من خلال تحكمها في موارد الدولة المخصصة لمعالجة قضايا النازحين.