صرخة البَطِرْيَرْك الكلداني
دُمتَ لنا سنداً سيدنا البطريرك الجليل .مَوقِفٌ بَعَْدَ مَوقف وَيوماً بَعد يوم وحادِثَة بعد أُخرى تثبت فيها قيادتنا الدينية الرشيدة الحكيمة مدى تَعَلُّقها بأبنائها ووطنها ، مدى ما تشعر به ، وما تحس به ، وما تعيشه من ألام ومآسي تلك التي يمرُّ بها أبناؤها البررة .
صرخة الأستغاثة التي أطلقها الشيخ الكلداني الجليل ، كانت لتهز الجبال ، هذه الصرخة تشق الآذان ، أرتج لها الوطن، صدى الصرخة وصل إلى كل أرجاء المعمورة ، لتوقِظَ مَنْ مات فيهم الضَّمير ، لِتَهزَّ كيان مَنْ تعوَّدوا على هذا الوضع المَرير، العراق بلد الخير الوفير، أصبح نهباً للمستعمر وللأجير، وأبناؤه يموتون من جراء التفجير.
واليوم ... نعم ... اليوم ... يطلق الشيخ الجليل غبطة البطريرك الكلداني ، صرخة مريرة ونداء أستغاثة ، ومن ثم تنحدر على وجنتيه المنَوَّرَتَين دمعات ساخنة ألماً وحزناً على ما حلَّ بشعبنا المسيحي الكلداني في بلدة تللسقف .
كلماته النارية المؤثرة ... تُمَزِّق القلب وتقطّع شغافه ... قال الشيخ : سالت اليوم صباحاً دموع أبيكم البطريرك .... سالت تلك الدموع لتخط سطوراً على وجنتيه ... يا لَهُ من شعور أبوي صادق وصحيح ومُعَبِّر ... يا لهول المأساة ... أبينا البطريرك لا يهتم بصحته قدر أهتمامه بشعبه ...أبينا البطريرك يبكي ... وهل سمعتم يومأً بأحد البطاركة يبكي على شعبه !!! مرحى لهكذا أب ... وهنيئاً لهذا الشعب بهذا الأب الغيور .
الأب يحبكم ... يحب أبناءه ...
كيف لا يا غبطة البطريرك !!! ألم تترك العلاج لتلتحق بأبنائك البررة لكي تعيش معهم المأساة ... ألم تأتي سريعاً لتواسيهم في محنتهم !!! لتشدَّ من أزرهم ... تقوي صمودهم ترفع من معنوياتهم التي شارفت على الأنهيار جراء ما يتعرضون له يومياً ؟ ..تذكِّرهم بأهمية الصلاة في وقت الشدة ... تعيش معهم حمل الصليب والمسير في طريق الآلام كما سارها معلمنا الإلهي يسوع المسيح ... لم ترتض لنفسك أن تبقى في بلد الظلال .. هجرت كل أساليب الراحة وتركت مغريات الحياة لتعود إلى أبنائك وتعيش معهم المأساة ...تنخو مريم العذراء ... تتمسك يتلابيب ملابسها ... تتوسل إليها أن تطلب من أبنها لكي ينقذ شعبك ...
ما أروعك يا سيادة البطريرك ... ما أعظمك وأنت في هذه المحنة مع أبنائك ...
سيدي البطريرك : لم تنحدر دموعك الغالية لفقدانك قريب ... أو من أجل أخٍ عزيز ... دموعك الغالية أنحدرت من أجل شعبك .. فهم وحدهم من يستحقون الدموع ... وهم أحق من غيرهم بدموعك ... إنها ينبوع عطاء ... يكفيهم فخراً بأنك بكيت من أجلهم ...
وسام شرف يفتخرون بها هي تلك الدموع ... أيها الشيخ الجليل ... إن دموعك حتى عند الله غالية فكيف تكون عند البشر ......
سيدي البطريرك : صرختك المدوية لا بد وأن سمعها يسوع ... أستغاثتك بالقديس قرداغ لا بد وأن تعجله في النجدة ... ها أنك سوف ترى القديس الشهيد يمتطي صهوة جواده مستلاً رمحه ومتوسطاً حاشيته وشاحذاً همم أصدقائه القديسين ملبياً نداؤك ومستجيباً لصرختك ورافضا هذا الجور الذي تتعرض له أنتم وشعبك.. إنه سمع صوت صراخك ... ولا بد أن يستجيب ...
لقد ذكّرته بأن إخوانه في المسيح مضطهدون كما أضطهدوا هم أيضاً من قبل ... لقد أعاد التاريخ نفسه ... ويا ليته أنكبح على وجهه ولم يعد ... ها هي أيام الشهداء الأوائل تعود مرة ثانية ... وفي كل مرة يكون الدم المسيحي هو المطلوب سفكه على مذبح الإيمان بيسوع المسيح وعلى مذبح الحرية لهذا الوطن...
المسيحيون مضطهدون ... فهل من مجيب ...؟؟؟فهل من منقذ ؟؟؟؟ كائن من يكون هذا المنقذ ؟؟؟
يا سيادة البطريرك الجليل ... أيها الأب الحنون ... يا قرة عين الكلدان ... قلبك الحنون ... وهدوءك المعهود ... ووقفتك وصلابتك في خضم الأحداث وفي وسط هذه الأيام الكاحلة السواد ... تعطي زخماً .. وترفع المعنويات التي أنهارت جراء تراكم الأحداث وتواليها ...
يا أيها البطريرك يا ملح البلد ...
أنتم خير ملح إذا الملح فسد ...
يا خير أبٍ وخير من رشد ...
لا يباريك في البطولة أحد ...
سيدي البطريرك : الشجاعة هي موقف ... وهذا الموقف لا يتوفر على طول الخط ... والشجاعة صفة الشجعان ... لقد شخصت الخلل ... بلا خوفٍ وبلا وجل ... أشرت بيدك الكريمة إلى مواطن الضعف ومكامن الخطأ ... وقلتها بكل شجاعة ... لم تخف من أحد ... لا من قوة غاشمة عاتية ... ولا من سلطان ظالمٍ ... صرخت بوجه الظلم والطغيان ... وأنتخيت بالقديسين الآبرار ...
سيدي البطريرك الجليل : إننا نستمد منكم القوة والعون ، أدامكم الله ذخراً لآبناء الأمة ولشعبنا الكلداني خاصة والعراقي المسيحي بشكل عام ... فإنكم خير من يأخذ بيد هذه الأمة عبر طريق الإيمان إلى بر الخلاص ...
كفكف دموعك يا شيخنا وكان الله مع الصابرين ....................
أبنكم في القومية والوطن الدين
نـــــــــزار ملاخــــــــــــــا
ناشط قومي كلداني / الدنمارك - 09/05/2007