صفية سهيل نموذج للدفاع عن الحركة الادبية في العراق
لم تكن الصالونات الأدبية في الماضي البعيد وقفاً على الرجال فقط، بل المرأة العراقية كانت تشارك في هذه الصالونات، وكان يسمع إليها الشعراء والأدباء والمفكرون والسياسيون ، وكانت النساء سبّاقة إلى تأسيس هذه الصالونات أو المنتديات الأدبية، فقد كان للشاعرات والكاتبات العراقيات خاصة في بغداد يترددن اليها . يتسابق الشعراء لإنشاد ما ينظمونه من أشعار ونتجات ادبية في هذه المنتديات والصالونات . الصالونات الادبية جزء من ثقافة العراق واكبر رمز خلده التاريخ لنا من هذه الصالونات هو شارع المتنبي المعروف في بغداد وهو حي يرزق وله جمهوره . في منتصف القرن الماضي كان في العراق يتواجد اكثر من 200 صالون لمختلف المجالات الادبية واحيانا كان لكل شاعر لو اديب صالون بأسمه .يذكرني بالبيت الاتي :
المتنبي _ وكلّ امرئ يولي الجميل محبّبٌ **وكل مكان يُنبتُ العـزَّ طيِّبُ
لكن في زمن الدكتاتور صدام تراجعت الحركة الادبية بشكل غير طبيعي اولا لمنع حرية الكلمة مما ادى الى هجرت معظم رواد الفكر والادب والثقافة الى الخارج ليعبرو عن مشاعرهم وعن كلمتهم الحرة بأمان في ارجاء المعمورة الا بلد الام . ثانيا ملاحقة كل من لايكتب نزولا لرغبة الجلاد .
بعد سقوط الطاغية نيسان 2003 سرعان ما كانت المرأة العراقية ( السيدة صفية سهيل ) عضوة البرلمان العراقي الجريئة سباقة بالمبادرة لارجاع هذه الظاهرة الى ذكريات العراقيين لجأت العضوة البرلمانية الداعية الى المطالبة بحقوق هذه الفئة المتناسية من قبل الحكومة الحالية بتعمد . حكومة التخلف وسرق المال العام لاتريد لهذه الفئة ان ترد عافيتها لانها السيف الحاد الذي يفضح عيوبهم غير المتناهية بحق عامة الشعب ,بحق اربعة ملايين ارملة وايتام العراق .
اخذت السيدة صفية سهيل هذه المبادرة الرائعة لانهاض الوضع الثقافي في العراق والاخذ بهمة الادباء العراقيين والمثقفين بشكل عام ليأخذو موقعهم الحقيقي في العملية السياسية اولا ثم بناء المجتمع العراقي الواعي الغني بثقافة الرافدين ام الحضارات في التاريخ البشري .
العراق بحاجة الي وزارة ثقافة حقيقية بعيدة عن الطائفية والحزبية المغلقة . وزارة ثقافة تتكون من اناس مثقفين . اليوم العراق بحاجة ملحة إلى عقد ندوات ومؤتمرات منتديات صالونات ادبية ومهرجانات ادبية شعرية ثقافية يشارك فيها المثقفون نساءا ورجالا من جميع أنحاء العراق ومن الخارج لمناقشة سبل كسر الحاجز الذي يمنع حرية وإبداع الثقافة العراقية ومسيرتها المتقدمة بعيدة عن تسلط وتحكم الاحزاب السياسية . نحن بحاجة إلى دعم منظمات المجتمع المدني, ومنها الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق ومنظمات الفنانين في جميع مجالات الإبداع والضغط لإصدار قوانين تساعد على تقديم جميع أشكال الدعم المادي والمعنوي للكتاب العراقيين- تطوير اكاديمية الفنون ومعهد الفنون الجميلة والمعارض الفنية والحياة الفنية وخاصة المسرح والموسيقى والغناء والرقص وتوسيع هذه الدائرة الى باقي محافظات العراق. بحاجة الى جمع شمل العائلة الشعرية والادبية بمهرجانات في كل مدينة عراقية نحن بأمس الحاجة لنهضة ادبية وفنية على مختلف المستويات واطلاق الكلمة الحرة الجريئة . بحاجة الى اشغال الشبيبة العراقية بهذا الفضاء الواسع . بحاجة الى تنشيط هذه الحركة الادبية في الجامعات والمعاهد العراقية .
الحكومة الحالية لاتدرك أهمية الثقافة والحياة الثقافية ودورها في الصراع الدائر بين قوى الإرهاب والسلاح والمجتمع, المطبخ السياسي يعمل لنسف العملية السياسية لاجئا الى مختلف الحيل والالتفاف والدوران واهمال دور المثقفين لان السياسي العراقي اليوم يعرف جيدا لم يستطع الصمود امام المثقف العراقي .
الحركة الادبية في محنة حقيقية لعدم وجود اناس فعالين في الحكومة العراقية يعرفون دور الثقافة وروحها في بناء مجتمع حضاري متطور يلتحق بموكب العصرنة والحداثة العالمية .
لابد ان ينقلب المشهد الثقافي الان ويتوجه الى الطريق الصحيح ولي ثقة كاملة المثقف والاديب العراقي موجود ومتحمل على السياسي الذي يريد ارجاع عجلة التاريخ الى الوراء وهذا لايتفق مع مسيرة التطور السريع الذي يجري على الساحة العالمية لابد ان تنتصر الثقافة الديمقراطية وينتعش الادب والفن والثقافة الحرة قريبا في العراق لان الخناق وصل حده غير المعقول .
اوائل شباط 2010